قال أبو نعيم في كتابه : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (7/82) :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا مُبَارَكٌ أَبُو حَمَّادٍ،
مَوْلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَامٍ قَالَ:
سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ فِيمَا أَوْصَى بِهِ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ السُّلَمِيَّ:
" عَلَيْكَ بِالصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا , وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ وَالْخِيَانَةَ وَمُجَالَسَةَ أَصْحَابِهَا , فَإِنَّهَا وِزْرٌ كُلُّهُ , وَإِيَّاكَ يَا أَخِي وَالرِّيَاءَ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ , فَإِنَّهُ شِرْكٌ بِعَيْنِهِ , وَإِيَّاكَ وَالْعُجْبَ , فَإِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لَا يُرْفَعُ وَفِيهِ عُجْبٌ , وَلَا تَأْخُذَنَّ دِينَكَ إِلَّا مِمَّنْ هُوَ مُشْفِقٌ عَلَى دِينِهِ , فَإِنَّ مَثَلَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُشْفِقٍ عَلَى دِينِهِ كَمَثَلِ طَبِيبٍ بِهِ دَاءٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعَالِجَ دَاءَ نَفْسِهِ وَيَنْصَحَ لِنَفْسِهِ , كَيْفَ يُعَالِجُ دَاءَ النَّاسِ وَيَنْصَحُ لَهُمْ؟ فَهَذَا الَّذِي لَا يُشْفِقُ عَلَى دِينِهِ كَيْفَ يُشْفِقُ عَلَى دِينِكَ؟ وَيَا أَخِي , إِنَّمَا دِينُكَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ , ابْكِ عَلَى نَفْسِكَ وَارْحَمْهَا , فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَرْحَمْهَا لَمْ تُرْحَمْ , وَلْيَكُنْ جَلِيسَكَ مَنْ يُزَهِّدُكَ فِي الدُّنْيَا , وَيُرَغِّبُكَ فِي الْآخِرَةِ , وَإِيَّاكَ وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ الدُّنْيَا الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي حَدِيثِ الدُّنْيَا , فَإِنَّهُمْ يُفْسِدُونَ عَلَيْكَ دِينَكَ وَقَلْبَكَ , وَأَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ , وَأَكْثَرِ الِاسْتِغْفَارَ مِمَّا قَدْ سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِكَ , وَسَلِ اللهَ السَّلَامَةَ لِمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِكَ , ثُمَّ عَلَيْكَ يَا أَخِي بِأَدَبٍ حَسَنٍ , وَخُلُقٍ حَسَنٍ , وَلَا تُخَالِفَنَّ الْجَمَاعَةَ , فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهَا إِلَّا مَنْ هُوَ مُكِبٌّ عَلَى الدُّنْيَا , كَالَّذِي يَعْمُرُ بَيْتًا , وَيُخَرِّبُ آخَرَ , وَانْصَحْ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ إِذَا سَأَلَكَ فِي أَمْرِ دِينِهِ , وَلَا تَكْتُمَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّصِيحَةِ شَيْئًا إِذَا شَاوَرَكَ فِيمَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًى , وَإِيَّاكَ أَنْ تَخُونَ مُؤْمِنًا , فَمَنْ خَانَ مُؤْمِنًا فَقَدْ خَانَ اللهَ وَرَسُولَهُ , وَإِذَا أَحْبَبْتَ أَخَاكَ فِي اللهِ فَابْذُلْ لَهُ نَفْسَكَ وَمَالَكَ , وَإِيَّاكَ وَالْخُصُومَاتِ وَالْجِدَالَ وَالْمِرَاءَ , فَإِنَّكَ تَصِيرُ ظَلُومًا خَوَّانًا أَثِيمًا , وَعَلَيْكَ بِالصَّبِرِ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا , فَإِنَّ الصَّبْرَ يَجُرُّ إِلَى الْبِرِّ , وَالْبِرُّ يَجُرُّ إِلَى الْجَنَّةِ , وَإِيَّاكَ وَالْحِدَّةَ وَالْغَضَبَ , فَإِنَّهُمَا يَجُرَّانِ إِلَى الْفُجُورِ , وَالْفُجُورُ يَجُرُّ إِلَى النَّارِ , وَلَا تُمَارِيَنَّ عَالِمًا فَيَمْقَتَكَ , وَإِنَّ الِاخْتِلَافَ إِلَى الْعُلَمَاءِ رَحْمَةٌ , وَالِانْقِطَاعَ عَنْهُمْ سَخَطُ الرَّحْمَنِ , وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ خُزَّانُ الْأَنْبِيَاءِ , وَأَصْحَابُ مَوَارِيثِهِمْ , وَعَلَيْكَ بِالزُّهْدِ يُبَصِّرْكَ اللهُ عَوْرَاتِ الدُّنْيَا , وَعَلَيْكَ بِالْوَرَعِ يُخَفِّفِ اللهُ حِسَابَكَ , وَدَعْ كَثِيرًا مِمَّا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ تَكُنْ سَلِيمًا , وَادْفَعِ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ يسَلَمْ لَكَ دِينُكَ , وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ , وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ تَكُنْ حَبِيبَ اللهِ , وَابْغَضِ الْفَاسِقِينَ تَطْرُدُ بِهِ الشَّيَاطِينَ , وَأَقِلَّ الْفَرَحَ وَالضَّحِكَ بِمَا تُصِيبُ مِنَ الدُّنْيَا تَزْدَدْ قُوَّةً عِنْدَ اللهِ , وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ يَكْفِكَ اللهُ أَمْرَ دُنْيَاكَ , وَأَحْسِنْ سَرِيرَتَكَ يُحْسِنِ اللهُ عَلَانِيَتَكَ , وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ تَكُنْ مِنْ أَهْلِ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى , وَلَا تَكُنْ غَافِلًا , فَإِنَّهُ لَيْسَ يُغْفَلُ عَنْكَ , وَإِنَّ لِلَّهِ عَلَيْكَ حُقُوقًا وَشُرُوطًا كَثِيرَةً , وَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُؤَدِّيَهَا , وَلَا تَكُونَنَّ غَافِلًا عَنْهَا , فَإِنَّهُ لَيْسَ يَغْفُلُ عَنْكَ , وَأَنْتَ مُحَاسَبٌ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَإِذَا أَرَدْتَ أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَعَلَيْكَ بِالتُّؤَدَةِ , فَإِنْ رَأَيْتَهُ مُوَافِقًا لِأَمْرِ آخِرَتِكَ فَخُذْهُ , وَإِلَّا فَقِفْ عَنْهُ حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى مَنْ أَخَذَهُ كَيْفَ عَمَلُهُ فِيهَا؟ وَكَيْفَ نَجَا مِنْهَا , وَاسْأَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ , وَإِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ فَشَمِّرْ إِلَيْهَا , وَأَسْرِعْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهَا وَبَيْنَكَ الشَّيْطَانُ , وَلَا تَكُونَنَّ أَكُولًا لَا تَعْمَلُ بِقَدْرِ مَا تَأْكُلُ , فَإِنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ , وَلَا تَأْكُلْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ , وَلَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ , وَلَا تَحْشُوَنَّ بَطْنَكَ فَتَقَعَ جِيفَةً , لَا تَذْكُرِ اللهَ , وَأَكْثِرْ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ , فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يَجِدُ الْمُؤْمِنُ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْهَمُّ وَالْحَزَنُ , وَإِيَّاكَ وَالطَّمَعَ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ , فَإِنَّ الطَّمَعَ هَلَاكُ الدِّينِ , وَإِيَّاكَ وَالرَّغْبَةَ , فَإِنَّ الرَّغْبَةَ تُقَسِّي الْقَلْبَ , وَإِيَّاكَ وَالْحِرْصَ عَلَى الدُّنْيَا , فَإِنَّ الْحِرْصَ مِمَّا يَفْضَحُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَكُنْ طَاهِرَ الْقَلْبِ , نَقِيَّ الْجَسَدِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا , نَقِيَّ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمَظَالِمِ , سَلِيمَ الْقَلْبِ مِنَ الْغِشِّ وَالْمَكْرِ وَالْخِيَانَةِ , خَالِيَ الْبَطْنِ مِنَ الْحَرَامِ , فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ , كُفَّ بَصَرَكَ عَنِ النَّاسِ , وَلَا تَمْشِيَنَّ بِغَيْرِ حَاجَةٍ , وَلَا تَكَلَّمَنَّ بِغَيْرِ حُكْمٍ , وَلَا تَبْطِشْ بِيَدِكَ إِلَى مَا لَيْسَ لَكَ , وَكُنْ خَائِفًا حَزِينًا لِمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِكَ , لَا تَدْرِي مَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ أَمْرِ دِينِكَ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَلِيَ نَفْسُكَ مِنَ الْأَمَانَةِ شَيْئًا , وَكَيْفَ تَلِيهَا وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ ظَلُومًا جَهُولًا؟ أَبُوكَ آدَمُ لَمْ يَبْقَ فِيهَا وَلَمْ يَسْتَكْمِلْ يَوْمَ حَمْلِهَا حَتَّى وَقَعَ فِي الْخَطِيئَةِ , أَقِلِ الْعَثْرَةَ , وَاقْبَلِ الْمَعْذِرَةَ , وَاغْفِرِ الذَّنْبَ , كُنْ مِمَّنْ يُرْجَى خَيْرُهُ , وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ , لَا تَبْغَضَ أَحَدًا مِمَّنْ يُطِيعُ اللهَ , كُنْ رَحِيمًا لِلْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ , وَلَا تَقْطَعْ رَحِمَكَ , وَصِلْ مَنْ قَطَعَكَ , وَصِلْ رَحِمَكَ وَإِنْ قَطَعَكَ , وَتَجَاوَزْ عَمَّنْ ظَلَمَكَ تَكُنْ رَفِيقَ الْأَنْبِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ , وَأَقِلَّ دُخُولَ السُّوقِ , فَإِنَّهُمْ ذِئَابٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ , وَفِيهَا مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ , وَإِذَا دَخَلْتَهَا فَقَدْ لَزِمَكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَإِنَّكَ لَا تَرَى فِيهَا إِلَّا مُنْكَرًا , فَقُمْ عَلَى طَرَفِهَا فَقُلْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , لَهُ الْمُلْكُ , وَلَهُ الْحَمْدُ , يُحْيِي , وَيُمِيتُ , بِيَدِهِ الْخَيْرُ , وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ , فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ يُكْتَبُ لِقَائِلِهَا بِكُلِّ مَنْ فِي السُّوقِ - عَجَمِيٍّ أَوْ فَصِيحٍ - عَشْرُ حَسَنَاتٍ , وَلَا تَجْلِسْ فِيهَا , وَاقْضِ حَاجَتَكَ وَأَنْتَ قَائِمٌ يسَلَمْ لَكَ دِينُكَ , وَإِيَّاكَ أَنْ يُفَارِقَكَ الدِّرْهَمُ , فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِعَقْلِكَ , وَلَا تَمْنَعَنَّ نَفْسَكَ مِنَ الْحَلَاوَةِ , فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي الْحِلْمِ , وَعَلَيْكَ بِاللَّحْمِ وَلَا تَدُمْ عَلَيْهِ , وَلَا تَدَعْهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا , فَإِنَّهُ يُسِيءُ خُلُقَكَ , وَلَا تَرُدَّ الطِّيبَ , فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي الدِّمَاغِ , وَعَلَيْكَ بِالْعَدَسِ , فَإِنَّهُ يُفْرِزُ الدُّمُوعَ , وَيُرِقُّ الْقَلْبَ , وَعَلَيْكَ بِاللِّبَاسِ الْخَشِنِ تَجِدْ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ , وَعَلَيْكَ بِقِلَّةِ الْأَكْلِ تَمْلِكْ سَهَرَ اللَّيْلِ , وَعَلَيْكَ بِالصَّوْمِ , فَإِنَّهُ يَسُدُّ عَنْكَ بَابَ الْفُجُورِ , وَيَفْتَحُ عَلَيْكَ بَابَ الْعِبَادَةِ , وَعَلَيْكَ بِقِلَّةِ الْكَلَامِ يَلِينُ قَلْبُكَ , وَعَلَيْكَ بِطُولِ الصَّمْتِ تَمْلِكُ الْوَرَعَ وَلَا تَكُونَنَّ حَرِيصًا عَلَى الدُّنْيَا , وَلَا تَكُنْ حَاسِدًا تَكُنْ سَرِيعَ الْفَهْمِ , وَلَا تَكُنْ طَعَّانًا تَنْجُ مِنْ أَلْسُنِ النَّاسِ , وَكُنْ رَحِيمًا تَكُنْ مُحَبَّبًا إِلَى النَّاسِ , وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ مِنَ الرِّزْقِ تَكُنْ غَنِيًّا , وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ تَكُنْ قَوِيًّا , وَلَا تُنَازِعْ أَهْلَ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ يُحِبُّكُ اللهُ , وَيُحِبُّكَ أَهْلُ الْأَرْضِ , وَكُنْ مُتَوَاضِعًا تَسْتَكْمِلْ أَعْمَالَ الْبِرِّ , اعْمَلْ بِالْعَافِيَةِ تَأْتِكَ الْعَافِيَةُ مِنْ فَوْقِكَ , كُنْ عَفُوًّا تَظْفَرْ بِحَاجَتِكَ , كُنْ رَحِيمًا يَتَرَحَّمُ عَلَيْكَ كُلُّ شَيْءٍ , يَا أَخِي لَا تَدَعْ أَيَّامَكَ وَلَيَالِيَكَ وَسَاعَاتِكَ تَمُرُّ عَلَيْكَ بَاطِلًا , وَقَدِّمْ مِنْ نَفْسِكِ لِنَفْسِكَ لِيَوْمِ الْعَطَشِ يَا أَخِي , فَإِنَّكَ لَا تُرْوَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا بِالرِّضَى مِنَ الرَّحْمَنِ , وَلَا تُدْرِكْ رِضْوَانَهُ إِلَّا بِطَاعَتِكَ , وَأَكْثِرْ مِنَ النَّوَافِلِ تُقَرِّبْكَ إِلَى اللهِ , وَعَلَيْكَ بِالسَّخَاءِ تُسْتَرِ الْعَوْرَاتُ , وَيُخَفِّفِ اللهُ عَلَيْكَ الْحِسَابَ وَالْأَهْوَالَ , وَعَلَيْكَ بِكَثْرَةِ الْمَعْرُوفِ يُؤْنِسْكَ اللهُ فِي قَبْرِكَ , وَاجْتَنَبِ الْمَحَارِمَ كُلَّهَا تَجِدْ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ , جَالِسْ أَهْلَ الْوَرَعِ وَأَهْلَ الْتُقَى يُصْلِحِ اللهُ أَمْرَ دِينِكَ , وَشَاوِرْ فِي أَمْرِ دِينِكَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللهَ , وَسَارِعْ فِي الْخَيْرَاتِ يَحُولُ اللهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ , وَعَلَيْكَ بِكَثْرَةِ ذِكْرِ اللهِ يُزَهِّدْكَ اللهُ فِي الدُّنْيَا , وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ الْمَوْتِ يُهَوِّنِ اللهُ عَلَيْكَ أَمْرَ الدُّنْيَا , وَاشْتَقْ إِلَى الْجَنَّةِ يوَفِّقِ اللهُ لَكَ الطَّاعَةَ , وَأَشْفِقْ مِنَ النَّارِ يُهَوِّنِ اللهُ عَلَيْكَ الْمَصَائِبَ , أَحِبَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ تَكُنْ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وابْغِضْ أَهْلَ الْمَعَاصِي يُحِبَّكَ اللهُ , وَالْمُؤْمِنُون َ شُهُودُ اللهِ فِي الْأَرْضِ , وَلَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ , وَلَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ , وَلَا تُنَازِعْ أَهْلَ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ , وَانْظُرْ يَا أَخِي أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ أَمْرِكَ تَقْوَى اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَة ِ , وَاخْشَ اللهَ خَشْيَةَ مَنْ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ وَمْبَعْوثٌ , ثُمَّ الْحَشْرَ , ثُمَّ الْوقُوفَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ عَزَّ وَجَلَّ , وَتُحَاسَبُ بِعَمَلِكَ , ثُمَّ الْمَصِيرَ إِلَى إِحْدَى الدَّارَيْنِ , إِمَّا جَنَّةٌ نَاعِمَةٌ خَالِدَةٌ , وَإِمَّا نَارٌ فِيهَا أَلْوَانُ الْعَذَابِ مَعَ خُلُودٍ لَا مَوْتَ فِيهِ , وَارْجُ رَجَاءَ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْفُو أَوْ يُعَاقِبُ , وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ , لَا رَبَّ غَيْرَهُ ".
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نُعَيْمٍ رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ:
" كَلَامُ الثَّوْرِيِّ وَأَحْوَالُهُ وَأَلْفَاظُهُ وَمَوَاعِظُهُ تَكْثُرُ وَتَتَّسِعُ , وَفِي دُونِ مَا ذَكَرْنَا فَوَائِدُ لِمَنْ رُزِقَ الْعَمَلَ بِهِ , وَوُفِّقَ لَهُ لِلْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ مِنْ مَسَانِيدِ الْحَدِيثِ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَثْرَةً , سَبَقَ إِلَى جَمْعِ بَعْضِ حَدِيثِهِ الْمَاضُونَ مِنْ أَسْلَافِنَا وَعُلَمَائِهِمْ . فَمِنْ مَسَانِيدِ بَعْضِ حَدِيثِهِ وَمَشَاهِدِهِ وَغَرَائِبِهِ مَا
".

رجال الإسناد :
- أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك بن عطاء وهو "الإمام الكبير المقرئ مسند أصبهان أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك بن عطاء الأصبهاني القباب ، وهو الذي يعمل القبة ، يعني المحارة ". أو كما ذكر الذهبي.
- محمد بن محمد بن فورك وهو "مقبول" ترجم له أبو سعيد السمعاني في الأنساب وأبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان وقال :"راوية أصبهان" والذهبي في تاريخ الإسلام.
- محمد بن سلم الرازي وهو "مجهول الحال" وهو والد "الحافظ ، المجود ، العلامة ، المفسر أبو يحيى ، عبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي ، ثم الأصبهاني ، إمام جامع أصبهان" أو كما ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء.
- سلمة بن شبيب المسمعي "ثقة" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب وهو من رجال مسلم.
- مبارك أبو حماد ليس له ذكر في كتب الرجال، وهو يروي عدة وصايا لسفيان الثوري على السلمي يرويها أبو نعيم الأصبهاني بنفس هذا الإسناد.
والله أعلم.