مجموعة التوحيد -الرسالة الثامنة -رسالة -أسباب نجاة السئول من السيف المسلول -بسم الله الرحمن الرحيم -ما قولكم علماء المسلمين فى رجل يقول -نحن نقول لا اله الا الله ولا تكفون عنا ، والكفار الأولون، إذا قالوها كف عنهم وأنتم تقولون: إنكم تقولونها وتشركون فماذا نقول حتى تكفوا عنا، أفتونا مأجورين؟--الجواب -الحمد لله الذى جبل عباده على طبائع شتى ،فمنهم شاكر ومنهم كفور وجعلهم فريقين - فريق منهم يتقربون بالذبائح لغير الله والنذر للطواغيت وبالبدف والطبل والزمور وفريق منهم يتقرب اليه بتوحيده واقامة الصلاة وايتاء الزكاة والصوم وبالحج المبرور واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة عبد مخلص فى توحيده غير شالك ولا كفور واشهد ان محمد عبده ورسوله الذى احيا به الملة الحنيفية حتى اضاء الحق وتمزق الديجور - صلى الله عليه وعلى آله واصحابه والتابعين لهم باحسان صلاة دائمة الى يوم البعث والنشور وسلم تسليما.اما بعد - الجواب على قول السائل -ما تقولون فى لا اله الا الله ؟ -فنقول -لا اله الا الله هى كلمة الاسلام - ومفتاح دار السلام -وهى كلمة التقوى- وعى العروة الوثقى وهى التى قامت بها الارض والسموات - وفطر الله عليها جميع المخلوقات - ولاجلها جردت سيوف الجهاد وهى محض حق الله على العباد وبها انفصلت دار الكفر من دار الايمان - وتميزت دار النعيم من دار الشقاء والهوان - وهى العمود الحامل للفرض والسنة - ومن كان آخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة - وهى الكلمة العاصمة للدم والمال- والمنجية من عذاب القبر وعذاب النار - وهى المنشور الذى لا يدخل الجنة احد الا به - والحبل الذى لا يصل الى الله الا من تعلق بسببه - وبها انقسم الناس الى شقى وسعيد - ومقبول وطريد - فهى وان كانت كلمة قيدت بالقيود الثقال . فاذا كان «إمام» الحنفاء عليه السلام لم يحصل له قول «لا إله إلا الله»، ولم تتم له المحبة والمولاة وهو إمام المحبين إلا بالمعاداة كما قال تعالى مخبرا عنه: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ) [الشعراء: 75 - 77] فإنه لا ولى إلا يبرأ ولا ولاء لله إلا بالبراءة من كل معبود سواه
وهذا هو معنى لا إله إلا الله كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلهُمْ يَرْجِعُونَ) [الزخرف: 26 - 28] فأورثها إمام الحنفاء عليه السلام لأتباعه يتوارثها الأنبياء بعضهم عن بعض فلما بعث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أمره الله ودعا اليها - امره الله ان يبين هذين الركنين كما ذكر الله ذلك فى سورة الاخلاص أمره أن يقول - قل هو الله احد - وسورة الكافرون أمره أن يقول: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} .. إلى قوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دين - وعرف المشركون ذلك حين دعاهم الى قول لا اله الا الله - قالوا اجعل الاله اله واحدا -ان هذا لشئ عجاب -وكذلك ما جرى له مع عمه عند وفاته -لما قال له يا عم - قل لا اله الا الله - وعنده ابو جهل وعبد الله بن ابى امية - فقالا له - اترغب عن ملة عبد المطلب - عرفوا معناها -ان فيها التولى والتبرء -وكذلك صلى الله عليه وسلم امره الله ان يدعوا اهل الكتاب البها وهم يقولونها - قال تعالى- قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ --وفى صحيح مسلم -من قال لا اله الا الله - وكفر بما يعبد من دون الله - حرم ماله ودمه وحسابه على الله - فتبين بذلك خطأ المغرورين -وبطلان حجة المبطلين - فان لا اله الا الله - معناها كما تقدم النفى والاثبات - وحقيقتها المولاة والمعاداة - ثم لابد مع ذلك من البغض والاعتزال للداعى والمدعو - والعابد والمعبود مع الكفر بهم كما ذكر الله ذلك -قال تعالى -قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ -وكذلك ما جرى للنبى صلى الله عليه وسلم واصحابه من الاعتزال والعداوة العظيمة - وما جرى لسعد مع امه رضى الله عنه- وكما ذكر الله ايضا عن الخليل عليه السلام مخبرا -قال تعالى -واعتزلكم وما تدعون من دون الله - وقال تعالى مخبرا عن اهل الكهف- واذ اعتزلتموهم وما يعبدون الا الله - فذكر الله عنهم فى هذه الايات المحكمات - انهم بدأوا المشركين- واعتزلوهم قبل المعبودين -فأين هذا من الواقع من أهل هذا الزمان - اذا كان علماؤهم لا يعرفون معناها -كما عرف جهال الكفار؟ - ولا يعملون بمقتضاها - وهى كلمة عليها اسست الملة - ونصبت القبلة - ونبه الله على فضلها وعظم شأنها أنبياؤه ورسله. - قال تعالى - فى حق نبيه صلى الله عليه وسلم -فاعلم انه لا اله الا الله - انزلت عليه صلى الله عليه وسلم هذه الاية الكريمة فى السنة الثامنة من الهجرة بالمدينة - وكذلك فى الحديث المشهور - عنه صلى الله عليه وسلم -قال موسى*: يا رب علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به قال قل يا موسى لا إله إلا الله قال يا رب كل عبادك يقولون هذا قال يا موسى لو أن السماوات السبع عامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله - فاليتأمل الناصح لنفسه عظم شأن هذه الكلمة - وعظم أركانها فى المبتدى - وفضلها وعظم شأنها فى المنتهى - فاذا كان لابد من هذه الشروط المتقدمة فى البداية - والتنبيه على فضلها - وعظم شأنها فى النهاية مع سيد المرسلين - وموسى الكليم عليهما السلام - فما الظن بغيرهما؟ - والاخبار فى ذلك كثيرة معلومة - وانما ذكرنا اشارة على ما قيدت به من القيود - واما الكلام عليها فأكثر العلماء والشراح فى ذلك - ولكن ما تسعه هذه الاوراق ومعناها الجامع -لا اله - اى لا معبود فى الوجود بحق الا الله -ولاجل هذا المعنى قال تعالى - الر- كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير - الا تعبدوا الا الله - فاخبرهم الحكيم الخبير - انه انزل كتابه محكما مفصلا - الا يعبدوا الا هو - وقوله الا تعبدوا - من ارادة الا تعبدوا الا الله - فاخبرهم ان الحكيم الخبير انزل كتابه من اجل ذلك - وهذا ايضا معنى لا اله الا اله - فاما الاله فاصله فى اللغه من الوله - يقال وله - الفصيل - وأله الفصيل - اذا اشتد حبه الى امه - وقلبت الواو همزة - فالاله من تألهه القلوب بالمحبة والاجلال والتعظيم-والخوف والرجاء والدعاء - وتوابع ذلك من التوكل والانابة والذبح والنذر والرغبه والرهبة والخشية والتوبة - فجميع التعظيم هو مستحق له حتى لا يحلف الا به .-- وسر لا اله الا الله - افراد الله بذلك كله وتوابعه - والاله صفه تدور مع القصد - فمن قصد بشئ من انواع العبادة والتعظيم والتبرك فهو اله - كما فى حديث ابى واقد الليثى - "خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط. فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله ﷺ: الله أكبر، إنها السنن. قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف:138]، لتركبن سنن من كان قبلكم" رواه الترمذي وصححه.-ومن لوازم الاله الا يلجأ الا اليه - ولا يطاع الا امره - فهذا هو تحقيق شهادة الا اله الا الله - فان المحقق هو المتيقن بقلبه - القائم بها قولا وفعلا - فال تعالى - والذين هم بشهاداتهم قائمون - فمن لم يكن قائما بشهادته ظاهره وباطنه - وفى قلبه وقالبه - الا من كانت شهادته على الاوصاف المذكورة - فحياة الروح بهذه الكلمة - كما ان حياة البدن بوجود الروح فيه - فلا انفع للعبد من اقباله على الله - واشتغاله بذكره وتنعمه بتوحيده - ومحبته وإيثاره لمرضاته - ويتفاوت الخلق فى ذلك تفاوتا عظيما - حتى ان منهم من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب - كما فى حديث السبعين الف - ووصفهم صلى الله عليه وسلم بانهم - الذين لا يسترقون ولا يكتوون - ولا يتطيرون - وعلى ربهم يتوكلون - فاهل لا اله الا الله - المحققون لها - فى نعيم الدنيا و البرزخ -وفى الاخرة فى الجنة - وحرمهم الله على النار - وبقدر ما ينفص العبد فى معرفتها -والعمل بها - والثبات عليها - وتحقيق العمل بمقتضاها يضعف يقينه وسيره وصبره - فلا يثبت على الصراط على الدنيا الا من حقق هذه الكلمة - ومرورهم على الصراط فى الاخره - بقدر سيرهم واستقامتهم - فمعطى ومحروم - والفضل بيد الله - نسأل الله الثبات عليها - وان يجعل الخاتمة لنا وللمسلمين عند الوفاة عليها - برحمته انه ارحم الراحمين ---[قام بتفريغ هذه الرسالة من مجموعة التوحيد - من صيغة - بى - دى - اف -الى صيغة وورد - محمد عبد اللطيف -وكان الباعث على ذلك اولا - نشر رسائل علماء الدعوة فى التوحيد - ثانيا رأيت عدم الاهتمام بنشر هذه الرسالة على الشبكة العنكبوتية بل عدم وجودها مع عِظم شأنها وفائدتها - فرأيت الواجب علىّ نشر هذه الرسالة وادعوا طلبة العلم الموحدين المساهمة بنشرها - فهذة الرسالة مع صغر حجمها-فهى عظيمة النفع جدا لمن تأمل ما فيها من زبدة رسالة الانبياء-],,,,,,,,,,,,,,,, ولهذه الرسالة بقية - سأكملها فيما بعد ان شاء الله