أطفالنا ورمضان


مؤمنة عبدالرحمن


إن الأبناء هبة ونعمة من الله-سبحانه وتعالى-، يُسَر الفؤاد برؤيتهم، وتقر العين بمشاهدتهم, ويسعد الروح بفرحهم، ولكن كيف تربي أبناءك التربية الصالحة؛ ليكونوا لبنة خير في المجتمع المسلم؟ وها هو ذا شهر التوبة والغفران، وشهر التربية، والمجاهدة، شهر رمضان يقبل علينا بعد أيام، وهاهو ذا يطرق الأبواب؛ حيث تتجلى فيه التربية الصادقة، والتوجيه الحكيم في رعاية الأطفال.
إن الأطفال أمانة ووديعة عند الأبوين؛ فكيف يمكن لهما أن يربيا أبناءهما في هذا الشهر الكريم؟ إن هناك أموراً عدة يمكن من خلالها تربية الأبناء على مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، ومعالي الأمور، من ذلك:
تعويدهم على الصيام
إذ رمضان أفضل موسم ومحطة يمكن أن نعود فيه أبناءنا على هذه العبادة العظيمة؛ فقد كان السلف الصالح -رضوان الله عليهم- يدربون أطفالهم على الصيام، ويحثونهم على ذلك؛ فقد جاء عن الربيع بنت مُعّوذ-رضي الله عنها-قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: «من كان أصبح صائماً فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه»؛ فكُنَّا بعد ذلك نصومه، ونصوَّم صبياننا الصغار منهم -إن شاء الله- ونذهب إلى المسجد؛ فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار, والعهن: هو الصوف.
فلماذا لا نعود أطفالنا على الصيام؟ ولماذا لا نعودهم على طاعة الله؟ ونأخذ بأيديهم ليعرفوا معنى هذه العبادة العظيمة؛ فيستقيموا منذ الصغر؟ حتى إذا بلغ سهل عليه الصيام، ولم يجد مشقة؛ فالإسلام أمر بتعويد الطفل على طاعة الله، قبل البلوغ في غير الصيام، كالصلاة مثلاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم : «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر». فعندما نعود الطفل على الطاعات، كالصيام، والصلاة، وغيرهما من أنواع الطاعات؛ فإنه ينشأ طفلاً صالحاً طائعاً لله-سبحانه وتعالى-؛ لأنه تعود على ذلك.
ربطهم بالقرآن الكريم
ربط الطفل بكتاب الله-عز وجل-حفظاً وتجويداً وتلاوةً؛ فهذا سن الحفظ، وزمن التلقي؛ فإذا فات الطفل هذا السن الذهبي وقضاه في الضياع والترفيه، ندم بعد كبره أعظم ندامة، وتأسف كل الأسف ولات ساعة مندم؛ فرمضان شهر القرآن, والمسلمون يقبلون فيه على قراءة القرآن، والطفل عندما يشعر بذلك من حوله، فإنه يقرأ معهم و لا يجد مشقة ولا تعباً في قراءة القرآن وحفظه وتجويده؛ فعلينا أن نستغل هذا الشهر الكريم في تحفيظ أبنائنا كتاب الله -عزوجل- وعلينا كذلك أن نرغبهم فيه, ونذكر لهم فضل قراءة القرآن، وأنه أنزل إلى سماء الدنيا في رمضان، وأن السلف الصالح -رضوان الله عليهم- كانوا يتفرغون لقراءة القرآن في رمضان؛ وذلك لما فيه من شحذ هممهم، وتطلعهم نحو الأجر والمثوبة من الله-سبحانه وتعالى.
المحافظة على الصلوات
حثهم على المحافظة على الصلوات المفروضة في أوقاتها جماعة مع المسلمين بالنسبة للصبية، ولاسيما في رمضان عند إقبال المسلمين إلى بيوت الله-تعالى-؛ فتكون محطة انطلاق للأطفال ليتعودوا على الصلوات الخمس في وقتها مع المسلمين، وكذلك حثهم وتشجيعهم على الإكثار من صلاة النوافل، وتعليمهم أن الأجر في رمضان يتضاعف، ومن ثم اصطحابهم إلى المسجد ليشهدوا الصلاة المكتوبة.
الصدقة والإحسان
تعويدهم على الصدقة والإحسان إلى الفقراء في أيام رمضان، وذلك من خلال إعطائهم بعض الأموال التي يمكن أن يقدموها للفقراء والمساكين، مع تعليمهم أن الصدقة تتضاعف في رمضان، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود ما يكون في رمضان، وكان أجود من الريح المرسلة، وأن علينا أن نقتدي ونتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم.
صلة الأرحام

اصطحابهم في زيارة الأقارب والأرحام، وتعليمهم أن صلة الأرحام من الواجبات؛ فيتعود الأبناء على زيارة الأرحام، والصلة في رمضان وغير رمضان؛ فيكون هذا الشهر مدرسة لأطفالنا، لكي نعودهم على الخير؛ فإن الطفل إذا عودته على شيء نشأ عليه.
تفطير الصائمين
تفطير الصائمين، وذلك من خلال توزيع بعض الأطعمة، ويكون التوزيع على الأطفال، لكي يتعودوا على الكرم, وعلى حب تفطير الصائمين، ونيل الأجر العظيم من الله -سبحانه وتعالى-؛ فقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء».