خطَب عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - آخر خطبة فقال فيها :

"أما بعد، فإنكم لم تُخلَقوا عبثًا، ولن تُتركوا سدًى، وإن لكم معادًا ينزل الله للحكم فيكم والفصل بينكم، فخاب وخسر مَن خرَج مِن رحمة الله وحُرم جنة عرضها السموات والأرض، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدًا إلا مَن حذر اليوم وخاف، وباع نافدًا بباقٍ، وقليلاً بكثيرٍ، وخوفًا بأمان،

ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وسنكون مِن بعدكم للباقين كذلك، حتى نُردَّ إلى خير الوارثين، ثم إنكم في كل يوم تُشيِّعون غاديًا ورائحًا إلى الله قد قضى نحبه حتى تُغيِّبوه في صدع مِن الأرض في بطن صدع غير موسَّد ولا ممهَّد، قد فارق الأحباب، وباشرَ التراب، وواجه الحساب؛ فهو مُرتهن بعمَلِه، غنيٌّ عما ترك، فقير إلى ما قدم، فاتقوا الله قبل انقضاء مواقيته، ونزول الموت بكم، أما إني أقول هذا وما أعلم أن عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي،

فأستغفر الله وأتوب إليه"، ثم رفع طرف ردائه على وجهِه وبكى حتى شهق ، ثم نزل فما عاد إلى المنبر بعدها حتى مات - رحمه الله - .

[ لطائف المعارف ٢٦٦ ]