يين العقد والبناء
سعيد عبد العظيم






العقد زواج، وتوثيقه عند المأذون إنما هو لضمان حقوق الطرفين، غير أنه يختلف عن البناء
–الدخول- فالمعقود عليها لها تطليقة واحدة، ولا عدة عليها إلا عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام، فإذا طلقت واحتاج الزوج لمراجعتها فبمهر جديد وعقد جديد، و المعقود عليها لها نصف المهر.
وقد قضى الخلفاء الراشدون الأربعة: أن الرجل إذا أغلق الباب وأرخى الستر فقد دخل، فلها المهر كاملا وعليها العدة، ولا يُعلم في الصحابة مخالف لهذه المسألة -كما ذكر ابن قدامة في المغني-.
وقد أقام جمهور العلماء الخلوة مظنة الدخول بالمرأة، وهي التي يأمنان فيها إطلاع أحد عليهما، ولم يكن بأحد منهما مانع شرعي، يمنعه من الدخول.
والحقوق في مقابلها واجبات، فالدخول بالمرأة كحق في مقابله واجب النفقة والسكنى، فإذا أراد الرجل أن يبني –يدخل- بزوجته المعقود عليها، فعليه أن يُعلمهم؛ إذ المسلمون عند شروطهم ولا بد من الوفاء بالوعد، ومراعاة العرف وعدم استدخال المضرة والأذى، والفضيحة على الزوجة إذا حملت، أو طُلقت بعد العقد، و خصوصا مع وجود أزمة المساكن وغيرها.
أفراح أم أحزان؟
النفس المسلمة تفرح بطاعة الله وتحزن بمعصيته - سبحانه -، فهو أحق أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر، قال - تعالى -: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) (طه: 124).
وفي الحديث أيضا: ((لعن الله المصورين))، ((إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير))، ويُستثنى من ذلك ما فيه مصلحة راجحة كالبطاقات والجوازات والتصوير للطب والجغرافيا وتعقب المجرمين، ولعب البنات، فهذا لا حرج فيه.
ولا تخلو احتفالات الخطبة من جلوس العروسين جنبا إلى جنب لتلقي التهاني، مع أن الخطبة مجرد وعد بالزواج، كما يقوم الخاطب بإلباس مخطوبته الدبلة -وهذه بدعة-، كما لا يحل له مسها أثناء الخطبة، ويختلط الرجال بالنساء وسط الغناء والموسيقى، كما تتفنن النساء في العري والخلاعة والتفنن في الزينات وارتداء أحدث الموضات، مع ما يصاحب ذلك من رقص وفجور، وتعاطي الدخان والمخدرات، وإتلاف المال في البهرجة وسائر صور الضياع... فكيف نفرح بذلك؟! اللهم فقهنا في ديننا واجعلنا ممن يُحل حلالك ويُحرم حرامك حتى وإن وُصفنا بالغربة و الشذوذ.
فساد الانتهاء من فساد الابتداء:
اعتادت المرأة في مثل هذه الأفراح، الذهاب لحلاق السيدات -الكوافير- حيث يقوم الرجل بتزيينها، ووضع طلاء الأظافر، وإزالة شعر الحواجب، وإلباسها الباروكة، وتسريح شعرها ووضع العطور لها، ثم تخرج من عنده تُظهر زينتها وتبرجها للرجال الأجانب عنها، وتعصف ريحها بكل من تمر بهم، وكل هذه المنكرات وغيرها كثير يفعلونه باسم الفرح!، وكأن هذا اليوم يُباح فيه المعاصي والفجور، بل من عجيب الأمر أن الكثيرات من هؤلاء يتركن الاغتسال والصلاة -إن كانت تصلي- بعد الزفاف؛ لأن الماء يفسد ميكياجها، ولا ندري كيف يشارك المسلم في مثل هذه الأفراح؟!.
وقد كان سلفنا الصالح يرجعون إذا وجدوا في الوليمة ونحوها شيء من المخالفة لشرع الله.
ولا ندري –أيضاً- كيف يُبارك في مثل هذه الزواج، فلكل مقدمة نتيجة، ولكل عقيدة تأثير، وإذا رأيت الرجل يعمل بطاعة الله، فاعلم أن لها عنده أخوات، ومعظم النار من مستصغر الشرر، وكان شداد بن أوس - رضي الله عنه - يقول: إذا رأيت الرجل يعمل بمعصية الله فاعلم أن لها عنده أخوات؛ لأن المعصية تدل على أختها، ما الذي يمنع من أن تقوم المرأة بتزيين العروس بزينة مباحة مشروعة لا حرمة فيها؟ وبحيث تستر زينتها عن الرجال الأجانب، ويتم استدخال السرور على المرأة وسط النساء وبعيدا عن أعين الرجال، ويجتمع الناس في المسجد لعمل العقد وسط تلاوة القرآن ودعوات الطيبين الحاضرين.
وإذا كان الزواج طاعة وسنة فلا تصح بسببه ترك الواجبات كالصلاة، ولا بورك في ماكياج وزينة تدعو إلى ترك الصلاة، وورود نيران الجحيم.
فالعبد إذا فسدت بدايته فسدت نهايته، وإذا فسدت نهايته فربما هلك.