تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أتى النبي قبر عبد الله بن أبي فأخرجه من قبره

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي أتى النبي قبر عبد الله بن أبي فأخرجه من قبره

    أتى النبي قبر عبد الله بن أبي فأخرجه من قبره
    سعد بن فتحي الزعتري

    قال الإمام مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأحمد بن عبدة الضبي _ واللفظ لابن أبي شيبة_ قال ابن عبدة أخبرنا وقال الآخران حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو أنه سمع جابراً يقول: أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبي فأخرجه من قبره فوضعه على ركبتيه ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه. فالله أعلم.
    تعريف رجال السند:
    - أبو بكر بن أبي شيبة: تقدم ذكره في الحديث الأول.
    - زهير بن حرب: وهو زهير بن حرب بن شداد أبو خيثمة النسائي نزيل بغداد. ثقة ثبت روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث.
    - أحمد بن عبدة الضبي: وهو أحمد بن عبدة بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري. ثقة، ورمي بالنصب.
    قلت: رميه بالنصب جاء من ابن خراش وهو معروف بتشيعه ورمي غيره بالنصب لذلك قال الحافظ في التهذيب( 1/51):تكلم فيه ابن خراش فلم يلتفت إليه أحد للمذهب. وقال أيضاً في لسان الميزان(1/16):" وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد. فان الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة، رأى العجب؛ وذلك لشدة انحرافه في النصب، وشهرة أهلها بالتشيع، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق، وعبارة طلقة، حتى انه أخذ يلين مثل الأعمش، وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث، وأركان الرواية. فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه فوثق رجلا ضعفه قبل التوثيق ويلتحق به عبد الرحمن بن يوسف بن خراش المحدث، الحافظ؛ فإنه من غلاة الشيعة، بل نسب إلى الرفض، فسيأتي في جرحه لأهل الشام للعداوة البينة في الاعتقاد. ويلتحق بذلك ما يكون سببه المنافسة في المراتب فكثيرا ما يقع بين العصريين الاختلاف والتباين لهذا وغيره فكل هذا ينبغي أن يتأنى فيه ويتأمل. وما أحسن ما قال الإمام أبو الفتح القشيري: أعراض الناس حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان الحكام والمحدثون. هذا أو معناه".
    - سفيان بن عيينة: وهو سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي ثم المكي. ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة، إلا أنه تغير حفظه بأخرة وكان ربما دلس ولكن عن الثقات.
    قلت: وتدليسه لا يضر، لأنه لا يدلس إلا عن الثقات. وهذا مما قبله العلماء النقاد.
    - عمرو: وهو عمرو بن دينار المكي أبو محمد الأثرم الجمحي مولاهم ثقة، ثبت.
    - جابر: وهو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري ثم السلمي. صحابي بن صحابي. غزا تسع عشرة غزوة. مات بالمدينة بعد السبعين.

    تخريج الحديث:
    الحديث متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والإمام أحمد وغيرهم.

    شرح الحديث:
    قوله" أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبي": أي بعد ما قبر، وما فعل ذلك إلا استجابة لطلب ابنه الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول، ففعله هذا تكرمة لابنه، ولمواقفه المشرفة التي وقف فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم ضد والده. وقد جاءت رواية صحيحة عند الإمام أحمد تبين السبب الرئيسي الذي حمل النبي صلى الله عليه وسلم على إتيانه لهذا المنافق." قال جابر: لما مات عبد الله بن أبي أتى ابنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنك إن لم تأته لم نزل نُعيّر بهذا ...". ففعل الرسول صلى الله عليه وسلم ما فيه مصلحة لهذا الصحابي الجليل، حيث أن هذا المنافق كان مظهرا للإسلام، فإذا لم يصل عليه فهذا حكم منه على نفاقه، فكان الأولى الصلاة عليه حتى لا يعيروا ابنه به. لكن كان هذا قبل النهي عن الصلاة على المنافقين.
    قال الخطابي: إنما فعل النبي مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين، ولتطييب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح، وليتألف قومه من الخزرج لرياسته فيهم. فلو لم يجب سؤال ابنه، وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح لكان سبة على ابنه وعار على قومه واستعمل أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نهي فانتهى". انظر تحفة الأحوذي(8/396).
    قوله " فأخرجه من قبره فوضعه على ركبتيه": في هذا الحديث جواز إخراج الميت من قبره لحاجة شرعية. وجاءت رواية أنه وضع رأسه على ركبتيه، وهي الأقرب، وهذا من تواضعه، ورفقه بالميت. حيث حكمه حكم الحي.
    - قوله" ونفث عليه من ريقه": أي نفخ عليه من فمه مع شيء من ريقه.
    - قوله" وألبسه قميصه": قال صاحب سبل السلام(2/95): فيه دليل على شرعية التكفين في القميص.
    قلت: ولم يقل أحد من العلماء بسنية النفث على الميت قبل قبره، بل هذه خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم لبركة جسده صلى الله عليه وسلم.
    وقد جاءت روايات مختلفة تبين أن إلباس القميص كان قبل الدفن وأخرى أنها بعد الدفن وقد جمع بينهما غير واحد من العلماء.
    قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله بعد ذكر الأقوال الأربعة التي ذكرها المنذري: ولا تعارض بين هذين الحديثين بوجه فإن حديث أسامة صريح في أنه أعطاه القميص وقت موته فكفنه فيه وحديث عبد الله بن عمر لم يقل فيه إنه ألبسه قميصه حين أخرجه من قبره وإنما فيه أنه نفث عليه من ريقه وأجلسه على ركبتيه وألبسه قميصه فأخبر بثلاث جمل متباينة الأوليان منها يتعين أن يكونا بعد الإخراج من القبر والثالثة لا يتعين فيها ذلك ولعل ابن عمر لما رأى عليه القميص في تلك الحال ظن أنه ألبسه إياه حينئذ.

    وقال الحافظ ابن حجر في الفتح(3/139)": وقد جمع بينهما بأن معنى قوله في حديث ابن عمر فأعطاه أي أنعم له بذلك فأطلق على العدة اسم العطية مجازا لتحقق وقوعها وكذا قوله في حديث جابر بعد ما دفن عبد الله بن أبي أي دلى في حفرته وكان أهل عبد الله بن أبي خشوا على النبي صلى الله عليه وسلم المشقة في حضوره فبادروا إلى تجهيزه قبل وصول النبي صلى الله عليه وسلم فلما وصل وجدهم قد دلوه في حفرته فأمر بإخراجه انجازا لوعده في تكفينه في القميص والصلاة عليه والله أعلم وقيل أعطاه صلى الله عليه وسلم أحد قميصيه أولا ثم لما حضر أعطاه الثاني بسؤال ولده. وفي الإكليل للحاكم ما يؤيد ذلك، وقيل ليس في حديث جابر دلالة على أنه ألبسه قميصه بعد إخراجه من القبر لأن لفظه فوضعه على ركبتيه وألبسه قميصه، أن الواو ليست للترتيب، فلعله أراد أن يذكر ما وقع في الجملة من إكرامه له من غير إرادة ترتيب."
    قلت: وقد جاء في روايات صحيحة أن سبب إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم قميصه لهذا المنافق هو أنه كسا العباس قميصاً فأراد أن يجازيه ويكافئه على صنيعه.
    قلت: وكل هذا من باب المداراة ، ودرء المفاسد وجلب المصالح.

    ما يستفاد من الحدبث:
    1- قال ابن عثيمين: في هذا الحديث تأليف القلوب، وإلا فعبد الله بن أُبي رأس المنافقين وهو أشدِّ الناس إيذاء للرسول صلى الله عليه وسلم. لكنّ ابنه من خيار الصحابة رضي الله عنهم ففعل النبي بأبيه هكذا، واستغفر له، وصلى عليه تأليفاً لقلبه." شرح صحيح مسلم(8/80)
    2- فيه إعمال للقاعدة الأصولية السلفية: إذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره.
    قال ابن القيم في إعلام الموقعين ( 3 / 138 ) : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكف عن قتل المنافقين مع كونه مصلحة لئلا يكون ذريعة إلى تنفير الناس عنه وقولهم إن محمدا يقتل أصحابه فإن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه ومن لم يدخل فيه، ومفسدة التنفير أكبر من مفسدة ترك قتلهم ومصلحة التأليف أعطم من مصلحة القتل.
    3- أن النفاق يختلف عن الكفر: فالمنافق يخفي كفره، والكافر يظهره، وما دام أن المنافق يخفي كفره ويظهر إسلامه، فيجب التعامل معه وفق الشريعة الإسلامية بناء على ظاهره.
    4- أن المنافق إذا أظهر نفاقه فإنه لا حرمة له، ويفضح بين الناس.
    5- أن التزكيات لا تنفع صاحبها، وإنما ينفعه عمله، فلم ينفع هذا المنافق أن الرسول صلى الله عليه وسلم ألبسه قميصه أو نفث عليه من ريقه، فالعبرة بالأقوال والأعمال لا بالتزكيات ولا بالكرامات.
    6- فيه حلم النبي صلى الله عليه وسلم، وصبره على من يؤذيه، وتواضعه.

    هذا ما تيسر ذكره عن هذا الحديث
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: أتى النبي قبر عبد الله بن أبي فأخرجه من قبره


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •