* قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :أن وصية الله لعباده، هي: كلمة التوحيد، الفارقة بين الكفر، والإسلام; فعند ذلك: افترق الناس، سواء جهلا، أو بغيا، أو عنادا; والجامع لذلك: اجتماع الأمة على وفق قول الله: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} ، وقوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} الآية.
فالواجب على كل أحد، إذا عرف التوحيد وأقر به، أن يحبه بقلبه، وينصره بيده ولسانه; وينصر من نصره ووالاه; وإذا عرف الشرك وأقربه أن يبغضه بقلبه، ويخذله بلسانه، ويخذل من نصره ووالاه، باليد واللسان والقلب; هذه حقيقة الأمرين; فعند ذلك يدخل في سلك من قال الله فيهم: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} وقال رحمه الله
اعلم رحمك الله أن فرض معرفة شهادة أن لا إله إلا الله قبل فرض الصلاة، والصوم؛ فيجب على العبد أن يبحث عن معنى ذلك، أعظم من وجوب بحثه عن الصلاة، والصوم. وتحريم الشرك، والإيمان بالطاغوت أعظم من تحريم نكاح الأمهات، والعمات; فأعظم مراتب الإيمان بالله: شهادة أن لا إله إلا الله.
ومعنى ذلك: أن يشهد العبد أن الإلهية كلها لله، ليس منها شيء لنبي، ولا لملك، ولا لولي، بل هي حق الله على عباده. والألوهية هي التي تسمى في زماننا: السر؟ والإله في كلام العرب هو الذي يسمى في زماننا: الشيخ، والسيد، الذي يدعى به، ويستغاث به; فإذا عرف الإنسان أن هذا الذي يعتقده كثيرون في شمسان وأمثاله، أو قبر بعض الصحابة، هو العبادة التي لا تصلح إلا لله، وأن من اعتقد في نبي من الأنبياء فقد كفر، وجعله مع الله إلها آخر، فهذا لم يكن قد شهد أن لا إله إلا الله." ومعنى الكفر بالطاغوت أن تبرأ من كل ما يُعتقد فيه غير الله من جني أو أنسي أو شجر أو حجر أو غير ذلك وتشهد عليه بالكفر والضلال وتبغضه ولو كان أباك أو أخاك .
فأما من قال أنا لا أعبد إلا الله وأنا لا أتعرض السادة والقباب على القبور وأمثال ذلك فهذا كاذب في قول لا إله إلا الله ولم يؤمن بالله ولم يكفر بالطاغوت " .وهذا كلام يسير، يحتاج إلى بحث طويل، واجتهاد في معرفة دين الإسلام، ومعرفة ما أرسل الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، والبحث عما قال العلماء، في قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [سورة البقرة آية: 256] ، ويجتهد في تعلم ما علمه الله رسوله، وما علمه الرسول أمته من التوحيد; ومن أعرض عن هذا فطبع الله على قلبه، وآثر الدنيا على الدين، لم يعذره الله بالجهالة، والله أعلم.
[ الدررالسنية في الأجوبة النجدية :2 / 121]