الطريق لوحدة الأمة بوحدة العلماء والدعاة
عبدالعزيز رجب


الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن ولاه وبعد.
أهمية العلماء والدعاة:
الوحدة الإسلامية مطلب عزيز، وهدف نبيل، وغاية تواترت النصوص القرآن والسنة تدعو المسلمين إلى الوحدة والائتلاف، وتحذرهم مغبة الفرقة والاختلاف، ولن يتأتى ذلك إلا بتوحد العلماء والدعاة أولا ونبذ الفرقة بينهم لنجمع الصف ونوحد الجهد وتتكاتف الأيدي.
فقد أمرنا الله بالوحدة وعدم التفرق، فقال - تعالى -: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)[الكهف: 28]، وقد قال الله - تعالى -: (وإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)[المؤمنون: 52]، وقوله جل جلاله: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران: 103].
وعن النعمان بن بشير -رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر)) [أخرجه: الشيخان].
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ فارَق الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جاهلية))[أخرجه: الشيخان].
الوحدة الإسلامية مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية:
والوحدة الإسلامية مقصد من مقاصد الشريعة الكلية التي تحافظ على كيان الأمة وديمومتها لأن وحدة الأمة الإسلامية وحدة جامعة، ينطوي تحت لوائها وحدة العقيدة، والشريعة، واللغة والوطن والعروبة بلا تعارض بينهم.
يقول د/ جمال الدين عطية: "تدعيم وحدة الأمة المختلفة في وحدة العقيدة، والشريعة، واللغة، وحدة الأمة لا تنفى التعددية في إطار الوحدة، فوحدة العقيدة لا تنفى وجود فرق متنوعة في مسائل العقيدة، ووحدة الشريعة لا تنفى وجود مذاهب فقهية متعددة، كما لا تنفي وجود أحزاب سياسة متعددة ذات برامج مختلفة في إطار الأصول الإسلامية العامة، ووحدة اللغة لا تنفي تعدد واللهجات، كما لا تنفي استعمال لغات قومية ومحلية إلي جانب لغة القرآن الكريم" [نحو تفعيل مقاصد الشريعة د: جمال الدين عطية (155، 156)].
دور الدعاة في وحدة الأمة الإسلامية:
والعلماء والدعاة إلى الله وإلى دينه الإسلامي الحنيف هم عصب هذه الأمة وهم المكلفين أولا بتحقيق هذه الغاية وهذا المقصد العظيم وهو وحدة الأمة الإسلامية، وإلا أصبحت آثمة.
فهم حراس هذه الأمة والمحافظين على ثوابتها وأصولها وهويتها وشريعتها، كما قال - تعالى -: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُو اْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)[التوبة: 122].
وهم منارة الدنيا، وهم من يقومون بواجب التبليغ عن الله، وكما كتب ابن القيم كتابا بعنوان: "إعلام الموقعين عن رب العالمين".
ولأن الدعاة يقومون بأشرف مهمة وأعظم رسالة وهى رسالة الدعوة إلى توحيد الله تبارك وتعالى، وإصلاح الأرض وتعميرها وتعبيدها لله رب العالمين.
فالدعاة أحسن الناس حديثا، كما قال - سبحانه -: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[فصلت: 33]، وهم خير الناس في خير أمة، كما قال - تعالى -: (ولْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران: 104].
ولذلك قال ربعي بن عامر لرستم قائد الفرس في معركة القادسية مبينا رسالة المسلمين وخاصة الدعاة: " ابتعتنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإسلام ".
وهم المفلحون في الدنيا والآخرة كما قال - تعالى -: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران: 104]
وهم المصلحون أيضا كما قال - سبحانه -: (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)[الأعراف: 170]
وهم الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم كما قال جل شأنه: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً)[الأحزاب: 39].
وهم ورثة الأنبياء كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "وإن العلماء ورثة الأنبياء ". أخرجه: أحمد، وأبو داود، عن أبي الدرداء.
وهم الذين يدعوا لهم الله جل جلاله وأهل السماء وأهل الأرض، فعن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله وملائكته حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير))[أخرجه: الطبراني].
وهم كالنجوم في السماء يهتدى بهم الناس، كما روى عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة))[أخرجه: أحمد].
المؤامرة على العلماء والدعاة:
ولأهمية العلماء والدعاة في وحدة الأمة لم يسلم الدعاة من المؤامرات التي حيكت بليل على أمة الإسلام، بل نقول أن المؤامرة أول ما بدأت على الإسلام بدأت على الدعاة لإخراجهم من ساحة المواجهة بتفريق كلمتهم وعدم اجتماعهم وزرع الشقاق بينهم.
فأول ما تآمروا على سيد الدعاة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه والتابعين لهم إلى يوم الدين، والتآمر على الدعاة في كل زمان؛ لأنهم يعلمون مكانة الدعاة عند ربهم وعند الناس فهم ضمير الأمة وحماة العقيدة.
فأوذي - صلى الله عليه وسلم - وكسرت رباعيته وسُب واستهزأ به، وأذوي أصحابه وقتلوا، وهكذا الحال في كل العصور، كما فعل بالحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل، وابن تيمية، وحسن البنا، وأحمد يا سين... الخ سلسلة لم من الذين قدموا أنفسهم وأموالهم في سبيل رضا الله - عز وجل -.
من مواقف العلماء العظماء:
العلماء والدعاة حماة هذا الدين وحائط الصد الأول عن الإسلام والمسلمين، كما روي عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((حمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين))[أخرجه البيهقي وغيره].
من مواقف العز بن عبد السلام (سلطان العلماء) وبائع الملوك:
كان الملك الصالح أيوب يتولى الشام، وبسبب خلاف بينه وبين أبناء عمه؛ تنازل للنصارى عن بعض الحصون، فلما خطب العز بن عبد السلام في جامع بني أمية بدمشق يوم الجمعة كان مما قاله: "اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر". وأفتى الناس بعدم جواز بيع الأسلحة للنصارى الذين أخذوا يشترونها من دمشق.
فغضب الملك، وسجن العز بن عبد السلام، ثم أرسل الملك إلى العز في السجن أحد أعوانه وحاشيته، فقال له: أنا سأتوسط لك عند الملك ليخرجك، ولكني أريد منك شيئا واحدا فقط، وهو أن تعتذر إلي الملك وتقبل رأسه، فقال العز: دعك عني، والله لا أرضى أن يقبل السلطان يدي، عافاني الله مما ابتلاكم به، يا قوم أنا في واد وأنتم في واد.
وذهب الملك لمقابلة قادة النصارى، فأخذ معه العز بن عبد السلام، وسجنه في خيمة، وبينما كان الملك جالسا مع النصارى، إذا بالعز يقرأ القرآن، ويصل صوته إليهم، فقال الملك: أتدرون من هذا الذي تسمعون؟ قالوا: لا، قال: هذا من أكبر قساوستنا -ولم يقل: علمائنا- أتعلمون لماذا سجنته؟ قالوا: لا، قال: لأنه أفتى بعدم جواز بيع السلاح لكم، فقال النصارى: والله لو كان هذا قسيسا عندنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقتها، فخجل الملك وأطرق، وأمر بالإفراج عن العز بن عبد السلام.
قبل الشيخ الجليل منصب قاضي القضاة ليصلح ما كان معوجًا، ويعيد حقًا كان غائبًا، وينصف مظلومًا، ويمنع انحرافًا وبيلا، فلم يكن يسعى إلى جاه وشهرة، وفي أثناء قيامه بعمله اكتشف أن القادة الأمراء الذين يعتمد عليهم الملك الصالح أيوب لا يزالون أرقاء لم تذهب عنهم صفة العبودية، والمعروف أن الملك الصالح أكثر من شراء المماليك وأسكنهم جزيرة الروضة، واعتمد عليهم في إقامة دولته وفي حروبه، وهؤلاء المماليك هم الذين قضوا على الدولة الأيوبية في مصر وأقاموا، دولتهم التي عُرفت بدولة المماليك.
وما دام هؤلاء الأمراء أرقاء فلا تثبت ولايتهم ونفاذ تصرفاتهم العامة والخاصة ما لم يُحرروا، فأبلغهم بذلك، ثم أوقف تصرفاتهم في البيع والشراء والنكاح وغير ذلك مما يثبت للأحرار من أهلية التصرف فتعطلت مصالحهم، وكان من بين هؤلاء الأمراء نائب السلطان.
وحاول هؤلاء الأمراء مساومة الشيخ فلم يفلحوا وأصر على بيعهم لصالح بيت المال ثم يتم عتقهم ليصبحوا أحرارًا، تنفذ تصرفاتهم، قائلا لهم: نعقد لكم مجلسًا، ويُنادى عليكم لبيت مال المسلمين، ويحصل عتقكم بطريق شرعي، وما كان ذلك ليرضيهم، فرفضوا ورفعوا الأمر إلى السلطان الصالح أيوب، فراجع الشيخ في قراره فأبى، وتلفظ السلطان بكلمة ندَّت منه يعنيه ولا يتعلق بسلطته، فانسحب الشيخ وعزل نفسه عن القضاء، .
وما أن انتشر خبر ما حدث حتى خرجت الأمة وراء الشيخ العز الذي غادر القاهرة، وأدرك السلطان خطورة فعلته، فركب في طلب الشيخ واسترضاه وطيَّب خاطره واستمال قلبه، وطلب منه الرجوع معه، فوافق العز على أن يتم بيع الأمراء. بالمناداة عليهم. وكم كان الشيخ مهيبًا جليلا وهو واقف ينادي على أمراء الدولة واحدًا بعد واحد ويغالي في ثمنهم حتى إذا ارتفع السعر السلطان الصالح أيوب بدفع الثمن من ماله الخاص إلى الشيخ الشجاع الذي أودع إلى أقصى غايته وعجز المشترون قام الملوك على الشيخ المهيب.. ثمنهم بيت مال المسلمين، وكانت هذه الوقعة الطريفة سببا في إطلاق اسم بائع الأمراء .
ولذلك لما مات سلطان العلماء الشيخ عز الدين - رحمه الله - رأى جنازته الملك الظاهر تحت القلعة وما يتبعها من كثرة الناس، قال الملك الظاهر لبعض خواصه اليوم استقر أمري في الملك، لأن هذا الشيخ لو كان يقول للناس: اخرجوا عليه؛ لانتزع الملك مني.
شيوخ الأزهر في الميدان:
وقاد علماء الأزهر الثورات ضد الاحتلال والطغاة فوقفوا ضد الاحتلال الفرنسي والإنجليزي بقيادة علماء الأزهر مثل الشيخ الشرقاوى والشيخ عمر مكرم ـ عالم أزهري ـ عام 1222هـ، 1807م، و أحمد عرابي ـ عام 1298هـ، 1880م، وسعد زغلول في ثورة 1338هـ، 1919م، وفى ثورة 25 يناير 2011 كانوا هم وقود الثورة في ميدان التحرير في ثورة 25 يناير 2011م.
موقف الشيخ الخضر حسين شيخ الأزهر مع محمد نجيب:
عندما قامت الثورة في مصر، قال محمد نجيب: سنساوي الرجل بالمرأة، فاتصل به الشيخ الخضر حسين، وقال له: إما أن تتراجع عن قولك، أو لأخرجن غدا لابسا كفني -ومعي جميع الأزهريين- في الشوارع، فإما الحياة، وإما الموت، فجاءه محمد نجيب وجاءته الوزارة مرددين: يا شيخنا، يا إمامنا، نحن نعتذر منك، والكلام كان خطأ، فقال الشيخ: لا تعتذروا لي، وإنما أعلنوا الاعتذار للعامة، فقالوا: صعب جدا أن نعتذر أمام العامة، فقال: إما أن تعتذر يا محمد نجيب أمام الناس عن كلامك وتنفيه، أو سأخرج غدا لابسا كفني، فأعلن محمد نجيب من الغد أن الصحافة كذبت عليه، وأنه لم يقل شيئا مما نشرت عنه.
كيف يتوحد صف الدعاة والعلماء:
1) القناعة بأهمية وحدة المسلمين:
وأن وحدة المسلمين لن تتأتى إلا إذا توحد دعاتها وعلمائها فأصبحوا كالصف المرصوص لأنهم اللبنة الأولى فى جدار وحدة الأمة، قال - تعالى -: (إ نَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ)[الصف: 4]
2) استخدام الوسائل التي حددها الله في الدعوة إلى الإسلام:
وهى الدعوة الوسطية البعيدة عن الغلو الانحراف والشطط، كما قال - سبحانه -: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ)[النحل: 125]
3)تحديد مساحة الاتفاق والاختلاف:
ومساحة الاتفاق بفضل الله كبيرة جدا من أصول الإسلام والقطعيات، وليكن شعارنا كما قال الشيخ محمد رشيد رضا: لنتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، أو كما زاد البعض فيما يجوز فيه الاختلاف.
4)الانتقال من مرحلة القول إلى مرحلة الفعل:
ومن السكون إلى الحركة، ومن رد الفعل إلى الفعل، فقد قالوا: عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل.
كما فعل الحسن البصري عندما طلب منه العبيد أن يوجه الناس ويحثهم على إعتاق العبيد ن فبدا بنفسه.
يقول الإمام البنا في ذلك: "إن بناء الأمم وتربية الشعوب ومناصرة المبادئ وتحقيق الآمال يحتاج من الأمة التي تسعى إلى ذلك إلى إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل".
5) ضرورة التنظيم الجماعي:
بدءا من أدنى صوره "إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم "[رواه البيهقي في سننه، مرفوع لعمر ابن الخطاب - رضي الله عنه -].
إلى الإمارة في صلاة الجماعة وجعل ثوابها بضعا عشرون ضعفا، إلى الإمامة العظمى التي اعتبرت من فروض الكفاية التي تأثم الأمة إذا لم تقمها، بحفظ الحكومة الإسلامية من وصول الوهن إليها مثل الوحدة، و نشر الدعوة الإسلامية حماية البيضة" [انظر ابن عاشور (333/335)].
ومما يسهل ذلك إقامة مؤسسة تضم جميع الدعاة تحت سقف واحد تجمعهم ويكون لهم رئيس ولجان تنظم شئون الدعوة والدعاة.
هذا ونسأل الله العلى القدير أن يوحد صف العلماء والدعاة، وأن يوحد عليهم صف الأمة الإسلامية، وأن يجمعنا على الخير والهدى والتقى، وأن يجنبنا الشقاق والنفاق ما ظهر منه وما بطن.
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.