إرشادات غذائية للحاج



إذا كان الغذاء هو السبب الأساسي في بناء الجسم، وتجديد نشاطه وقواه؛ فهو في الوقت نفسه من أسباب ضعفه ومرضه ووهنه، وليس في جسم الإنسان ما هو أضرُّ به من إدخال الطعام، وازدحام المعدة به فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطن، حسب ابن آدم آكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلثُ طعامٍ، وثلث شرابٍ، وثلث لنَفَسِه))[1].
وقد حرص القرآن الكريم في كل ما أمر به أو نهى عنه على حماية الإنسان بتوفير سبل وقايته، وتدبير وسائل علاجه في بدنه ونفسه وروحه؛ ولهذا أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بعدم الإسراف في الأكل والشرب بقوله سبحانه: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (سورة الأعراف:31).
وقد أصبحت هذه القاعدة التي تأمرنا بها الآية الشريفة هي الأساس في الطب الوقائي والعلاجي، وما من مرجع من المراجع الطبية إلا ونجد التأكيد فيه على ضرورة أن يحد الإنسان من أكله وشربه؛ إذ الإسراف في تناول الطعام والشراب يجعله فريسة سهلة للأمراض، ولذلك فإن أول نصيحة نتقدم بها إلى حجاج بيت الله الحرام هي عدم الإسراف في الأكل والشرب، إضافة إلى السعي في تفادي مسببات التسمم الغذائي المتمثل في: الميكروبات وسمومها، المركبات الكيميائية، المعادن الثقيلة، المضادات الحيوية، النباتات السامة، الحيوانات السامة، الطفيلية، والحرص على تناول غذاء صحي خالٍ من هذه الآفات المضرة التي قد توثر على الحاج حال أدائه المناسك.
وفي هذا الخصوص يجدر الإشارة إلى عوامل مهمة تحدد أسلوب الغذاء والتغذية أثناء الحج هي بمثابة أصول التغذية السليمة ومن ذلك:
أولاً: الإكثار من شرب السوائل وخصوصاً الماء والعصائر؛ لتعويض ما يفقده الجسم من سوائل وعناصر مغذية من الأملاح المعدنية وغيرها، ومن أهم فوائد الماء الغذائية تنظيم حرارة الجسم وترطيبه عندما ترتفع درجة حرارة الجو عن حرارة الجسم، كما أنه يساعد على تخليص الجسم من الفضلات، ويقضي على الإمساك والجفاف الذي قد يتعرض له الحاج، ويجعل أنسجة الجسم مرنة مما يؤدي إلى ليونة وسهولة حركة الأعضاء والمفاصل، ويساعد على حماية الجسم من الصدمات والرضوض التي قد يتعرض له الحاج أثناء الحج، ويجب الحد من كمية السوائل التي تعطى للمريض في الحالات التي يكون إفراز البول فيها منخفضاً مثل: حالات التهاب الكلى أو فشلها، ولا يسمح بتناول التوابل والمثلجات في حالات قرحة المعدة أو التهابها.
ثانياً: يبذل الحاج جهداً وطاقة مضاعفين وهذا يحتاج إلى زيادة احتياجاته الغذائية خصوصاً مصادر الطاقة بما يعادل 40% زيادة على الاحتياجات العادية، كما يحتاج إلى زيادة المتناول من العناصر المغذية الأخرى وخصوصاً البروتينات والفيتامينات والمعادن بما يعادل 10% من الاحتياجات اليومية، لذلك يجب الإكثار من تناول الأطعمة مثل: الخضروات والفاكهة الغنية بفيتامين (ج) وذلك لما فيه من فوائد، فهذا من شأنه تشجيع خلايا الدم البيضاء على مقاومة العدوى، ومنع الشعور بالعبء، ويساعد في سرعة التئام الجروح، ويزيد من امتصاص الحديد، ومصادره الغذائية: من الفاكهة (الجوافة، البرتقال، الليمون، الجريب فروت)، ومن الخضروات (الطماطم، القرنبيط، الخضروات الورقية الطازجة).
كذلك تناول الأغذية الغنية بالحديد؛ وذلك لتجنب فقر الدم (الأنيميا) وما يصاحبها من تعب وألم في الرأس، ودوخة قد تعوق حركة الحاج، وتزيد من إجهاده، ومصادره: (الكبد، اللحوم بشكل عام، السبانخ).
ثالثاً: بسبب الظروف الخاصة بالحج، وارتفاع احتمالية فساد الأغذية وتلوثها؛ يجب التأكد من كفاءة حفظ الأغذية وتخزينها، وعدم تعرضها للحشرات بحفظها في الثلاجات المحكمة الإغلاق التي تعطي درجة التبريد الكافية، ويجب ملاحظة النظافة، والتأكد من عدم خلط الأغذية الجاهزة للأكل مع الأغذية النيئة وخصوصاً اللحوم، والاهتمام بنظافة الورقيات الخضراء المكونة للسلطة، وتنظيفها بالماء والمطهرات مثل: برمنجنات البوتاسيوم.
وبالإضافة إلى النصائح السابقة اللازمة يجب أن يكون غذاء الحاج متنوعاً موفراً لاحتياجاته من السعرات الحرارية والبروتينات، والدهون والكربوهيدرات، والفيتامينات والمعادن، والسوائل؛ لتعظم استفادة جسمه منه.
إرشادات غذائية عامة:
تناول منتجات الألبان المبسترة وطويلة الأجل؛ حتى لا تصاب بميكروبات البكتيريا العنقودية وسمومها.
• لا بد من حفظ منتجات الألبان بعد الفتح وقبله في الثلاجة.
• ينبغي التأكد من تاريخ صلاحية المعلبات، وعدم وجود ثقوب أو غازات أو انبعاجات بها، وكذلك يجب التأكد من محتوياتها ورائحتها بعد فتحها، وقبل استعمالها، وإذا أمكن الاستغناء عنها فهو أفضل.
• لا تتناول الأطعمة المكشوفة أو المعدة سابقاً ومنذ فترة طويلة (أي أكثر من ساعتين) قبل التأكد من صلاحية أكلها.
• يفضل تناول المياه المعدنية أو المياه الجوفية العميقة؛ لأنها تكون خالية من التلوث، أو يُغلى الماء جيداً ثم يترك ليبرد قبل شربه.
• من الجيد غسل الفواكه والخضروات جيداً قبل تناولها؛ وذلك لإزالة أي أثر للمبيدات التي قد تعلق بسطحها، وتضر بالصحة.
• ويحبذ تناول الفواكه ذات القشور السميكة مثل: الموز والبرتقال واليوسفي؛ حتى تضمن نظافتها، وعدم تلوثها.
• غسل اللحوم قبل طهيها من الأمور المهمة، ومن ثم طهيها طهياًَ جيداً.
• عند استعمال الأدوات المستخدمة لإعداد الطعام كالسكين والأواني والمنضدة يجب غسلها جيداً؛ وذلك للقضاء على جرثوم السالمونيلا الذي قد يوجد به، ويسبب الحمى، والإسهال لمدة يوم أو أكثر.
• يفضل تناول سوائل بها نسبة معقولة من الأملاح؛ لتفادي ضربة الشمس، وكذا الاعتدال في تناول المياه الغازية.
• اتباع أساليب النظافة الشخصية السليمة، والتخلص من الفضلات بطريقة صحية.[2]
طاب مطعمك، ودامت صحتك.

[1] رواه أحمد في مسنده برقم (16556)، وقال شعيب الأرناؤوط: رجاله ثقات.

[2] بتصرف من مقالة "غذاؤك في الحج" د. موسى الخطيب، وكتيب دليل الحاج الصحي.
منقول