والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى
زياد أبو رجائي


يحدث أن جبريل أبطأ على النبي صلى الله عليه وسلم فجزع(1) ، فقال المشركون قد ودع محمد(2) ، واشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا فجاءته امرأة فقالت يا محمد لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث وفي رواية ما أرى شيطانك الا قد تركك و أبطأ عليه شيطانه(3) فانزل الله عز وجل { والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى }(4)
أرى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يفتح على أمته من بعده فسر بذلك فأنزل الله عز و جل : { والضحى * والليل إذا سجى } إلى قوله : { و لسوف يعطيك ربك فترضى } قال : فأعطاه ألف قصر في الجنة من لؤلؤ ترابه المسك في كل قصر منها ما ينبغي له (5) ،
أن تأخير النزول أحيانا إنما كان يقع لحكمة تقتضي ذلك لا لقصد تركه أصلا ، فكان نزوله على أنحاء شتى : تارة يتتابع ، وتارة يتراخى . وفي إنزاله مفرقا وجوه من الحكمة :
1- تسهيل حفظه لأنه لو نزل جملة واحدة على أمة أمية لا يقرأ غالبهم ولا يكتب لشق عليهم حفظه . وأشار سبحانه وتعالى إلى ذلك بقوله ردا على الكفار « وقالوا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة »،
2- لنثبت به فؤادك وبقوله تعالى وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث .
3- منها ما يستلزمه من الشرف له والعناية به لكثرة تردد رسول ربه إليه يعلمه بأحكام ما يقع له وأجوبة ما يسأل عنه من الأحكام والحوادث .
4- منها أنه أنزل على سبعة أحرف ، فناسب أن ينزل مفرقا ، إذ لو نزل دفعة واحدة لشق بيانها عادة .
5- منها أن الله قدر أن ينسخ من أحكامه ما شاء ، فكان إنزاله مفرقاً لينفصل الناسخ من المنسوخ أولى من إنزالهما معا.


(1) جزء من حديث رواه احمد إسناده صحيح على شرط الشيخين

(2) صحيح مسلم 3357

(3) صحيح البخاري 1057 ، صحيح مسلم 3355

(4) صحيح البخاري 4569 / 18825رواه أحمد في مسنده و إسناده صحيح على شرط الشيخين

(5) المستدرك 3943