تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (5-9)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (5-9)

    فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (5-9)



    إدارة الملتقى الفقهي



    فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (5-9)
    باب دخول مكة - دخول الحرم - الطواف: أنواعه، سننه، شروطه - طواف الحائض

    من سالم عبدالله السالم وردتنا هذه الرسالة يقول فيها نريد أن نحج ويقول حججنا ونريد أن نعرف ما الذي ينبغي للمسلم أن يقوله عندما يريد الدخول في بيت الله الحرام أو في أي بيت من بيوت الله؟

    فأجاب رحمه الله تعالى: إذا دخل المسجد الحرام أو غيره من البيوت فإنه يسمي الله يقول: بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم هذا هو المشروع للدخول في كل مسجد ومن أعظم المساجد بل هو أعظم المساجد بيت الله الحرام.

    ***
    بارك الله فيكم سائل يسأل ويقول ما هو طواف القدوم وما هي كيفيته؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: طواف القدوم هو الطواف بالبيت العتيق أول ما يقدم مكة فإن كان في الحج أي محرما بالحج مفردا فهذا طوافه طواف سنة وليس بواجب ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله عروة بن المضرس رضي الله عنه وهو في مزدلفة في صلاة الصبح سأله بأنه لم يدع جبلا إلا وقف عنده فقال له النبي عليه الصلاة والسلام (من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه) ولم يذكر عروة أنه طاف بالبيت فدل هذا على أن طواف القدوم للحاج المفرد سنة وليس بواجب وكذلك من طواف القدوم إذا طاف للعمرة أول ما يقدم سواء كان متمتعا بالعمرة إلى الحج أو كان محرما بعمرة مفردة فإن هذا الطواف وإن كان ركنا في العمرة يسمى طواف القدوم أيضا لأنه متضمن لطواف العمرة الذي هو الركن ولطواف القدوم فهو بمنزلة من يدخل المسجد فيصلى الفريضة فتكون هذه الفريضة فريضة وتحية المسجد في آن واحد وذكرنا أن طواف القدوم يكون لمن حج مفردا ونقول كذلك يكون لمن حج قارنا لأن الحاج القارن أفعاله كأفعال المفرد تماما إلا أنه يمتاز عنه بأنه حصل على نسكين وأنه يجب عليه الهدي هدي التمتع لقول الله تبارك وتعالى (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) وقد ذكر العلماء أو أكثرهم

    أن القارن كالمتمتع وبعضهم أطلق على القارن اسم المتمتع.

    ***
    بارك الله فيكم هذه الرسالة من المستمع صالح سليمان عبد الله من الأحساء المزروعية يقول ما الحكم في من ذهب لأداء فريضة الحج والعمرة قارناً هل يجزيه طواف القدوم للحج عن طواف العمرة وهل يجزئ السعي للحج عن السعي للعمرة أم عليه أن يطوف طواف القدوم للحج ثم الطواف بنية العمرة ثم السعي للحج ثم السعي للعمرة؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: إذا حج الإنسان قارناً فإنه يجزئه طواف الحج وسعي الحج عن العمرة والحج جميعاً ويكون طواف القدوم طواف سنة وإن شاء قدم السعي بعد طواف القدوم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وإن شاء أخره إلى يوم العيد بعد طواف الإفاضة ولكن تقديمه أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان يوم العيد فإنه يطوف طواف الإفاضة فقط ولا يسعى لأنه سعى من قبله والدليل على أن الطواف والسعي يكفيان عن العمرة والحج جميعاً قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها (طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك) فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن طواف القارن وسعي القارن يكفي للحج والعمرة جميعاً.

    ***
    هذه رسالة وصلت من المستمعة أختكم في الله ح. س. من الرياض تقول ما الفرق يا فضيلة الشيخ بين طواف القدوم وطواف الإفاضة وطواف الوداع؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الفرق بينها أن طواف القدوم إذا كان من القارن والمفرد فهو سنة وليس بواجب يعني لو تركه الحاج المفرد أو القارن فلا حرج عليه ودليل ذلك أن عروة بن المضرس رضي الله عنه رافق النبي صلى الله عليه وسلم في صباح يوم العيد صلى معه في المزدلفة صلاة الصبح وأخبره أنه ما ترك جبلاً إلا وقف عنده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (من شهد صلاتنا هذه وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه) ولم يذكر له النبي صلى الله عليه وسلم طواف القدوم وهذا يدل على أنه ليس بواجب، أما إذا كان طواف القدوم للمعتمر فإنه ركن في العمرة سواء أكانت العمرة عمرة تمتع أو عمرة مفردة، وأما طواف الإفاضة فإنه ركن في الحج وهو الذي يكون من بعد الوقوف في عرفة والوقوف في مزدلفة ولا يتم الحج إلا به وأما طواف الوداع فهو واجب من واجبات الحج وكذلك واجب من واجبات العمرة لكنه ليس من ذات الحج ولا ذات العمرة ولهذا لا يجب على من لم يغادر مكة، والفرق بين الطواف الواجب والطواف الركن أن طواف الركن لا يتم النسك إلا به، وأما الطواف الواجب وهو طواف الوداع فإن النسك يتم بدونه ولكن إذا تركه الإنسان فعليه فدية ذبح شاة في مكة يوزعها على الفقراء فصار الفرق كما يلي طواف القدوم سنة إلا طواف المعتمر فإنه ركن في العمرة، طواف الإفاضة ركن في الحج لا يتم الحج إلا به، طواف الوداع واجب يتم النسك بدونه ولكن في تركه فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء.

    ***
    يقول سبق أن حججت من مدة خمس سنوات أو ست سنوات تقريباً يقول بدل أن أعمل السُنّة في الاضطباع عكست الأمر فجعلت طرف ردائي تحت إبطي الأيسر وغطيت منكبي الأيمن فهل علي شيء في ذلك من هدي أو فدي أو ما شابهها؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك هدي ولا فدي فإن كان ذلك نسيان منك فنرجو أن يكتب لك الأجر كاملاً لأنك قصدت الفعل وأخطأت في صفته وإن كان هذا عن تخرص فنرجو الله تعالى أن يعفو عنك وألا تعود إلى التخرص في الدين بل تسأل أهل العلم حتى تعبد الله على بصيرة.

    ***
    هذه رسالة وردتنا من سالمين سالم باعمار يقول في رسالته ما حكم الاضطباع في طواف الوداع؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: طواف الوداع لا اضطباع فيه لأن الإنسان ليس بمحرم فالإنسان يطوف طواف الوداع وعليه ثيابه المعتادة ليس عليه إزار ورداء وحتى لو فرض أنه ليس لديه ثياب معتادة كالقميص وشبهه وأن عليه رداءاً وإزاراً فإنه لا يضطبع في هذا الطواف لأن الاضطباع إنما هو في الطواف أول ما يقدم الإنسان إلى مكة.

    فضيلة الشيخ: هو يقول في رسالته أسألكم هذا السؤال لأنني جعلت طواف الإفاضة يقوم مقام طواف الوداع وكانت علي أيضاً إحراماتي فاضطبعت في هذه الحال؟

    فأجاب رحمه الله تعالى: نقول له لا اضطباع أيضاً لأن الاضطباع إنما هو في الطواف أول ما يقدم الإنسان إلى مكة كطواف العمرة أو طواف القدوم.

    ***
    هذا الأخ محمد مفرحي السواحلي من تهامة عسير يقول يسأل عن حكم الاضطباع في طواف الوداع ويقول سبق أن حججت من مدة خمسة سنوات وبدلاً أن أعمل السنة في الإضطباع عكست الأمر فجعلت طرفي رداءي تحت إبطي الأيسر وغطيت منكبي الأيمن فهل علي شيء في هذين السؤالين؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الاضطباع إنما يكون في طواف القدوم وهو الطواف أول ما يصل الإنسان إلى مكة سوءاً كان طواف عمرة أو طواف قدوم في حق القارن والمفرد وليس في طواف الوداع اضطباع لأن الإنسان في طواف الوداع قد لبس ثيابه المعتادة فلا محل للاضطباع هنا وعلى كل حال فكون هذا الرجل أيضاً يعكس الاضطباع فيبدي الكتف الأيسر بدلاً عن الكتف الأيمن هذا أمر هو معذور فيه والله تعالى يثيبه على نيته ولكن الفعل لم يحصله فلا ثواب له على الفعل نفسه إنما له ثواب على النية التي أراد منها أن يوافق الصواب في فعله ولم يوفق له.

    ***
    السائل أنور مصري مقيم بالكويت يقول ما الحكمة من تقبيل الحجر يرجو بهذا الإفادة مأجورين؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الحكمة من تقبيل الحجر بينها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال (إني أعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) فهذه الحكمة التعبد لله عز وجل باتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تقبيل هذا الحجر وإلا فهو حجر من الأحجار لا يضر ولا ينفع كما قال أمير المؤمنين فهذه الحكمة ومع ذلك فإنه لا يخلو من ذكر الله عز وجل لأن المشروع أن يكبر الإنسان عند ذلك فيجمع بين التعبد لله تعالى بالتكبير والتعظيم والتعبد لله عز وجل بتقبيل هذا الحجر اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبه يعرف أن ما يفعله بعض الناس من كونه يمسح الحجر بيده ثم يمسح على وجهه وصدره تبركاً بذلك فإنه خطأ وضلال وليس بصحيح وليس المقصود من استلام الحجر أو تقبيله، التبرك بذلك بل المقصود به التعبد لله باتباع شريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكذلك يقال في استلام الركن اليماني إن المقصود به التعبد لله باتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث كان يستلمه ولهذا لا يشرع استلام بقية الأركان فالكعبة القائمة الآن فيها أركان أربعة الحجر والركن اليماني والركن الغربي والركن الشمالي فالحجر يستحب فيه الاستلام والتقبيل فإن لم يمكن فالإشارة والركن اليماني يسن فيه الاستلام دون التقبيل فإن لم يمكن الاستلام فلا إشارة والركن الغربي والشمالي لا يسن فيهما استلام ولا تقبيل ولا إشارة وقد (رأى ابن عباسٍ رضي الله عنهما أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان يطوف ويستلم الأركان الأربعة فأنكر عليه فقال له معاوية إنه ليس شيءٌ من البيت مهجوراً يعني كل البيت معظَّم فقال له ابن عباس (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وقد رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستلم الركنين اليمانيين يعني الحجر الأسود والركن اليماني) فتوقف معاوية

    وصار لا يستلم إلا الركنين اليمانيين اتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذا واجب على كل أحد سواءٌ كان صغيراً أو كبيراً كل الناس أمام الشرع صغار وفيه فضيلة ابن عباس رضي الله عنه وفضيلة معاوية رضي الله عنه نسأل الله أن يوفق رعيتنا ورعاتنا لما فيه الخير والسداد والتعاون على البر والتقوى.

    ***
    هذا السائل أبو أسامة من جدة يقول يا فضيلة الشيخ نرى في الحرم المكي بعض الناس يتعلق بأستار الكعبة وجدارها ويظل على هذه الحالة مدة من الزمن فما الحكم في ذلك ، وكذلك ما الحكم في أناسٍ يأخذ في يده الدراهم ويمسح بالدراهم في الحجر الأسود أفيدونا أفادكم الله في ذلك؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: التعلق بأستار الكعبة أو إلصاق الصدر عليها أو ما أشبه ذلك بدعةٌ لا أصل له فلم يكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه يفعلون ذلك وغاية ما ورد الالتزام فيما بين باب الكعبة والحجر الأسود فقط وأما بقية جهات الكعبة وأركانها فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه أنهم كانوا يلتزمونها أو يلصقون صدورهم بها وكذلك ما ذكره السائل من أن بعض الحجاج يأخذ الدراهم ويمسح بها على الحجر الأسود فهو أيضاً بدعة لا أصل له والحجر الأسود لا يتبرك بمسحه وإنما يتعبد لله تعالى بمسحه كما (قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقبل الحجر الأسود إني أعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقبلك ما قبلتك) وليعلم أن العبادات مبناها على الاتباع لا على الذوق والابتداع فليس كل ما عنّ للإنسان واستحسنه بقلبه يكون عبادة لله حتى يأتي سلطان من الله عز وجل على أن ذلك مما يحبه ويقرب إليه وقد أنكر الله تعالى على الذين يتعبدون بشرعٍ لم يأذن به فقال (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) وثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي مردودٌ على صاحبه غير مقبولٍ منه وغاية ما نقول لهؤلاء الجهال أنهم معذورون لجهلهم غير مثابين على فعلهم لأن هذا بدعة وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (كل بدعةٍ ضلالة) فنصيحتي لإخواننا الحجاج والعمار أن يعبدوا الله تعالى على بصيرة وأن لا يتقربوا إلى الله تعالى بما لم يشرِّعه وأن يصطحبوا معهم مناسك الحج والعمرة التي ألفها علماء موثوقون بعلمهم وأمانتهم والواجب على الموجهين لهم الذي يسمون المطوفين الواجب عليهم أن يتقوا الله عز وجل وأن يتعلموا أحكام الحج والعمرة قبل أن يتصدروا لهدي الناس إليها وإذا تعلموها فالواجب عليهم أن يحملوا الناس عليها أي على ما جاءت به السنة من مناسك الحج والعمرة ليكونوا هداةً مهتدين دعاةً إلى الله تعالى مصلحين أما بقاء الوضع على ما هو عليه الآن من كون المطوفين لا يفعلون شيئاً يحصل به اتباع السنة وغاية ما عندهم أن يلقنوا الحجاج دعواتٍ في كل شوط دون أن يهدوهم إلى مواضع النسك المشروعة ومن المعلوم أن تخصيص كل شوطٍ بدعاءٍ معين لا أصل له في السنة بل هو بدعة نص على ذلك أهل العلم رحمهم الله فلم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه جعل للشوط الأول دعاءً خاصاً وللثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع كذلك وغاية ما ورد عنه (التكبير عند الحجر الأسود وقول (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) بين الركن اليماني والحجر الأسود) و (كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول في ابتداء طوافه بسم الله والله أكبر اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم) والخلاصة أي خلاصة الجواب على هذا السؤال أنه لا يشرع للإنسان أن يتمسح بكسوة الكعبة أو بشيءٍ من أركانها أو بشيءٍ من جهات جدرانها أو يلصق ظهره على ذلك بل هذا بدعةٌ لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه وغاية ما هنالك أنه ورد عنهم الالتزام وموضعه بين الحجر الأسود وباب الكعبة وكذلك ما يتعلق بتقبيل الحجر الأسود واستلامه واستلام الركن اليماني فنسأل الله تعالى لنا ولإخواننا أن يهدينا صراطه المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

    ***
    يقول ما حكم التمسك بالكعبة المشرفة ومسح الخدود عليها ولحسها باللسان ومسحها بالكفوف ثم وضعها على صدر الحاج؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: هذا من البدع التي لا ينبغي وهي إلى التحريم أقرب لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وغاية ما ورد في مثل هذا الأمر هو الالتزام بحيث يضع الإنسان صدره وخده ويديه على الكعبة فيما بين الحجر الأسود والباب لا في جميع جوانب الكعبة كما يفعله جهال الحجاج اليوم وأما اللحس باللسان أو التمسح بالكعبة ثم مسح الصدر به أو الجسد فهذه بدعة بكل حال لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذه المناسبة أود أن ألفت نظر الحجاج إلى أن المقصود بمسح الحجر الأسود والركن اليماني هو التعبد لله تعالى بمسحهما لا التبرك بمسحهما خلافاً لما يظنه الجهلة حيث يظنون أن المقصود هو التبرك ولهذا ترى بعضهم يمسح الركن اليماني أو الحجر الأسود ثم يمسح بيده على صدره أو على وجهه أو على صدر طفله أو على وجهه وهذا ليس بمشروع وهو اعتقاد لا أصل له ففرق بين التعبد والتبرك ويدل على أن المقصود التعبد المحض دون التبرك أن عمر رضي الله عنه قال وهو عند الحجر (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) وبهذه المناسبة أيضاً أود أن أُبين أن ما يفعله كثير من الجهلة يتمسحون بجميع جدران الكعبة وجميع أركانها فإن هذا لا أصل له وهو بدعة ينهى عنه (ولما رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما معاوية رضي الله عنه يستلم الأركان كلها أنكر عليه فقال له معاوية ليس شيء من البيت مهجوراً فأجابه ابن عباس (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين) فرجع معاوية إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما فدل هذا على أن مسح الكعبة أو التعبد لله تعالى بمسحها أو مسح أركانها إنما هو عبادة يجب أن تُتبع فيه آثار النبي صلى الله عليه وسلم فقط.

    ***
    سؤال يقول بعض الحجاج يأتون إلى مكة في وقت مبكر وكل يوم ينزلون إلى الحرم للطواف والجلوس فيه مما يحدث زحمة في الحرم لكثرة القادمين للحج فهل هذا من السنة أو ما حكمه وفقكم الله؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: ليس من السنة للحاج أن يُكثر الطواف بالبيت بل السنة في حقه أن يتبع في ذلك هدي النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قدم إلى مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة وطاف طواف القدوم ثم طاف طواف الإفاضة يوم العيد ثم طاف طواف الوداع صبيحة اليوم الرابع عشر فلم يطف بالكعبة إلا ثلاث مرات فقط وكل هذه الأطوفة أطوفة نسك لابد منها فعمل بعض الناس الآن بترددهم على البيت في أيام الحج هذا ليس مشروعاً وقد أقول إنهم إلى الإثم أقرب منهم إلى الأجر لأنهم يُضَيقون المكان على من يؤدون مناسك الحج والعمرة وليس ذلك من الأمور المشروعة فيحصل في فعلهم هذا أذية بدون قصدٍ مشروع فينبغي للمسلم أن يكون عابداً لله تعالى بحسب الهدى لا بحسب الهوى فالعبادة طريق مشروع من قبل الله ورسوله وليست طريقاً مشروعاً بحسب ما تهوى وما أكثر المحبين للخير الذين يعبدون الله تعالى بأهوائهم ولا يتبعون في ذلك ما جاء في شرع الله وهذا شيء كثير في الحج وفي غيره ولكن الذي ينبغي للإنسان أن يُعَوّد نفسه على التعبد لما جاء عن الله ورسوله فقط ويمشي معه ولو ذهبنا نضرب لذلك أمثلة لكثرت لكننا لا بأس أن نذكر بعض الأمثلة مثلاً بعض الناس إذا جاء والإمام راكع تجده يسرع لإدراك الركعة وهذا خلاف المشروع فإن الرسول عليه الصلاة يقول (لا تسرعوا) وقال لأبي بكرة (لا تعد) لمَّا أسرع ومن ذلك أيضاً أن بعض الناس في الطواف يبدؤون من قبل الحجر الأسود يقولون نفعل هذا احتياطاً ولكن الاحتياط حقيقة هو في اتباع السنة فالمشروع أن يبدؤوا من الحجر نفسه وأن ينتهوا أيضاً بالحجر نفسه والذي أدعو إليه إخواننا المسلمين أن يكونوا في هذا العمل وغيره متبعين للسنة بأن يتحروا البداءة من الحجر والانتهاء بالحجر ومن ذلك أيضاً أن بعض الناس عندما يتسحر في يوم الصيام يمسك عن الأكل والشرب قبل الفجر معتقداً أن ذلك واجب عليه حتى إن في بعض مذكرات المواقيت يُقولون وقت الإمساك وقت الفجر فيجعلون وقتين وقتاً للإمساك ووقتاً آخر للفجر وهذا أيضاً خلاف المشروع فإن الله تعالى يقول: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ) وقال النبي عليه الصلاة والسلام (كلوا وأشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) فلا وجه لكون الإنسان يحتاط فيمسك قبل طلوع الفجر وإنما السنة أن يكون كما أمر الله وكما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ولقد نبه النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن الاحتياط للعبادة بالإمساك قبل طلوع الفجر أمرُُُ ليس بمشروع ولا بمحبوب إلى الله عز وجل في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تَقَدّمَوا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) فهذه ثلاثة أمثله في الصلاة وفي الحج وفي الصيام.

    ***
    بارك الله فيكم يقول هذا السائل إذا وقع على ثوب الإحرام دم قليل أو كثير فهل يصلى فيه وعليه الدم وماذا يفعل المحرم وهو يؤدي مناسك الحج مثلاً في السعي أو في الطواف أو الرمي أفيدونا بذلك مأجورين؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الدم إذا كان طاهراً فإنه لا يضر إذا وقع على الإحرام أو غيره من الثياب والدم الطاهر من البهيمة هو الذي يبقى في اللحم والعروق بعد ذبحها كدم الكبد ودم القلب ودم الفخذ ونحو ذلك وأما إذا كان الدم نجساً فإنه يغسل سواءً في ثوب الإحرام أو غيره وذلك هو الدم المسفوح فلو ذبح شاةً مثلاً وأصابه من دمها فإنه يجب عليه أن يغسل هذا الذي أصابه سواءً وقع على ثوبه أو على ثوب الإحرام أو على بدنه إلا أن العلماء رحمهم الله قالوا يعفى عن الدم اليسير لمشقة التحرز منه وأما قوله وماذا على المحرم في الطواف والسعي فعليه ما ذكره العلماء من أنه يطوف بالبيت فيجعل البيت عن يساره ويبدأ بالحجر الأسود وينتهي بالحجر الأسود سبعة أشواطٍ لا تنقص وكذلك يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواطٍ لا تنقص يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة وما يفعله الحجاج معروفٌ في المناسك فليرجع إليه هذا السائل.

    ***
    جزاكم الله خيرا السائل الذي رمز لأسمه بـ م م ح المنطقة الشرقية يقول هل نقض الوضوء مثل خروج الريح أثناء الطواف يبطل الطواف ويلزمني الإحرام مرة ثانية وإن لم أتوضأ فهل علي ذنب وماذا أفعل؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: إذا انتقض وضوء الطائف في أثناء الطواف فإن طوافه يبطل عند جمهور العلماء كما لو أحدث في أثناء الصلاة فإن صلاته تبطل بالإجماع وعلى هذا فيجب عليه أن يخرج من الطواف ويتوضأ ثم يعيد الطواف من أوله لأن ما سبق الحدث بطل بالحدث ولا يلزمه أن يعيد الإحرام وإنما يعيد الطواف فقط وذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى أن الطائف إذا أحدث في طوافه أو طاف بغير وضوء فإن طوافه صحيح وعلى هذا فيستمر إذا أحدث في طوافه يستمر في الطواف ولا يلزمه أن يذهب فيتوضأ وعلل ذلك بأدلة من طالعها تبين له رجحان - قوله - رحمه الله ولكن إذا قلنا بهذا القول الذي اختاره شيخ الإسلام لقوة دليله ورجحانه فإنه إذا فرغ من طوافه لا يصلى ركعتي الطواف لأن ركعتي الطواف صلاة تشترط لها الطهارة بإجماع العلماء.

    ***
    المستمع يقول في السنة الماضية قمت بأداء فريضة الحج طلباً للمغفرة وأداء ركن من أركان الإسلام وعند طواف الوداع أحدثت أثناء الطواف وكنت أجهل بالحكم أي نقضت الوضوء ووصلت حتى نهاية الطواف وصليت بعدها ركعتين في المقام وجهلت الحكم أيضاً أو تجاهلت لكثرة الزحام ما هو الحكم في ذلك وماذا يجب أن أفعل وهل حجي مقبول أفيدونا أفادكم الله؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: أما حجك فإنه صحيح لأن طواف الوداع منفصل منه فهو واجب مستقل وعلى هذا فلا يكون في حجك نقص ولكن إحداثك في أثناء الطواف مبطل له على قول من يرى أنه تشترط الطهارة من الحدث للطواف وإذا كان مبطلاً له فإنك تعتبر غير طائف طواف الوداع. وطواف الوداع على القول الراجح من أقوال أهل العلم واجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به فقال (لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) وقال ابن عباس رضي الله عنهما (أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض) فقوله (خفف عن الحائض) يدل على أنه على غيرها واجب ولو كان غير واجب لكان مخففاً عنها وعن غيرها وقاعدة أهل العلم أو عامتهم على أن من ترك واجباً فعليه دم يذبحه في مكة ويوزعه على الفقراء والذي فهمته من كلام السائل حيث قال جهلت أو تجاهلت أن في مضيه في طوافه وصلاته الركعتين بعده وقد أحدث فيه تهاون، تهاون في هذا الأمر نرجو الله تعالى له العفو والمغفرة فعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى مما صنع وألا يعود بل إذا حصل له حدث في أثناء الطواف فليخرج وإن كان في ذلك مشقة عليه فليحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى.

    ***
    بارك الله فيكم فضيلة الشيخ إذا كان الإنسان معتمراً واغتسل ثم خرج من جرح فيه بعض الدم فهل يكمل عمرته وهل هذا الدم ينقض الوضوء؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الإنسان معتمراً وكان فيه جرح فخرج منه دم فإن ذلك لا يؤثر على عمرته شيئاً وكذلك لو كان حاجاً وكان فيه جرح فخرج منه دم فإن ذلك لا يؤثر في حجه شيئاً وكذلك لو جرح أثناء إحرامه فخرج منه دم فإن ذلك لا يؤثر في نسكه شيئاً وقد ثبت (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو محرم) ولم يؤثر ذلك على نسكه شيئاً وأما بالنسبة لنقض الوضوء مما خرج من الجرح من الدم فإننا نقول إنه لا ينقض الوضوء مهما كثر فالدم الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء ولو كثر وذلك لعدم الدليل الصحيح الصريح في نقض الوضوء بذلك وإذا لم يكن هناك دليل صحيح صريح في نقض الوضوء به فإن الأصل بقاء طهارته ولا يمكن أن نعدل عن هذا الأصل وننقض الطهارة إلا بشيء متيقن لأن القاعدة أن اليقين لا يزول بالشك وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن وجد في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيئاً أم لا؟ قال (لا يخرج يعني من المسجد وكذلك من صلاته حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) وذلك لأن هذا الشك الطارئ على يقين الطهارة لا يؤثر كذلك الحدث المشكوك في ثبوته شرعاً لا يؤثر على الطهر المتيقن وخلاصة القول أن الدم الخارج من الجرح في أثناء الإحرام بحج أو عمرة لا يؤثر وأن الدم الخارج من غير السبيلين من غير القبل أو الدبر لا ينقض سواء قل أم كثر وكذلك لا ينتقض الوضوء بالقيء أو بالصديد الخارج من الجروح أو غير ذلك لأن الخارج من البدن لا ينقض إلا ما كان من السبيلين أي من القبل أو من الدبر.

    ***
    يقول إذا كان الرجل في الطواف بالبيت العتيق في الشوط الثاني أو الثالث أو ما بعده وخرج من أنفه دم ثلاثة أو أربعة نقاط هل يمكن أن يتم الطواف أو يتوقف فيعيد الوضوء أفيدونا جزاكم الله خيرا؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: يمكنه أن يتم الطواف إذا خرج من أنفه نقطتان أو ثلاث أو أربع أو أكثر وذلك لأن الذي يخرج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء مهما كثر فالدم الخارج من الأنف وهو الرعاف لا ينقض الوضوء ولو كثر والدم الخارج من جرح سكين أو زجاجة أو حجر لا ينقض الوضوء ولو كثر والحجامة لا تنقض الوضوء ولو كثر الدم والقيء لا ينقض الوضوء فكل ما خرج من غير السبيلين فإنه ليس بناقضٍ للوضوء وذلك على القول الراجح وذلك لعدم الدليل على أنه ناقض ومن المعلوم أن المتوضئ قد أتم طهارته بمقتضى الدليل الشرعي فلا يمكن أن تنتقض هذه الطهارة إلا بدليلٍ الشرعي ولا يوجد في الكتاب ولا في السنة أن ما خرج من غير السبيلين يكون ناقضاً للوضوء ومثل ذلك لو حصل له هذا في الصلاة يعني لو كان الإنسان يصلى فأرعف أنفه فإنه يستمر في الصلاة إذا كان يمكنه إكمالها فإن لم يمكنه إكمالها لغزارة الدم وعدم تمكنه من الخشوع فليخرج منها ثم إذا انتهى الدم عاد فصلى يعني ابتدأ الصلاة من جديد.

    ***
    بارك الله فيكم مستمعة للبرنامج رمزت لاسمها بـ ع. ص. ج. الثقبة المملكة العربية السعودية تقول لقد حججت مع زوجي عام 1409هـ وبعد ما رمينا الجمرات يوم الثاني عشر توجهنا إلى مدينة جدة وفي اليوم التالي صلىنا الظهر ثم اتجهنا إلى مكة لكي نطوف طواف الوداع ومن ثمّ نتجه إلى مكان إقامتنا ولكن قبل أن نغادر جدة صافحني بعض الرجال الأجانب ولم أستطع أن أجدد وضوئي وطفت بالبيت طواف الوداع وأنا على هذه الحالة فما حكم طوافي هذا وماذا يترتب عليّ من ذلك وإن كان هناك من كفارة فهل يجوز لي أن أرسل بقيمتها إلى المجاهدين أم لا؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إن خروج هذه المرأة وزجها إلى جدة قبل طواف الوداع ينظر فيه فهل جدة هي مكان إقامتهم إن كانت جدة مكان إقامتهم فإن خروجهم من مكة إليها قبل طواف الوداع محرم ولا ينفعهم الرجوع بعد ذلك والطواف بل عليهم الفدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء على كل واحد منهم شاة تذبح في مكة وتوزع على الفقراء هذا إذا كانت جدة مكان إقامتهم أما إذا لم تكن مكان إقامتهم ولكنهم خرجوا إليها لحاجة على أن من نيتهم أن يعودوا إلى مكة ويطوفوا للوداع ويخرجوا إلى مكان إقامتهم فإنه لا شيء عليهم وأما ما ذكرت من أنها سلمت على بعض الرجال قبل الطواف ثم طافت بعد ذلك بدون وضوء فإن ذلك لا يضر بالنسبة للطواف لأن مس المرأة للرجل أو مس الرجل للمرأة لا ينقض الوضوء حتى وإن كان بشهوة على القول الراجح ولكنّ مصافحتها للرجال الأجانب حرام عليها ولا يحل لها أن تكشف وجهها ولا أن تسلم على الرجال الأجانب ولو كانت كفاها مستورتين بقفاز أو غيره والواجب عليها أن تتوب إلى الله مما صنعت من مصافحة الرجال الأجانب وألا تعود لمثل ذلك وهنا أنبه على مسألة خطيرة في هذا الباب وهي أن بعض الناس اعتادوا على أن يسلم أخو الزوج على زوجته أي على زوج أخيه أو يسلم على ابنة عمته مصافحة وهذه العادة عادة سيئة محرمة ولا يحل لامرأة أن تسلم على رجل ليس من محارمها أبداً ولو كان ابن عمها أو ابن خالها أو ابن عمتها أو ابن خالتها أو أخا زوجها أو زوج أختها كل هذا حرام ولا يجوز والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم قد يقول قائل أنا أسلم عليها وأنا برئ وأنا واثق من نفسي ألا تتحرك شهوتي وألا أتمتع بمسها فنقول له ولو كان الأمر كذلك لأن هذه المسألة حساسة جداً والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ولهذا جاء في الحديث (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) وما ظنك بأن الشيطان يكون ثالثهما كذلك إذا مس الرجل المرأة فإن الشيطان سوف يجعل في نفسه حركات

    وإن كان بعيداً منها لكن هو على خطر ولهذا أحذر من أن تصافح المرأة من ليس من محارمها قد يقول قائل أنا لو تجنبت هذا ومدت إليّ يدها فقلت هذا لا يجوز، لأثر ذلك على العلاقة بيني وبينها أو بيني وبين أبيها إن كانت بنت عمي أو بينها وبين أخي إن كانت زوجته أو ما أشبه ذلك فأقول له (أَتَخْشَوْنَهُم ْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) ولقد قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق (وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) وإذا كان أقاربك من أخ أو عم أو أي أحد يجدون في أنفسهم عليك إذا أنت فعلت الحق أو تجنبت الباطل فليكن ذلك فإنه لا إثم عليك وإنما الإثم عليهم الإثم عليهم من وجهين الوجه الأول أنهم وجدوا عليك في أنفسهم وهم من أقاربك، والوجه الثاني أنهم وجدوا عليك لأنك فعلت ما تقتضيه الشريعة وأي إنسان يكره شخصاً فعل ما تقتضيه الشريعة فهذا إنسان في قلبه مرض بل الذي ينبغي أن من فعل ما تقتضيه الشريعة ولا سيما مع مخالفة العادات الذي ينبغي أن يجّل هذا الرجل وأن يعظمه ويكرمه وأن يكون له في قلوبنا منزلة أرقى وأعلى من منزلته السابقة.

    ***
    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (5-9)

    فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (5-9)



    إدارة الملتقى الفقهي





    أحسن الله إليكم هذا السائل يقول رجل انتقض وضوؤه في الطواف هل يجب عليه أن يعيد الطواف من البداية أم يبدأ من الشوط الذي انتقض فيه الوضوء وهل هذا الحكم ينطبق على السعي بين الصفا والمروة؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أحدث الإنسان في أثناء الطواف فمن قال من العلماء إن الوضوء شرط لصحة الطواف قال يجب عليه أن ينصرف ويتوضأ ويعيد الطواف من أوله لأن الطواف بطل بالحدث ومن قال إنه لا يشترط الوضوء وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال إنه يستمر ويتم بقية الطواف ولو كان محدثاً لأنه ليس هناك دليل صريح صحيح في اشتراط الوضوء في الطواف وإذا لم يكن هناك دليل صحيح صريح فلا ينبغي أن نبطل عبادة شرع فيها الإنسان إلا بدليل شرعي ثم إننا في هذه العصور المتأخرة لو أوجبنا على هذا الذي أحدث أثناء الطواف في أيام المواسم وقلنا اذهب وتوضأ وارجع ثم ذهب وتوضأ ورجع وبدأ من الأول فانتقض وضوؤه مرة ثانية ثم قلنا له مرة ثانية اذهب وتوضأ فهذه المشقة لا يتصورها إلا من وقع فيها متى يخرج من صحن الطواف ثم متى يجد ماءاً يسيراً ويجد الحمامات كلها مملوءة ثم إذا رجع متى يصل وإلزام الناس بهذه المشقة الشديدة بغير دليل صحيح صريح يقابل الإنسانُ به ربه يوم القيامة ليس من التيسير الذي جاءت به الشريعة ولهذا نرى أن الإنسان إذا أحدث في طوافه لا سيما في هذه الأوقات الضنكة أنه يستمر في طوافه وطوافه صحيح وليس عند الإنسان دليل يلاقي به ربه وذلك بأن يشق على عباده في أمر ليس فيه دليلٌ واضح غاية ما هنالك (الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام) وهذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما ومعلوم أن الطواف يفارق الصلاة ليس في إباحة الكلام بل في أشياء كثيرة فالطواف ليس في أوله تكبير ولا في آخره تسليم ولا فيه قراءة قرآن واجبة ويجوز فيه الأكل والشرب وأشياء كثيرة يخالف فيها الصلاة.

    ***
    هذه سائلة من الرياض تقول في السؤال امرأة ذهبت لأداء العمرة في نهاية شهر رمضان وفي طريقها إلى مكة نزلت عليها قطرات من الدم فاعتقدت أنها استحاضة ولم تلتفت لذلك لأن دورتها جاءتها في بداية الشهر فكانت تتوضأ لكل فرض وتصلى بالمسجد الحرام وقد أدت العمرة كاملة وقد لاحظت أن هذه الاستحاضة استمرت لمدة ثمانية أيام وهي الآن لا تدري ما إذا كانت استحاضة أو دورة شهرية ماذا تفعل هل هي آثمة في دخولها المسجد الحرام وماذا عليها وما حكم عمرتها هل هي صحيحة مأجورين؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: القطرات لا تعتبر حيضاً لأن الحيض هو الدم السائل كما يدل على ذلك الاشتقاق لأن الحيض مأخوذ من قولهم حاض الوادي إذا سال وعلى هذا فعمرة هذه السائلة عمرةٌ صحيحة وبقاؤها في المسجد الحرام إذا كانت تأمن من نزول الدم إلى المسجد جائز لا إثم فيه وصلاتها صحيحة أيضاً.

    ***

    أحسن الله إليكم تذكر السائلة بأنها حجت وهي في السادسة عشرة من عمرها مع أحد محارمها وفي اليوم الثاني نزلت عليها الدورة ولم تخبر أحداً من محارمها خجلاً منها وأدت جميع المناسك فما الحكم في ذلك؟

    فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً أحذر إخواني المسلمين من التهاون بدينهم وعدم المبالاة فيه حيث إنهم يقعون في أشياء كثيرة مفسدة للعبادة ولا يسألون عنها ربما يبقى سنةً أو سنتين أو أكثر غير مبالٍ بها مع أنها من الأشياء الظاهرة لكن يمنعه التهاون أو الخجل أو ما شابه ذلك والواجب على من أراد أن يقوم بعبادة من صلاةٍ أو زكاةٍ أو صيامٍ أو حج أن يعرف أحكامها قبل حتى يعبد الله على بصيرة قال الله تبارك تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) قال البخاري رحمه الله باب العلم قبل القول والعمل ثم استدل بهذه الآية.

    ثانياً: بالنسبة للسؤال نقول هذه المرأة لا تزال محرمة لأنها لم تتحلل التحلل الثاني حيث طافت وهي حائض وطواف الحائض فاسد فهي لا تتحلل التحلل الثاني إلا إذا أتمت الطواف والسعي مع الرمي والتقصير وعليه فنقول يلزمها الآن أن تتجنب الزوج إن كانت متزوجة لأنها لم تتحلل التحلل الثاني وتذهب الآن إلى مكة فإذا وصلت الميقات أحرمت بعمرة ثم طافت وسعت وقصرت ثم طافت طواف الإفاضة الذي كان عليها فيما سبق وإن أحبت أن تحرم بعمرة فهذا أفضل المهم لا بد أن تذهب وتطوف لأن حجها لم يتم حتى الآن وأن لا يقربها زوجها إن كانت قد تزوجت فإن كانت قد عقدت النكاح في أثناء هذه المدة فللعلماء في صحة نكاحها قولان:

    القول الأول: أن النكاح فاسد ويلزم على هذا القول أن يعاد العقد من جديد.

    والقول الثاني: أن النكاح ليس بفاسد بل هو صحيح فإن احتاطت وأعادت العقد فهذا خير وإن لم تفعل فأرجو أن يكون النكاح صحيحاً.

    ***
    أحسن الله إليكم هذه السائلة أختكم في الله غادة ع س الجهني من المدينة تقول حجت والدتي قبل أربع سنوات ولكن قبل أدائها لفريضة الحج أي في يوم الخامس من ذي الحجة جاءتها العادة الشهرية وقد فكرت هذه الوالدة في تأجيل أداء الفريضة إلا أننا أصررنا على أن تؤديها لأننا كنا على أهبة الاستعداد حيث سمعنا بأنه يجوز للحائض أن تعتمر وتحج إلا أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر وبناء على ذلك اتجهنا إلى مكة المكرمة ولكن الوالدة ارتكبت العديد من المحظورات وهي جاهلة في ذلك فقد قامت بتمشيط شعرها ولا شك بأنه سوف يتساقط الشعر أثناء التمشيط كما أنها تنقبت عندما أرادت السلام على عمي وبعد ذلك قامت بأداء جميع الأركان والواجبات إلا أنها وعندما حان وقت طواف الإفاضة اغتسلت وطافت بالبيت على اعتقاد منها أنها قد طهرت إلا أنها اكتشفت بأنها لم تطهر حيث عاد نزول الدم مرة أخرى وعند ذلك تركت طواف الوداع حيث كانت تعتقد بأنه غير واجب عليها أفتونا مأجورين ماذا على الوالدة لأن الأهل سيسمعون هذه الإجابة وهل يجب عليها إعادة الحج جزاكم الله خيرا؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: كل ما فعلته والدة السائلة عن جهل من المحظورات فليس عليها إثم ولا فدية فمشط رأسها لا يضرها وانتقابها لا يضرها لأنها كانت في ذلك جاهلة وبقية أفعال الحج وهي حائض لا يضرها الحيض شيئا ولم يبقَ عندنا إلا طواف الإفاضة وقد طافت كما في السؤال قبل أن تطهر من الحيض وحينئذٍ يجب عليها الآن أن تسافر إلى مكة لأداء طواف الإفاضة ولا يحل لزوجها أن يقربها حتى تطوف طواف الإفاضة ولكن ينبغي أن تحرم بالعمرة من الميقات وتطوف وتسعى وتقصر للعمرة ثم بعد ذلك تطوف طواف الإفاضة وإنما قلنا ذلك لأنها مرت بالميقات وهي تريد أن تكمل الحج فالأفضل والأولى لها أن تحرم بالعمرة وتتم العمرة ثم تطوف طواف الإفاضة ثم ترجع إلى بلدها فإن رجعت من حين أن طافت طواف الإفاضة فهو كافٍ عن الوداع إلا إن بقيت بعده في مكة فلا تخرج حتى تطوف للوداع.

    ***
    هذه السائلة تقول فتاة ذهبت مع أهلها إلى مكة للعمرة وعندما وصلوا إلى الحرم أتتها الدورة فطافت وأكملت العمرة مع أهلها ولم تخبرهم لأنها خجلت من ذلك فماذا عليها؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليها شيء إذا كانت قد أحرمت من الميقات لأن هذا هو العمل الصحيح لكن إن كانت طافت وسعت قبل أن تغتسل فطوافها وسعيها غير صحيح أما الطواف فلأنها طافت على غير طهارة طافت على حيض وأما السعي فلأنه لا يصح السعي قبل الطواف في العمرة وعلى هذا فالواجب عليها إن كانت طافت وسعت قبل أن تغتسل الواجب عليها أن تذهب الآن إلى مكة لتطوف وتسعى وتقصر وأن تعتبر نفسها الآن في إحرام فلا يحل لها ما يحرم على المحرم من الطيب وغيره حتى تنهي عمرتها والذي يظهر لي من سؤالها أنها لم تغتسل لأنها مشت مع أهلها ولم تغتسل.

    ***
    تقول المستمعة إذا أحرمت المرأة للعمرة ثم أتتها العادة الشهرية قبل الطواف وبقيت في مكة ثم طهرت وأرادات أن تغتسل فهل تغتسل من مكة أم تذهب لتغتسل من التنعيم؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أحرمت المرأة بالعمرة وأتاها الحيض أو أحرمت بالعمرة وهي حائض فعلاً ثم طهرت فإنها تغتسل في مكان إقامتها في بيتها ثم تذهب وتطوف وتسعى وتؤدي عمرتها ولا حاجة إلى أن تخرج إلى التنعيم ولا إلى الميقات لأنها قد أحرمت من الميقات لكن بعض النساء إذا مرت بالميقات وهي حائض وهي تريد عمرة لا تحرم وتدخل مكة وإذا طهرت خرجت إلى التنعيم فأحرمت منه وهذا خطأ لأن الواجب على كل من مر بالميقات وهو يريد العمرة أو الحج أن يحرم منه حتى المرأة الحائض تحرم وتبقى على إحرامها حتى تطهر ويشكل على النساء في هذه المسألة أنهن يعتقدن أن المرأة إذا أحرمت بثوب لا تغيره وهذا خطأ لأن المرأة في الاحرام ليس لها لباس معين كالرجل. فالرجل لا يلبس القميص ولاالبرانس ولاالعمائم ولاالسراويل ولاالخفاف والمرأة يحل لها ذلك فتلبس ما شاءت من الثياب فإذا أحرمت بثوب غيرته إلى ثوب آخر فلا حرج لذلك نقول للمرأة أحرمي إذا مررت بالميقات وأنت تريدين العمرة أو الحج وإذا طهرت فاغتسلي ثم اذهبي إلى الطواف والسعي والتقصير وتغيير الثياب لا يضر ولا أثر له في هذا الأمر أبداً.

    ***
    هذا يسأل عن الطواف بعد انقطاع الحيض يقول في رسالته هذه ذهبت إلى الحج أنا وأختي وكان على أختي الحيض وعندما أتى يوم النحر انقطع الحيض وبذلك فقد اغتسلت وتطهرت بعد انقطاع الدم وتطهرت وتوضأت ثم طافت طواف الإفاضة وبعد طواف الإفاضة وجدت أثر نقط فسألنا بعض أهل العلم قالوا إن ذلك من أثر المشي والإرهاق وليس بدم حيض وإنما هو مخلفات فما رأي فضيلتكم في هذا الطواف هل هو صحيح وماذا نفعل إذا كان ذلك الطواف غير صحيح وما هو الحكم وفقكم الله؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الطواف المذكور صحيح مادامت قد رأت الطهر قبل أن تطوف وهذه النقط الأخيرة قد تكون حدثت بسبب الإرهاق والمشي أو بأسباب أخرى فالمهم أنه ما دامت المرأة عرفت الطهر ورأت القصة البيضاء ثم طافت بعد ذلك وبعد أن اغتسلت فإن طوافها صحيح ولا حرج عليها.

    ***
    هذه رسالة وردت من المرسلة م. د. ق من القصيم الرس تقول في رسالتها أما بعد أشكركم على هذا البرنامج كما أشكر جميع الشيوخ الذين يساهمون في الإجابة مع تمنياتنا لكم بالتوفيق والنجاح وهذه أسئلتي أنا فتاة أديت فريضة الحج هذه السنة والحمد لله وما يشغل بالي هو أنني في يوم النحر ذهبنا إلى رمي الجمار سيراً على الأقدام من منى إلى الجمار ومن الجمار إلى الحرم الشريف وكنت مرتدية جوارب بدون نعلين وأثناء سيرنا كانت الشوارع متسخة وفيها مياه ونحن لا نستطيع الابتعاد عن الأماكن المتسخة من شدة الزحام ولما وصلنا إلى الحرم دخلت الحرم والجوارب متبللة ولا أستطيع خلعها لأنها من لباس الإحرام فدخلت الحرم وطفت وسعيت وهي نجسة وأنا لا أدري هل حجي صحيح أرشدوني جزاكم الله خيراً؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: حجها صحيح والماء الذي تطأه بقدمها إذا لم تتيقن نجاسته فالأصل فيه الطهارة ولا فرق في هذا بين أن يكون الماء كما ذكرت السائلة مما يضطر الإنسان إلى خوضه أو في أماكن السعة فإن الماء الذي لا يعلم الإنسان نجاسته ولا يتيقنها حكمه أنه طاهر لا ينجس ثوبه ولا ينجس نعله ولا شيء أبداً وأما قولها أنها لم تخلعها لأنها من لباس الإحرام فلعلها تعتقد كما يعتقد كثير من الناس أن من أحرم بثوب لا يمكنه أن يخلعه وهذا ليس بصحيح فإن المحرم يجوز له أن يغير ثياب الإحرام سواء لحاجة أم لغير حاجة إذا غيرها إلى ما يجوز لبسه حال الإحرام وأما ما اشتهر عند العامة أنه لا يغيرها فهذا لا أصل له فلو أن هذه المرأة خلعت هذه الجوارب إذا كانت قلقة منها ثم لبست جوارب نظيفة لم يكن عليها في ذلك بأس.

    ***
    بارك الله فيكم هذه المستمعة أم أحمد ومقيمة بالرياض تقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ لقد أحرمت بالعمرة وأديت مناسكها غير أني طفت بالبيت الحرام أكثر من سبع مرات لأنني كنت مشغولة بالدعاء ولا أستطيع حفظ العدد فكنت أعد من الأول في كل مرة وتقريبا طفت أكثر من عشرين مرة وقلت في نفسي أطوف أكثر خيراً لي فهل هذا يجوز وهل عمرتي صحيحة أم غير صحيحة نرجوا التوضيح يا فضيلة الشيخ؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الأولى بالمسلم و الأجدر به أن يكون مهتماً بعبادته وأن يكون حاضر القلب فيها حتى لا يزيد فيها ولا ينقص ومن المعلوم أن المشروع في الطواف أن يكون سبعة أشواط فقط بدون زيادة ولا تنبغي الزيادة على سبعة أشواط ولكن إن شك هل أتم سبعة أو ستة ولم يترجح عنده أنها سبعة فإنه يأتي بواحد أي بشوط واحد يكمل به الستة ولا ينبغي أن يزيد عن العدد الذي شرعه الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بل شرعه الله في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكون الإنسان يشتغل بالذكر والدعاء في الطواف لا يمنع أبداً أن يكون حاضر القلب في عدد الطواف أي عدد أشواطه لكن لو فرض أن الإنسان زاد على سبعة أشواط فإن طوافه لا يبطل لانفصال كل شوط عن الأخر بخلاف الصلاة فإنه لو صلى الرباعية خمسا لم تصح صلاته لأنها جزء واحد فإنه من حين أن يكبر يدخل في الصلاة إلى أن يسلم أما الطواف فإن كل شوط مستقل بنفسه وإن كان سبعة أشواط متوالية لكن إذا زاد ثمانية أو تسعة أو عشرة فإن ذلك لا يبطل الطواف.

    ***
    أحسن الله إليكم هذا السائل م. أ. ع. مصري يعمل بأبها في سؤاله يقول أديت فريضة الحج في عام مضى ولكن حينما دخلنا الحرم بقصد الطواف والسعي بالعمرة وكان معنا أحد إخواننا ممن سبقونا بأداء الفريضة وبعد أن بدأنا بالطواف وطفنا أربعة أشواط أعترض طريقنا وقال يكفي هذا الطواف فقلت له الذي أعرف أن الطواف سبعة أشواط قال الطواف حول الكعبة أربعة أشواط والباقي في المسعى وفعلاً اتجهنا إلى المسعى وسعينا سبعة أشواط وأكملنا بقية مناسك الحج فما الحكم في عملنا هذا وهل يلزمنا شيء لتصحيحه الآن؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الفتوى التي أفتاكم بها هذا الرجل فتوى غلط وخطأ وهو بهذا آثم لأنه قال على الله ما لا يعلم ولا أدري كيف يتجرأ هذا على مثل هذه الفتيا بدون علم ولا برهان فعليه أن يتوب إلى الله من هذا الأمر وأن لا يفتي إلا عن علم إما بإدراكه لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إن كان أهلاً لذلك وإما بتقليده من يثق به من العلماء وأما الفتوى هكذا فلا ينبغي بل لا يجوز أن يفتي بغير علم لقوله تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) وقال سبحانه (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) وما أكثر الذين يخطئون في فتوى ولا سيما في الحج ولكن عليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل وألا يتجرأوا على الفتوى إلا بعلم لأن المفتي يعبر عن حكم الله عز وجل ويوقع عن الله ويفتي في دينه فعليه أن يتقي الله تعالى في نفسه وفي عباد الله وفي دين الله تبارك وتعالى وينبغي لكم أنتم حين قال لكم إن أربعة أشواط تكفي أن لا تعتدوا بقوله وقد كان عندكم شبهة لأنه لابد من سبعة أشواط ولو أنكم سألتم في ذلك الوقت لأُجِبْتُم بالصواب ولكن مع الأسف أن كثيراً من الناس يتهاون في هذه الأمور ثم إذا مضى الوقت وانفلت الأمر جاء يسأل وأما الجواب عن مسألتكم هذه فإن عمرتكم لم تصح لأنكم لم تكملوا الواجب في طوافها فيكون حلكم منها في غير محله وإحرامكم للحج يكون إحرام بحج قبل تمام العمرة وتكونون في هذا الحال قارنين بمعنى أن حكمكم حكم القارن لأنكم أدخلتم الحج على العمرة وإن كان إدخالكم هذا بعد السعي في الطواف لكن هذا الطواف لم يكن صحيحاً حينما قطعتموه قبل إكماله فيكون حجكم الآن حج قران بعد أن أردتم التمتع ويكون الهدي الذي ذبحتموه هدي عن القران لا عن التمتع ويكون عملكم هذا مجزئاً ومؤدياً للفريضة فريضة الحج وفريضة العمرة وأما ما فعلتموه بعد التحلل من العمرة فإنه لا شيء عليكم فيه لأنكم فعلتموه عن جهل والجاهل لا شيء عليه إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام لقوله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ولقوله (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) إلا أنني ألومكم حيث قصرتم في عدم السؤال في حينه ولو أنكم سألتم حين أنهيتم عناء العمرة حتى يتبين لكان هذا هو الأوجب عليكم.

    فضيلة الشيخ: إذن حجهم صحيح ولكنه بدل أن كان يقصدون به التمتع أصبح قراناً؟

    فأجاب رحمه الله تعالى: نعم

    ***
    بارك الله فيكم فضيلة الشيخ إذا طاف الإنسان أربعة أشواط ثم قطع الطواف من أجل الصلاة والزحام ثم أتمه بعد ذلك بعد خمس وعشرين دقيقة من الفصل فما حكم هذا الطواف؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الطواف قد انقطع بطول الفصل بين أجزائه لأنه إذا قطعه لأجل الصلاة فإن المدة ستكون قليلة الصلاة لا تستغرق إلا عشر دقائق أو ربع ساعة أو نحو ذلك أما خمس وعشرون دقيقة فهذا فصل كثير يبطل بناء الأشواط بعضها على بعض وعلى هذا فليعد طوافه حتى يكون صحيحا لأن الطواف عبادة واحدة فلا يمكن أن تفرق أجزاءً وأشلاءً ينفصل بعضها عن بعض بمقدار خمس وعشرين دقيقة أو أكثر فالمولاة بين أشواط الطواف شرط لابد منه لكن رخص بعض العلماء بمثل صلاة الجنازة وصلاة الفريضة أوالتعب ثم يستريح قليلا ثم يواصل وما أشبه ذلك.

    ***
    سائلة رمزت لاسمها بـ ر. ي. القصيم بريدة تقول فضيلة الشيخ قمت بأداء العمرة مع أهلي وأنا مصابة في ألمٍ بالساق نتيجة كسرٍ بسيط والحمد لله ولكن الآلام تعاودني مع كثرة المشي وسؤالي هنا يا فضيلة الشيخ هو أنني أثناء الطواف بدأت أطوف وأجلس قليلاً لأستريح وأريح قدمي المريضة وهكذا ولكن الألم اشتد علي حتى جعلني أترك الشوط الأخير ماذا علي الآن وما الحكم إذا كان والدي قد طاف عني في الشوط الأخير وفي نفس الوقت؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الطواف الذي وقع من هذه المرأة لم يصح وإذا لم يصح الطواف لم يصح السعي وعلى هذا فهي لا تزال الآن في عمرتها يجب عليها الآن أن تتجنب جميع محظورات الإحرام ومنه معاشرة الزوج إن كان لها زوج ثم تذهب إلى مكة وهي على إحرامها وتطوف وتسعى وتقصر من أجل أن تكمل العمرة إلا إذا كانت قد اشترطت عند ابتداء الإحرام إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فإنها قد تحللت الآن ولكن ليس لها عمرة لأنها تحللت منها وإنني بهذه المناسبة أنصح إخواني المسلمين من التهاون في هذه الأمور فإن من الناس الآن من يسأل عن حجٍ أو عمرة لها سنوات أخل فيها بركن وجاء يسأل سبحان الله إن الإنسان لو ضاع له شاة لم يبت ليلته حتى يجدها فكيف بمسائل الدين والعلم فأقول إن الإنسان يجب عليه

    أولاً: أن يعلم قبل أن يعمل.

    ثانياً: إذا قدر أنه لم يتعلم وحصل الخلل فالواجب المبادرة لكن بعض الناس يظن أن ما فعله صواب فلا يسأل عنه ولكن هذا ليس بعذر لماذا ليس بعذر؟ لأنه إذا فعل ما يخالف الناس فلا بد أن يسأل إذ أن الأصل أن مخالفة الناس خطأ فلو قدر مثلاً أن إنساناً سعى وبدأ بالمروة وختم بالصفا هذا خالف الناس وإذا خالف الناس فلا بد أن يسأل ما يسكت حتى يأتي لها ذكر لا بد أن يسأل فهو غير معذورٍ في الواقع ما دام فعل ما يخالف الناس ليس معذوراً بتأخير السؤال فعلى المرء أن يسأل ويبادر بالسؤال أحياناً لا يسأل ثم تتزوج المرأة أو الرجل وهو على إحرامه وحينئذٍ نقول لا يصح النكاح لا بد من إعادته فهذه المرأة لو فرضنا أنها تزوجت بعد أداء العمرة فالنكاح غير صحيح يجب أن تذهب وتكمل عمرتها ثم تعود وتجدد العقد لأنها تزوجت وهي على إحرامها فالمسألة خطيرة خطيرة خطيرة.

    ***
    أيضاً يقول قدمنا للحج ولما دخلنا السعي وجدنا الزحام ولم نستطع إكماله إلا شوطاً واحداً ثم خرجنا خوفاً على أنفسنا وأطفالنا الذين معنا وبعد مضي ساعة تقريباً صعدنا إلى الدور الثاني وأكملنا السعي مبتدئين من الشوط الثاني فهل يجوز هذا أم لا نرجو منكم إفتاءنا؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الأفضل لو أعدتم الشوط الأول حتى تكون الأشواط متوالية ولكن الأمر قد وقع وفات فليس عليكم شي لكن إعادة الأشواط السابقة أولى وأحسن لمن وقع منه مثل هذا الأمر وذلك خروجاً من خلاف من يرى أن المولاة في السعي شرط وليست بسنة.

    ***
    جزاك الله خيراً امرأة بدأت الطواف أثناء العمرة فنقص شوط كامل من الأشواط السبعة جهلا منها بعد أن ضاع وليها ماذا عليها؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: عليها إن وجدت وليها بعد مدة يسيرة أن تأتي بما نقص من أشواط واحدٍ كان أو أكثر وأما إذا لم تجده إلا بعد مدة تتقطع بها المولاة فإن عليها أن تعيد الطواف من جديد لأن الطواف عبادة واحدة لا بد أن يكون متواليا ولا يسمح بقطعه إلا إذا أقيمت الصلاة المفروضة أو حضرت جنازة أو تعب فاستراح قليلا ثم استأنف وأكمل.

    ***
    السؤال التالي أثناء طوافي للعمرة أو الحج حان وقت صلاة الظهر أو العصر أو أي فريضة أخرى فهل يصلى ثم يكمل بقية أشواط الطواف أم يصلى ويبدأ الطواف من جديد أم يكمل الطواف ثم يصلى متأخراً؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أقيمت الصلاة وأنت تطوف سواء طواف عمرة أو طواف حج أو طواف تطوع فإنك تنصرف من طوافك وتصلى ثم ترجع وتكمل الطواف ولا تستأنفه من جديد وتكمل الطواف من الموقع الذي انتهيت إليه من قبل ولا حاجة إلى إعادة الشوط من جديد لأن ما سبق بني على أساس صحيح وبمقتضى إذن شرعي فلا يمكن أن يكون باطلاً.

    ***
    يقول أيضاً هل يجوز للحاج وهو يسعى أن يجلس أو يقف ليستريح ثم يواصل ويجلس وهكذا؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز له هذا وقد ذكر أهل العلم أن الموالاة بين أشواطٍ السعي سنة وليست بشرط وعلى هذا فله أن يستريح ولو طال الزمن ثم يبتدئ السعي ولكن كلما كانت الأشواط متوالية فهو أفضل بحسب ما يستطيع.

    يافضيلة الشيخ: لكن طول هذا الزمن هل يباح له أن يخرج من المسعى؟

    فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يُباح له أن يخرج من السعي يعني يذهب يقضي حاجته أو يشرب وما أشبه ذلك.

    ***
    هذه الرسالة وردتنا كما قلنا من عبد الله عبد العزيز من المنطقة الشرقية يقول هل يجوز للحاج أن يسعى ماشياً بعض الأشواط وراكباً في بعضها الآخر إذا كان يتعب من السير المتواصل؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز ولا حرج عليه في ذلك والدليل على هذا (أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لأم سلمة أن تطوف وهي راكبة حيث اشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها طوفي من وراء الناس وأنت راكبة).

    ***
    سؤال يقول هل هناك دعاءٌ خاصٌ في الطواف أو السعي للحج أو للعمرة وهل يجوز أن يقرأ القرآن فيهما؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: ليس هناك دعاءٌ خاص للحج والعمرة وليقل الإنسان ما شاء من دعاء ولكن إذا أخذ بما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام فهو أكمل مثل الدعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) وكذلك ما ورد من الدعاء في يوم عرفة وما ورد من الذكر على الصفا والمروة وما أشبه ذلك فالشيء الذي يعلمه ينبغي أن يقوله والشيء الذي لا يعلمه يكفي عنه ما كان في ذهنه مما يعلمه وهذا ليس على سبيل الوجوب أيضاً بل هو على سبيل الاستحباب والمهم أنه ليس للحج ولا للعمرة دعاءٌ معينٌ لا بد منه بل الأمر كله فيه على سبيل الفضيلة وبهذه المناسبة أود أن أقول إن ما يكتب في هذه المناسك الصغيرة التي تقع في أيدي الحجاج والعمار من الأدعية المخصصة لكل شوط أقول إن هذا من البدع التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أيضاً من المفاسد ما هو معلوم فإن هؤلاء الذين يقرؤون هذه الأدعية يظنون أنها أمرٌ وارد عن النبي عليه الصلاة والسلام ثم يعتقدون التعبد بتلك الألفاظ المعينة ثم إنهم يقرؤونها وقد لا يعلمون معناها والمراد بها ثم إنهم يخصونها بالدعاء بكل شوط فإذا انتهى الدعاء قبل تمام الشوط كما يكون في الزحام سكتوا في بقية الشوط وإذا انتهى الشوط قبل تمام هذا الدعاء قطعوه وتركوه حتى لو أنه قد وقف على قوله اللهم ولم يأتِ بما يريد قطعه وتركه وكل هذا من الخطأ من الأضرار التي تترتب على هذه البدعة وكذلك أيضاً ما يوجد في هذه المناسك من الدعاء في مقام إبراهيم فإن هذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه دعا عند مقام إبراهيم وإنما قرأ حين أقبل عليه (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) وصلى خلفه ركعتين وأما هذا الدعاء الذي يدعون به ويشوشون به على المصلىن عند المقام فإنه منكر من جهتين:

    الجهة الأولى: أنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام فإنه بدعة.

    الجهة الثانية: أنهم يؤذون به هؤلاء المصلىن الذين يصلون خلف المقام والمهم أن غالب ما يوجد في هذه المناسك غالبه مبتدع إما في كيفيته وإما في وقته وإما في موضعه.

    ***
    بالنسبة للركن اليماني كثير من الناس وخاصةً أيام الزحام لا يستطيعون مسه فيكبرون إذا حاذوه فما حكم هذا التكبير وما حكم الإشارة إليه ؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: هذا التكبير لا أعلم له أصلاً ولا أعلم للإشارة أصلاً أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا لم يعلم لذلك أصل لا للإشارة ولا للتكبير فإن الأولى ألا يكبر الإنسان ولا يشير وأما الحجر الأسود فقد ثبت فيه التكبير والإشارة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبما أننا في الطواف فإن من البدع أيضاً ما يوجد في هذه الكتيبات التي تجعل لكل شوطٍ دعاءً خاصاً فإن هذا ليس وارداً عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا ينبغي للمسلم التزامه ولا العمل به أيضاً لأن كل شيء لم يرد عن الرسول عليه الصلاة والسلام مما يتعبد لله به فإنه بدعة ينهى عنه وهو كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام (كل بدعة ضلالة) ولو أن الإنسان اتخذ دعاءً عاماً مما وردت به السنة غير مخصص بكل شوط لقلنا إن هذا لا بأس به بشرط ألا يعتقد مشروعيته في الطواف ولو أن الإنسان دعا لنفسه بما يريد وذكر الله تعالى بما يستحضر من الأذكار المشروعة لكان هذا أولى فالوجوه إذن ثلاثة:

    تارة: يذكر الإنسان ربه بما تيسر ويدعوه بما يحب فهذا خير الأقسام.

    وتارة: يذكر الله تعالى بما ورد ويدعوه بما ورد غير مقيد بشوط معين فهذا لا بأس به إذا لم يعتقد الإنسان أنه سنة في الطواف.

    والقسم الثالث: أن يدعو الله سبحانه وتعالى في كل شوط بدعاء مخصص له فهذا بدعة ولا ينبغي للإنسان أن يتخذه ديناً يتقرب به إلى الله عز وجل وهذه الطريقة يحصل بها في الحقيقة مفسدة من الناحية العملية غير الناحية الاعتقادية هي أن كثيراً ممن يتلون هذا الدعاء لا يفهمون معناه ولا يدرون ما يقولون ولهذا نسمعهم أحياناً يأتون بالعبارة على وجه تكون دعاء عليهم لا دعاء لهم لأنهم لا يفهمون ولا يعرفون ما يقولون وأحياناً يكونون غير عرب فلا يعرفون الحروف العربية فيكسرونها ويغيرون معناها ولهذا لو أن علماء المسلمين وجهوا المسلمين إلى الطريق السليم وقالوا إن الطواف لا حاجة إلى أن تدعو فيه بهذه الأدعية التي ليست من الكتاب ولا من السنة وإنما تدعون الله تعالى بما تُحُبون لأن لكل إنسان رغبة خاصة ومطلب خاص يسأله ربه لكان هذا أولى وأحسن وأسلم أيضاً من هذا التشويش الذي يحصل برفع الأصوات وقد خرج النبي عليه الصلاة والسلام على أصحابه وهم يصلون ويجهرون فقال صلى الله عليه وسلم (كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة أو قال في القرآن) والحديث رواه مالك في الموطأ وهو صحيح كما قاله ابن عبد البر وعلى هذه فنسلم إذا تجنبنا هذه البدع التي عليها كثير من الحجاج اليوم نسلم من التشويش ويكون الطواف هادئاً ويكون الإنسان خاشعاً وكل إنسان يدعو ربه بما يريد وأسال الله تعالى أن يحقق ذلك للأمة الإسلامية.

    ***
    سائل يقول ما حكم من حج ولم يأتِ بركعتي الطواف؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الصحيح أن ركعتي الطواف ليست ركناً من أركان الحج ولا العمرة وإنما هي من الأمور التي أمر بها فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى من طوافه تقدَّم إلى مقام إبراهيم فقرأ (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) والذي نرى أن من حج ولم يأت بهما فإن حجه تام بمعنى أنه لا يجب عليه إعادته ولا يجب عليه في ذلك دم والله أعلم.

    ***
    هذه رسالة وردتنا من عبد الله العبد الله القصيم بريدة يقول نرى في الأعوام الماضية بعض الحجاج يتحدثون في المسعى وهم يسعون وبعضهم مثلاً يضحك أو يُصَوِّت للآخر فما حكم مثل هذا العمل في المسعى؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: السعي من شعائر الحج لقول الله تعالى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) فهو من شعائر الله المشروعة في الحج والعمرة وهو عبادة من العبادات واللائق بالمسلم إذا كان في عبادة أن يكون وقوراً وأن يكون خاشعاً لله سبحانه وتعالى مستحضراً عظمة من يتعبد له ومستحضراً بذلك الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) فكون الإنسان يعبث ويضحك ويمرح ويُصِّوت هذا وإن كان لا يبطل سعيه لكنه يُنَقُصُه نقصاً بالغاً وربما يصل إلى درجةِ الإبطال إذا فعل ذلك استخفافاً بهذا المشعر أو بهذه الشعيرة فإنها قد تبطل هذه العبادة ولهذا يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير) فالمهم أن الكلام لا يُبطل السعي ولكن لا ينبغي للإنسان أن يتكلم إلا بخير في الطواف.

    يافضيلة الشيخ: طيب أيهما أشد الكلام في السعي أم الكلام في الطواف؟

    فأجاب رحمه الله تعالى: الكلام في الطواف أشد لأن الطواف أخص من السعي لأن الطواف مشروع في كل وقت والطهارة فيه واجبة أو شرط على قول جمهور العلماء وأما السعي فإنما يشرع في العمرة أو في الحج فقط فلا يكرر والطهارة ليست شرط فيه ولا واجبة.

    يافضيلة الشيخ: نرى الآن حول الكعبة أناس يُطوفون فإذا التقى الآخر بالآخر سلم عليه وهذا قد يدخل في المباح الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم لكن يواصلون الحديث ويتشعب الحديث و يشتغلون في أمور الدنيا؟

    فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا ينبغي أما السلام ورده فلا بأس به لأنه من الخير فلا بأس به لكن كونهم يسترسلون في هذا الأمر ثم إن كان الأمر توسع حتى حصل بيع وشراء كان ذلك محرماً لأن البيع والشراء في المساجد محرم لا سيما في أفضل المساجد وهو بيت الله الحرام.

    ***
    تقول السائلة أريد أن أعرف حكم السعي يعني بين الصفا والمروة هل يعتبر السعي من الصفا إلى المروة شوط ومن المروة إلى الصفا شوط أم شوطين أفيدونا وفقكم الله وقد كنا نجعل الذهاب من الصفا إلى المروة والعكس شوطاً واحداً ونحن نجهل ذلك وفقكم الله؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: أما عملكم هذا فهو خلاف المشروع لكن نظراً لجهلكم يجزئكم ويكون السعي المشروع الذي تثابون عليه هو سبعة الأشواط الأولى فقط التي هي في حسابكم ثلاثة أشواطٍ ونصف والسعي بين الصفا والمروة من الصفا إلى المروة شوط والرجوع من المروة إلى الصفا هو الشوط الثاني وهكذا حتى تتم الأشواط السبعة ويكون الانتهاء بالمروة لا بالصفا وهذا هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأجمع المسلمون عليه ولم يقل أحدٌ بخلافه إلا قولاً يكون وهماً من قائله.

    ***
    بارك الله فيكم فضيلة الشيخ السائل يقول أثناء تأديتي للعمرة أديت السعي بالزيادة لأنني كنت أظن أن السعي من الصفا إلى الصفا واحدة وليس مرتين فأرجو منكم الإفادة حول هذا؟
    فأجاب رحمه الله تعالى: الإفادة حول هذا أن سبعة من هذه الأشواط هي الصحيحة والموافقة للشرع والسبعة الباقية فعلتها عن اجتهاد ونرجو الله تعالى أن تثاب عليها لكنها ليست مشروعة فالسعي من الصفا للمروة الشوط والرجوع من المروة إلى الصفا شوط آخر على هذا فيكون ابتداؤك من الصفا وانتهاؤك بالمروة.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •