١- قال الرسول صلى الله عليه وسلم
عن حذيفة بن اليمان ( لا يَدْخلُ الجَنَّةَ نَمّام )
المحدث مسلم في صحيحه
..................
جملة فعلية منفية من الخطاب النبوي الشريف ليست محددة بدين أو مذهب ، ولا مقيدة بزمان أو مكان ، وانما هي خطاب للإنسان أي إنسان إنها خطاب في الترهيب من النميمة(١) فهي من علم الخبر في البلاغة العربية ولكنها تحمل في مضمونها أسلوب الإنشاء ( الطلب )
فالتباين تحمله الجملة بين ثناياها لأن فيها طلب من الرسول (صلى الله عليه وسلم) بترك النميمة وذلك التباين يتضح بما يتركه الخطاب من ردة فعل على المرسل إليه والتباين ينفتح على المعنى وضده وهو المقابلة الخفية في أن النمام يدخل النار

وتركيب الخطاب هو
( لا ) نافية للزمن الحاضر والمستقبل فقد تركت النفي بعدم دخول الجنة مفتوحا على المستقبل لكل نَمّام ولا يخل الخطاب الشريف من عدول وانزياح في الجملة الفعلية بتقدم المفعول به ( الجَنَّةَ ) على الفاعل ( نَمّامٌ ) وقد انتبه عبد القاهر الجرجاني إلى الغرض الفني العام الذي يفيده التقديم . وهو أن (ليس إعلامك الشيء بغتة مثل إعلامك له بعد التنبيه عليه والتقدمة له ، لأن ذلك يجري مجرى تكرير الإعلام في التأكيد والإحكام ) فالتقديم في ( الجنة ) هو عدول عن النسق المألوف إلى نسق ذي دلالة فنية خاصة نحسها لأهميتها(٢) وقد ورد الفاعل ( نَمّام ) صيغة مبالغة ( فَعّال ) نحو ( كَذّاب ) جاء في ( كشف الطرّة ) إن الشيء إذا كرر فعله بُنِي فَعّال ، وفي ( الفروق اللغوية ) أنه ( إذا فعل الفعل وقتاً بعد وقت ، وقيل أنّ فَعّالاً لمن صار له صناعة (٣)

الدكتور محفوظ فرج

....................
١- نمم : النَّمُّ التوريش والإغراءُ ورفعُ الحديثِ على وجه الإشاعةِ والإفساد ، وقيل : تَزيين الكلام بالكذب ، ورجل نَموم ونَمّام ومُنِم ونَم أي قَتّات . لسان العرب ١٤ / ٣٦٢
٢- دلائل الإعجاز ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق : محمود شاكر ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ١٤١٠هـ - ١٩٨٩ م ص١٥٩
٣- ينظر معاني الأبنية في العربية ، د. فاضل صالح السامرائي ، الكويت ، ط١ ١٤٠١هـ - ١٩٨١م ص ١٠٧