بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ
نشر في صحيفة "الرياض" الصادرة بتاريخ 2/5/1429 هـ
مقال للكاتب: عبد المحسن الضبعان بعنوان : "هيفاء وهبي في البحرين ثم ماذا" جاء فيه أن الفنانة هيفاء جاءت وغنت ثم رحلت بسلام ولم يصب هذا البلد الجميل لا بكارثة ولا بإعصار (كاترينا) ولا إعصار هيفاء كما صوره المعارضون والرافضون هكذا قال الكاتب ونسي قول الله تعالى :
﴿ وَيَسْتَعْجِلُو نَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ (الحج: 47) وقوله تعالى عن المنافقين: ﴿ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ (المجادلة: 8) فعذاب الله حاصل إذ لم يعف الله حاصل في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعاً قال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ (الأعراف 97- 99)
ألم ير الكاتب ولم يسمع ما يحل بالأقطار المجاورة من زلازل مروعة وحروب مدمرة وأعاصير هائلة حتى قال بسخرية أن الفنانة جاءت وغنت ثم رحلت بسلام ولم يصب البلد بكارثة.
إن عذاب الله أيها الكاتب إذا لم يصب الأبدان فإنه يصيب القلوب ألم تقرأ قول الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ﴾ (الأعراف: 100)
أين الأمم التي قالت كل أمة منها لرسولها على وجه التحدي : ﴿ ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ (العنكبوت: 29) ﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ (الأعراف: 70) ألم يأتها ما وعدت فهلكت عن آخرها ولم يبق إلا مساكنهم : ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ﴾ (النمل: 52).
﴿ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلا قَلِيلا ) (القصص: 58).
ألم يعلم الكاتب أن الله سبحانه يمهل ولا يهمل وأنه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ (هود: 102) ثم ينكر الكاتب على أهل الخير الذين حذروا بلادهم من فتنة هذه المرأة القادمة لما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة حيث قال :
(هيفاء وهبي أحيت حفلها في المنامة مساء الأربعاء الماضي رغم المعارضة الشديدة من قبل عدد قليل من النواب البحرينيين الذين يريدون فرض وصايتهم على كل شيء).
ربما - لأهداف معينة أو ربما لوجه الله تعالى - هكذا يتبجح بما فعلته هذه المرأة في حفلها من المنكر المعلن وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها ومن أمثالها.
فقال عليه الصلاة والسلام : « واتقوا النساء فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء » فماذا على أهل الخير إذا حذروا مما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم وعملوا بقول الله تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ (آل عمران: 104).
والحمد لله أن الكاتب اعترف بما في عمل هذه المرأة وأمثالها من المنكرات والشرور.
فقال: (نعم قد تكون هذه الفنانة وغيرها من فنانات الجنس الغنائي ممن لدينا عليهن بعض الملاحظات ولكن تضخيم المسألة وجعلها كأنها إهانة للشعب وحرب على الأخلاق وغزو فكري غاشم هي محض خيالات وأوهام يريد بها المعارضون فرض أهوائهم ونسوا أن للناس أيضاً - أهواء شتى تختلف عنهم - نقول له المسألة ليست مسألة أهواء وإنما هي نصيحة والأهواء مذمومة قال تعالى: ﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ﴾ (المؤمنون: 71).
فالواجب اتباع الحق وقبول النصيحة ولو خالفت الأهواء لما في ذلك من العواقب الحميدة.
والشر وإن كان يسيراً في بدايته فإنه يتطور وعواقبه وخيمة فلا يستهان به ولا تؤمن عواقبه الوخيمة على المجتمع والأفراد.
وفّق اللَّـهُ الجميع لمعرفة الحق والعمل به ومعرفة الباطل ومخالفته.
وَصلَّى اللَّـهُ وسلَّم على نبينا مُحمَّد وآله وصحبه.
كتبه د. صَالِحُ بْنُ فَوْزَانَ الفَوْزَان
عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السّعودية
20 / 6/ 1429 هـ