بسم الله الرحمن الرحيم :
للشيخ العلامة الأديب محمد بوخبزة -حفظه الله - حواش كثيرة على عدة متون في شتى الفنون ،وهي حواش ذات فوائد قيمة و عوائد عزيزة ،ولكنها -وللأسف- لا تزال حبيسة الرفوف ترقب من يخرجها من ربقة الظلمة إلى فضاء الطبع والنشر ،ومن هذه الحواشي حاشية الشيخ على "منح الأوطار من نفح العطار " 1،وهو شرح رائق ،بأسلوب رشيق و فائق ،للشيخ العلامة الفقيه الاديب مكي البْطَاوْرِي رحمه الله -من علماء مدينة الرباط -،على متن منظوم في علم النحو -وهو لحسن العَطَّار من علماء الازهر وقد نظمه على نمط الغزل- ، ومازاد هذا الشرح متعة و روعة ،حواشي الشيخ بوخبزة والتي تعتبر مادة دسمة في بابها ،تضمنت من طرف النحو ما يحبب هذا العلم للمبتدئ، ومن ملح الادب ما يشد لُبَّ ولُباب المنتهي ،ولقد حاولت أن أنقل بعضا من تلك الفوائد ولكن الوقت لم يسعفني إلا بهذه النغبة من ذلك البحر الزاخر ،الذي انتقيت منه هذه الدرة بينما اخواتها تنظتر من يجليها من أصدافها .
قال الشيخ -حفظه الله - في سياق بيان الشارح معنى الكلام واقسامه:
"مراتب تأليف الكلام خمسٌ :
الأولى: ضم الحروف المبسوطة بعضها إلى بعض، لتحصيل الكلمات الثلاث :(الاسم والفعل والحرف ).
والثانية :تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض ، لتحصيل الجمل المفيدة ،ويقال له :(المنثور من الكلام ).
والثالثة :ضم بعض ذلك إلى بعض ضما له (...)2ومقاطع ومداخل ومخارج ،ويقال له :(المنظوم).
والرابعة :أن يعتبر في أواخر الكلام مع ذلك تسجيع ،ويقال له:(المُسجع ).
والخامسة :أن يجعل له مع ذلك وزن ،ويقال له :(الشعر).
والمنظوم :أما محاورة ،ويقال له :(الخطابة) ، وأما مكاتبة ،ويقال له :(الرسالة )، فأنواع الكلام لا يخرج عن هذه الأقسام .
وأجناس الكلام مختلفة ،ومراتبها في درجات البيان متفاوتة ،
فمنها:البليغ الرصين الجزْل ،
ومنها:الفصيحالقريب السهْل،
ومنها: الجائز الطَلقُ الرسْل،
والأول: أعلاها ، والثاني: أوسطها ،والثالث: أدناها وأقربها.
وقد حازت بلاغات القرآن من كل قسم في هذه الأقسام حصة ،وأخذت من كل نوع شِعبة، وقد توجد الفضائل الثلاث على التفرق في أنواع الكلام ،فأما أن توجد مجموعة في نوع منه، فلم توجد إلا في كلام العليم العلاَّم والسلام."انتهى.
الحواشي :
1هذا الشرح مخطوط فقط ،وعندي نسخة منه أعطاني إياه الشيخ الأستاذ طارق الحمودي.
2 كلمة غير واضحة ،لأن بعض الورقات من النسخة رديئة الطبع.