مع أبي العلاء الشافعي
التسويق المباشر كما عرفته
الحلقة الأولي
مفهوم التسويق المباشر_1

إنه فكرة جديدة كانت من أسباب تغيير حياة بعض الناس وتحويلهم من الفقر إلى الغنى والتقدم، والحديث عن اليابان وكوريا والصين وخبرتها في هذا المجال ليس بجديد، وذلك إذا علمنا أن هناك الكثير من الشركات التي تعمل بهذا المجال في تلك الدول..
إنه الفكرة التي قيل عنها: إنها كانت سببًا من أسباب وصول أكثر من 25% من أثرياء العالم إلى ما هم عليه من الثراء..
فمتى بدأت هذه الفكرة؟
هذه الفكرة بدأت عندما اكتشف خبراء التسويق أن المستهلك يقوم بدور مهم جدًّا في عملية التسويق بدون أن يشعر وبدون أي مقابل يُذكَر، وكان هذا الدور يتمثل في "الانتشار الشفهي" الذي يفعله الناس كل يوم عن المنتجات والخدمات بدون أن يشعروا وبدون أي مقابل..!!
و"الانتشار الشفهي" معناه أن يتكلم المستهلك عن سلعة في يده يستخدمها بالفعل، وهو إما إيجابي أو سلبي؛ فمثلاً لو أراد أحدنا أن يشتري ثلاجة جديدة، وبالفعل اشتراها، ووجدها جيدة بعد التأكد من إمكانياتها، ولمس جودتها، فسوف يتكلم مع أصحابه وأصدقائه ومعارفه عنها، وبالتالي سوف يفكر بعض هؤلاء المعارف في شراء نفس الثلاجة، وسوف يقوم البعض - بالفعل – بشرائها.
ولكن يبقى السؤال: هل فكر أحدنا أن يذهب إلى شركة الثلاجات ويقول: إنني فعلت نوعًا من الانتشار الشفهي واشترى بعض معارفي وأهلي وأصحابي هذه الثلاجة عن طريق هذا الانتشار، وأريد الآن حوافز على دوري هذا؟!
طبعًا لم يخطر لأحدنا على بال أن يفعل ذلك، ولم يسأل أحدنا أصلاً نفسه: ماذا عسى أن تفعل هذه الشركة معي لو ذهبت وطلبت ذلك بالفعل؟!!
ومن الطريف هنا أن أذكر أن هناك ميزةً تميزنا كشعب عربي مصري، وهي أننا نحب النصح لأحبابنا دائمًا؛ فلو اكتشفنا – بعد نزهة – أن مطعمًا لا يقدم أكلاً جيدًا، وبالصدفة قابلنا أحد أصدقائنا ذاهبًا إلى هذا المطعم فسوف ننصحه بعدم الذهاب؛ لأننا وبكل بساطة أحببنا له الخير..
كما أن من المميزات التي تميزنا عن بقية الشعوب الأخرى ميزة السؤال والاستفسار قبل شراء أي منتج؛ حيث نجد جميع علامات الاستفهام الممكنة وغير الممكنة مطروحةً عندما نفكر في شراء منتج ما كثلاجة أو غسالة أو ما إلى ذلك من منتجات.. إنها فقط عادة وميزة في نفس الوقت تعوَّدنا عليها فأصبحت سمة لنا..
ويبقى السؤال: ماذا عسانا نتوقع كمستهلكين لو اجتمعت الميزتان في موقف ما: ميزة النصح والإرشاد، وميزة الاستفسار والسؤال قبل الشراء؟!
ومن خلال الإجابة على هذا السؤال، بل من خلال الكلام السابق كله، وجدنا أن الانتشار الشفهي يقوم بدور مهم جدًّا في عملية تسويق المنتجات، ولا ريب في أن يعتمد عليه التسويق المباشر ويتخذه له أساسًا يقوم عليه، مع العلم أن الانتشار الشفهي المؤثر يكون قائمًا على التجربة الشخصية للمنتج..
ولكن في الحقيقة.. لماذا لا تعطي الشركات حوافز للمستهلكين الذين يقومون بهذا الانتشار الشفهي للمنتجات بالفعل؟!
أسأل هذا السؤال، وأنا أعلم أن كثيرًا من الأموال داخل الشركات تُنفَق على الدعاية والإعلان، وتأتي بالفنان المحبوبةِ أعمالُه، وتدفع له كثيرًا لكي يظهر في إعلان لمدة دقيقة أو دقيقتين أو حتى بضع دقائق على وسيلة إعلاميَّة ما كالتلفاز مثلاً ليُعلن عن منتج ما..
والذي أعرفه عن كثير من المتلقين لهذا الإعلان، وقد يكون منهم في نفس الوقت مَن يكون في حاجة لهذا المنتج – أنهم لا يثقون في مصداقية هذا الفنان؛ فقد يجدون أن أحد الفنانين يعلن عن محمول قيمتُه مائتا جنيهٍ مصريٍّ تقريبًا، ولكنهم – مع احترامهم إياه، وحبِّهم له ولأعماله الفنِّيَّة الهادفة! – لا يصدقون أنه بالفعل يحمل مثل هذا المحمول..
إن الانتشار الشفهي المؤثر كما قلنا سلفًا يعتمد على التجربة الشخصية لمنتج ما ومعايشته؛ لأن "أفضل الأشخاص كلامًا عن أيِّ منتج هو من استخدمه بالفعل"، ومن هنا تظهر المصداقية في الكلام عن أيِّ منتج؛ فالمستهلك هو الذي استخدمه، وبالتالي لو وجد أن المنتج جيد فسوف يتكلم عنه ويُطنِب في محاسنه، وهو صادق ومؤثر في نفس الوقت، ولكن لو وجد أنه منتج ليس جيدًا فنحن – والحمد لله – نمتلك ميزة ثالثة وهي أننا من أحسَن وأكفأ وأسرع الَّذين يفعلون انتشارًا شفهيًّا سلبيًّا سيئًا لأيِّ منتج، وما إشاعة الماء الذي تلوَّث بإنفلونزا الطيور بمصر في العام الماضي ببعيد عنا..
وإلى أن ألقاكم إن شاء الله تعالى:
تذكروا دائمًا أنكم بَشَرٌ مِن صُنْع الله..!
وتذكروا أيضًا أنَّه خالِقُ المعجِزات..!

في الحلقة الثانية:
هل يوجد اختلاف حقيقي بين التسويق المباشر والتسويق التقليدي؟!