السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهذا تخريج للحديث المشهور (رجعنا من الجهاد الأكبر إلى الجهاد الأصغر) مع ذكر أقوال العلماء فيه :

حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عندما كان عائدا من إحدى غزواته [غزوة تبوك] "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وقيل له: ما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟ فقال: جهاد النفس [جهاد القلب] [مُجَاهَدَةُ الْعَبْدِ هَوَاهُ] ".



أخرجه البيهقى فى "الزهد الكبير" (373) ، والخطيب فى "تاريخ بغداد" (13/498) ، وقال البيهقى : هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ .



قلت : إنما ضعف البيهقى - رحمه الله - إسناده لأن فيه يحيى بن يعلى الأسلمي قال عنه الحافظان ابن حجر والذهبى : ضعيف ، وليث بن أيمن بن زنيم الذى قال عنه الحافظ ابن حجر : صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك .



ذكر أقوال العلماء فى الحديث :



قال ابن تيمية :وأما الحديث الذي يرويه بعضهم، أنه قال في غزوة تبوك: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر فلا أصل له، ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله. وجهاد الكفار من أعظم الأعمال، بل هو أفضل ما تطوع به الإنسان.

"الفرقان" (ص56)



قال العراقى : أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد من حَدِيث جَابر وَقَالَ: هَذَا إِسْنَاد فِيهِ ضعف.

"تخريج أحاديث الإحياء" (ص882)



قال العجلوني : قال الحافظ ابن حجر في تسديد القوس: هو مشهور على الألسنة وهو من كلام إبراهيم بن عيلة، انتهى. وأقول: الحديث في الإحياء, قال العراقي: رواه بسند ضعيف عن جابر, ورواه الخطيب في تاريخه عن جابر بلفظ: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- من غزاة, فقال عليه الصلاة والسلام: "قدمتم خير مقدم, وقدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" , قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: "مجاهدة العبد هواه"، انتهى. والمشهور على الألسنة: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر, دون باقيه ففيه اقتصار، انتهى.

"كشف الخفاء" (486/1)

قلت : ومما يؤيد أن هذا الحديث من كلام
إبراهيم بن عيلة ما ذكره المزى فى "تهذيب الكمال" (144/2) حيث جاء فيه :
وَقَال النَّسَائي: أخبرني صفوان بْن عَمْرو، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابن زياد أبو مسعود من أهل بيت المقدس، قال: سمعت إِبْرَاهِيم بْن أَبي عبلة وهو يقول لمن جاء من الغزو: قد جئتم من الجهاد الأصغر، فما فعلتم في الجهاد الأكبر؟ قالوا: يا أبا إِسْمَاعِيل: وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب .




قال الفَتَّنِي : ضعيف .

"تذكرة الموضوعات" (ص191)



قال ابن مفلح : قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْمِنْهَاجِ" قُبَيْلَ كِتَابِ آدَابِ السَّفَرِ: وَكُلُّ مُتَجَرِّدٍ لِلَّهِ فِي جِهَادِ نَفْسِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، كَمَا وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ: رَجَعْنَا مِنْ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ، وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَنْ هَذَا الْخَبَرِ مَرْفُوعًا، قَالَ: لَا يَصِحُّ: وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ مَنْ صَنَّفَ فِي الرَّقَائِقِ.

"الفروع وتصحيح الفروع" (303/3)



قالت اللجنة الدائمة : حديث: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» يراد بالجهاد الأصغر: جهاد الكفار بالقتال، وبالجهاد الأكبر جهاد النفس، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو حديث ضعيف كما نص على ذلك أئمة الحديث.

الفتوى رقم (16492)



قال ابن باز : هذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاله بعدما رجع من غزوة تبوك، رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وفسره بأن المراد بجهاد النفس هو الجهاد الأكبر وجهاد الكفار هو الجهاد الأصغر، ولكن بين أهل العلم كـ ابن القيم رحمه الله وغيره أن هذا الحديث ضعيف وأنه لا يصح .

"دروس للشيخ ابن باز" (22/5)