السلام عليكم
من مميزات تفسير الكفاية للشيخ عبدالله خضر، أنه يقوم بتحقيق إسناد الروايت الواردة في أسباب النزول، ويكتب درجة كل حديث، وهذه ميزة نعرف من خلالها أصح الأسانيد في بيان سبب النزول:
اليكم مثال:
جاء في تفسير الكفاية :ج8/441:
القرآن
{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)} [المائدة: 89]
في سبب نزول الآية وجوه:
أحدها: عن عائشة-رضي الله تعالى عنها-؛ قالت في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}؛ نزلت في قوله: لا والله، بلى والله" (1).[صحيح]
والثاني: قال عبدالله بن عباس- رضي الله عنهما-: "لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} في القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم على أنفسهم؛ قالوا: يا رسول الله! كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل الله -تعالى ذكره-: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (2). [ضعيف جداً]
والثالث: عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} قال: "كان الرجل يقوت أهله قوتاً فيه سعة، [وفي رواية: فضل]: وكان الرجل يقوت أهله قوتاً فيه شدة؛ فأنزل الله -تعالى-: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} قال: ليس بأرفعه ولا بأدناه" (3). [صحيح]
والرابع: قال سعيد بن جبير: " كان أهل المدينة يفضلون الحر على العبد، والكبير على الصغير، ويقولون: الصغير على قدره، والكبير على قدره؛ فنزلت: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}؛ فأمروا بأوسط من ذلك ليس بأرفعه " (4). [ضعيف جداً]
__________
(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (11/ رقم 6663).
(2) خرجه الطبري في "جامع البيان" (12356): ص 10/ 523 من طريق العوفي عنه.
قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 142، 143) ونسبه لابن مردويه، وأعاده في (3/ 149، 150) ونسبه للطبري.
(3) أخرجه ابن ماجه (1/ 682، 683 رقم 2113)، والطبري في "جامع البيان" (12440): ص 10/ 542 - 543، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ رقم 6722)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (3/ 153) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 172 رقم 169) -، والضياء -من طريق أخرى- (10/ 171 رقم 168) من طريق سفيان بن عيينة عن سليمان بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (ص 749): "هذا إسناد موقوف، صحيح الإسناد".
وصححه العلامة الألباني -رحمه الله- في "صحيح سنن ابن ماجه" (رقم 1717).
(4) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (12436)، و (12437): ص 10/ 541 - 542، بسندين عنه:
الأول (12436): ص 10/ 542: ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد العزيز بن أبان ثنا قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عنه به.
قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:
الأولى: عبد العزيز هذا؛ متروك الحديث، وكذبه ابن معين وغيره؛ كما في "التقريب" (1/ 508).
الثانية: قيس بن الربيع؛ صدوق، تغيّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 153) ونسبه لعبد بن حميد وأبي الشيخ.
فيحتمل أن عبد العزيز توبع من قبل عبد بن حميد، ويحتمل أن عبد بن حميد رواه من طريق غيره، فلو قدرنا أن عبد بن حميد تابع عبد العزيز فيبقى علة الحديث قيس بن الربيع وهو من شيوخ عبد بن حميد وإلا؛ فله إسناد آخر، والله أعلم.
الثاني (12437): ص 10/ 541 - 542: ثنا ابن حميد ثنا حكام بن سلم عن سليمان العبسي عنه به.
قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فابن حميد حافظ ضعيف، بل إنه اتهم، وسليمان هذا لم نجد له ترجمة، ولعله وقع تصحيف في اسمه؛ فإن النسخة التي بين أيدينا -طبع دار المعرفة- كثيرة التصحيف والتحريف.
وكلا الطريقين لا تقويان بعضهما البعض؛ نظراً للضعف الشديد فيهما.
----------------
واليكم رابط تحميل التفسير بصيغة الشاملة:
http://shamela.ws/index.php/book/151008