تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تفريغ لأول درس من شرح الشيخ عبد الله البخاري على الأصول الثلاثة

  1. #1

    افتراضي تفريغ لأول درس من شرح الشيخ عبد الله البخاري على الأصول الثلاثة

    بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العامين و الصلاة والسلام على رسوله محمد و على آله و صحبه أجمعين،
    إخوة الإيمان يسرني أن أقدم لكم تفريغا لأول درس من شرح الشيخ عبد الله البخاري على رسالة الأصول الثلاثة و أتمنى الإستفادة للجميع، إن أجري إلا على الله.
    هذا رابط المادة العلمية المفرغة
    http://elbukhari.com/wp-content/uplo...thelath_01.mp3

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تفريغ لأول درس من شرح الشيخ عبد الله البخاري على الأصول الثلاثة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله أسيلي السني مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العامين و الصلاة والسلام على رسوله محمد و على آله و صحبه أجمعين،
    إخوة الإيمان يسرني أن أقدم لكم تفريغا لأول درس من شرح الشيخ عبد الله البخاري على رسالة الأصول الثلاثة و أتمنى الإستفادة للجميع، إن أجري إلا على الله.
    هذا رابط المادة العلمية المفرغة
    أين هو رابط الدرس المفرغ

  3. #3

    افتراضي رد: تفريغ لأول درس من شرح الشيخ عبد الله البخاري على الأصول الثلاثة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ظننت أن المجلس يدعم المرفقات و لكنه عكس ذلك،
    وهذا هو رابط التفريغ
    ملف pdf.
    https://www.ajurry.com/vb/attachment...8&d=1555513937
    ملف word.
    https://www.ajurry.com/vb/attachment...7&d=1555513924

    بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
    هذا تفريغ لأول درس لشرح الشيخ محمد البخاري على رسالة الأصول الثلاثة و أدلتها للشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
    إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن نبينا محمدا عبده و رسوله و صفيه و خليله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم أما بعد :
    فهذا هو اللقاء الأول لشرحنا أو تعليقنا على كتاب ثلاثة أصول للإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله ، و وقع الإختيار في تدريس هذه الرسالة المختصرة في الإعتقاد لأمور أجهزها في أمرين اثنين ، الأمر الأول حاجة كثير من الإخوة الطلاب إلى التعليق عليها لما يتناسب مع المقام ، مقام الرسالة و الرسالة يمكن دراستها على ثلاثة أضرب هذه الرسالة و غيرها من الرسائل المختصرة تدرس على ثلاثة أضرب ، الضرب الأول الضرب المختصر بمعنى يكتفي فيه بحل العبارة فقط و تدرس على ضرب ثان بعد الإنتهاء منها و هو الزيادة في الإيضاح مع ذكر بعض مسائل متعلقة بالمطروح من العبارات يعني يزاد في معنى شرح المعاني ذكر بعض المسائل المجملة المتعلقة بالمبحث المطلوب كما يقال يعطى الطالب معنى العبارة مع شرحها إجمالا دون الدخول معهم إلى التفاصيل و الضرب الثالث تقرأ و يزاد عليها بأن يفصل في كل مسألة منها و يتوسع في ذلك و هذه هي مراحل الطلب في التدرج في العلم في الفنون كلها، فالمتن الواحد يدرس على ثلاثة أوجه فنستطيع أن نختصر و يستطيع المدرس أن يطول بحسب المقام و لكن التدرج في الطلب و المطلوب ، هذه سنة العلماء والطريقة التي سنسير عليها إن شاء الله ليست بالأولى و لا بالثالثة فنأخذ الوسط وقد نحتاج أحيانا إلى شيء من التفصيل عند الحاجة ، و الأمر الثاني الذي دعانا إلى استجابة هذا العمل ، قيمة هذا الكتاب على وجازته و تكمن القيمة من جهتين، أولا من جهة المادة العلمية التي في الكتاب و ثانيا من جهة الإمام الكاتب لها ، فهذه الرسالة هي من خير الكتب المختصرة في عقيدة أهل السنة و الجماعة، يبتدئ بها الطلاب و هي خير ما يبتدئ به الطالب فيحتاجها المبتدئ و لا يستغني عنها المنتهي، لما حوته هذه الرسالة من عقيدة سنية صحيحة و يكفي أن يقال أن الإمام المصنف قد بين لك ما فيها و ما حوته بكلام مختصر مفيد فقال الإمام محمد إبن عبد الوهاب واصفا هذه الرسالة : قررت ثلاثة الأصول توحيد الربوبية و توحيد الألوهية والولاء و البراء ،هذه الثلاثة مسائل يقول عنها و هذا هو حقيقة دين الإسلام قال و لكن قف عند هذه الألفاظ (المذكورة يعني)، و أطلب ما تضمنت من العلم و العمل ولا يمكن العلم إلا أنك تقف عند مسمى كل منها، و بعد ذلك يأتي العمل فهذا وصف و بيان لحقيقة هذه الرسالة من المصنف ، و أما الكاتب للرسالة فهو الإمام المجدد الشهير المشهور محمد ابن عبد الوهاب ابن سليمان الوهيبي التميمي رحمه الله، و الذي توفي رحمه الله في السادس بعد المئتين و الألف من هجرة النبي صلى الله عليه و سلم، إذا هذه الرسالة رسالة عظيمة قيمة توالت الناس على تدريسها و الطلبة على حفظها و فهمها و العمل بما دلت عليه ثم نبدأ باسم الله :
    قال الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل الأولى العلم و هو معرفة الله و معرفة نبيه و معرفة دين الإسلام بالأدلة ، الثانية العمل به ، الثالثة الدعوة إليه الرابعة الصبر على الأذى فيه و الدليل قوله تعالى : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [سورة العصر 1 - 3]، قال الشافعي رحمه الله تعالى لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم ، و قال البخاري رحمه الله تعالى باب العلم قبل القول والعمل و الدليل قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) [سورة محمد 19]، فبدأ بالعلم قبل القول و العمل ، هذا المقطع من كلام شيخ الإسلام رحمه الله، نشرحه من وجوه، الوجه الأول بدأ الإمام رحمه الله بقوله بسم الله الرحمن الرحيم، يعني بدأ متبركا بالبسملة و إنما بدء بالبسملة لأن البدء بالبسملة هو اقتداء منه بالكتاب و السنة و عمل السلف، فأول آية في كتاب الله هو بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، و الصحيح أن البسملة آية منها، فهو ابتدأ بما بدء به الله عزوجل في كتابه، و أما السنة فالنبي عليه الصلاة و السلام كان إذا كاتب الملوك و الرؤساء و غيرهم يقول بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى فلان ، فهو لا يكتب عليه الصلاة والسلام إلا بادئا بالبسملة ، أما حديث < ُكُلُ أمر لا ُيبدأ فيه ببسم الله فهو أبترْ أو أقطعْ > أو< كُلُ أمرٍ ذي بال لا ُيبدأ ببسم الله فهو ابتر أو أقطع أو أجذم > فهذا الحديث قد اختلف فيه العلماء من محسن و من مضعف و الضعف أقرب لكن السنة العملية التي كان عليها الصلاة و السلام تدل على ذلك و أما السلف فهؤلاء الأمة عندما يكتبون مؤلفاتهم يبتدأونها بالبسملة ، فالإمام البخاري في الصحيح بدأ كتابه بالبسملة بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الوحي ، و لم يكتب مقدمة كما فعل مسلم وعن هذا قال العلماء للتعليل لماذا لم يكتب المقدمة و ذلك اكتفاءا بالبسملة و غيرهم من الأئمة فعلوا ذلك ، الوجه الثاني في قول الإمام رحمه الله إعلم رحمك الله ، إعلم فعل أمر و الخطاب في قوله اعلم متوجه إلى كل من يصلح له هذا الخطاب من حاضر و مستمع و قارئ لهذه الرسالة فهو خطاب و أمر بالعلم لمن يتأتي منه العلم يخرج به من كان غائبا أو من كان حاضرا فأغمي عليه أو الحاضر المجنون و نحو ذلك لأنه غير مخاطب بهذا الخطاب ، و تأمل في قول المصنف : اعلم رحمك الله ، دعاء لطالب العلم بالرحمة فإذا رحمك الله فتح عليك و أعانك و سددك و وفقك و هذا الذي يرجوه طالب الآخرة، أن الله يعينه قال الإمام الشافعي رحمه الله فإنه لا يدرك خير إلا بعونه فإذا رحمك أعانك و إذا أعانك سددك و وفقك و هذا هو التوفيق ، و التوفيق كما قال الإمام ابن القيم هو أن يدلك الله جل و علا إلى الطاعة و أن يعينك عليها، و الخذلان أن يكلك الله إلى نفسك ، منه تستشب أن العلم رحمة من الله و هو رحم بين أهله، لذا كان أهل السنة أعلم الخلق و أرحمهم بهم ، و هنا نستفيد فائدة من هذه الدعوة، إذا كان الإمام رحمه الله يتلطف معك و يدعوا لك بالرحمة ما الواجب على الطالب اتجاه هذه الدعوة ، هو أن يطلب من الله الإستجابة لهذا الدعاء، و الأمر الثاني يجب أن يتحلى به الطالب هو أدب الطلب حتى يتحصل على الخير و النفع فكثير من الناس يحرم العلم بسبب تقصيره في باب الأدب قال الإمام إبن سيرين رحمه الله : كانوا يتعلمون الهدي (أي الأدب) كما يتعلمون العلم ، و لعلكم قرأتم في تراجم بعض الأئمة و الملوك و السلاطين يأتي لأبنائه بالمؤدب ليعلمهم الأدب ، الوجه الثاث قوله رحمة الله عليه أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل ، أي يجب علينا نحن معشر المسلمين جميعا ذكورا و إناثا ، أحرارا و عبيدا و الوجوب هنا وجوب عيني لتعلقه بما يتعبد به المرء ربه في مسائل الإعتقاد التي يجب أن يعرفها العباد بأدلتها، و هو هنا رحمه الله قد أتى بهذه المسائل الأربع قال : الأولى العلم إلى آخره أتى بها و عددها على سبيل الإجمال و هي في التأمل فيها تعني الدين كله، و سيورد هذه المسائل مفصلة فيما يأتي بإذن الله ، و هو أراد بهذا أن يضبط طالب العلم العلم هذا ما يسمى عند بعض أهل العلم باللف و النشر يجمل ثم يفصل ، ينبني على ترتيب ، ليس مشعب الذهن مشتت الأفكار، و هذا من رحمة الشيخ بالطالب و قد تصدره أولا بالدعاء ثم رتب العلم بطريقة أصول المسائل ،إذن فيه تعويد للطالب على أهمية الإعتناء بضبط المسائل و ترتيبها ليفهم الطالب العلم فهما جيدا مرتبا ترتيبا صحيحا ، الوجه الرابع في قوله رحمه الله الأولى العلم و هو معرفة الله إلى آخره، و المراد هنا بالعلم العلم الشرعي الصحيح المبني على الكتاب و السنة و فهم السلف الصالح، و تضمنت المسائل العلم و تضمن العلم معرفة الله و معرفة النبي و معرفة دين الإسلام بالأدلة وهي الثلاثة الأصول، العلم بها واجب على المكلفين جميعا ، و معرفة الله تكون بمعرفة أسمائه و صفاته و أفعاله، و هذه المعرفة تستلزم الإذعان و الإنقياد التام و الكامل لشرع الله، ظاهرا و باطنا و تحكيم الشرع في كل شؤون الحياة، كذلك يتضمن المعرفة التأمل في آيات الله جل وعلا الكونية و آلائه و نعمائه على العباد و نعم الله منها الظاهر ومنها الباطن، و هنا قال معرفة الله والمعرفة أعم من العلم، المعرفة إدراك مسبوق بجهل، هذه المعرفة بالنسبة لك يا زيد مكتسبة أي قبل ذلك كانت مجهولة عندك و العلم بالنسبة إلى الخلق مسبوق بجهل، أما في حق الله جل و علا فإن علمه غير مسبوق بجهل، قال الله تعالى : (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [سورة غافر 19]، و يقول جل وعلا : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) [سورة طه 7]، و السر في الآية هو ما حدثت به نفسك و لم تنطق به شفتاك، و أخفى من ذلك هو أنه جل وعلا يعلم أنك ستحدث نفسك بكذا و كذا في وقت كذا، فلفظ العلم و لفظ المعرفة هو لفظ مشترك من حيث الإسم أما من حيث المعنى فمختلف، وفي حق الله جل وعلا لا نقول معرفة الله بل نقول علم الله ، الوجه الخامس معرفة نبيه صلى الله عليه و سلم، هذه المعرفة هي معرفة إيمان به و تصديق و يعني ذلك تصديقه و طاعته و اتباع شريعته ، هذا معنى الإيمان بالنبي صلى الله عليه و سلم كما ذكره شيخ الإسلام في الإقتضاء، قال الله تعالى : )فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [سورة النساء 65]، ويقول جل و علا : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة النور 63]، و يدخل في معرفة النبي صلى الله عليه و سلم معرفة شخصه من حيث الإسم و النسب و الشمائل و كذلك في معرفته المحبة له و تحكيم شريعته كما قر، الوجه السادس في قوله معرفة دين الأسلام بالأدلة ، لفظ الإسلام هي كلمة تطلق و يراد منها كل ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة و السلام ، قال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُِ) [سورة آل عمران 19]، وقال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) [سورة النحل 36]، لكن أصبح هذا الإسم غلبة على ما جاء به النبي محمد عليه الصلاة و السلام و بمعرفة دين الإسلام الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام تعرف الإديان السابقة و عند أهل العلم تقسيم آخر فمنه المعنى العام والمعنى الخاص و يرجع ذلك إلى ما ذكرنا ، فيجب على العباد المكلفين تعلم الدين بأدلته، و الأدلة جمع دليل و هي على قسمين أدلة سمعية و أدلة عقلية ، الأثر و النظر أو السمع و العقل فالسمعية إنما تكون بالوحي و يدخل فيه إجماع الصحابة و المسلمين، و أما العقلية فإنه يراد بها التأمل و التدبر في آيات الله الكونية، وكل قد ورد به القرآن الكريم و جاءت به السنة، و عليه كل علم لا يقوم على دليل المراد منه الدليل الشرعي الصحيح فهي دعوى و الدعاوى و لو تقيم عليها بينات أبناؤها أدعياء ، الوجه السابع في قوله رحمه الله الثانية أي العمل به أي بالعلم الصحيح الذي تقدم ذكره و اعلموا أن العلم شجرة و العمل ثمرة، و قد ذم الله غز وجل من لا يعمل بعلمه فقال الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ) [سورة الصف 2]، والنبي صلى الله عليه و سلم استعاذ الله جل و علا من علم لا ينفع كما في الصحيح قال صلى الله عليه و سلم : < اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع > أي العلم الذي لا ينفع صاحبه بأن يعمل به وقال سفيان ابن عيينة: العلم إن لم ينفعك ضرك ، قال الإمام الخطيب معلقا : لم ينفعه أي لم يعمل به ضره بأن صار حجة عليه، الوجه الثامن في قوله : في قوله الدعوة إليه أي الدعوة إلى العلم الصحيح و تقيد الناس بالعلم الصحيح و دعوتهم هو دعوة إلى تحقيق العبودية و دعوة إلى تجريد الإتباع لرسول الله صلى الله عليه و سلم، إذن الدعوة إلى الله هي مهمة الأنبياء و الرسول عليه الصلاة والسلام وظيفته الدعوة و البلاغ و التبيان ، كما قال الله جل و علا : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ) [سورة النحل 125[، ويقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [سورة المائدة 67]، وقال تعالى : (بِالْبَيِّنَات وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة النحل 44]، وعليه أن هذه الدعوة، دعوة الناس يجب أن تكون على علم، الأولى العلم الثانية العمل الثالثة الدعوة هذه كلها مبنية على بعض فلا تصح الدعوة لمن ليس من أهل العلم، قال جل و علا : (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [سورة يوسف 108]، أي أنا أدعوا إلى الله على بصيرة و من اتبعني كذلك يدعوا على بصيرة ، أما الفلسفة و الفدلكة و السفسطة فهذه موجودة تتكلم بالميزان الذي لا يقيس، فمن تصدر و ليس بأهل لذلك كان من الهالكين و أهلك نفسه و أهلك غيره معه، فلا تصح أن تكون الدعوة مبنية على جهل، فبعض الناس يقول أنا داعية و لست بعالم و لا بشيخ، بالتالي يحلق لحيته و لا يحافظ على الجماعة إلى غير ذلك من الموبقات و المنكرات العظيمات ، ففرقوا بين اللوازم اللازمة و فرقوا بين العلم و الدعوة و هذا من الضلال و الإنحراف في الفهم، قال جل و علا : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ)[سورة النحل 125]، و المراد بالحكمة هنا العلم و هو أن تضع الأمر في محله و لهذا كان أقسط الناس بالحق هم العلماء، المراد بالموعضة العلم و هي مبنية على الوحيين ، دل على هذا العرباض بن سارية : < وَعَظَنَا رسول الله صلى الله عليه و سلم مَوعظة بَليغة ذَرفت منها العيون و وَجِلت منها القلوب قلنا يا رسول الله كأنها َموعظة مودع فأوصِنا فأوصاهم بالسمع و الطاعة >، لكن الموعظة فيها شيء من الترقيق و لهذا راجع كتاب البخاري تجد كتاب الرقاق أو الرقائق يعني المواعظ ، و كلها فيها حدثنا و أخبرنا و كلها علم ، لا يمكن أن يجادل من ليس عنده سلاح العلم الشرعي ، الوجه التاسع في قوله الرابعة الصبر على الأذى فيه ، الصبر هو حبس النفس عن الشكوى و التسخط على ما نزل بها، و هو على أنواع الصبر على طاعة الله ، تجاهد نفسك على القيام بالطاعات و القسم الثاني الصبر عن معصية الله و هذه منزلة قوية جدا و عالية جدا قال جل وعلا (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [سورة فصلت 35]، قال الإمام ميمون ابن مهراب : أعمال البر يعملها البر والفاجر و أما ترك المعصية فلا يقوى عليه إلا صديق ، إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت و لكن قل علي رقيب ، فهو جل و علا يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور سبحانه و تعالى ، كذلك النوع الثالث الصبر على أقدار الله و ابتلائه جل وعلا و هذا النوع الثالث على قسمين ، وهذه فائدة زائدة تحتاجونها و الذكرى تنفع المؤمنين ، هذه رسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية في الصبر و تكلم وقال أن الصبر على ثلاثة أقسام ، صبر على الطاعة حتى يفعلها و صبر عن المنهي حتى لا يفعله و الصبر على ما يصيبه على أقدار الله و هذا الأخير هو على نوعين ، نوع لا اختيار للخلق فيه و لا قدرة، كالأمراض و غيرها من المصائب السماوية، فهذه يسهل الصبر فيها لأن العبد يشهد فيها قضاء الله و قدره و أنه لا دخل للناس فيها فيصبر إما اضطرارا و إما إختيارا ، يعني البلاء نزل فلو ضجرت ما رفعته و لو صبرت أجرت، و النوع الثاني ما يحصل له بفعل الناس يعني الأذى الذي يلتحق بك هو بفعل الناس في ماله أو عرضه أو نفسه، فهذا النوع يصعب الصبر فيه جدا لأن النفس تستشعر المؤذي لها و هي تكره غلبه فتطلب الإنتقام و هذا حال النفوس، فلا يصبر على هذا النوع إلا الأنبياء و الصديقون و كان نبينا صلى اله عليه و سلم إذا أوذي يقول : < يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر > و هذا أحد الأنبياء جعل يضربه قومه و هو يقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، وقد روي عنه عليه الصلاة و السلام أنه جرى معه هذا في قومه فجعل يقول مثل ذلك ، فجمع هذا في ثلاثة أمور العفو عنهم الاستغفار لهم و الإعتذار عنهم بأنهم لا يعلمون، قال هذا النوع من الصبر عاقبته النصر و الهدى والسرور و الأمن و القوة في ذات الله وزيادة محبه الله و محبة الناس له و زيادة العلم و لهذا قال الله جل وعلا : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) [سورة السجدة 24[، فالصبر و اليقين ينال بهما الإمامة في الدين، فإذا ازداد الإيمان ترقى العبد في درجات السعادة بفضل الله تعالى ، قال الله تعالى : (ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [سورة الجمعة 4]، و يعين العبد على هذا الصبر عدة أشياء فذكر نحوا من عشرين سببا يعيين على تحقيق هذا النوع من الصبر، ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب الصبر لأنه ما من نبي أو داعية إلى الإصلاح أو الخير إلا و يتعرض إلى الأذى ، فلا بد و أن تعود نفسك الصبر و اعلم أن النصر مع الصبر و يقول صلى الله عليه و سلم : < إنما النصر صبر ساعة > الله جل و علا يقول (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [سورة الزمر 10]، والله معك لكن اصبر و الله جل وعلا يقول : (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[سورة اﻷنفال 66]، إذا كان الله معك فلا تخشى أحدا ،و قال جل وعلا : (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [سورة آل عمران 146[، فالله يحب الصابرين فإذا أحبك الله أعانك ، لابد من الصبر، التأفف و التضجر ليس من سيم الأنبياء و الصالحين و دعاة الحق و السنة ، أنظر إلى سيد الأدعياء محمد أوذي و طعن فيه و قيل مجنون و ساحر و كاهن و ألقي على عاتقه سلا الجازور و أذوي لكنه صبر ، و كان عاقبة الصبر حميدة ،ما تنعم به أنت اليوم و تقول إن عقيدة الجهمية كفر و القرآن غير مخلوق هذا بفضل الله ثم بثبات أحمد ابن حنبل ، و صبرالمصلحون في كل عصر و مصر، و لهذا كتب الله لهم الذكر الحسن ،و الوجه العشر قوله و الدليل قو له تعالى : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [سورة العصر 1 - 3]، الدليل على هذه المسائل الأربعة و هذا فيه تنبيه على أهمية الإعتناء بمعرفة الدليل و الناس في معرفة الأدلة يتفاوتون يقول الأمام الشافعي الناس في العلم طبقات بحسب معرفتهم من العلم به ، و التفاوت نصا و استنباطا ، و العصر: يقسم الله جل وعلا بما شاء من مخلوقاته ، قيل أنه صلاة العصر وقيل أنه عصر النبي صلى الله عليه و سلم وقيل أنه عموم الدهر ، ولا يمنع من اجتماع إرادة الكل ، أي إن جنس الإنسان لفي خسر و خسارى ، و الذي ينجوا من ذلك إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر، و هذا كان عليه المسلمون قديما ،< الدين النصيحة > حديث النبي صلى الله عليه و سلم في صحيح مسلم ، كان الناس يمسك بعضهم بعضا ليتناصحوا ، الصديق من صدقك لا من صادقك في كل ما تقول ، الذي يريد نصحك و إصلاحك ،و الوجه الحادي عشر و هو قول الشافعي و يريد أن هذه السورة كافية للخلق في حثهم على الإيمان بالله و الإعتصام بسنة النبي صلى الله عليه و سلم و المسارعة إلى العمل بالعلم و الدعوة إليه و الصبر على الأذى فيه لإشتمالها على هذه المباني و المسائل الأربعة العظيمة ، وهي تدل على فقهه الدقيق ، لأنه تدبر الآيات و استخلص هذه الجملة العظيمة ، لما اشتملت عليه من أمور الدين و مهماته ، و الوجه الثاني عشر ما قاله البخاري ، ما نص عليه العلماء أن فقه البخاري في تبويبه ، ففي هذه الآية أمر من الله إلى نبيه محمد ، و البداءة إنما تكون بالأهم ،قال النبي صلى الله عليه و سلم : < أول ما ُيقضى بين الناس في الدماء > وقال صلى الله عليه وسلم : < أول ما ُيحاسَب عليه العبد بعد موته الصلاة >، فاستنبط الإمام البخاري البداءة بالعلم قبل القول والعمل، فالعلم أهم لأن القول والعمل مبني عليه ، ولهذا نص جمع من العلماء أن العلم شرط في صحة العمل ، و الأمر للنبي أمر للأمة ، قال الله جل و علا : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [سورة اﻷحزاب 21]، و ليكن عندك اليقين أن العلم هو الأساس، فالسابقون لم يكونوا يبدأون الناس بالدعوة بل بالعلم، تراه يتعلم و يتعلم و يتعلم حتى يصدق الله في علمه ثم يعمل به و بعد ذلك يدعوا الناس إليه و هذا على سنة نبيه صلى الله عليه و سلم .
    و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين.
    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، تم تفريغ هذه المادة العلمية بفضل الله و توفيقه عشية ٢٦ رجب ١٤٤٠ ه.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •