الخلاف بين الوالدين وأثره على الأبناء
بدر عبد الحميد هميسه




لا شك أن العلاقة بين الوالدين من أهم العوامل التي تؤثر على حياة الأبناء إيجاباً أو سلباً وذلك لأن
الأبوين يقومان في الأسرة بدور القيادة والتوجيه والمسؤولية، بموجب قوله - تعالى -: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" [(6) سورة التحريم)].
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَحْسِبُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَالرَّجُلُ في مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) [أَخْرَجَهُ أحمد 2/121(6026) و"البُخَارِي" 2/6 و4/6(2751) وفي (الأدب المفرد) 214 و"مسلم" 6/8(4755) و"النَّسَائي" في "الكبرى" 8823 و9128)].
إضافة إلى دورهما كآباء وأمهات وهما في ذلك يضربان لأعضاء الأسرة صغاراً وكباراً الأمثلة التي يحتذى بها بطريقة شعورية ولا شعورية على حد سواء، وهما كذلك اللذان يوجهان الأبناء لتعلم أنماط السلوك الاجتماعي، ويحددان مدى إفادة الصغار من الخبرة الاجتماعية التي يهيئان الجو لتعميقها في نفوس هؤلاء الصغار، وأي خلاف أو تنازع بين الوالدين يكون له تأثيره السيئ على جميع أفراد الأسرة.
وهذا الخلاف تكون له أسباب كثيرة منها:
1- الاختلاف الكبير بين الوالدين في درجة العلم والثقافة مما يؤدي إلى تنازعهما الدائم في منهج تربية وتنشئة الأبناء.
2 - فاروق السن بين الزوجين وبخاصة إذا كان هذا الفارق كبيراً.
3- ضعف المستوى الاقتصادي للأسرة.
4- تدخل الأقارب ولا سيما " الحماة " في تنشئة الصغار.
5- إرغام الابن أو الابنة على الزواج بشريك الحياة لأسباب شخصية أو عائلية دون تراض أو موافقة.
فهذه الأسباب وغيرها تكون سبباً في الخلاف بين الزوجين، وتحويل بيت الزوجية إلى حلبة للمصارعة، وساحة للحرب، وهذا الخلاف يتحمل أثره السيئ الأبناء، وهذا الأثر يأتي عن طريق:
1- تنافس كل من الوالدين على اكتساب محبة الأبناء، فالتوتر والنزاع الدائم بين الأبويين قد يؤدي إلى تنافس كل منهما على اكتساب محبة الأبناء، وينخدع الصغار بهذا التنافس وسرعان ما ينحاز الطفل لأحد الطرفين على حساب علاقته بالآخر.
2- تعلق الأم بابنها وذلك لأن تعاسة الأم أحياناً في حياتها الزوجية يدفعها إلى التعلق بابنها تعلقاً شديداً، فتغمره بالمحبة، وتفرط فيها، فتفرض عليه نوع من الحماية غير صحي فيشب الطفل قليل الحيلة، مضطرب الشخصية، سلبي التفكير.
3- انصراف أحد الوالدين أو كليهما عن الرغبة في الصغير وذلك لأن كل منهما يرى في ابنه صورة للطرف الآخر المكروه، فهذا يأمر بشيء والطرف الثاني عناداً ينهى عنه، وهذا يخلق نوعاً من الصراع النفسي لدى الطفل، ويجعله دائماً عاجزاً عن اتخاذ أي قرار، ويؤثر ذلك بالسلب في سلوكه وعلى جميع تصرفاته.
فليضع الأبوان من بداية الحياة الزوجية المعايير التي على أساسها يعامل كل منهما الآخر، والمنهج الرشيد الذي من خلاله ينشئان عليه الأبناء، حتى يخرجان للمجتمع جيلاً صالحاً ينفع نفسه ويبني مجد أمته.