أريد شرحًا لكلام لشيخ الإسلام في الوصية الصغرى

[محمد العبادي]

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد .
قال في كلامه عن حديث معاذ : " اتق الله حيثما كنت ........ " :
"وإنما قدم في لفظ الحديث "السيئة " وإن كانت مفعولة، لأن المقصود هنا محوها لا فعل الحسنة، فصار كقوله في بول الأعرابي : "صبوا عليه ذنوبًا من ماء " ."
فهل يقصد تقديم السيئة على الحسنة فإن كان كذلك أليس هذا الترتيب الطبيعي حيث إن الأولى مفعول أول والثانية مفعول ثان ؟
وهل وجه الشاهد من الحديث أنه لم يقل : " صبوا ذنوبًا من ماء عليه " ؟
وجزاكم الله خيرًا .

[أبو البراء محمد علاوة]

شرح كلام شيخ الإسلام في الوصية الصغرى يتعلق بفهم دقيق للّغة العربية وأسرار البلاغة فيها، وبيانه كالتالي:
أولًا: شرح الحديث والكلام عليه
حديث معاذ رضي الله عنه الذي أشار إليه الشيخ هو قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»**.
وفي رواية: **«وَأَتْبِعِ الْحَسَنَةَ السَّيِّئَةَ»**، لكن الشيخ يناقش الرواية الأولى التي جاءت بلفظ **«أتبع السيئة الحسنة»**، حيث قُدِّمت **"السيئة"** على **"الحسنة"** مع أنها مفعول أول (مفعول به)، و"الحسنة" مفعول ثانٍ.

ثانيًا: وجه تقديم "السيئة" على "الحسنة" عند الشيخ
- المقصود البلاغي: أوضح شيخ الإسلام أن التقديم هنا ليس مجرد ترتيب نحوي، بل له دلالة بلاغية؛ إذ أراد النبي صلى الله عليه وسلم التركيز على محو السيئة بالحسنة، لا على مجرد فعل الحسنة. فالمطلوب من العبد أن يحرص على إزالة أثر المعصية فورًا بحسنات تُذْهِبُها، فكأن السيئة هي المحور الذي ينبغي معالجته.
- التشبيه بحديث بول الأعرابي: شَبَّه الشيخ هذا التقديمَ بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بول الأعرابي في المسجد: **«صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» حيث قُدِّم الجار والمجرور (عليه) على المفعول به (ذَنُوبًا) لِغَرَضٍ بلاغي، وهو التركيز على مكان الصب (موضع البول) قبل تحديد كمية الماء. فالتقديم هنا للعناية بالمحلِّ المُراد تطهيره كما قُدِّمت **السيئة** في الحديث السابق **للعناية بمحوها**.

### ثالثًا: جواب الإشكال حول الترتيب النحوي
- **الترتيب النحوي الطبيعي**: صحيح أن المفعول الأول (السيئة) يُقدَّم على المفعول الثاني (الحسنة) في الأصل النحوي، لكن الشيخ لم يُرِدْ مجرد بيان القاعدة النحوية، بل أبرز السَّبْقَ المعنوي للسيئة في الاهتمام؛ لأنها محلُّ الخطر الذي يحتاج إلى علاج.
- **وجه الشاهد من حديث بول الأعرابي**: الشاهد ليس في تقديم المفعول به على الجار والمجرور، بل في تقديم الجار والمجرور (عليه) لِلْفَائِدَةِ البلاغية، وهي الاهتمام بمحلِّ الفعل (مكان البول) قبل بيان كيفية الفعل (صب الماء). وهذا يؤكد أن التقديم في الحديث الأول (**السيئة**) كان لغرض معنوي مشابه.

رابعًا: الخلاصة
- مغزى كلام الشيخ: بيان أن التقديم في الحديث (السيئةَ الحسنةَ) ليس لمجرد الترتيب النحوي، بل **للتوجيه المعنوي** إلى ضرورة العناية بمحو السيئات، كما أن تقديم (**عليه**) في حديث البول يُعنى بتطهير المكان قبل ذكر كمية الماء.
- **الفرق بين المثالين**:
1. في حديث معاذ: التقديم النحوي (**السيئةَ**) يوافق التركيز المعنوي.
2. في حديث البول: التقديم خرج عن الأصل النحوي (عليه قبل ذَنُوبًا) لأجل التركيز المعنوي.
فالشيخ استدل بالمثالين لبيان أن التقديم في الكلام قد يكون لغرض بلاغي، سواء وافق الترتيب النحوي أم خالفه.

فاللغة العربية تُعنى بالمعنى والمقصد قبل الشكل النحوي، وهذا من بلاغتها وإعجازها.

[حسام نور]

ما شاء الله
جزاك الله خيرا أخي أبو البراء

[أبو البراء محمد علاوة]

ما شاء الله
جزاك الله خيرا أخي أبو البراء

وجزاكم آمين