تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: إشكال في حديث البراء بن معرور وصلاته إلى الكعبة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي إشكال في حديث البراء بن معرور وصلاته إلى الكعبة

    - عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ، أَخُو بَنِي سَلِمَةَ، أَنَّ أَخَاهُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْأَنْصَارِ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَكَانَ كَعْبٌ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ، وَبَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا، قَالَ: خَرَجْنَا فِي حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفَقِهْنَا وَمَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، فَلَمَّا تَوَجَّهْنَا لِسَفَرِنَا وَخَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ الْبَرَاءُ لَنَا: يَا هَؤُلَاءِ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ وَاللهِ رَأْيًا، وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَدْرِي تُوَافِقُونِي عَلَيْهِ أَمْ لَا، قَالَ: قُلْنَا لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ أَنْ لَا أَدَعَ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ مِنِّي بِظَهْرٍ، يَعْنِي الْكَعْبَةَ، وَأَنْ أُصَلِّيَ إِلَيْهَا، قَالَ: فَقُلْنَا: وَاللهِ مَا بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا يُصَلِّي إِلَّا إِلَى الشَّامِ، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نُخَالِفَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي إِلَيْهَا، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: لَكِنَّا لَا نَفْعَلُ، فَكُنَّا إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ صَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ وَصَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ أَخِي: وَقَدْ كُنَّا عِبْنَا عَلَيْهِ مَا صَنَعَ، وَأَبَى إِلَّا الْإِقَامَةَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْأَلْهُ عَمَّا صَنَعْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، فَإِنَّهُ وَاللهِ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ خِلَافِكُمْ إِيَّايَ فِيهِ، قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنَّا لَا نَعْرِفُهُ لَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟ قَالَ: قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: وَكُنَّا نَعْرِفُ الْعَبَّاسَ، كَانَ لَا يَزَالُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا تَاجِرًا، قَالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمَا الْمَسْجِدَ فَهُوَ الرَّجُلُ الْجَالِسُ مَعَ الْعَبَّاسِ، قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْعَبَّاسُ جَالِسٌ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ جَالِسٌ فَسَلَّمْنَا، ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ: " هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ " قَالَ: نَعَمْ هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشَّاعِرُ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي خَرَجْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، وَهَدَانِي اللهُ لِلْإِسْلَامِ، فَرَأَيْتُ أَنْ لَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ، فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا، وَقَدْ خَالَفَنِي أَصْحَابِي فِي ذَلِكَ، حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَمَاذَا تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " لَقَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا " قَالَ: فَرَجَعَ الْبَرَاءُ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ، قَالَ: وَأَهْلُهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى مَاتَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا، نَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ ...([1])

    وهو حديث طويل له بقية ينظر في موطنه يحكي بيعة العقبة وما دار فيها، وفي الحديث منقبة للبراء بن معرور وكعب بن مالك، وفيه إشكال وهو إقرار النبي صلى الله عليه وسلم صلاة البراء بن معرور إلى الكعبة قبل أن تكون قبلة للمسلمين، وعدم أمره بإعادة الصلاة،
    وقد أجاب على هذا الإشكال ابن العطار تلميذ النووي بعدة احتمالات في طوايا كلامه عن كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وقبلته إلى بيت المقدس، فقال: (واعلم: أنه ينبغي أن نعرف كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستقبل الكعبة في صلاته، وهو بمكة؟
    فذهب نفر من العلماء: إلى أن صلاته -صلى الله عليه وسلم-، وهو بمكة، لم تكن إلى بيت المقدس؛ وإنما صلى إليه بعد مقدمه إلى المدينة.
    والذي عليه جمهور العلماء: أنه كان يصلي إلى الشام.
    قال شيخنا أبو اليمن بن عساكر الحافظ -رحمه الله-: وسبب الاختلاف في ذلك: أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى بمكة مستقبلًا بيت المقدس جعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس، يتحرى القبلتين معًا؛ فلم يظهر استقباله بيت المقدس، ولا توجهه إليه، حتى هاجر إلى المدينة، وخرج من مكة.
    هكذا روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- من طريق صحيحة، وقد روى أبو حاتم بن حبان في "صحيحه" في هجرة البراء بن معرور، وكعب بن مالك إلى مكة، عام بيعة العقبة؛ ما يدل على ذلك؛ وهو: أن البراءَ بنَ معرور -رضي الله عنه- رأى ألا يجعل الكعبة وراء ظهره في صلاته، وأنه شاور في ذلك كعبًا؛ فلم يوافقه، وأنه بقي في نفسه من فعله حتى قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو وعمُّه العباس جالسين بمكة، فسلم هو وكعب عليه -صلى الله عليه وسلم-، في قصة طويلة، قال البراء بن معرور: يا رسول الله! إني صنعت في سفري هذا شيئًا، أحببت أن تخبرني عنه؛ فإنه قد وقع في نفسي منه شيء؛ إني قد رأيت ألا أجعل هذه البنية مني بظَهْر، وصليت إليها، ومنعني أصحابي، وخالفوني؛ حتى وقع في نفسي من ذلك ما وقع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أَما إِنَّكَ قد كنتَ على قبلةٍ، لو صبرت عليها)، قال: ولم يزده على ذلك الحديث.
    قال أبو حاتم: أما تركه -صلى الله عليه وسلم- أمرَ البراء بإعادة الصلاة التي صلاها إلى الكعبة، حيث كان الفرض عليهم استقبالَ بيتِ المقدس؛ لأن البراء أسلم لما شاهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يأمره بإعادة تلك الصلاة، من أجل ذلك.([2])
    قال شيخنا الحافظ أبو اليمن بن عساكر -رحمه الله- كلامًا، مقتضاه: أن البراء -رضي الله عنه-، كان مسلمًا قبل هجرته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة، هو ومن معه من الأنصار، وكانوا يسمون الأنصار في ذلك الوقت: الخزرج، ويدعون أوسَها وخزرجَها به، والقضاء على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر؛ وهذه واقعة عين، ووقائع الأعيان تحتمل وجوهًا من التأويل.
    واحتمال تأويل هذا الإمام -رحمه الله- مُتَّجه، لولا أن سياق القصة يدل على خلافه؛ بل يصرح بخلاف تأويله، واستدل على قوله بأحاديث، واستشهد عليه بشواهد، يطول الكلام بذكرها؛ منها قولهم له في محاجته، في تركه التوجه إلى الشام: وما بلغنا أن نبينا يصلي إلا إلى الشام، وما كنا نصلي إلى غير قبلة.
    فحيئذ، يكون تركه -صلى الله عليه وسلم- أمرَ البراء بالإعادة؛ لتأول البراء فيه، وعلم ذلك عند الله -سبحانه وتعالى-، وتأويله في توجهه إلى الكعبة له أصل صحيح، ومنزع حسن؛ فإنهم كانوا قد تقرر في أذهانهم وعلمهم: أن هذا النبي المبعوث في عصرهم؛ هو على ملة إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-.
    ودين إبراهيم الحنيفية، وقبلته الكعبة؛ كما أخبرهم أحبار اليهود؛ الذين ذمهم الله في كتابه المجيد، على كتم ما علموا، أو كفر ما عرفوا، ولعنَهم على إصرارهم على ذلك؛ فقال سبحانه: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: 89].
    فصلى البراءُ إلى الكعبة؛ اتباعًا لما علمه من علماء اليهود، مستصحبًا لأصل الحكم في ذلك، ورجحه على ما وجد فيه التردد عنده، في ثبوته، والاختلاف في صحته، ووجوده؛ وهو وجه من وجوه التراجيح؛ فهذا ملخص كلامه -رحمه الله- في ذلك، والله أعلم.(
    [3])


    ([1]) أحمد: (15798)، قال محققو المسند: حديث قوي، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاف- وإن كان مدلساً- صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه، وقد رواه عنه سلمةُ بنُ الفضل- كما سنذكر- وقد قال فيه جرير- فيما نقله عنه ابنُ معين-: ليس من لدن بغداد إلى أن تبلغ خراسان أثبت في ابن إسحاق من سلمة بن الفضل، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري.
    وأخرجه الطبري في "التاريخ" 2/360-362، وابن حبان (7011) من طريق سلمة بن الفضل، والطبراني في "الكبير" 19/ (175) من طريق جرير، و (174) ، والحاكم 3/441 مختصراً، والبيهقي في "الدلائل" 2/444-4447 من طريق يونس بن بكير، ثلاثتهم عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وتحرف اسم عبيد الله بن كعب عند الطبري وابن حبان والبيهقي إلى: عبد الله بن كعب. وأخرجه ابن خزيمة مختصراً (429) من طريق سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن معبد، عن كعب، به، ولم يذكر أخاه عبيد الله.
    وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/45، وقال: رواه أحمد والطبراني بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع.
    وأورده ابن هشام في "السيرة" 1/439-443.
    ([2]) صحيح ابن حبان: (7011).

    ([3]) العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام: (1/ 396 – 398)، لابن العطار.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: إشكال في حديث البراء بن معرور وصلاته إلى الكعبة

    جزاكم الله خيرا.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: إشكال في حديث البراء بن معرور وصلاته إلى الكعبة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا.

    وجزاكم آمين
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •