تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: اشتهار المذهب الأشعري وانتشاره في الأمصار بسبب تعصب بعض السلاطين له

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي اشتهار المذهب الأشعري وانتشاره في الأمصار بسبب تعصب بعض السلاطين له

    اشتهار المذهب الأشعري وانتشاره في الأمصار بسبب تعصب بعض السلاطين له
    د. محمد بن عبدالله المقشي


    قال الحافظ ابن الجوزي (المتوفى: 597هـ) في "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" (6 /332): "وكان [أي: أبو الحسن الأشعري] على مذهب المعتزلة زمانًا طويلًا، ثم عَنَّ له مخالفتُهم، وأظهر مقالةً خبطت عقائد الناس، وأوجبت الفتن المتصلة، وكان الناس لا يختلفون أن هذا المسموع كلام الله، وأنه نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم، فالأئمة المعتمَد عليهم قالوا: إنه قديم، والمعتزلة قالوا: مخلوق، فوافَقَ الأشعريُّ المعتزلةَ في أن هذا مخلوق، وقال: ليس هذا كلامَ الله؛ إنما كلامُ الله صفةٌ قائمةٌ بذاته، ما نزَل ولا هو ممَّا يُسمَع، وما زال منذ أظهر هذا خائفًا على نفسه لخلافه أهلَ السُّنَّة، حتى إنه استجار بدار أبي الحسن التميمي حَذَرًا من القتل، ثم نبغ أقوام من السلاطين، فتعصَّبُوا لمذاهبه، وكثُر أتباعُه، حتى تركت الشافعيةُ مُعتقَدَ الشافعي، ودانُوا بقول الأشعري".



    وقال محيي الدين عبدالواحد المراكشي (المتوفى: 647هـ) في كتابه "المعجب في تلخيص أخبار المغرب" (ص: 139): "كان جل ما يدعو [أي: ابن تومرت] إليه علم الاعتقاد على طريق الأشعرية، وكان أهل المغرب على ما ذكرنا يُنافِرون هذه العلوم، ويعادون مَنْ ظهرت عليه، شديدًا أمرهم في ذلك".



    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (المتوفى: 728هـ) كما في مجموع الفتاوى (11 / 478). "واستحل [أي: ابن تومرت] دماء ألوف مؤلَّفة من أهل المغرب المالكية الذين كانوا من أهل الكتاب والسنة على مذهب مالك، وأهل المدينة يقرؤون القرآن والحديث؛ كالصحيحين والموطأ وغير ذلك، والفقه على مذهب أهل المدينة، فزعم أنهم مُشبِّهة مُجَسِّمة، ولم يكونوا من أهل هذه المقالة، ولا يُعرَف عن أحد من أصحاب مالك إظهار القول بالتشبيه والتجسيم".



    وقال الحافظ أبو عبدالله الذهبي (المتوفى: 748هـ) في "العبر في خبر من غبر" (2 / 422): "وكانت تهمة ابن تومرت في إظهار العقيدة والدعاء إليها، وكان أهل المغرب على طريقة السَّلَف يُنافِرون الكلام وأهله".



    وفي "سير أعلام النبلاء"؛ للحافظ الذهبي (14 / 382): "قال اليسع بن حزم: سمَّى ابن تومرت المرابطين بالمجسِّمين، وما كان أهل المغرب يَدينون إلَّا بتنزيه الله تعالى عمَّا لا يجب وصفه بما يجب له، مع ترك خوضهم عمَّا تقصر العقول عن فَهْمِه، إلى أن قال: فكفَّرَهم ابن تومرت لجهْلِهم العَرَضَ والجَوْهَر، وأن مَن لم يعرف ذلك لن يعرف المخلوق من الخالق...".



    وفي طبقات الشافعية الكبرى (8/230)؛ للتاج السبكي الشافعي الأشعري (المتوفى: 771هـ) ما نصه: "وقال [أي: العز بن عبدالسلام] الذي نعتقد في السلطان؛ [أي: الملك الأشرف، وكان ممَّن يعتقد الصوت والحرف] - أنه إذا ظهر له الحقُّ يرجِع إليه، وأنه يُعاقِب من موَّهَ الباطلَ عليه، وهو أَولى الناس بموافقة والده السلطان الملك العادل تغمَّده الله برحمته ورضوانه؛ فإنه عزَّر جماعةً من أعيان الحنابلة المبتدعة تعزيرًا بليغًا رادعًا، وبدع بهم وأهانهم".



    وفي طبقات الشافعية الكبرى (8/ 238) أيضًا: "ولم يزل الأمر؛ [أي: إمساك الفريقين عن الخوض في مسألة الكلام والحرف والصوت، بعد أن أمر الملك الأشرف بذلك]، مستمرًّا على ذلك إلى أن اتَّفق وصول السلطان الملك الكامل رحمه الله إلى دمشق من الديار المصرية، وكان اعتقاده صحيحًا، وهو من المتعصبين لأهل الحق، قائل بقول الأشعري رحمه الله في الاعتقاد ... فعند ذلك ذلَّتْ رِقابُ المبتدعة، وانقلبوا خائبين، وعادوا خاسئين ﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ﴾ [الأحزاب: 25]، وكان ذلك على يد السلطان الملك الكامل رحمه الله".



    وقال الحافظ ابن كثير (المتوفى: 774هـ) في "البداية والنهاية" (12/231): "فعظُم شأنُه [أي: ابن تومرت]، وارتفع أمرُه، وقويَتْ شوكتُه، وتسمَّى بالمهدي، وسمَّى جيشَه جيشَ الموحِّدين، وألَّف كتابًا في التوحيد وعقيدة تُسمَّى المرشدة".



    وقال العلامة ابن خلدون (المتوفى: 808هـ) في "تاريخه" (6/302): "وذهب [أي: ابن تومرت] إلى رأيهم [أي: أئمة الأشعرية كالغزالي] في تأويل المتشابه من الآي والأحاديث، بعد أن كان أهل المغرب بمعزل عن أتباعهم في التأويل، والأخذ برأيهم فيه، اقتداءً بالسَّلَف في ترك التأويل، وإقرارِ المتشابهات كما جاءت، ففطن أهل المغرب في ذلك، وحملهم على القول بالتأويل والأخذ بمذاهب الأشعرية في كافة العقائد".



    وقال العلامة تقي الدين المقريزي الشافعي (المتوفى: 845هـ) في "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" (4 / 166167): "وأما العقائد فإن السلطان صلاح الدين حمل الكافة على عقيدة الشيخ أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، تلميذ أبي علي الجبائي، وشرط ذلك في أوقافه التي بديار مصر؛ كالمدرسة الناصرية بجوار قبر الإمام الشافعي من القرافة، والمدرسة الناصرية التي عُرِفَتْ بالشريفية بجوار جامع عمرو بن العاص بمصر، والمدرسة المعروفة بالقمحية بمصر، وخانكاه سعيد السعداء بالقاهرة، فاستمرَّ الحال على عقيدة الأشعري بديار مصر وبلاد الشام وأرض الحجاز واليمن، وبلاد المغرب أيضًا لإدخال محمد بن تومرت رأيَّ الأشعري إليها، حتى إنه صار هذا الاعتقاد بسائر هذه البلاد، بحيث إن من خالفه ضُرِبَ عُنقُه، والأمر على ذلك إلى اليوم".



    وقال أيضًا (4/192): "انتشر مذهب أبي الحسن الأشعري في العراق من نحو سنة ثمانين وثلاثمائة، وانتقل منه إلى الشام، فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر، كان هو وقاضيه صدر الدين عبدالملك بن عيسى بن درباس الماراني على هذا المذهب، قد نشآ عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألَّفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري، وصار يحفظُها صِغارُ أولاده؛ فلذلك عقدوا الخناصر وشدُّوا البنان على مذهب الأشعري، وحملوا في أيام دولتهم كافة الناس على التزامه؛ فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك، واتفق مع ذلك توجُّه أبي عبدالله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزالي مذهب الأشعري، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقام في المصامدة يُفقِّهُهم ويُعلِّمهم، وضع لهم عقيدة لقفها عنه عامَّتُهم، ثم مات فخلفه بعد موته عبدالمؤمن بن علي القيسي، وتلقَّب بأمير المؤمنين، وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدة سنين، وتسمَّوا بالموحِّدين؛ فلذلك صارت دولة الموحِّدين ببلاد المغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن تومرت؛ إذ هو عندهم الإمام المعلوم، المهدي المعصوم، فكم أراقُوا بسبب ذلك من دماء خلائق لا يُحصِيها إلا اللهُ خالِقُها سبحانه وتعالى، كما هو معروف في كتب التاريخ.



    فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعري وانتشاره في أمصار الإسلام، بحيث نُسِي غيرُه من المذاهب وجُهِل، حتى لم يَبْقَ اليوم مذهبٌ يُخالفه، إلا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف، لا يرون تأويل ما ورد من الصفات".



    وقال الحافظ جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) في كتاب "الوسائل إلى مسامرة الأوائل" (ص: 15): "فلما وَلِيَ السلطان صلاح الدين بن أيوب أمر المُؤذِّنين أن يُعلِنوا في وقت التسبيح [أي: الذي يكون في السحر على المنبر] بذكر العقيدة الأشعرية، فواظب المؤذِّنون على ذكرها كلَّ ليلة إلى وقتنا هذا".



    وقال العلامة محمد بن علان الصديقي الشافعي الأشعري (المتوفى: 1057هـ) في "الفتوحات الربَّانية على الأذكار النواويَّة" (2/113): "فلما ولي صلاح الدين بن أيوب، وحمَل الناس على اعتقاد مذهب الأشعري - أمر المؤذِّنين أن يُعلِنوا وقت التسبيح بذكر العقيدة الأشعرية التي تُعرَف بالمرشدية، فواظَبُوا على ذكرها كلَّ ليلة".



    وقال شهاب الدين أبو العباس السلاوي (المتوفى: 1315هـ) في كتابه "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى" (1/ 196197): "وأما حالهم [أي: أهل المغرب الأقصى] في الأصول والاعتقادات، فبعد أن طهَّرهم الله تعالى من نزعة الخارجية أولًا، والرافضية ثانيًا، أقاموا على مذهب أهل السنة والجماعة مُقلِّدين للجمهور من السَّلَف رضي الله عنهم...



    واستمرَّ الحال على ذلك مدة إلى أن ظهر محمد بن تومرت مهدي الموحِّدين في صدر المائة السادسة، فرحَل إلى المشرق، وأخذ عن علمائه مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري ومتأخِّري أصحابه من الجزم بعقيدة السلف مع تأويل المتشابه من الكتاب والسنة، وتَخريجه على ما عُرِف في كلام العرب من فنون مجازاتها وضُروب بلاغاتها، ممَّا يوافق عليه النقل والشرع، ويسلم به العقل والطَّبْع.




    ثم عاد محمد بن تومرت إلى المغرب ودعا الناس إلى سلوك هذه الطريقة، وجزم بتضليل من خالفها بل بتكفيره، وسمَّى أتباعه الموحِّدين تعريضًا بأن من خالف طريقته ليس بموحِّد، وجعل ذلك ذريعةً إلى الانتزاء على ملك المغرب...



    ومن ذلك الوقت أقبل علماء المغرب على تعاطي مذهب الأشعري وتقريره وتحريره درسًا وتأليفًا إلى الآن، وإن كان قد ظهر بالمغرب قبل ابن تومرت فظهورًا ما، والله أعلم".





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2

    افتراضي رد: اشتهار المذهب الأشعري وانتشاره في الأمصار بسبب تعصب بعض السلاطين له

    أذكر أني سمعت من شيخي العالم اللغوي المؤرخ المخطوطي الشيخ عبدالرحمن بن عثيمين المكي رحمه الله تعالى قولته:
    لا يقارن علم الشيخ محمد بن عبدالوهاب بعلم الإمام ابن تيمية، إلا أن الله هيأ للشيخ محمد ما لم يهيئه لابن تيمية، وهو السيف، فتأثر به ما لم يتأثر بابن تيمية
    رحم الله أئمة المسلمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •