الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فقد روى الحاكم في المستدرك (٢ / ٥١٠) عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ((قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1]، حتى ختمها، ثم قال: ((إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وحق لها أن تئطَّ، ما فيها موضع قدر أربع أصابع إلا ملك واضع جبهته ساجدًا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتُم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا، وما تلذَّذتُم بالنساء على الفُرش، ولخرجتُم إلى الصعدات تجأرون))؛ السلسلة الصحيحة رقم: (١٧٢٢).
وسمِع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلًا يقرأ: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1]، فقال عمر: "يا ليتها تمت"؛ الزهد رقم: (٢٣٥) لابن المبارك.
وقرأ رجل عند عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1]، فقال عبدالله: ألا ليت ذلك تم"؛ مصنف ابن أبي شيبة رقم: (٣٤٥٥٦)، وهذا لأن هذه السورة فيها موعظة وعظة وعبرة، فقد أخبر الله عز وجل في مطلعها عن الإنسان، وأنه عز وجل أوجده بعد أن لم يكن شيئًا يُذكر لحقارته وضَعفه، وذكر أطوار خلقه مبتدأها ومتوسطها ومنتهاها، وأنه سبحانه جعل له سمعًا وبصرًا؛ حتى يتمكَّن بهما من الطاعة والمعصية.
وشرع عز وجل بعد ذلك بذكر ما امتنَّ به عليه من أنه عز وجل قد بيَّن له طريق الخير وطريق الشر، وأنه وبحسب سيره فهو في ذلك إما شقي وإما سعيد، ثم بيَّن بعد ذلك - تهديدًا ووعيدًا - وأخبر عما أرصده للكافرين من خلْقه به عز وجل من السلاسل والأغلال والسعير، وبيَّن أن هذه هي النهاية الحتمية لكل من اختار الطريق الموصلة إلى الهلاك وسلكها، فرهَّبه منها.
ثم بعد هذا كله شرع في بيان الطريق الآخر ترغيبًا فيه وحضًّا عليه، فقال عز وجل: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 5 - 12].
لقد امتدح الله عز وجل هؤلاء الأبرار الصادقين المطيعين على قولي أهل التفسير، بأنهم يطعمون الطعام مع حبهم إياه، وشهوتهم له، بل مع أشد ما تكون حاجتهم إليه، وثلاثتها هي أقوال لأهل التفسير؛ لأن هذه الهاء في قوله عز وجل: ﴿ حبه ﴾ تعود على الطعام على الصحيح من قولي أهل التفسير رحمهم الله، وهو ما استظهره الإمام النِّحرير والعلامة ابن كثير رحمه الله في تفسيره، وهنا لا بأس من ذكر فائدة زائدة[1] ذكرها السمعاني رحمه الله في تفسيره (٤/ ١٩٥)، وهي قوله: "والطعام لا يكون صاحب الحب، وإنما الإنسان هو صاحب الحب، ولكن أضافه إلى الطعام لاتصال الحب منه"، والمهم أنهم استحقوا لذلك هذا كله، كما استحقوا ما وصفهم الله عز وجل به من الأثرة على أنفسهم.
وبيَّن عز وجل عقبها مبتغاهم في قوله عز وجل: ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 9]، فهم يقومون بهذا لا لشيء إلا فزعًا من عذابه عز وجل، وطمعًا في ثوابه عز وجل، غير متلمسين منهم مكافأة وجزاءً، ولا منتظرين منهم شكورًا وثناءً.
هذه هي خبيئتهم التي كانوا يضمرونها، ونيَّاتهم التي كانوا يبطنوها، وهذا هو لسان حالهم ومقالهم، لا شيء البتةَ غيره ولا سواه، على أن بعض أهل التفسير رحمهم الله قال بجواز أنهم مع إطعامهم بهذا لا ينطقون بهذا، والمهم أنه لما كان هذا هو المعنى الذي يضمرونه، والمبتغى الذي ينشدونه، كانت هذه الآية الكريمة ترجمة لما في قلوبهم، وتزكيةً لهم، والجزاء من جنس العمل، والله أعلم.
وهذه الآيات - وبقطع النظر عمن نزلت عنه - وهل صح أو لم يصح؟ ومع أنه لا يصح فيها شيء قطعًا[2]، فإنها باقية على عمومها وهو الأصل، كما قرر ذلك أهل التحقيق رحمهم الله والله أعلم.
قال الإمام ابن حزم رحمه الله في الفصل في الملل والأهواء (٤/ ١١٥): "لأن الآية على عمومها وظاهرها لكل من فعل ذلك".
ثم ألا ترى أن الشارع الحكيم والشرع الحنيف قد أولى هذه السورة عناية خاصة؛ فندبنا إلى قرأتها في غير ما مناسبة وغير ما مرة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر: ﴿ الم * تَنْزِيلُ ﴾ [السجدة: 1، 2]، و﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ﴾))؛ أخرجه البخاري رقم: (٨٩١)، ومسلم رقم: (٨٨٠).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر، يوم الجمعة: ﴿ الم * تَنْزِيلُ ﴾ [السجدة: 1، 2]، و﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ﴾؛ أخرجه مسلم رقم: (٨٧٩).
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: ﴿ الم * تَنْزِيلُ ﴾ و﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ ﴾؛ أخرجه ابن ماجه رقم: (٨٢٤، صحيحه).
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (١/ ٢٠٣): "وإنما كان صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ هاتين السورتين لما اشتملتا عليه من ذكر المبدأ والمعاد، وخلق آدم، ودخول الجنة والنار، وذلك مما كان ويكون في يوم الجمعة، فكان يقرأ في فجرها ما كان ويكون في ذلك اليوم؛ تذكيرًا للأمة بحوادث هذا اليوم".
وقال أيضًا في موضع آخر (١/ ٣٦٤) رحمه الله: "وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين في فجر الجمعة؛ لأنهما تضمَّنتا ما كان ويكون في يومها، فإنهما اشتملتا على خلْق آدم، وعلى ذكر المعاد وحشر العباد، وذلك يكون يوم الجمعة، وكان في قراءتهما في هذا اليوم تذكير للأمة بما كان فيه ويكون".
أوليس في هذا حث وتذكير وإرشاد لعظيم ما احتوت عليه، ودلت إليه؟!
وهذا فضل من الله عز وجل؛ ليرغب فيه الراغب، ويشمر إليه المشمر، والأمر كما قيل قديمًا: وعند الصباح يحمد القوم السرى..
بل الأمر كل الأمر كما قال الله عز وجل: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8]،
وأنشد فيه بعضهم (تفسير القرطبي: ٢٠/ ١٥٢) رحمه الله:
إن من يعتدي ويكسب إثمًا
وزن مثقال ذرة سيراه
ويجازى بفِعله الشرَّ شرًّا
وبفعل الجميل أيضًا جزاه
ورحِم الله عز وجل العلامة ابن رجب الحنبلي، فلقد أحسن أيَّما إحسان، ووُفِّق أيما توفيق حين قال: "أأطلب الشجاعة من الجبان، وأستشهد على رؤية الهلال من هو من جملة العميان؟ كم بين من قيل فيه: ﴿ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ ﴾ [التوبة: 76]، وبين من قيل فيه: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9]. بيننا وبين القوم كما بين اليقظة والنوم.
لا تعرضن لذكرنا في ذكرهم *** ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
فيا من يطمع في علو الدرجات من غير عمل صالح، هيهات هيهات! ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [الجاثية: 21].
نزلوا بمكة في قبائل نوفل *** ونزلت بالبيداء أبعد منزل"
انتهى كلامه رحمه الله من اختيار الأولى (ص:٧٩-٨٠) وهو في تفسيره المطبوع (٢/ ١٧٧).
فوائد وفرائد:
ثم اعلموا - وفَّقني الله وإياكم إلى كل خير - أن هؤلاء الآيات الكريمات قد حوت جواهر نفيسة، وجمعت دررًا ثمينة، فكان لا بد من سردها وتلخيصها حتى تكتمل الفائدة.
ولذلك فهذه جملة من الفوائد والفرائد المستنبطة والمنتقاة من هؤلاء الآيات، جمعتها من مواضع شتى من كتب أهل العلم وكتاباتهم، ودروسهم ومحاضراتهم، وزدتُ فيها ما حضرني عند تأمَّلها، ومع أن بعضها قد لا يسلَّم به على إطلاقه، والبعض الأخر قد لا يصح؛ إما لضعفه، أو عدم قوته، أو لأن بعض أهل العلم تعقبه لشيء ظهر له، أو أن البعض قد يظهر فيه نوع تكرير، أو قد يدخل بعضها في بعض، إلا أني أحببت أن أنشرها جميعها كما هي للاستفادة والإفادة منها، وأسأل الله عز وجل أن ينفعني بها، وإخواني المسلمين، وجميع من يقف عليها، مع التنبيه: أنني لم أراعِ في سردها ترتيبًا معينًا، بل وقع قدرًا هكذا، فقدر الله وما شاء فعل، فأقول مستعينًا بالله عز وجل، متوكلًا عليه، متبرئًا من حولي وقوتي، مع اعترافي بعجزي وضَعفي وقلة حيلتي، سائلًا المولى عز وجل أن يُعينني بحوله وقوته، فلا حول لنا ولا قوة إلا به، فمنها:
١- أنها توجب إخلاص العمل لله عز وجل.
٢- فضل الإخلاص في الأعمال لله عز وجل.
٣- فضل الإحسان.
٤- الأمر بالإحسان والندب إليه.
٥- فضل إخفاء أعمال الخير وسترها.
٦- ذم المدح والثناء في مقابل الأعمال الصالحة.
٧- بيان شيء من صفات الأبرار.
٨- بيان بعض الأعمال الصالحة والصفات التي يلحق بها صاحبها ركب الأبرار.
٩- ذم الكبر وأهله وأنهم بعيدون كل البعد عن هذا الخير العظيم، فنعوذ بالله عز وجل من الكبر وأهله.
١٠- الندب إلى التشبه بالأبرار، وأن نحذو حذوَهم، وفي الحديث: ((من تشبه بقوم فهو منهم)).
١١- أن أعمال البر الخالصة لا بد فيها من صلاح القلب وخشوعه.
١٢- أن الجزاء من جنس العمل.
١٣- أن أعمال البر من أسباب دخول الجنة.
١٤- فضل مجالس البر وأهله، وأنها من أعظم الأسباب المعينة على طاعة الله عز وجل.
١٥- أن الحاجة والفاقة لا تكون أبدًا عائقًا أمام أهل البر وأعمالهم.
١٦- فضل الإيثار.
١٧- الأمر بالإيثار والندب إليه.
١٨- فضل القصص وما تحويه وترشد إليه، وتدل عليه من العبر.
٢٠- أن فضل الله عز وجل أعظم وجزائه أوفر.
٢١- فضل الإنفاق.
٢٢- أن البر لا ينال إلا بالإنفاق مما نحب.
٢٣- كلما كان الإنفاق مع الحاجة إليه والمشقة معه والرغبة فيه، كان أعظم وأفضل وأبر.
٢٤- أنه ليس ثمة إلا طريقان: طريق الفجار، وطريق الأبرار.
٢٥- أن لكل من الفجار والأبرار علامات ودلالات تدل عليه وترشد إليه، والموفق من وفَّقه الله عز وجل، فنسأل الله التوفيق والسداد.
٢٦- ذم البخل والشح وأهلهما، وأنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يلتقيا مع البر وأهله.
٢٧- وجوب الوفاء بالنذر.
٢٨- فضل الوفاء بالنذر.
٢٩- الوفاء بالنذر من أسباب البر.
٣٠- الوفاء بالنذر من أسباب دخول الجنة.
٣١- الوفاء بالنذر من علامات أهل البر.
٣٢- فضل الخوف من الله عز وجل.
٣٣- الخوف من الله عز وجل من أسباب البر.
٣٤- الخوف من الله عز وجل من أسباب دخول الجنة.
٣٥- الخوف من الله عز وجل من علامات أهل البر.
٣٦- فضل إطعام الطعام.
٣٧- إطعام الطعام من أسباب البر.
٣٨- إطعام الطعام من أسباب دخول الجنة.
٣٩- إطعام الطعام من علامات أهل البر.
٤٠- عِظَم يوم القيامة وهوله.
٤١- الندب إلى تذكُّر يوم القيامة والخوف منه.
٤٢- ذم الرياء.
٤٣- فضل الجنة وبيان شيء من نعيمها على سبيل الترغيب.
٤٤- التخويف من أهوال يوم القيامة من صور الترهيب، وهي من سياط القلوب التي ينبغي على الوعاظ العناية بها، وتذكير الناس بها بين الفينة والأخرى.
٤٥- الترغيب في الجنة وبيان شيء من نعيمها الثابت في النصوص، هي أيضًا من أساليب الوعظ التي ينبغي العناية بها والإكثار منها.
٤٦- وجوب العناية بالفقراء والمساكين والأيتام وتفقُّد الأسرى.
٤٧- فضل إطعام الفقراء والمساكين والأيتام والأسرى.
٤٨- أن من أعظم علامات البر وأهله أنهم يبتغون رضوانه وينشدون ما عنده دون ما سواه.
٤٩- أن البر يضعف وأهله يتراجعون فيه بحسب ما يكون في قلوبهم من التعلق بغير الله عز وجل، والرجاء ممن سواه، وكلما قل هذا زاد ذاك، وكلما ضعُف ذاك قوِي هذا.
٥٠- أن الجزاء والشكور هو العوض، وهو الواجب على كل مَن صُنِع إليه معروفٌ، كما في حديث: ((من صنع إليكم معروفًا..)).
٥١- أن الجزاء والشكور الذي ينقص أعمال البر ويخرمها، هو الذي يرجى مع العمل لا الذي يكون مقابل عمله مع عدم رجائه له.
٥٢- أن لكل من الفجار والأبرار سيْما وعلامات في العاجلة والآجلة والدنيا والآخرة.
٥٣- أن وجوه الفجار يوم القيامة عابسة كالحة مغبونة.
٥٤- أن وجوه الأبرار يوم القيامة ناضرة مسرورة.
٥٥- من أساليب القرآن في الحث على الأعمال الصالحة ولا سيما أعمال البر: الندب إليها والثناء على أهلها، وبيان شيء من ثوابها دون الإلزام والإيجاب إلا ما ندر، وهذا من أساليب الوعظ التي ينبغي على الوعاظ العناية بها والسير عليها.
٥٦- من أساليب القرآن في التحذير من الأعمال السيئة، ولا سيما أعمال الفجار: التحذير منها، وتوبيخ فاعلها وتقريعه تعميمًا لا تخصيصًا، ونصيحة لا تشهيرًا، وهذا من أساليب الوعظ أيضًا التي ينبغي على الوعاظ العناية بها وترسم خطاها.
٥٧- أن الفوز الحقيقي والنجاة التي ينبغي أن تنشد هي الجنة، وكل ما قرب إليها من قول أو عمل.
٥٨- علامة البر في الإنفاق التي هي ختمه الذي لا يكون إلا بها، هي قوله عز وجل: ﴿ عَلَى حُبِّهِ ﴾ [البقرة: 177]، وهي كقوله عز وجل: ﴿ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92].
٥٩- ذكر المسكين واليتيم والأسير هنا هو وإن كان تمثيلًا لا تخصيصًا وتعيينًا، وتدليلًا لا قصرًا وحصرًا، إلا أنه أيضًا دليل على الاهتمام وبيان الأهم.
٦٠- من المهم عند بذل العمل الصالح قولًا أو فعلًا، ولا سيما إذا أردت أن تلبسه لباس الأبرار، وتنزله منازل الأبرار: الحرص على بيان ما يكون به، ومعه دفع الظنون السيئة والوساوس المؤذية من باب: ((إنها صفية)).
٦١- أن الشكور والجزاء والمديح والثناء، ليس مذمومًا هنا لذاته، ولكنه بيان لفضل العمل الصالح إذا لم يكن مصحوبًا بشيء منها، وأنه متى كان الأمر كذلك، كان دلالة على البر وقربه من أهله، يزيد برًّا بمفارقتها لقلبه ويعظُم، ويقل باستصحابه شيئًا منها ويصغر، وهكذا وجودًا وعدمًا وزيادة ونقصانًا.
٦٢- أن أعمال البر من أسباب تزكية النفوس وصلاحها، وتطهير القلوب وتقويمها.
٦٣- أن المدح من الله عز وجل لا يماثله مدح ولا يقاربه، والذم منه كذلك، نسأل الله عز وجل السلامة والعافية.
٦٤- أن الخوف من الله عز وجل من أسباب البر التي تحجزك ليس عن المعاصي والسيئات وحسب، بل حتى أن تكون أعمالك الصالحة على غير الوجه المرضي الذي ينبغي أن تكون عليه.
٦٥- بيان عظيم فضله سبحانه وبره وإحسانه، وأنه لا شيء يضاهيه، ولا حتى يقاربه ويدانيه.
٦٦- الإطعام والبذل غاية لا يمكن أن ينال البر منها إلا بالانتهاء إليها.
٦٧- الإطعام والبذل مما نحب ومع أنه غاية يتطلع إليها، إلا أنها شاقة على النفوس بعيدة المنال، لا يتأتى الحصول عليها إلا لمن وفَّقه الله عز وجل، نسأل الله عز وجل التوفيق.
٦٨- أن هذا الإطعام والبذل يشمل ما كان فرضًا أو نفلًا قليلًا أو كثيرًا..
٦٩- رحمة الله عز وجل بنا لنيل البر بأن ننفق مما نحب، ولم يشترط علينا أن ننفق جميع ما نحب.
٦٨- أن كل إنفاق أو إطعام أو بذل أو عطاء، لا يخفى عليه عز وجل وهو عليم به، وبما يخفي ويُضمر فاعله.
٦٩- أن الجزاء كما يكون على العمل يكون أيضًا على النية.
٧٠- تذكر ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم في الإطعام والبذل والإنفاق - مع قلة ذات اليد - مما يحبون من الأسباب المعينة عليه؛ ولذلك بادر الكثير من أهل العلم رحمهم الله إلى ذكر شيء منها عند هؤلاء الآيات ومثيلاتها.
٧١- المسارعة إلى بذل الأعمال الصالحة - ولا سيما - أعمال البر التي هي من أسباب الوقاية من النار.
٧٢- أن الله عز وجل ذكر لنا صورًا من أعمال البر؛ للتعرف عليها، ولتدلنا على مثيلاتها، وليكون فيه عون لنا على الدلالة عليها، والسير إليها.
٧٣- العبرة من هذه الآيات لا تكتمل إلا بالامتثال والاقتداء.
٧٤- أن من سيما الأبرار أنهم يقدمون الأعمال الصالحة وقلوبهم وجلة؛ لأنهم يدركون أنهم إلى ربهم راجعون.
٧٥- أن الأعمال الصالحة لا بد حتى يتحقق فيها وسم البر، لا بد أن تكون بين رجاء قبولها، والخوف من عدم قبولها، هذا هو الأسلم والأكمل.
٧٦- تخصيص الإطعام بالذكر لما في إطعام المحتاج من إيثاره على النفس؛ كما أفاده قوله عز وجل: ﴿ عَلَى حُبِّهِ ﴾.
٧٧- التصريح بلفظ الطعام مع أنه معلوم من فعل يطعمون، توطئة ليبني عليه الحال، وهو ﴿ على حبه ﴾؛ فإنه لو قيل: (ويطعمون مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا)، لفات ما في قوله: ﴿ على حبه ﴾ من معنى إيثار المحاويج على النفس.
٧٨- ذكر الطعام بعد يطعمون يفيد تأكيدًا، مع استحضار هيئة الإطعام، حتى كأن السامع يشاهد الهيئة.
٧٩- أن كلمة الحب في قوله عز وجل: ﴿ على حبه ﴾ أعم من أي وصف، وأشمل من أي لفظة، ولا يمكن أن يتأتى لأي وصف غيره ما يتأتى به.
٨٠- تأنيس النفوس وجبر القلوب يكون بالقول كما يكون بالفعل.
٨١- أن من مكملات أعمال البر - وهو أيضًا من أخلاق الأبرار - تأنيس النفوس بما يتأتى معه، ويكون منه دفع انكسار النفس، وذل القلب الحاصل عند الإطعام أو البذل.
٨٢- لا يمكن أن تجني من العمل أو القول ثمار البر، ولا أن ترقى بهما مراتب الأبرار ما لم يكن هو هو ما تخفيه النفس ويُضمره القلب، والله عز وجل وحده المطلع على السرائر.
٨٣- كما أنه لا يمكن لأحد أن يجني من الشوك العنب، فكذلك لا يمكن بحال أن ينزل الفجار منازل الأبرار.
٨٤- حُسن تنسيق النظم، وإضفاء البيان عليه - مع موافقته للشرع طبعًا - يضفي عليه جمالًا إلى جماله، ويكون سببًا قويًّا لقبوله والعمل به.
٨٥- تسلية الأبرار أهل الإنفاق والإطعام والبذل - وأعمال البر - بما أعد لهم لإدخال المسرة على أنفسهم بحسن المناظر التي كانوا يتمنونها في الدنيا لعزة وجودها، أو حتى لوجود الكثير منها مما حرموه فيها.
٨٦- أن مراتب الإنفاق والبذل والإطعام ومثيلاتها التي يريد صاحبها بها أن تبلغ البر، لا بد أن تجمع صفات؛ منها:
الأولى: أن تكون مما يملِك.
الثانية: أن تكون مما يحب.
الثالثة: أن تكون مع إيثار غيره على نفسه، فالأولى أدنها، والثالثة أعلاها والثانية وسط بينهما.
٨٧- من لوازم البر في الإنفاق والإطعام والبذل والعطاء أن تكون طيبة حلالًا، وإلا فأنى لها أن تكون شيئًا فضلًا أن تكون برًّا؟!
٨٨- جمعت هؤلاء الآيات جملة من أحكام الإنفاق والبذل والإطعام وقواعده العامة، فذكرت:
أولًا: ما يقع منه.
ثانيًا: ما يقع به.
ثالثًا: الجهة.
رابعًا: صورته.
خامسًا: الموقف منه.
سادسًا: الجزاء عليه.
٨٩- تأديب أهل الإنفاق والبذل والإطعام في طريقة إنفاقهم وبذلهم وإطعامهم.
٩٠- الإخبار عن اليوم الآخر ومن لوازم ذلك الإيمان به.
٩١- الإيمان باليوم الآخر يحمل صاحبه على أعمال البر.
٩٢- أن النفوس جُبلت على حب ما تملِكه.
٩٣- لا بد لبلوغ البر من الاستعانة بالله عز وجل أولًا، ثم بالأسباب المعينة عليه كالمجاهدة وغيرها.
٩٤- دأب القرآن الكريم على بيان سُبل الرشد والهدى؛ كما بيَّن سبل الغواية والردى، وجعل للعبد المشيئة في اختياره.
٩٥- بيَّنت هؤلاء الآيات شيئًا مما أعده الله عز وجل للفجار من الجحيم، وبالمقابل شيئًا مما أعده الله عز وجل للأبرار من النعيم.
٩٦- أن النتيجة الحتمية للبر وأهله هي الجنة دار النعيم.
٩٧- أن النتيجة الحتمية للفجور وأهله هي النار دار الجحيم.
٩٨- الترغيب في إطعام الطعام والبذل له.
٩٩- تقرير عقيدة البعث والجزاء، وبيان شيء من أجزائها الدالة عليها.
١٠٠- البذل والإنفاق والإطعام ومثيلاتها، لا تخلو من صور ومراتب ودرجات، فمنها:
الأولى وهي أدناها: أن تنزله منزلة العبد والخادم، فتعطيه الفضل.
الثانية وهي أوسطها: أن تنزله منزلة نفسك، فتشاركه.
الثالثة وهي أعلاها: أن تؤثره على نفسك وتقدِّم حاجته على حاجتك، وهذه هي مرتبة الأبرار.
١٠١- إثبات صفة الوجه لله عز وجل.
١٠٢- جواز إعطاء الكافر من أموال التطوع؛ لأن الأسير لا يكون إلا كافرًا.
١٠٣- إظهار سرائر الأبرار مع إخفائهم لها؛ إكرامًا لهم، ولبيان منزلتهم.
١٠٤- أن أفعال البر ومنازل الأبرار منوطة بابتغاء مرضاة الله عز وجل.
١٠٥- أن لفظ المسكين واليتيم عام ليست خاصة بالمسلم، بدليل ذكر الأسير، ومن ادعى غير ذلك فعليه الدليل.
١٠٦- أن هذا يؤكد أن هذه الآيات القرآنية في التطوع لا الفرض.
١٠٧- بيان منزلة الصبر وفضيلته.
١٠٨- جواز الإحسان بالإطعام.
١٠٩- سماحة الإسلام وحُسن تعاليمه حتى مع أعدائه.
١١٠- يسر الشريعة.
١١١- ذم التنطع.
١١٢- أن إطعام الطعام من سنن الإسلام المندوب إليها، والمحثوث عليها.
١١٣- جواز الإطعام بالأكل من غير إعطاء.
١١٤- أن في إطعام الأسير قربةً.
١١٥- يقتضي ظاهرها جواز الإعطاء من سائر الصدقات، عدا المفروضات.
١١٦- أن الإطعام على عمومه، فبأي وجه أطعم دخل في الآية.
١١٧- التنبيه على المواساة والندب إليها.
١١٨- أن أفضل المواساة يكون بوضعها في هذه الأصناف الثلاثة.
١١٩- أن إطعام الأسارى وإن كانوا من أهل الشرك حسنٌ، ويُرجى ثوابه.
١٢٠- الترغيب في الإنفاق والبذل، والإطعام ومثيلاتها.
١٢١- الترهيب والتخويف من البخل والشح، والحرص على كنز المال.
١٢٢- ابتغاء وجه الله عز وجل وطيب النفس عند الإنفاق والإطعام والبذل والعطاء.
١٢٣- الحرص على دعائم ضروريات الإصلاح الاجتماعي، وكل ما من شأنه أن يكون سببًا فيه.
١٢٤- الإشادة والترغيب في الإيثار وبيان فضله ومزيته.
١٢٥- الترغيب في التطهر من الشح والبخل، والتحذير مما تفضي بصاحبها إليه.
١٢٦- أن القرآن بسياسته هذه في الإنفاق والبذل والإطعام، يُقيم دعائم الاقتصاد الاجتماعي.
١٢٧- الدعوة إلى التكافل بين أبناء الأمة الواحدة؛ لأنه من الأساس التي تقوم عليها المجتمعات.
١٢٨- توطيد أواصر المجتمع ونشر ثقافة الأخوة.
١٢٩- تنمية روحانية العاطفة، ونشر ثقافة حب الخير بين أفراد المجتمعات.
١٣٠- الإيمان بالجزاء في الدنيا والآخرة.
١٣١- وجوب حماية هذا السمو بالتشريع، وبذل ما يمكن من ذلك عند اللزوم.
١٣٢- التقريب بين طبقات المجتمع الواحد، وبذل ما يلزم لذلك.
١٣٣- أن الشريعة الإسلامية شريعة الرحمة، تستند إليها وتستمد قوتها منها.
١٣٤- الإخلاص في الإنفاق والإطعام والبذل، وغيره من الاعتبارات تضاعف الجزاء أضعافًا كثيرة، ويرتقي بها صاحبها إلى أعلى درجات الجزاء.
١٣٥- أن باب الزيادة في الجزاء مفتوح، ولا يقف عند حد.
١٣٦- تقوية قاعدة التعاون على البر والتقوى التي جاءت بها الشريعة وتوطيدها؛ لإيجاد مجتمع متعاون بجميع أصناف التعاون على ما ينفع الأمة.
١٣٧- أن من مظاهر التعاون: الإنفاق والإطعام والبذل والعطاء.
١٣٨- تأكيد أهمية النية في الأعمال، وأنه لا بد أن تقترن بها النية الخالصة لله عز وجل.
١٣٩- لا بد أن يخضع التقديم في أي شيء إلى الميزان الشرعي، فيكون التقديم بحسب الرتبة وحسب الحاجة.
١٤٠- أن الأعمال كلها حصرًا يجب أن تكون ابتغاء وجه الله عز وجل.
١٤١- أن الجزاء أبلغ من الشكر؛ لأن الأول يكون بالأفعال، والآخر بالأقوال.
١٤٢- تقديم الجزاء على الشكر؛ لأن الجزاء بالفعل والشكر باللسان، والناس في الدنيا يهمهم الجزاء، وليس الشكر باللسان فقط.
١٤٣- الشكر ثناء باللسان فلا يعد جزاءً على العمل.
١٤٤- تكرار (لا) يدل على أنهم لا يريدون أي نوع من أنواع الجزاء أو الشكر على وجه الاجتماع، أو حتى على وجه الافتراق.
١٤٥- أن الإرادة شيء والطلب شيء آخر؛ فالإنسان قد يريد ولا يطلب، فنفي الإرادة أبلغ وأعم من نفي الطلب، فهو إذًا ينفي الطلب وزيادة.
١٤٦- استعمال كلمة ﴿ شكورًا ﴾ أبلغ من ﴿ شكرًا ﴾؛ لأن الشكور تحتمل الجمع والإفراد في اللغة، وهي تعني تعدد الشكر، والجمع يدل على الكثرة، والمعنى: لا نريد الشكر وإن تعدد وتكرَّر الإطعام باعتبار الجمع.
١٤٧- أن العبادة تنقسم إلى قسمين:
الأول: العبادة الظاهرية؛ كالوفاء بالنذر والإطعام.
والثاني: العبادة القلبية؛ كالخوف من اليوم الآخر، والإخلاص لوجه الله عز وجل.
١٤٨- الإنفاق والإطعام والبذل والعطاء، لا يراعى فيه البالغ أو القاصر - المسكين واليتيم - وإنما الحاجة.
١٤٩- قابل العبوس بالنضرة، وهما في الوجه، وقابل الخوف بالسرور، وهما في القلب.
١٥٠- الإنفاق أو الإطعام أو البذل أو العطاء بما يحبه الإنسان، جنس تحته أنواع كثيرة.
١٥١- الإيثار مع الحاجة – الخصاصة - أكمل من مجرد الإنفاق أو الإطعام أو البذل، أو العطاء مع المحبة.
١٥٢- إطعام الطعام والبذل من جنس الإنفاق المطلق.
١٥٣- أن الإيثار لا ينافي التوكل، ولا يناقضه، بل هو في الحقيقة إصابة لعين التوكل.
١٥٤- الإيثار علامة على سلامة الباطن، ودليل على صحة اليقين.
١٥٥- الإيثار ضرب من ضروب العون، ودليل على المحبة، وهو من محامد الأخلاق، وزكيات الأعمال.
١٥٦- الإنفاق والإطعام والبذل والعطاء الذي تكلَّمت عنه هذه الآيات، هو إحدى الصور لِما حضت عليه الشريعة الإسلامية، وأرشدت إليه في كثير من النصوص؛ مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضُه بعضًا))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((المؤمنون كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((المؤمن يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه))، ومثيلاتهنَّ.
١٥٧- أنها جسدت شيئًا من محاسن الإسلام وسمو تعاليمه، التي توضح وتدل على أن العالم كله اليوم في حاجة إلى معرفة هذه التعاليم السماوية السامية حتى مع أعدائه.
١٥٨- أن مبادئ الإسلام تدعو إلى الرفق بالأسرى، وتوفير الطعام والشراب والكساء لهم، واحترام آدميَّتهم.
١٥٩- لا يضيق على المحبوس بالجوع أو العطش، بقطع النظر عن سبب حبسه.
١٦٠- يندب بذل الطعام للمساكين والفقراء والمحتاجين، ولا سيما وقت القحط والفاقة، والجوع والحاجة.
١٦١- جواز استرقاق الكفار.
١٦٢- لا بد أن يكون الإنفاق والبذل والإطعام الذي حضَّت هذه الآيات عليه من المال الحلال والطيب، والذي لا شبهة فيه.
١٦٣- الإسلام دين العدل والرحمة والإحسان مع المسلم والكافر.
١٦٤- الحض على الإحسان إلى الأسير، وإكرامه، والعناية به، وإطعامه، وعدم إهانته أو إذلاله، أو الإساءة إليه.
١٦٥- أن الإنفاق والإطعام والبذل والعطاء في حال الصحة أفضل منه في حال المرض، وفي حال الشدة أفضل منه في حال الرخاء متى قصد بها وجه الله عز وجل.
١٦٦- أن المطاعمة توقع الألفة والمودة في القلوب.
١٦٧- مدح الله عز وجل المطعم للطعام.
١٦٨- ليس شيئًا أجلب للمحبة وأثبت للمودة من الإطعام والبذل.
١٦٩- فضل التواضع والندب إليه.
١٧٠- الإطعام والبذل من أسباب المواساة، واستجلاب قلوب الناس.
١٧١- الإطعام والبذل من الأسباب الموجبة للجنة ونعيمها.
١٧٢- الإطعام والبذل من أسباب المباعدة من النار والنجاة منها.
١٧٣- أن الأبرار يجمعون بين الإحسان وحلاوة اللسان.
١٧٤- أن مخالفة النفس والشيطان من أقوى البراهين على حب الله عز وجل.
١٧٥- مراعاة الإسلام لمشاعر المسكين والفقير والأسير، واحترام شخصه.
١٧٦- تفضيل السر على العلانية إلا لحكمة، أو مصلحة.
١٧٧- الأبرار الذين ينفقون ويطعمون ويبذلون، لا يتوقعون لما يبذلونه للناس عوضًا ولا مدحة.
١٧٨- الأبرار الذين ينفقون ويطعمون ويبذلون لا يعاتبون ولا يخاصمون ولا يطالبون، ولا يرون لهم على أحد حقًّا أو فضلًا.
١٧٩- بيان شيء من صور جمال السياسة الشرعية، وإيضاح شيء من أثرها البالغ في صلاح المجتمع الإنساني، وتحقيق معنى التكافل والعدالة، واستقامة الأوضاع فيه.
١٨٠- فضل إطعام الطعام وبذله والمواساة فيه.
١٨١- نفي الشيء جملة أولى من نفي أنواعه تفصيلًا.
وفي الختام، أسأل الله عز وجل أن يجعلنا وسائرَ إخواننا المؤمنين مخلصين له الدين، نعبده ولا نشرك به شيئًا، معتصمين بحبله، متمسكين بكتابه، متعلمين لما أنزل من الكتاب والحكمة، ويصرف عنا شياطين الجن والإنس، ويُعيذنا أن تفرَّق بنا عن سبيله، ويهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُنَ أولئك رفيقًا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا.
--------------------
[1] وانظر: زاد المسير، (١/ ٢٧٥).
[2] وانظر على سبيل المثال: منهاج السنة النبوية، (٧/ ١٧٤-١٨٧)، والصواعق المرسلة (٢/ ٧٠٦).

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/134416/#ixzz5oZL07a7R