شيخ الحرم ابن جريح
مجدي عرفات



اسمه ونسبه :
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو خالد وأبو الوليد القرشي الأموي مولاهم، قيل : كان جده جريج عبدًا لأم حبيب بنت جبير زوجة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي ، فنسب ولاؤه إليه وهو عبد روميّ .
مولده : ولد سنة ثمانين ، عام الجاف "سيل كان بمكة".

شيوخه ومَن روى عنهم
حدَّث عن عطاء بن أبي رباح فأكثر وجود ، وعن ابن أبي مليكة ونافع مولى ابن عمر ، وأخذ عن مجاهد حرفين من القراءات، وروى عن عمرو بن دينار ، وعمرو بن شعيب ، وابن المنكدر ، والقاسم بن ابي بزة ، وزيد بن أسلم، والزهري ، وصفوان بن سليم ، وعبد الله بن طاووس، وخلق كثير .
الرواة عنه
روى عنه ثور بن يزيد ، والأوزاعي والليث بن سعد المصري والسفيانان والحمادان ، وابن علية، وعبد الله بن إدريس ، ويحيى بن سعيد الأموي، ويحيى بن سعيد القطان ، ووكيع ، وأبو عاصم النبيل ، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، وعبيد الله بن موسى ، وغندر محمد بن جعفر وأمم سواهم .
وهو أول من دون العلم بمكة ، قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي : مَن أول من صنف الكتب؟ قال : ابن جريج وابن أبي عروبة .
ثناء العلماء عليه
قال شيخه عطاء بن أبي رباح : سيد شباب أهل الحجاز . وقيل له : من نسأل بعدك يا أبا محمد؟ قال : هذا الفتى إن عاش - يعني ابن جريج.
قال ابن المديني : نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة ، فذكرهم ، ثم قال : صار علمهم إلى أصحاب الأصناف ممن صنف العلم منهم من أهل مكة ابن جريج يكنى أبا الوليد ، لقي ابن شهاب وعمرو بن دينار - يريد من الستة المذكورين .
قال يحيى بن سعيد : ابن جريج أثبت من مالك في نافع . وقال : كان صدوقًا .
وقال : كنا نسمي كتب ابن جريج كتب الأمانة.
قال أحمد بن حنبل : عمرو بن دينار وابن جريج أثبت الناس في عطاء .
وقال : كان من أوعية العلم .
قال يحيى بن معين : ابن جريج ثقة في كل ما رُوي عنه من الكتاب .
قال مخلد بن الحسين : ما رأيت خلقًا من خلق الله أصدق لهجة من ابن جريج .
قال ابن المديني : لم يكن في الأرض أحد أعلم بعطاء من ابن جريج .
قال أبو عاصم النبيل : كان ابن جريج من العباد، كان يصوم الدهر سوى ثلاثة أيام من الشهر وكان له امرأة عابدة .
قال الذهبي : الإمام العلاّمة الحافظ. وقال: وكان بحرًا مِن بحور العلم .
وقال : كان شيخ الحرم بعد الصحابة عطاء ومجاهد وخلفهما قيس بن سعد وابن جريج ثم تفرد بالإمامة ابن جريج فدون العلم وحمل عنه الناس وعليه تفقه مسلم بن خالد الزنجي .
وتفقه بالزنجي الإمام أبو عبد الله الشافعي وكان الشافعي بصيرًا بعلم ابن جريج عالمًا بدقائقه.
من أحواله وأقواله
قال : أتيت عطاء وأنا أريد هذا الشأن "الحديث" وعنده عبد الله بن عبيد بن عمير فقال لي ابن عمير : قرأت القرآن ؟ قلت : لا ، قال : فاذهب فاقرأه ثم اطلب العلم ، فذهبت فغبتُ زمانًا حتى قرأت القرآن ثم جئت عطاء وعنده عبد الله ، فقال : قرأت الفريضة ؟ (يعني الفرائض) قلت : لا ، قال : فتعلم الفريضة ، ثم اطلب العلم ، قال : فطلبت الفريضة ثم جئت فقال: فاطلب العلم ، فلزمت عطاء سبع عشرة سنة.
قال ابن عيينة : سمعت ابن جريج يقول : ما دون العلم تدويني أحد ، جالست عمرو بن دينار بعدما فرغت من عطاء تسع سنين .
قال الوليد بن مسلم : سألت الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وابن جريج لمن طلبتم العلم ؟ كلهم يقول : لنفسي ، غير ابن جريج فإنه قال : طلبته للناس .
قال الذهبي : ما أحسن الصدق ، واليوم تسأل الفقيه الغبي : لمن طلبت العلم ؟ فيبادر ويقول: طلبته لله ، ويكذب إنما طلبه للدينار ويا قلة ما عرف منه .
قلت : هؤلاء طلبوه لأنفسهم ليعملوا به ، وابن جريج طلبه للناس حتى يعلمهم ، وكل مأجور، أما الغبي الذي أشار إليه الذهبي فطلبه للدينار ويخادع نفسه فيقول : طلبته لله ، نسأل الله العافية والعلم النافع .
قال عبد الرزاق : ما رأيت أحسن صلاة من ابن جريج ، أهل مكة يقولون : أخذ ابن جريج الصلاة من عطاء ، وأخذها عطاء من ابن الزبير وأخذها ابن الزبير من أبي بكر ، وأخذها أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : ما أحسن هذا الإسناد في العبادة : "صلوا كما رأيتموني أصلي" كما قال صلى الله عليه وسلم.
قال عبد الرزاق : كنت إذا رأيت ابن جريج علمت أنه يخشى الله .
قال ابن جريج : لم يغلبني على يسار عطاء عشرين سنة أحد ، فقيل له : فما منعك من يمينه؟ قال: كانت قريش تغلبني عليه .
روى ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من جلس في مجلس كثر فيه لغطه ، فقال قبل أن يقوم : سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت استغفرك، ثم أتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه". قال الذهبي : هذا حديث صحيح غريب .
قلت : والحديث رواه الترمذي وصححه وأبو داود وابن حبان والحاكم وهو صحيح .
وفاته : توفي ابن جريج رحمه الله سنة خمسين ومائة وعاش سبعين سنة .
فرحمه الله ورضي عنه .

المراجع
- تاريخ بغداد .
- تذكرة الحفاظ
- سير أعلام النبلاء
- تقريب التهذيب