أعمار أمة الإسلام ما بين الستين والسبعين، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "أعمارُ أمتي ما بينَ الستِّينَ إلى السبعينَ، وأقلُّهم من يجوزُ ذلِكَ"، [صحيح الترمذي: 3550].
ولكن جُعلت لنا مواسم طاعة يتضاعف فيها الأجر وكأننا عشنا مئات السنين من الحسنات؛ فقط إن أحسنَّا استغلالها.
أهم مواسم الطاعة هذه، هو شهر رمضان وهو من الرزق المقدر الذي يُساق للعبد فأنت مُقدر لك أن تعيش في هذه الدنيا عددًا محددًا من الرمضانات، لذا لا تتعجب من كثرة الموت من حولك في شهر شعبان، فقد استنفدوا جميعًا عدد الرمضانات المقدرة لهم في أرزاقهم.
هذا الكلام أقوله حتى نستشعر جميعًا نعمةً يغيب عنا الإحساس الصادق في استشعارها من كثرة تكرار الأيام والسنين والرمضانات خلال أعمارنا، وهي نعمة إدراك شهر رمضان.
ثم الأهم بعد استشعار هذه النعمة العظيمة هو استغلالها وشكر الله فيها بالإكثار من الأعمال الصالحة بشكل عام، طوال أيامه ولياليه، فلا بد أن تدخله بكامل إيمانك وجدك واجتهادك، وكأنك في سوق مفتوح للحسنات ليس لك أي خيار فيه على الإطلاق إلا الربح.
داخل كل منا في فطرته التي فُطر عليها معرفة للخير، وكل منا يميل لباب أو عدة أبواب من أبواب الخير (صلاة - قراءة قرآن - صدقة...) مهما كان بنا من السوء، علينا أن ندخل هذا السوق الكبير من الباب الذي نحبه، ونغالب هوانا وأنفسنا والشيطان، حتى نتمكن من فتح أبواب أخرى نُكثف بها من الأعمال الصالحة.
لا تدخل رمضان بروحك التي تعيش بها في مستنقع الآثام في منتهى الاستسلام والتسليم بالأمر الواقع، فيصعب، بل يستحيل أن تدخل بهذه الروح دون عزم على تغيير نفسك ثم تنتظر أي تغيير، استعن بالله وابدأ في العزم والتجهز لدخول سوق الحسنات المفتوح هذا بروح عازمة على التوبة والتغيير، لتجد بهذه النية ثمرة ونتيجة تنعكس على روحك وقلبك.
لا تُعلق إقبالك على الله بشخص أو بشيء أو بحالة معينة، فإن أيامك بل أنفاسك محدودة معدودة وأنت الشخص الوحيد المنوط بك استغلالُها، فإن يسهل عليك إهدارها والتفريط فيها فأنت وحدك من يتحمل نتيجة ذلك، وإن حرصت عليها واستغللتها كما يجب أن تُستغل فأنت من يجازى بالخير عن ذلك، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/134101/#ixzz5mwU5jfqF