البلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث
الحمد لله المتفرد بجلال الأحدية، والصلاة على نبيه محمد سيد البرية، وعلى آله وصحبه وعترته الطاهرة الزكية، وبعد؛ فقد ذكرت في هذا المختصر بلغةً في الفرق بين المذكر والمؤنث، على سبيل الاختصار، فالله تعالى ينفع به، إنه كريم غفار.ابن الأنباري
أعلم أن المذكر أصل للمؤنث، وهو ما خلا من علامة التأنيث، لفظاً وتقديراً، وهو على ضربين: أحدهما حقيقي، والآخر غير حقيقي.
فأما الحقيقي، فما كان له فرج الذكر؛ نحو: الرجل والجمل. وأما غير الحقيقي، فما لم يكن له ذلك؛ نحو: الجدار والعمل. والمؤنث ما كانت فيه علامة التأنيث، لفظاً أو تقديراً، وهو على ضربين حقيقي وغير حقيقي.
فأما الحقيقي، فما كان له فرج الأنثى؛ نحو المرأة والناقة.
وأما غير الحقيقي، فما لم يكن له ذلك؛ نحو: القدر والنار. وهو. أيضاً على ضربين: أحدهما مقيس، والآخر غير مقيس.
فأما المقيس، فما كان فيه علامة التأنيث لفظاً، وعلامة التأنيث على ضربين: أحدهما ألف، والآخر تاء، فأما الألف، فعلى ضربين: أحدهما ألف مقصورة؛ نحو: حبلى وبشرى. والآخر ألف ممدودة؛ نحو حمراء وصحراء. وأما التاء؛ فنحو: ضاربة وذاهبة.
وأما غير المقيس، فما لم يكن فيه علامة التأنيث لفظاً، وإن كانت فيه تقديراً، وقد جاء ذلك في كلامهم كثيراً؛ فمن ذلك السماء التي تظل الأرض، مؤنثة. قال الله تعالى: "والسماء وما بناها". والأرض التي تظلها السماء، مؤنثة. قال الله تعالى: "والأرض وما طحاها". فأما قول الشاعر:
فإنما قال: أبقل بالتذكير؛ لأن تأنيث الأرض غير حقيقي، وليس في اللفظ علامة تأنيث، فصار بمنزلة غير مؤنث. وهذا النحو يجئ في الشعر خاصة، فلا يدل على التذكير.فلا مزنة ودقت ودقهاولا أرض أبقل إبقالها
والشمس مؤنثة. قال الله تعالى: "والشمس تجري لمستقر لها". فأما قوله تعالى: "وجمع الشمس والقمر"، فإنما ذكر؛ لأن تأنيثهما غير حقيقي، وإذا كان المؤنث تأنيثه غير حقيقي، جاز تذكير فعله وتأنيثه، إذا تقدم عليه؛ نحو: حسن دارك واضطرام نارك وحسنت دارك واضطرمت نارك، وما أشبه ذلك.
والنفس مؤنثة. قال الله تعالى: "أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله". فأما قوله في الجواب: "بلى قد جاءتك آياتي" بالتذكير، فحمله على المعنى؛ لأن النفس في المعنى إنسان؛ كقول الشاعر:
فقال: ذا غربة، ولم تقل ذات غربة؛ لأن المرأة في المعنى إنسان.قامت تبكيه على قـبـرهمن لي من بعدك يا عامرتركتني في الدار ذا غربةقد ذل من ليس له ناصر
وزعم بعض النحويين أن النفس تذكر وتؤنث، فلا يكون الكلام محمولاً على المعنى.
والأذن مؤنثة. قال الله تعالى: "وتعيها أذن واعية". جاء في الحديث أنه لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعلها أذن علي". قال ابن عباس رضي الله عنه: "فكان علي رضي الله عنه أوعى الناس" أي أحفظهم.
والساق مؤنثة. قال الله تعالى: "والتفت الساق بالساق".
والقدم مؤنثة. قال الله تعالى: "فتزل قدم بعد ثبوتها".
والطير مؤنثة، قال الله تعالى: "أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن".
والبئر مؤنثة. قال الله تعالى: "وبئر معطلة".
والعير مؤنثة. قال الله تعالى: "ولما فصلت العير". ثم قال الشاعر:
والعصا مؤنثة. قال الله تعالى: "قال هي عصاي أتوكأ عليها".ولما أتتها العير قالت أبـاردمن التمر أم هذا حديد وجندل
ولا يقال: هذه عصاتي، بالتاء. ويقال هي أول لحنة سمعت بالعراق.
والكأس مؤنثة. قال الله تعالى: "كأساً كان مزاجها زنجبيلا".
والكأس لا تسمى كأساً إلا وفيها خمر، كما أن الطبق لا يسمى مهدى إلا وعليه ما يهدى، والخوان لا يسمى مائدة إلا وعليها طعام، والجنازة لا تسمى جنازة إلا أن يكون عليها ميت.
والعنكبوت مؤنثة. قال الله تعالى: "مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء، كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً". وقد يجوز فيها التذكير.
والنحل مؤنثة. قال الله تعالى: "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً". وقد يجوز فيها التذكير.
والسبيل تذكر وتؤنث. قال الله تعالى: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله". وقال تعالى: "وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا، وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا".
والطاغوت يذكر ويؤنث. قال الله تعالى: "والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها". وقال تعالى: "يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، وقد أمروا أن يكفروا به".
والأنعام تذكر وتؤنث. قال الله تعالى: "وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه". وقال تعالى في موضع آخر: "نسقيكم مما في بطونها".
والريح وأسماؤها مؤنثة. قال الله تعالى: "ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره". ثم قال الشاعر:
والنار وأسماؤها مؤنثة. قال الله تعالى: "النار ذات الوقود".عجبت من السارين والريح قـرة
إلى ضوء نار بين فردة والرحى
وكذلك النار، إذا أريد بها السمة؛ يقال: ما نار بعيرك? أي ما سمته? وأنشد:
والخمر وأسماؤها مؤنثة. قال الشاعر:ثم سقوا آبالهم بـالـنـار
والنار قد تشفي من الأوار
والقتب: المعى، مؤنثة، وجمعها: أقتاب. جاء في الحديث: "تسحب أقتاب بطنه"، أي أمعاؤه.هي الخمر تكنى الطلاء
كما الذئب يكنى أبا جعدة
والإصبع مؤنثة، جاء في الحديث: "هل أنت إلا إصبع دميت".
والكف مؤنثة. فأما قول الشاعر:
فيجوز أن يكون مخضبا، وصفاً لقوله كفا، فيكون محمولاً على المعنى؛ لأن الكف في المعنى عضو. ويجوز أن يكون مخضبا لقوله رجلاً فلا يكون محمولاً على المعنى.أرى رجلاً منهم أسيفا كأنمـا
يضم إلى كشحيه كفاً مخضبا
والذراع مؤنثة. وأنشد:
والكبد مؤنثة. وأنشد:أرمي عليها وهي فرع أجمع
وهي ثلاث أذرع وإصبـع
واليد والرجل والعين كلها مؤنثة. قال الشاعر:أيا كبداً كادت عـشـية غـرب
من الشوق إثر الظاعنين تصدع
والمتن أيضاً مؤنث. وأنشد:اليد سابحة والرجل ضـارحة
والعين قادحة والمتن ملحوب
واليمين والشمال والفخذ والورك والكرش والعجز والضلع والباع والعضد والكتف والكراع كلها مؤنثة.ومتنـان خـظـاتـان
كزحلوف من الهضب
والعاتق تذكر وتؤنث.
والقفا يذكر ويؤنث. وأنكر الأصمعي فيها التذكير.
والإبط تذكر وتؤنث، والتذكير فيه أكثر.
وكذلك العنق يذكر ويؤنث. وقيل إن ضمت النون كان مؤنثاً وإن سكنت كان مذكراً. وقال الأصمعي: لا أعرف فيه التأنيث.
والإبل مؤنثة.
والقلوص بإزاء القعود مؤنثة.
والعنس: الناقة الصلبة، مؤنثة. قال الراعي:
والجزور مؤنثة.ماذا ذكرتم من قلوص عقرتهـابسيفي وضيفان الشتاء شهودهاوقد علوا أني وفيت لـربـهـافراح على عنس بأخرى يقودها
والناب: المسنة من الإبل، مؤنثة، وأنشد:
والذود من الإبل: من الثلاث إلى العشر، مؤنثة، وقد تذكر. ومنه قولهم: الذود إلى الذود إبل.أبقى الزمان منك ناباً نهبلهورحماً عند اللقاح مقفلة
والأضحى مؤنثة، وقد تذكر، يذهب بها إلى اليوم. وأنشد:
والحانوت مؤنثة، وقد يذهب بها إلى البيت فيذكر....دنا الأضحى وصللت اللحام
والنعم تذكر وتؤنث، والتذكير أكثر، وأنشد:
وأنكر الفراء فيه التأنيث، وقال: هو ذكر لا يؤنث....حتى إذا ما بدا للغارة النعم
والحجر: الفرس الأنثى، مؤنثة.
والغنم والضأن مؤنثة.
والرخل: من أولاد الضأن، مؤنثة.
والمعز مؤنثة.
والعناق: من أولاد المعز، مؤنثة.
والأفعى مؤنثة. ومنه قولهم: رماه الله بأفعى حارية، أي قد نقص جسمها، وصغرت من الكبر.
والأروى: إناث الوعول، مؤنثة. وأروى اسم امرأة. قال الشماخ:
والأرنب مؤنث.كلا يومى طوالة وصل أروىظنون آن مطرح الظـنـونوما أروى وإن كرمت علينـابأدنى من موقـفة حـرون
والخرنق: ولد الأرنب، يذكر ويؤنث، والتأنيث أكثر.
والضبع مؤنث. قال الشاعر:
والبعير يقال للذكر والأنثى.يا ضبعاً أكلـت آيار أحـمـرةففي البطون وقد راحت قراقير
والفرس يقال للذكر والأنثى.
والدجاج يقال للذكر والأنثى، كالإنسان يقال للذكر والأنثى.
والعقرب مؤنثة.
والعقاب مؤنثة. والعقاب: الراية أيضاً، مؤنثة قال الشاعر:
والعرس مؤنثة. وأنشد:ولا الراح راح الشام جاءت سبيئةًلها غاية تهدي الكرام عقابـهـا
والظئر: الدابة مؤنثة، والظائر من الإبل: التي عطفت على غير ولدها، مؤنثة. جمعها أظآر. وأنشد:وهل هي إلا مثل عرس تبـدلـتعلى رغمها من هاشم في محارب
والغول مؤنثة، وأنشد:فما وجـد أظـآر ثـلاث روائموجدن مجراً من حوار ومصرعا
والحرب مؤنثة. وأنشد:........................كما تلون في أثوابها الغول
والجعجاع: مناخ السوء، وقيل: الحبس أين كان، وقيل كل أرض جعجاع. وأما قول عبيد الله بن زياد: "أن جعجع بالحسين"، فمعناه: أزعجه، من قولهم: جعجعه: إذا أزعجه.من يذق الحرب يجد طعمهامراً وتتركه بجـعـجـاع
وذكاء: الشمس، مؤنثة. وابن ذكاء: الصبح، مؤنثة. وأنشد:
والنبل مؤنثة، واحدها سهم، كالغنم واحدها شاة، والإبل واحدها جمل أو ناقة.وابن ذكاء كامن في كفر
والسراويل مؤنثة.
والدار مؤنثة.
والرحا مؤنثة.
والقدر مؤنثة. وأنشد:
والدلو مؤنثة، وقد تذكر. وأنشد:وقدر ككف القرد لا مستعيرهايعار ولا من ذاقها يتـدسـم
والفأس مؤنثة.يمشي بدلوٍ مكرب العراقي
والقدوم مؤنثة.
والنعل مؤنثة.
والطاس مؤنثة.
والطس مؤنثة. والطست بمعنى الطس.
والقوس مؤنثة.
والفهر: حجر، يملأ الكف، مؤنثة.
والضحى مؤنثة. وأنشد:
والسرى: سرى الليل، مؤنثة.سرح اليدين إذا ترفعت الضحىهدج الثقال بحمله المتثـاقـل
والنوى: البعد، مؤنثة.
والضرب: العسل الغليظ الأبيض: مؤنثة.
والعروض: الناحية، مؤنثة: وأنشد:
والقلت: نقرة في الجبل تمسك الماء، مؤنثة، وأنشد:لكل أناسٍ من معد عـمـارةعروض إليها يلجئون وجانب
والعرب مؤنثة؛ لقولهم: العرب العاربة.لحا الله أعلى تلعة حفشت بـهوقلتاً أقرت ماء قيس بن عاصم
والوحش مؤنثة. وأنشد:
والصعود والحدور والهبوط كلها مؤنثة، مبنى على الكسر، كحذام وقطام.إذا الوحش ضم الوحش في ظللاتهاسواقط من حر وقد كان أظهـرا
وأجأ: أحد جبلى طيئ، مؤنثة. وأنشد:
وكحل: اسم السنة المجدية، غير منصرف. وأنشد:أبت أجأ أن تسلم العام جـارهـافمن شاء أن ينهض بها من مقاتل
وكبكب: اسم جبل، غير منصرف. وأنشد:قوم إذا صرحت كحـل بـيوتـهـممأوى الضريك ومأوى كل قرضوب
وشعوب: اسم للمنية، غير منصرف. وأما قوله:ومن يغترب عن قومه لا يزل يرىمصارع مظلوم مجرا ومسحـبـاوتدفن منه الطالحات ومن يسـيءيكن ما أساء النار في رأس كبكبا
فإنما صرفه للضرورة.وكل فتىً ستشعبه شعـوبوإن أثرى وإن لاقى فلاحا
والمنجنون: الدالية، مؤنثة. وأنشد:
والمنجنيق مؤنثة....هل الدهر إلا منجنون تقلب
وموسى الحديد مؤنثة؛ لقولهم: موسى خذمة.
والسن مؤنثة.
وطباع الرجل مؤنثة، وقد تذكر، والتأنيث أكثر.
وقدام وأمام وراء كلها مؤنثة.
ودرع الحديد مؤنثة، ودرع المرأة: أي قميصها مذكر.
واللبوس: إن عنيت به السلاح، فهو مذكر، وإن عنيت به درع الحديد، فهو مؤنث.
واللسان: إن عنيت به هذا العضو، فهو مذكر، وإن عنيت به اللغة، فهو مؤنث. وقد يجوز في هذا المعنى التذكير. قال الشاعر:
فهذا لا يراد به العضو؛ لأن الندم لا يقع على الأعيان، وإنما يقع على الكلام.ندمت على لسانٍ كان منىفليت بأنه في جوف عكم
والقليب: البئر قبل أن تطوى، يذكر ويؤنث، والتذكير أكثر.
والذنوب: الدلو العظيمة، تذكر وتؤنث. وقال بعض أهل اللغة: لا تسمى ذنوباً إلا وهي ملأى ماءً. وكذلك: السجل الدلو بمائها.
والسلم: الصلح، بكسر وتفتح، ويذكر ويؤنث. وأنشد:
والمنون يذكر ويؤنث. وأنشد:والسلم تأخذ منها ما رضيت بـهوالحرب يكفيك من أنفاسها جرع
أنشد:وكأن المنون ترمى بنا أصحم عصم ينجاب عنه العماء
ويروى: وريبها.أمن المنون وريبه تتوجع
والمنين: الحبل الخلق، يذكر ويؤنث.
والسلطان يذكر ويؤنث. حكى الفراء أنه سمع بعض العرب يقول: قضت علينا السلطان. والتذكير أعلى، ومن أنث ذهب إلى أنه حجة، وذهب بعض النحويين إلى أنه جمع سليط؛ مثل: قضيب وقضبان.
والسلاطين جمع الجمع؛ مثل: مصير ومصران ومصارين.
والحال يذكر ويؤنث.
والطريق يذكر ويؤنث.
والصاع يذكر ويؤنث.
والسلاح يذكر ويؤنث.
والصليف: صفحة العنق، يذكر ويؤنث.
والسكين يذكر ويؤنث.
والسوق تذكر وتؤنث.
وكذلك كل اسم من أسماء الأجناس التي تدخل التاء في واحده فرقاً بينه وبين الجمع؛ نحو: نخل ونخلة، وتمر وتمرة، وشجر وشجرة، وثمر وثمرة، وبقر وبقرة، وبر وبرة، وشعير وشعيرة، فإنه يجوز فيه التذكير والتأنيث.
وقد جاء أيضاً شيء من صفات المؤنث بغير علامة التأنيث؛ كقولهم امرأة خود، وضناك وصناع، وناقة سرج، وامرأة معطار، ومذكار ومئناث، ومئشير، ومعطير، وامرأة صبور، وشكور، وامرأة قتيل، وكف خضيب، وعين كحيل، ولحية دهين، وامرأة حائض، وحامل، وطالق، وطامث، ومرضع، وقاعد: اليائسة من الولد، في كلمات كثيرة، لأنها لم تجر على فعل. وفيه كلام لا يليق ذكره بهذا المختصر.
فإن صغرت شيئاً من المؤنث، لم يخل إما أن يكون فيه علامة التأنيث، أو ليس فيه علامة التأنيث.
فإن كان فيه علامة التأنيث، وجب إلحاق العلامة في مصغره، سواء كان على ثلاثة أحرف، أو على أكثر من ثلاثة أحرف؛ نحو شجرة وشجيرة، وشرذمة وشريذمة، وفرزدقة وفريزقة، وما أشبه ذلك.
وإن لم يكن فيه علامة التأنيث، لم يخل إما أن يكون على ثلاثة أحرف، أو على أكثر من ثلاثة أحرف.
فإن كان على ثلاثة أحرف، وجب إلحاق تاء التأنيث في مصغره؛ ليدل على أنها الأصل في مكبره؛ مثل: دار ودويرة، ونار ونويرة، وقدر وقديرة، إلا في كلمات يسيرة جاءت على خلاف القياس؛ وهي نحو: قوس وقويس، وفرس وفريس، وعرس وعريس، وحرب وحريب، ودرع الحديد ودريع، وناب من الإبل ونبيب.
وإنما جاز تصغيرها بغير هاء؛ لأنها أجريت مجرى المذكر في المعنى؛ لأن القوس في معنى العود، والفرس ينطلق على المذكر والمؤنث، والمذكر هو الأصل، فترك لفظ التصغير على الأصل، والعرس في معنى التعريس والحرب في الأصل مصدر، وهو مذكر، ودرع الحديد في معنى الدرع الذي هو القميص، والناب في الإبل روعي فيها معنى الناب، الذي هو السن، وهو مذكر.
وإن كان على أكثر من ثلاثة أحرف، فإنك إذا صغرته، لم تلحق فيه علامة التأنيث؛ لأن الحرف الرابع بمنزلة تاء التأنيث، فعاقبتها؛ نحو: عناق وعنيق، وعقاب وعقيب، وعقرب وعقيرب، إلا في كلمات معدودة؛ وهي وراء ووريئة، وأمام وأميمة، وقدام وقديديمة؛ كقوله:
وإنما صغرت هذه الكلمات بالتاء، تنبيهاً على أن الأصل في تصغير المؤنث أن يكون بالتاء: كما صححت الواو في القود بالسكون والحركة، تنبيهاً على أن الأصل في: باب ودار الحركة.قديديمة التجريب والحلم إنـنـيأرى غفلات العيش قبل التجارب
وقيل: إنما صغرت بالتاء؛ لأن الأغلب على الظروف أن تكون مذكرة، فلو لم يلحقها تاء التأنيث في التصغير، لالتبست بالمذكر من الظروف؛ فلذلك ألحقت تاء التأنيث. وقد ذكرنا ذلك مستوفى في كتابنا الموسوم بأسرار العربية والله أعلم.
منقول