تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ما صحة حديث اذهبوا فأنتم الطلقاء؟

  1. #1

    افتراضي ما صحة حديث اذهبوا فأنتم الطلقاء؟

    ما صحة حديث (اذهبوا فأنتم الطلقاء
    الحمد لله

    أولا:

    هذا الحديث بهذا اللفظ ليس له إسناد ثابت ، فقد رواه ابن إسحاق ، كما في "سيرة ابن هشام" (2/ 412) : حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ... إلى أن قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تُرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، قَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ .

    وهذا مرسل أو معضل، مع جهالة المرسِل .

    وقال الإمام الشافعي رحمه الله في "الأم" (7/ 382)

    " قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَفَا عَنْ مَكَّةَ وَأَهْلِهَا وَقَالَ: (مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ) .

    وَنَهَى عَنْ الْقَتْلِ ، إلَّا نَفَرًا قَدْ سَمَّاهُمْ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ أَحَدًا فَيَقْتُلَ، وَقَالَ لَهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ : (مَا تَرَوْنَ أَنِّي صَانِعٌ بِكُمْ؟) قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، قَالَ: (اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ).

    وهذا معضل أيضا .

    وضعفه الشيخ الألباني في "الضعيفة" (1163)

    ثانيا :

    روى الأزرقي في "أخبار مكة" (2/ 121) من طريق مُسْلِم بْن خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ الْبَيْتَ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ، وَقَدْ لُبِطَ بِالنَّاسِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، مَاذَا تَقُولُونَ وَمَاذَا تَظُنُّونَ ؟ قَالُوا: نَقُولُ خَيْرًا وَنَظُنُّ خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، وَقَدْ قَدَرْتَ فَأَسْجِحْ قَالَ: فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين .

    وهذا إسناد ضعيف ، مسلم بن خالد صدوق كثير الأوهام ، كما في "التقريب" (ص 529)، ثم هو مرسل .

    ولكن له شاهد يرويه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (318) - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا يَقُولُ فِيَّ قُرَيْشٌ ؟ فَيَقُولُونَ: ابْنٌ، وَابْنُ أَخٍ. قَالَ: أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين .

    وهذا إسناد ضعيف ، عبد الله بن المؤمل ضعيف الحديث ، انظر: "التهذيب" (6/ 46)

    وقال أبو الشيخ في "أخلاق النبي" (80): أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، نَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَرْبٍ، نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ بَعْضِ آلِ ابْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ ابْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ، أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَإِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ ابْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَقُلْتُ: قَدْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ بِمَا صَنَعُوا، حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ: قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَانْفَضَحْتُ حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

    وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، إلا شيخ الزهري فإنه مجهول .

    فلعل هذا القدر من الحديث بهذه الطرق يزداد قوة .

    ثالثا :

    تسمية الذين خلى عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح : " الطلقاء " ، ثابت في السنة .

    فروى البخاري (4333) ، ومسلم (1059)، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، التَقَى هَوَازِنُ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ آلاَفٍ، وَالطُّلَقَاءُ، فَأَدْبَرُوا، قَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ . قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ لَبَّيْكَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ . فَانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ، فَأَعْطَى الطُّلَقَاءَ وَالمُهَاجِرِين َ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا ... " الحديث.

    وروى الإمام أحمد (19215) عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ أَوْلِيَاءُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَالطُّلَقَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالْعُتَقَاءُ مِنْ ثَقِيفٍ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ​​​​​​​

    وصححه محققو المسند.

    قال في "النهاية" (3/ 136):

    " الطلقاءُ: همُ الَّذين خَلَّى عَنْهُمْ يَوْمَ فَتْح مَكَّةَ ، وأَطْلَقَهُم ، فَلَمْ يَسْتَرِقَّهم .

    واحدُهم: طَلِيق، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعول ، وَهُوَ الْأَسِيرُ إِذَا أُطْلِقَ سَبيله .

    ومنه الحديث : (الطُّلَقَاء من قُرَيش) " انتهى .

    وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8/ 48):

    " الطُّلَقَاءِ: جَمْعُ طَلِيقٍ: مَنْ حَصَلَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنُّ عَلَيْهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعُهُمْ " انتهى .

    وينظر للفائدة : " ما شاع و لم يثبت من أحاديث السيرة " (190-191) .

    والله تعالى أعلم .

    https://islamqa.info/ar/answers/2906...82%D8%A7%D8%A1

  2. #2

    افتراضي رد: ما صحة حديث اذهبوا فأنتم الطلقاء؟

    سؤال إلى الإخوة :
    هل وقفتم لهذا الحديث إسناد صحيح؟
    وبارك الله فيكم.

  3. #3

    افتراضي رد: ما صحة حديث اذهبوا فأنتم الطلقاء؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمن هاشم بيومي مشاهدة المشاركة
    هل وقفتم لهذا الحديث إسناد صحيح؟
    نعم، وقفت له لكن ليس بهذا اللفظ (اذهبوا فأنتم الطلقاء) !
    بل بلفظ (
    "فإني أقول كما قال أخى يوسف: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} ") .
    صححه
    عبد الحق الإشبيلي (510 - 581 هـ)، وعزاه في الأحكام الصغرى (558) إلى النسائي في التفسير (1/ 668) - رقم (318).
    رواه أبو هريرة رضي الله عنه في حديث طويل قَالَ:
    " فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ، فَجَعَلَ يَمُرُّ بِتِلْكَ الأَصْنَامِ، فَيَطْعَنُهَا بِسِيَةِ الْقَوْسِ وَيَقُولُ:ف جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًاق، حَتَّى إِذَا فَرَغَ وَصَلَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِعَضَادَتَيِ الْبَابِ، ثُمَّ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تَقُولُونَ؟ "، قَالُوا: نَقُولُ: ابْنُ أَخٍ، وَابْنُ عَمٍّ رَحِيمٌ كَرِيمٌ. ثُمَّ عَادَ عَلَيْهِمُ الْقَوْلَ، قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: " فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ:{ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } "، فَخَرَجُوا فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلامِ ... إلخ". اهـ.
    وفي لفظ "فَخَرَجُوا كَأَنَّمَا نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ فَدَخَلُوا فِي الإِسْلامِ". اهـ.
    أخرجه النسائي في السنن الكبرى (11234)، والبيهقي في دلائل النبوة [5 : 57] من حديث : سَلامِ بْنِ مِسْكِينِ بْنِ رَبِيعَةَ النَّمَرِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيِّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه فذكر حديثًا طويلًا.
    وهذا إسنادٌ صحيحٌ رجاله ثقاتٌ رجال الصحيحين ونص الحديث للنسائي :
    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: وَفَدْنَا إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَمَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَدْعُو كَثِيرًا إِلَى رَحْلِهِ، فَقُلْتُ لأَهْلِي: اجْعَلُوا لَنَا طَعَامًا، فَفَعَلُوا، فَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْعَشِيِّ، فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: لَقَدْ سَبَقْتَنِي إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ: فَجَاءَنَا، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ؟ قَالَ:
    لَمَّا فَتْحَ رَسُولُ اللَّهِ
    مَكَّةَ، اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَي ْنِ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الأُخْرَى، قَالَ: فَبَصُرَ بِي رَسُولُ اللَّهِ فِي كَبْكَبَةٍ، فَهَتَفَ بِي، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " اهْتِفْ لِي بِالأَنْصَارِ "، فَهَتَفْتُ بِهِمْ، فَطَافُوا بِرَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مِيعَادٍ، قَالَ: " يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعُوا لَنَا، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاحْصُدُوهُمْ حَصْدًا، حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا، الصَّفَا مِيعَادُكُمْ "، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَا لَقِينَا مِنْهُمْ أَحَدًا إِلا فَعَلْنَا بِهِ كَذَا وَكَذَا، وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبَحْتَ خَضْرَاءَ قُرَيْشٍ، لا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلاحَ فَهُوَ آمِنٌ "، وَلَجَأَتْ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ وَعُظَمَاؤُهَا إِلَى الْكَعْبَةِ، يَعْنِي دَخَلُوا فِيهَا، قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ، فَجَعَلَ يَمُرُّ بِتِلْكَ الأَصْنَامِ، فَيَطْعَنُهَا بِسِيَةِ الْقَوْسِ وَيَقُولُ: { جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا }، حَتَّى إِذَا فَرَغَ وَصَلَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِعَضَادَتَيِ الْبَابِ، ثُمَّ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تَقُولُونَ؟ "، قَالُوا: نَقُولُ: ابْنُ أَخٍ، وَابْنُ عَمٍّ رَحِيمٌ كَرِيمٌ. ثُمَّ عَادَ عَلَيْهِمُ الْقَوْلَ، قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: " فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: { لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } "، فَخَرَجُوا فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلامِ، ثُمَّ أَتَى الصَّفَا لِمِيعَادِ الأَنْصَارِ، فَقَامَ عَلَى الصَّفَا عَلَى مَكَانٍ يَرَى الْبَيْتَ مِنْهُ، فَحَمِدَ اللَّهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ نَصَرَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ، وَهُمْ أَسْفَلُ مِنْهُ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَدْرَكَتْهُ رَأْفَةٌ لِقَرَابَتِهِ، وَرَغْبَتُهُ فِي عَشِيرَتِهِ، فَجَاءَهُ الْوَحْيُ بِذَلِكَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا جَاءَهُ الْوَحْيُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ مِنَّا يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ عَنْهُ، فَلَمَّا قُضِيَ الْوَحْيُ، قَالَ: " هِيهِ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكْتُهُ رَأْفَةٌ بِقَرَابَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِي عَشِيرَتِهِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، لَقَدْ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ إِلَيْكُمُ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ "، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَأَيْتُ الشِّيُوخَ يَبْكُونَ، حَتَّى بَلَّ الدُّمُوعُ لِحَاهُمْ، ثُمَّ قَالُوا: مَعْذِرَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلا ضَنًّا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، قَالَ: " فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَقَكُمْ وَرَسُولُهُ، وَقَبِلَ قَوْلَكُمْ ". اهـ.
    والله أعلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •