.............................. ........................
يقول ابن ابي العز رحمه الله في شرحه على الطحاوية
لَا شَكَّ أَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَعْنًى وَاحِدٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ تَعَالَى وَإِنَّ الْمَتْلُوَّ الْمَحْفُوظَ الْمَكْتُوبَ الْمَسْمُوعَ مِنَ الْقَارِئِ حِكَايَةُ كَلَامِ اللَّهِ وَهُوَ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:
{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} .
أَفَتُرَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُشِيرُ إِلَى مَا فِي نَفْسِهِ أَوْ إِلَى الْمَتْلُوِّ الْمَسْمُوعِ؟
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِشَارَةَ إِنَّمَا هِيَ إِلَى هَذَا الْمَتْلُوِّ الْمَسْمُوعِ، إِذْ مَا فِي ذَاتِ اللَّهِ غَيْرُ مُشَارٍ إِلَيْهِ، وَلَا مُنَزَّلٍ وَلَا مَتْلُوٍّ وَلَا مَسْمُوعٍ.
وَقَوْلُهُ: {لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} أَفَتُرَاهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِ مَا فِي نَفْسِي مِمَّا لَمْ يَسْمَعُوهُ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، وَمَا فِي نَفْسِ الْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ لَا حِيلَةَ إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَلَا إِلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قَالُوا: إِنَّمَا أَشَارَ إِلَى حِكَايَةِ مَا فِي نَفْسِهِ وَعِبَارَتِهِ وَهُوَ الْمَتْلُوُّ الْمَكْتُوبُ الْمَسْمُوعُ، فَأَمَّا أَنْ يُشِيرَ إِلَى ذَاتِهِ فَلَا - فَهَذَا صَرِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، بَلْ هُمْ فِي ذَلِكَ أَكْفَرُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّ حِكَايَةَ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ وَشَبَهِهِ.
وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ مَحْكِيَّةٌ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ التِّلَاوَةُ حِكَايَةً لَكَانَ النَّاسُ قَدْ أَتَوْا بِمِثْلِ كَلَامِ اللَّهِ،
فَأَيْنَ عَجْزُهُمْ؟ !
وَيَكُونُ التَّالِي - فِي زَعْمِهِمْ - قَدْ حَكَى بِصَوْتٍ وَحَرْفٍ مَا لَيْسَ بِصَوْتٍ وَحَرْفٍ ؟ !