أقوال جامعة لعقيدة السلف-1
أبو زرعة عبيد الله الرازي
(200 إلى 264 هـ)
وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي
(195 إلى 277 هـ)


قال أبو القاسم اللالكائي: (أخبرنا محمد بن المظفر المقري (1) قال: حدثنا الحسين بن محمد بن حبش المقري (2) قال:
حدثنا أبو محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم (3) :
سألت أبي (4) وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك ؟

فقالا:
«أدركنا العلماء في جميع الأمصار -حجازًا وعراقا وشاما ويمنا- فكان من مذهبهم:
الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته.
والقدر خيره وشره من الله عز و جل.
وخير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام: أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وهم الخلفاء الراشدون المهديّون.
وأن العشرة الذين سمَّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد لهم بالجنة على ما شهد به رسول الله صلى الله عليه و سلم وقوله الحق. والترحم على جميع أصحاب محمد والكف عما شجر بينهم.

وأن الله عز و جل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسول صلى الله عليه و سلم بلا: كيفَ؟ أحاط بكل شيء علمًا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]

وأنه تبارك وتعال يرى في الآخرة: يراه أهل الجنة بأبصارهم ويسمعون كلامه كيف شاء. وكما شاء.

والجنة حق والنار حق، وهما مخلوقان لا يفنيان أبدا، والجنة ثواب لأوليائه، والنار عقاب لأهل معصيته إلا من رحم الله عز و جل.
والصراط حق.
والميزان حق. له كفتان توزن فيه أعمال العباد حسنها وسيئها حق.
والحوض المكرم به نبينا حق.
والشفاعة حق.
والبعث من بعد الموت حق.
وأهل الكبائر في مشيئة الله عز و جل.
ولا نكفر أهل القبلة بذنوبهم، ونكل أسرارهم إلى الله عز و جل.

ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان.
ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة، ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز و جل، أمرنا، ولا ننزع يدا من طاعة ونتبع السنة والجماعة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة.
فإن الجهاد ماض مذ بعث الله عز و جل نبيه عليه الصلاة و السلام إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين لا يبطله شيء.
والحج كذلك ودفع الصدقات من السوائم إلى أولي الأمر من أئمة المسلمين.

والناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم ولا ندري ما هم عند الله عز و جل.
فمن قال أنه مؤمن حقا فهو مبتدع ومن قال: هو مؤمن عند الله فهو من الكاذبين. ومن قال: هو مؤمن بالله حقا فهو مصيب.

والمرجئة والمبتدعة ضلال.
والقدرية المبتدعة ضلال.
فمن أنكر منهم: أن الله عز و جل يعلم ما لم يكن قبل أن يكون فهو كافر.
وأن الجهمية كفار.
وأن الرافضة رفضوا الإسلام.
والخوارج مراق.

ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة، ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر.
ومن شك في كلام الله عز وجل فوقف شاكًّا فيه يقول لا أدري مخلوق أو غير مخلوق فهو جهمي.
ومن وقف في القرآن جاهلا علم وبدع ولم يكفر.
ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي أو القرآن بلفظي مخلوق فهو جهمي.»

قال أبو محمد :
وسمعت أبي (4) يقول:
(وعلامة أهل البدع الوَقيعة في أهل الأثر.
وعلامة الزنادقة: تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار.
وعلامة الجهمية: تسميتهم أهل السنة مشبهة.
وعلامة القدرية: تسميتهم أهل الأثر مجبرة.
وعلامة المرجئية: تسميتهم أهل السنة مخالفة ونقصانية.
وعلامة الرافضة: تسميتهم أهل السنة ناصبة.
ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء.)

قال أبو محمد :
وسمعت أبي وأبا زرعة: يأمران بهجران أهل الزيغ والبدع ويغلظان في ذلك أشد التغليظ، وينكران وضع الكتب برأي في غير أثار.
وينهيان عن مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلمين ويقولان: لا يُفلح صاحب كلام أبدا.)


قال أبو محمد (5): وبه أقول أنا.
وقال أبو علي بن حبش المقري (6): وبه أقول.
قال شيخنا ابن المظفر (7): وبه أقول.
وقال شيخنا: يعني المصنف - (8) وبه أقول.
وقال الطريثيتي (9): وبه أقول.
وقال شيخنا السُّلَفي (10): وبه نقول.


قال ابن المقرئ، أبو بكر محمد بن إبراهيم (381 هـ) : (مذهبي في الأصول مذهب أحمد بن حنبل، وأبي زرعة الرازي.) (11)


(1) هو أبو بكر محمد بن المظفر بن علي بن حرب الدينوري، من تلاميذ الحسين بن محمد بن حبش، توفي 415 هـ. قال الخطيب البغدادي: كتبنا عنه، وكان شيخا صالحا، فاضلا، صدوقا. (تاريخ مدينة السلام «بغداد» للخطيب البغدادي 4/ 430)
(2) الحسين بن محمد بن حبش المقريء، أبو علي: قال أبو عمرو الداني عنه: متقدم في علم القراءة، مشهور بالإتقان، ثقة مأمون. توفي سنة 373 هـ (تاريخ الإسلام للذهبي 26/ 539)
(3) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة – أبو القاسم هبة الله اللالكائي (ج1 ص176-180) بسند صحيح. وروى ابن قدامة المقدسي جزءًا منه بإسنادين مختلفين في كتابه "إثبات صفة العلو" (ص182-184). وروى الذهبي جزءًا منه بسنده في "سير أعلام النبلاء" (ج13 ص84). وابن أبي حاتم ذكر ذلك في كتابه "أصل السنة واعتقاد الدين" وهو يتضمن أسئلة وجهها إلى والده وإلى أبي زرعة وإجابتها، وهو مخطوط في المكتبة الظاهرية بدمشق في المجموعة رقم ( 11 ) ( 166أ - 169 ).
(4) أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.
(5) عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، راوي الأثر.
(6) أحد رواه السند، وكذلك الذي يليه، وقد ذكرنا حالهما.
(7) القائل: "شيخنا" هو أبو القاسم اللالكائي.
(8) المصنف هو الحافظ أبو القاسم اللالكائي.
(9) الطريثيثي: هو شيخ الصوفية أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي ثم البغدادي. سمع من هبة الله اللالكائي وتوفي سنة 497 هـ. (سير أعلام النبلاء للذهبي 19/ 162) وهو من رواة الكتاب (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) عن مؤلفه كما في مقدمة تحقيق الكتاب (ج1 ص131).
(10) هو المحدث المفتي شيخ الإسلام أبو طاهر أحمد بن محمد السُّلفي، وُلد سنة 475 هـ، حدث عن أبي بكر أحمد الطريثيثي، توفي سنة 576 هـ. (سير أعلام النبلاء ج21/ 5 و11 و39) وهو راوي الكتاب عن الطريثيثي.
(11) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج16 ص401)
منقول