دفاع العلامة ابن خلدون عن «صحيح البخاري»
قالت عن نفسها أنها: (متخصصة في علم الاجتماع):
وقالت مادحةً ابن خلدون: «عندما خرج ابن خلدون قبل ستة قرون حرك المجتمعات العربية سياسيا واقتصاديا وثقافيا و و و ، ونظم المنظومة الاجتماعية، خلق نظام اجتماعي [كذا!]».
وطعنت في صحيح البخاري –فض الله فاها- قائلة: «والذي يكبلني ألف وأربعمئة عام كتاب متخلف»(!)
قلتُ: بما أنها رجعت إلى ستة قرون إلى الخلف(!) واستشهدت بالعلامة ابن خلدون، فسيأتيها الرد ممن (كبلت) نفسها بأرائه، قال ابن خلدون في (مقدمته):
«وجاء محمد بن إسماعيل البخاري إمام المحدثين في عصره، فخرج أحاديث السنة على أبوابها في مسنده الصحيح» (ص253).
ثم ذكر كتب الأحاديث الأخرى من (مسانيد) و(سنن) و(صحاح)، ثم قال: «فأما البخاري، وهو أعلاها رتبة». (ص 254)
وقال: «ولقد سمعت كثيراً من شيوخنا رحمهم الله يقولون: شرح كتاب البخاري دين على الأمة، يعنون أن أحداً من علماء الأمة لم يوف ما يجب له من بهذا الاعتبار. وأما صحيح مسلم فكثرت عناية علماء المغرب به». (ص 254).
كلام ابن خلدون لا يختلف عليه اثنان، ولا ينتطح فيه (نعجتان)(!)
وأحاديث صحيح البخاري، والتي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم -التي تكفل الله بحفظها- لن تُطفأ بأقوال الزائغين والزائغات، والمنافقين والمنافقات، وقبل الرد على جهلهم وجهالاتهم يجب تعزيرهم، والحجر على أفكارهم المسمومة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -مدافعاً عن حديث في «صحيح البخاري»-:
« ﻭاﻟﺘﺤﻘﻴﻖ: ﺃﻥ ﻛﻼﻡ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺣﻖ، ﻭﻟﻴﺲ ﺃﺣﺪ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﻻ ﺃﻧﺼﺢ للأﻣﺔ ﻣﻨﻪ، ﻭﻻ ﺃﻓﺼﺢ ﻭﻻ ﺃﺣﺴﻦ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﻣﻨﻪ، ﻓﺈﺫا ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ: ﻛﺎﻥ اﻟﻤﺘﺤﺬﻟﻖ ﻭاﻟﻤﻨﻜﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺿﻞ اﻟﻨﺎﺱ؛ ﻭﺃﺟﻬﻠﻬﻢ ﻭﺃﺳﻮﺋﻬﻢ ﺃﺩﺑﺎً؛ ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﺗﺄﺩﻳﺒﻪ ﻭﺗﻌﺰﻳﺮﻩ، ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺼﺎﻥ ﻛﻼﻡ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﻈﻨﻮﻥ اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ، ﻭاﻻﻋﺘﻘﺎﺩاﺕ اﻟﻔﺎﺳﺪﺓ».[«مجموع الفتاوى» (18/129)]
وأهل السنة والجماعة ليس عندهم غلو لا في (الكتب) ولا في (الأشخاص)، بل الوسطية شعارهم ومذهبهم، يقول شيخ الإسلام:
«... ولا يعلمون أن قولنا: (رواه البخاري ومسلم) علامة لنا على ثبوت صحته، لا أنه كان صحيحاً بمجرد رواية البخاري ومسلم، بل أحاديث البخاري ومسلم رواها غيرهما من العلماء والمحدثين من لا يحصي عدده إلا الله،.....
ولو لم يخلق البخاري ومسلم لم ينقص من الدين شيء، وكانت تلك الأحاديث موجودة بأسانيد، يحصل بها المقصود وفوق المقصود، وإنما قولنا: (رواه البخاري ومسلم) كقولنا: (قرأه القراء السبعة). والقرآن منقول بالتواتر، لم يختص هؤلاء السبعة بنقل شيء منه، وكذلك التصحيح لم يقلد أئمة الحديث فيه البخاري ومسلما، بل جمهور ما صححاه كان قبلهما عند أئمة الحديث صحيحا متلقى بالقبول، وكذلك في عصرهما وكذلك بعدهما قد نظر أئمة هذا الفن في كتابيهما، ووافقوهما على تصحيح ما صححاه، إلا مواضع يسيرة». [«منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية » (7/ 215)].
والله الهادي.
وكتب
أبو عثمان السلفي