ذو الحجة .. شهر خير وبركة



سالم الناشي




- ها قد أقبلت أيام شهر ذي الحجة بخيراتها وبركاتها؛ فالعمل فيها أحب إلى الله من بقية الأيام؛ ففيها صيام التسعة أيام الأولى منها، من اليوم الأول من ذي الحجة إلى اليوم التاسع وهو يوم عرفة، ومستحب فيها الذكر، والتكبير، وقراءة القرآن، والصدقات، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد».

- فينبغي للمسلم أن يحرص حرصًا شديدًا على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء هيأ الله له الأسباب التي تعينه على إكماله، ومن صدق الله صدقه الله، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا} العنكبوت.

- قال الإمام البخاري: كان ابن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وقال أيضا: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد؛ فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا، ويستحب الجهر بالتكبير في الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر-رضي الله عنهما-: «مامن أيّام أعظم عند الله -سبحانه- ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد»، وقال أيضا في صيغة الذكر المستحبة «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له».

- وقراءة القرآن فضلها عظيم في كل وقت، وفي هذه الأيام أوكد، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَرَأَ حَرْفَاً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ: {ألم} حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ».

- ومن صام يوم عرفة له أجر عظيم، ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: أن الله يكفر بصوم يوم عرفة السنة التي قبله والسنة التي بعده شريطة اجتناب الكبائر.

- وقال - صلى الله عليه وسلم -: «صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ، وصِيامُ يومِ عاشُوراءَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التِي قَبْلَهُ».

- وأيام العيد في ذي الحجة أربعة أيام، يوم العيد ويسمى يوم النحر لنحر الأضاحي فيه وأيام التشريق الثلاثة. ويشرع التكبير فيها، وينهى عن صيام أيام العيد، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُكبِّرُ من صبح يوم عرفه إلى آخرِ أيامِ التَّشريقِ ، ولَمْ يُرَخَّصْ في أيَّامِ التَّشْرِيقِ أنْ يُصَمْنَ، إلَّا لِمَن لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ. وأَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ.

- أما عن الأضحية فإنَّ رجلًا سألَ ابنَ عمرَ عن الأضحيةِ أواجبةٌ هي؟ فقال: «ضحَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والمسلِمونَ» فأعادها عليهِ فقال: أتعقِلُ؟ «ضحَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والمسلِمونَ».