أبو حاتم الرازي

محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلى ، أبو حاتم الرازى الحافظ
قيل : إنه مولى تميم بن حنظلة الغطفانى ، و قيل : كان يسكن درب حنظلة بالرى فنسب إليه .
كان أحد الأئمة الحفاظ الأثبات المشهورين بالعلم المذكورين بالفضل .


و قال المزى :
قال أبو بكر الخطيب : كان أول كتبه الحديث سنة تسع و مئتين ، كان أحد الأئمة الحفاظ الأثبات ، مشهور بالعلم ، مذكور بالفضل .
و قال أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال : أبو حاتم إمام فى الحديث ، روى عن أحمد مسائل كثيرة ، وقعت إلينا متفرقة كلها غرائب .
و قال النسائى : ثقة .
و قال ابن خراش : كان من أهل الأمانة و المعرفة .
و قال الحافظ أبو نعيم الأصبهانى : إمام فى الحفظ .
و قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائى : كان إماما عالما بالحديث ، حافظا له ، متقنا متثبتا .
و قال عبد الرحمن بن أبى حاتم الرازى : سمعت موسى بن إسحاق القاضى يقول : ما رأيت أحفظ من والدك .
قال عبد الرحمن : و قد رأى أحمد بن حنبل و يحيى بن معين ، و يحيى الحمانى ،
و أبا بكر بن أبى شيبة ، و ابن نمير ، و غيرهم .
فقلت له : فرأيت أبا زرعة ؟ قال : لا .
و قال عبد الرحمن أيضا : سمعت أبى يقول قال لى هشام بن عمار : أى شىء تحفظ عن الأذواء ؟ قلت له : ذو الأصابع و ذو الجوشن ، و ذو الزوائد ، و ذو اليدين ،
و ذو اللحية الكلابى ، و عددت له ستة ، فضحك ، و قال : حفظنا نحن ثلاثة ، و زدت أنت ثلاثة ! .
و قال عبد الرحمن أيضا : سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : أبو زرعة و أبو حاتم إمامى خراسان . و دعا لهما ، و قال : بقاؤهما صلاح للمسلمين .
و قال أيضا : سمعت أبى يقول : أول سنة خرجت فى طلب الحديث أقمت سنين أحسب ما مشيت على قدمى زيادة على ألف فرسخ ، فلم أزل أحصى حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته .
و قال ايضا : سمعت أبى يقول : بقيت بالبصرة فى سنة أربع عشرة و مئتين ثمانية أشهر ، و كان فى نفسى أن أقيم سنة ، فانقطع نفقتى ، فجعلت أبيع ثيابى شيئا بعد شىء حتى بقيت بلا نفقة ، و مضيت أطوف مع صديق لى إلى المشيخة ، و أسمع منهم إلى المساء ، فانصرف رفيقى ، و رجعت إلى بيت خال ، فجعلت أشرب الماء من الجوع ، ثم أصبحت من الغد ، و غدا على رفيقى ، فجعلت أطوف معه فى سماع الحديث على جوع شديد فانصرف عنى ، و انصرفت جائعا ، فلما كان الغد غدا على فقال : مر بنا إلى المشايخ . فقلت : أنا ضعيف لا يمكننى . قال : ما ضعفك ؟ قلت : لا أكتمك أمرى قد مضى يومان ما طعمت فيهما .
فقال لى رفيقى : معى دينار ، فأنا أواسيك بنصفه و نجعل النصف الآخر فى الكراء ، فخرجنا من البصرة و قبضت منه النصف دينار .
و قال أيضا : سمعت أبى يقول : قلت . على باب أبى الوليد الطيالسى : من أغرب على حديثا غريبا مسندا صحيحا لم أسمع به ، فله على درهم يتصدق به . و قد حضر على باب أبى الوليد خلق من الخلق ; أبو زرعة فمن دونه ، و إنما كان مرادى أن يلقى على ما لم أسمع به ليقولوا : هو عند فلان فأذهب فأسمع ، و كان مرادى أن أستخرج منهم ما ليس عندى ، فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب على حديثا .
و قال أيضا : سمعت أبى يقول : جرى بينى و بين أبى زرعة يوما تمييز الحديث
و معرفته ، فجعل يذكر أحاديث و يذكر عللها ، و كذلك كنت أذكر أحاديث خطأ
و عللها ، و خطأ الشيوخ . فقال لى : يا أبا حاتم قل من يفهم هذا ، ما أعز هذا ، إذا رفعت هذا من واحد و اثنين فما أقل ما تجد من يحسن هذا ! و ربما أشك فى شىء أو يتخالجنى شىء فى حديث فإلى أن ألتقى معك لا أجد من يشفينى منه .
قال أبى : و كذلك كان أمرى .
و قال أيضا : سمعت أبى يقول : أكتب أحسن ما تسمع ، و احفظ أحسن ما تكتب ،
و ذاكر بأحسن ما تحفظ .
و قال أبو الحسن على بن إبراهيم الرازى : سمعت أحمد بن على الرقام يقول : سمعت الحسن بن الحسين الدرستينى يقول : سمعت أبا حاتم يقول : قال لى أبو زرعة : ما رأيت أحرص على طلب الحديث منك يا أبا حاتم . فقلت : إن عبد الرحمن لحريص .
فقال : ( من أشبه أباه فما ظلم ) .
قال الرقام : سألت عبد الرحمن عن اتفاق كثرة السماع له و سؤلالته من أبيه ، فقال : ربما كان يأكل و أقرأ عليه ، و يمشى و أقرأ عليه ، و يدخل الخلاء و أقرأ عليه ، و يدخل البيت فى طلب شىء و أقرأ عليه .
قال على بن إبراهيم : و بلغنى أنه كان يسأل أباه أبا حاتم فى مرضه الذى توفى فيه عن أشياء من علم الحديث و غيره إلى وقت ذهاب لسانه ، فكان يشير إليه بطرفه نعم ، و لا .
و قال أحمد بن سلمة النيسابورى : ما رأيت بعد إسحاق و محمد بن يحيى أحفظ للحديث و لا أعلم بمعانيه من أبى حاتم محمد بن إدريس .
و قال أبو أحمد بن عدى الحافظ : سمعت القاسم بن صفوان البرذعى يقول : سمعت أبا حاتم الرازى يقول : أورع من رأيت أربعة : آدم بن أبى إياس ، و ثابت بن محمد الزاهد الكوفى ، و أحمد بن حنبل ، و أبو زرعة .
قال القاسم : فذكرته لعثمان بن خرزاذ ، فقال عثمان : أنا أقول : أحفظ من رأيت محمد بن المنهال الضرير ، و إبراهيم بن عرعرة ، و أبو زرعة ، و أبو حاتم .
و قال ابن عدى أيضا : سمعت محمد بن الحسين بن مكرم يقول : سمعت حجاج بن الشاعر
و ذكر له أبو زرعة ، و أبو حاتم ، و ابن وارة ، و أبو جعفر الدارمى . فقال :
ما بالمشرق قوم أنبل منهم .
و قال أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازى الطبرى : إذا رأيت رازيا
و خراسانيا يحب أبا حاتم و أبا زرعة فاعلم أنه صاحب سنة .
و قال القاسم بن أبى صالح الهمذانى : سمعت أبا حاتم يقول : قال لى أبو زرعة : ترفع يديك فى القنوت ؟ قلت : لا .
فقلت له : فترفع أنت ؟ قال : نعم .
فقلت : ما حجتك ؟ قال : حديث ابن مسعود . قلت : رواه ليث بن أبى سليم . قال : حديث أبى هريرة ؟ قلت : رواه ابن لهيعة . قال : حديث ابن عباس ؟ قلت : رواه عوف .
قال : فما حجتك فى تركه ؟ قلت : حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه فى شىء من الدعاء إلا فى الاستسقاء . فسكت .
و قال محمد بن هارون الرازى : أنشدنا أبو حاتم الرازى :
تفكرت فى الدنيا فأبصرت رشدها و ذللت بالتقوى من الله خدها
أسأت بها ظنا و أخلفت وعدها فأصبحت مولاها و قد كنت عبدها .
أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخارى ، قال : أخبرنا أبو اليمن الكندى ، قال : أخبرنا أبو منصور الشيبانى ، قال : أخبرنا أبو بكر الخطيب ، قال : أخبرنا على ابن أبى على المعدل ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن إسحاق السوطى ، قال : أنشدنا محمد بن هارون الرازى . فذكره .
قال أبو سعيد بن يونس : قدم مصر قديما ، و كتب بها ، و كتب عنه ، و كانت وفاته بالرى سنة خمس و سبعين و مئتين .
و قال أحمد بن محمود بن صبيح ، و أبو الحسين ابن المنادى ، و أبو حاتم بن حبان و أبو نعيم الحافظ : مات سنة سبع و سبعين و مئتين .
زاد ابن صبيح : بالرى .
و زاد ابن المنادى : فى شعبان .
و روى البخارى فى باب المحصر من " صحيحه " حديثا عن محمد ، عن يحيى بن صالح الوحاظى ، فقيل : إنه أبو حاتم الرازى هذا .
قال الحاكم أبو أحمد فى كتاب " الكنى " : أبو حاتم محمد بن إدريس الرازى ، روى عنه محمد بن إسماعيل الجعفى .
و قال أبو نصر الكلاباذى فى ترجمة يحيى بن صالح : روى عنه البخارى ، و روى أيضا عن محمد عنه فى كتاب " المحصر " حدثنا ابن أبى سعيد السرخسى أن محمدا ، بدا غير منسوب ، هو ابن إدريس أبو حاتم الرازى و ذكر أنه رآه فى أصل عتيق .
و قال البخارى فى كتاب " الضعفاء الكبير " : قال محمد بن إدريس : حدثنا
عبد الله بن صالح بن مسلم ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن خالد العبد ، عن محمد
ابن المنكدر ، عن جابر ، قال : قال النبى صلى الله عليه وسلم :
" خياركم من قصر الصلاة فى السفر و أفطر " ،
و عن موسى عن مبارك بن فضالة قال : رأيت خالدا العبد عند الحسن . اهـ .
ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 9 / 33 :
و كان مولده سنة خمس و تسعين و مئة .
و قد وجدت فى " البخارى " موضعا آخر رواه عن محمد عن النفيلى ، يحتمل أن يكون
محمد هو أبو حاتم هذا ، و قد أوضحته فى الشرح و فى مقدمة الشرح .
و قال مسلمة فى " الصلة " : كان ثقة ، و كان شيعيا مفرطا ، و حديثه مستقيم .
انتهى .
و لم أر من نسبه إلى التشيع غير هذا الرجل ، نعم ذكر السليمانى ابنه عبد الرحمن
من الشيعة الذين كانوا يقدمون عليا على عثمان كالأعمش و عبد الرزاق ، فلعله
تلقف ذلك من أبيه .
و كان ابن خزيمة يرى ذلك أيضا مع جلالته .
و قد ذكر ابن أبى حاتم فى مقدمة " الجرح و التعديل " لوالده ترجمة مليحة فيها
أشياء تدل على عظم قدره و جلالته و سعة حفظه ـ رحمه الله ـ منها ما قال
أبو حاتم : قدم محمد بن يحيى النيسابورى الرى فألقيت عليه ثلاثة عشر حديثا من
حديث الزهرى فلم يعرف منها إلا ثلاثة .
و هذا يدل على حفظ عظيم ، فإن الذهلى شهد له مشائخه و أهل عصره بالتبحر فى معرفة حديث الزهرى ، و مع ذلك فأغرب عليه أبو حاتم . اهـ .
منقول