الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، (وبعد) :
فإن رمضان يربي الأمة أفرادا وجماعة ومجتمعا على أمور خمسة ، هي :
1 - التربية الإيمانية ، وهي التربية على أن الإيمان شيء وقر في القلب ، وصدقته الأعمال ، فمن رضي بالله ربا رضي بالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ، ومن التربية الإيمانية رجاء الله تعالى واليوم الآخر والأجر فيه ؛ لذلك قال صلى الله عليه وسلم : (من صام رمضان ، ومن قام رمضان ، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وعلى ذلك فقس ، وليكن رمضان انطلاقة إلى الله من باب من عاش لله إيمانا واحتسابا.
2 - التربية الإسلامية ، وهي التربية على تمام التسليم والخضوع والانقياد لأمر الله تعالى ، بالعمل بالتوحيد والطاعة ، واتباع النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لذلك جعل صوم رمضان ركنا من أركان الإسلام ؛ إذ لا قيام لإسلام الواحد منا بدونه ، فلنجعل انطلاقتنا إلى الله تعالى من رمضان شعارها : (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين).
3 - التربية الجهادية ؛ إذ كما أنه لا إيمان بلا يقين ، فلا إسلام ولا استقامة على شرعٍ بدون جهاد ، ورمضان تربية على الجهاد في سبيل الله تعالى : (يدع طعامه وشرابه وشهوته لأجلي) ، وقد كانت فرضية رمضان في شعبان من السنة الثانية من الهجرة ، وهي نفس السنة ونفس الشهر الذي فرض فيه القتال ، وفرضت فيها وفيه وحُددت أنصبة الزكاة ، فاكتملت أركان التربية الجهادية دائرة بين الجهاد بالنفس والمال.
4 - التربية الجماعية والمجتمعية ، وهذا واضح في جمع الأمة ووحدتها ، ومن ذلك تكافُلُها .
5 - التربية الإحسانية ، وهي القائمة على المراقبة وشهود عظمة الله وملكه ورحمته ونعمته ، ومَحَلُّ ذلك أصلا وأساسا الليل ، والخلوات ؛ ليثمر ذلك عملا بتوحيده ، وكفًّا عن معاصيه ، ومسارعة إلى رضوانه بالتطوع والإنفاق وحسن الخلق.