تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: التربية الأسرية في الإسلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي التربية الأسرية في الإسلام

    التربية الأسرية في الإسلام (1)
    خالد رُوشه

    تقدمة :
    أولى الموروث الفكري والحضاري العالمي أهمية استثنائية للأسرة كنواة أولية لكل المجتمعات , واهتم الإسلام بالأسرة كبنية أساسية لمجتمع تسوده الفضائل الإسلامية , وأعطى الزواج قدسية جعلت منه المؤسسة التي يرتكز عليها بناء الشخصية المسلمة , فالأسرة هي البناء الأولي الأول الذي تبنى منه المجتمعات , وهي أول المؤسسة يتعامل معها الأبناء من مؤسسات المجتمع ، فتبني خلالها بيئته الثقافية الابتدائية التي يكتسب منها االإبن لغته ومعارفه .
    وهي بلاشك المؤثر الأول في تكوين الأبناء نفسيا وجسديا , واجتماعيا , وعن طريقها تصاغ المنظومة القيمية والعقائدية الأولية في ذهنيتهم .
    كما أنها مسئولة عن حفظ النسل والتوارث , وتمثل الملجأ المجتمعي الأول والملاذ الاحتمائي الإنساني للمرء في مراحله الأولى والمتوسطة , كما تمثل الأسرة للأبناء أول مراحل التكيف الاجتماعي social adjustment .
    وفي الأسرة يكتسب الأبناء أولى خبراتهم في إثبات الذات والإقناع , وبناء المفردات الشخصية الأولى لهم .
    والأسرة أول جماعة يشعر الأبناء بالانتماء إليها , ويكتسبون عضوية فيها , ويتعلمون من خلالها كيفية التعامل مع الآخرين , وكيف يسعون لإشباع حاجاتهم بصورة مقننة ولما كانت المرحلة الأولى من عمر الإنسان هي المرحلة الأهم من مراحل حياته , فقد اكتسبت الأسرة أهميتها لإحاطتها بكل جوانب التأثير في تلك المرحلة بصورة متكاملة بل إن من العلماء من يرى أن أثر الأسرة يفوق أي أثر آخر لأي مؤسسة تربوية واجتماعية في المجتمع , إذ بصلاحها تصلح آثار العوامل والوسائط والمؤسسات التربوية الأخرى وبفشلها تفشل شتى الجهود اللاحقة !
    وقد أفرد العلماء والباحثون بحوثا ومؤلفات عديدة حول الأسرة ودورها ووظائفها وما يتعلق بها , ونحاول في بحثنا هذا المختصر بيان أهم محاور التربية الأسرية مع تسليط الضوي على التربية الاسرية الإسلامية وأهم ما يحتاجه البناء الأسري للنجاح في عمليته التربوية وأهم الوسائل التي يستطيع بها التغلب على التحديات المعاصرة والمنتظرة ..


    المبحث الأول : الأسرة ( التعريف , التكوين , دورة الحياة )
    أولا : التعريف
    ** عرفت الموسوعات العلمية الأسرة على أنها :

    1- " وحدة اجتماعية رئيسة تتألف من أشخاص يرتبطون بروابط الزواج ، أو الدم ، وعادة ما يمثلون بيتًا واحدًا." 2- " جماعة من الناس توحدّهم صلات قربى قوية قائمة على روابط الدم أو الزواج وتجمعهم روابط العيش المشترك الذي تُراوح أنشطته بين اللهو وتمضية وقت الفراغ والعمل وتناول الغذاء والإقامة والتعاون والثقة والسكنى في دار واحدة. وقد انبثقت هذه الجماعة في ظروف الحياة الطبيعية والاجتماعية للإنسان، لتؤدي وظائف ضرورية لكل من الفرد والمجتمع، أقلها الإشباع العاطفي لأفرادها، وتوفير وضع ملائم للتعاون الاقتصادي والتواصل الجنسي والتناسل ورعاية الذرية والحفاظ على مظاهر الحضارة ونقلها من جيل إلى آخر"
    ** ونستطيع أن نعرف الأسرة تعريفا إجرائيا من جانبنا في نقاط كما يلي :
    1- الأسرة بناء اجتماعي مستقل ونظام رئيس يشكل أساس وجود المجتمع

    2- تبدأ الأسرة بزواج ذكر وأنثى , يسمى الذكر فيما بعد الإنجاب بالأب , والأنثى بالأم
    3- تتكون من مجموعة من الأفراد
    4- يربط بينهم رابط القرابة أو الدم
    5- يعيشون في مسكن واحد غالبا
    6- هي المؤسسة الأكثر تأثيرا والأكبر فاعلية في بناء الشخصية الإنسانية .
    7- جوهر جماعة الأسرة هي علاقة الوالد والابن
    8- تقوم الأسرة بدور الرعاية والحماية للأبناء حتى يشتدوا ويرشدوا
    9- هذه العلاقة غير محددة زمنيا
    10- يتفاعل الأفراد داخل الأسرة كل مع الآخر في حدود أدوار: الزوج والزوجة , الأم والأب , الأخ والأخت , الجد والجدة ...ويشكلون ثقافة مشتركة

    ** التعريف الإسلامي للأسرة :
    " هي الجماعة المعتبرة نواة للمجتمع والتي تنشأ برباط زوجي بين الرجل والمرأة عن طريق عقد يفيد حل المعاشرة بينهما ثم يتفرع عنهما الأولاد وتظل هذه الصلة وثيقة بأصول الزوجين وفروعهما ويحدد العقد بين الزوجين ما لكليهما من حقوق وما عليه من واجبات "
    (( يتبع الجزء الثاني ))
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: التربية الأسرية في الإسلام

    التربية الأسرية في الإسلام (2)
    خالد رُوشه




    التكوين الأسري :
    1- أساس التكوين :
    أساس تكوين الأسرة هو العلاقة بين الذكر والأنثى والتي تشمل العلاقة الجسدية بينهما , وعلاقات التفاعل الحياتية الأخرى ..
    وفي حين تشترط الأديان السماوية جميعها – اليهودية والمسيحية والإسلام - أن تكون العلاقة الأولى بين الزوج والزوجة علاقة مشروعة بعقد يسمح به الدين ويشهد عليه المجتمع , فإن مجتمعات مختلفة – غربية وشرقية - منها ما يدين بالمسيحية أو اليهودية أو الوثنية , تسمح مجتمعاتها أن تبتدئ تلك العلاقة بشكل آثم دينيا , وتسمح أعرافها بجعل عقد الزواج متأخرا عن العلاقة الجسدية بين الزوج والزوجة .

    والإسلام منع منعا باتا حدوث أية علاقة بين الزوجين قبل عقد الزواج المعتبر شرعا كما سبق وبينا , بل يشترط تقديم عقد الزواج عن أية علاقة جنسية بين الزوجين .
    وقد أقرت بعض القوانين في الدول الغربية أشكالا مستنكرة من البناء الأسري , ففي المادة الأولى من القانون السويدي الصادر في 14 مايو 1987 اعترف القانون للمتعايشين من الجنس الواحد بحق تكوين الأسرة سواء أكان ذلك بين رجال ورجال أو بين نساء ونساء , كما اعترف القانون السويدي للمرأة والرجل أن يرتبطا لتكوين أسرة ويكونا علاقة تشبه العلاقة الزوجية بالتراضي بينهما دونا أن يكونا متزوجين فعليا بعقد رسمي أو ديني

    2- العلاقات داخل الأسرة :
    تنشأ الحياة الاجتماعية والخبرات التربوية عندما يتفاعل الأفراد فيما بينهم كل بدوره ويعتمد التوجيه التربوي داخل الأسرة على مدى قيام كل منهم بهذا الدور المنوط به والذي ينتظره الآخرون منه بحسب تصورهم عنه .
    أ – العلاقات بين الزوج والزوجة :
    يتمثل النموذج العلاقي في الأسرة بوجود محورين رئيسين فيها هما الزوج وزوجته , ويكون الأب هو رئيس الأسرة , ويصدر القرارات الخاصة بالمنزل ويعمل جاهداً في توفير الحاجات الأساسية للحياة الأسرية
    وتقوم الزوجة بمشاركة الزوج حياته ومسكنه ومعيشته وتكون علاقتها معه علاقة التفاهم والتطاوع , ويشتمل عمل المرأة على تربية أطفالهم ورعايتهم .
    ومع التطور الذي حدث في الحياة الاجتماعية , فقد اختلفت تلك الصورة في بعض البيوت وصار على بعض النساء أن تتحمل مسئولية الحاجات الأساسية للأسرة .
    وفي المجتمعات الغربية بالخصوص تحملت المرأة مسئوليات متكاثرة في أسرتها كالعمل للتكسب والإنفاق على الأسرة بالمشاركة مع الزوج وتحمل مسئولية قرارات المنزل معه ..
    وتدل دراسات متكاثرة على سلبيات متعددة تشكو منها الزوجة الغربية نتيجة تلك المسئوليات التي تتحملها كعبء عليها لا تستطيع القيام به , وظهرت مطالبات كثيرة من زوجات غربيات بتقدير أكثر لذواتهن كنساء , وعدم تحميلهن أكثر مما يطقن ..

    ب – العلاقات بين الآباء والأبناء :
    سبق أن ذكرنا أن جوهر جماعة الأسرة هي علاقة الآباء والأمهات بالأبناء , والتي قد تختلف وتتباين معالمها من ثقافة لأخرى ..
    ونستطيع أن نقول إن الطبيعة البشرية تعتبر إنجاب الأولاد خطوة لابد منها بعد الزواج , وأن من يمنعه الله الولد يظل يتمنى الإنجاب بالعموم , إلا أن النظرة للولد قد تختلف .
    ففي حين يعلق الإنسان الغربي قراره بالإنجاب على جوانب اقتصادية ونفسية ومجتمعية وصحية , فالإنسان العربي ما زال محباً للأولاد , فهو يفخر بهم, وخاصة إذا كانوا ذكورا . وإذا لم يرزق الشخص بولد ورزق ببنات فإنه يظل راغباً في إنجاب الذكور لأنه يعتبر الذكر مصدر اعتزاز . " وهذا غالباً ما نجده ينطبق على مناطق كثيرة سواء كانت حضرية أو ريفية كما أنه يوجد تشابه بين الريف والحضر في الرغبة في كثرة الإنجاب وخاصة إنجاب الذكور" وفي حين يظل اعتماد الأبناء على الآباء في الحماية والإنفاق إلى سن قريبة قد لا تتعدى 18 سنه – هي العمر المحدد لنهاية مرحلة الطفولة في قرارات الأمم المتحدة – فإن الأبناء يظل اعتمادهم على الآباء فيما يخص الحماية والدعم المعنوي والاقتصادي حتى سن متأخرة في البلاد العربية على وجه الخصوص والشرقية على وجه العموم حتى يستطيع الابن أن يتكسب ويستطيع الزواج وبناء أسرته الجديدة الخاصة به .

    ج – العلاقات بين الأبناء أنفسهم :
    أبناء الأسرة هم أفراد يعيشون في عالم الصغار ابتداء ويكبرون تدريجيا و يتلقون مجموعة مختلفة من الخبرات خلال معيشتهم المشتركة . " وتتميز العلاقات بين الأخوة بالإشباع والشمول كما تتسم بالصراحة والوضوح ومما تجدر الإشارة إليه أن مكانة الأبناء تختلف حسب تسلسلهم داخل الأسرة عادة "
    3- العلاقات الأسرية في منظور الإسلام :
    نظر الإسلام إلى العلاقات في الأسرة نظرة إيجابية , وسعى المنظور الإسلامي دوما لحل الصراعات داخل الأسرة وتذويب الخلافات والعمل على إقامة وحدة مجتمعية مترابطة ومؤثرة .
    فعلى مستوى العلاقة بين الزوج والزوجة فإن العلاقة بينهما هي علاقة وثيقة للغاية سماها القرآن الكريم ميثاقا غليظا فقال " وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا " , واعتبر القرآن الكريم أن المودة والرحمة هما أساسا البناء الأسري النفسي فقال الله تعالى " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة .." .
    كما اعتبر الإسلام العلاقة بين الآباء والأبناء هي علاقة عطاء متبادل , قائمة على البر والرحمة , فالوالدان يقوما بتربية الأبناء ورعايتهما رعاية كاملة منذ الصغر وحتى يكبروا ويشتدوا ويستطيعوا الكسب والحماية لأنفسهم , والأبناء يبروا آباءهم في حياتهم وأثناء كبر عمرهم وحتى موتهم برا بالغا تحيطه الرعاية والبذل والعطاء , وقد صور القرآن الكريم هذه العلاقة في أكثر من آية قرآنية تصويرا بديعا كما يلي :
    قال سبحانه :" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا "
    وعلى مستوى العلاقة بين الأبناء , فإن الإسلام أمر الوالدين بمراعاة العدل بينهم في التربية والعطاء حتى تذوب الخلافات والأحقاد بينهم وأمر بحسن علاقة الأخ بأخيه , كما أمره أن يربط بينهما رباط الإيمان مع رباط القربي والرحم .
    (( يتبع .............))

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •