تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 22

الموضوع: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    من شرح الحموية لابن تيمية - للشيخ : ( عبد العزيز بن عبد الله الراجحي )
    انقسم الناس في صفات الله عز وجل إلى عدة أقسام، والصواب ما كان على منهج أهل السنة والجماعة والسلف من قبلهم،-- وأهل الكلام والفلاسفة والمعطلة والمشبهة ممن أضلهم الله بسبب أهوائهم الضالة، وعقولهم الفاسدة.
    أقسام أهل القبلة في آيات الصفات

    قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله تعالى: [ وجماع الأمر: أن الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة:قسمان يقولان: تجُرى على ظواهرها.وقسمان يقولان: هي على خلاف ظاهرها.وقسمان يسكتان ].قوله: (يسكتان) أي: يفوضون، وكل قسم ينقسم إلى أقسام سيأتي ذكرها.قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أما الأولون فقسمان: أحدهما: من يجريها على ظاهرها ويجعل ظاهرها من جنس صفات المخلوقين، فهؤلاء المشبهة، ومذهبهم باطل أنكره السلف، وإليه توجه الرد بالحق ].هذا القسم الأول: الذي يقول أصاحبه: تجرى على ظاهرها، ومقصودهم بظاهرها: أن صفات الله مثل صفات المخلوقين: له سمع كسمع المخلوقين، وبصر كبصر المخلوقين، واستواء كاستوائهم، فهؤلاء مشبهة.والأدلة على بطلان قول المشبهة كثيرة منها قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] وقوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65] وقوله: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74] وقوله: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4] فكل هذه النصوص دالة على بطلان هذا القول.قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والثاني: من يجريها على ظاهرها اللائق بجلال الله، كما يجري ظاهر اسم العليم والقدير، والرب والإله، والموجود والذات، ونحو ذلك على ظاهرها اللائق بجلال الله ].وهؤلاء أهل الحق وهم أهل السنة والجماعة؛ فإنهم يجرونها على ظاهرها اللائق بجلال الله وعظمته، فالذين يقولون: تجرى على ظاهرها قسمان: قسم يفسرون الظاهر بصفات المخلوقين، وهؤلاء هم المشبهة.وقسم يفسرون الظاهر بما يليق بجلال الله وعظمته، ولا نعلم الكيفية، وهؤلاء هم أهل الحق وأهل السنة والجماعة.قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فإن ظواهر هذه الصفات في حق المخلوقين إما جوهر محدث، وإما عرض قائم به ].الجوهر المحدث: هو الجسم الذي أحدثه الله وخلقه، وقوله: (وإما عرض قائم به) أي: صفة قائمة بالجسم.قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فالعلم والقدرة، والكلام والمشيئة، والرحمة والرضا، والغضب ونحو ذلك في حق العبد أعراض، والوجه واليد والعين في حقه أجسام ].أي: أعراض قائمة بجسمه، فكون الإنسان يغضب ويرضى ويقوم ويقعد ويتحرك هذه صفات قائمة في جسمه، والجسم حادث خلقه الله بعد أن لم يكن، هذا بالنسبة للمخلوق. أما الخالق فلا يقاس عليه، ولا يقال: إن صفاته أعراض، بل هي صفات تليق بجلاله وعظمته وليست كصفات المخلوقين، قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، وهو سبحانه واجب الوجود لذاته قال تعالى: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ [الإخلاص:3] وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4] سبحانه وتعالى، أما المخلوق فقد خلقه الله بعد أن كان عدماً، والصفات والأعراض قائمة به.قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فإذا كان الله موصوفاً عند عامة أهل الإثبات بأن له علماً وقدرة،وكلاماً ومشيئة -وإن لم يكن ذلك عرضاً- يجوز عليه ما يجوز على صفات المخلوقين، جاز أن يكون وجه الله ويداه صفاتٍ ليست أجساماً يجوز عليها ما يجوز على صفات المخلوقين ].قوله: (عامة أهل الإثبات) يدخل في ذلك أهل السنة، ويدخل في ذلك الأشاعرة في إثباتهم للصفات السبع: العلم والقدرة والكلام والإرادة والحياة والسمع والبصر.قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وهذا هو المذهب الذي حكاه الخطابي وغيره عن السلف، وعليه يدل كلام جمهورهم، وكلام الباقين لا يخالفه، وهو أمر واضح ].يعني: ليست أجسام يجوز عليه، فكلمة (يجوز) منفية، يعني: أن النفي منصب على (أجسام ويجوز) جميعاً، والمعنى: ليست أجساماً موصوفة بأنه يجوز عليها.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    يقول الشيخ صالح ال الشيخ فى شرح الحموية - قال شيخ الاسلام- وجماع الأمر أن الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام ، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة:
    قسمان يقولان: تجري على ظواهرها.
    وقسمان يقولان: هي على خلاف ظاهرها.
    وقسمان: يسكتون.
    أما الأولون فقسمان:
    أحدهما: من يجريها على ظاهرها، ويجعل ظاهرها من جنس صفات المخلوقين، فهؤلاء المشبهة، ومذهبهم باطل أنكره السلف وإليهم يتوجه الرد بالحق.
    الثاني: من يجريها على ظاهرها اللائق بجلال الله، كما يجري ظاهر اسم العليم، والقدير، والرب، والإله، والموجود، والذات، ونحو ذلك، على ظاهرها اللائق بجلال الله، فإن ظواهر هذه الصفات في حق المخلوق: إما جوهر محدث، وإما عرض قائم به.
    فالعلم والقدرة والكلام والمشيئة والرحمة والرضا والغضب ونحو ذلك في حق العبد أعراض.
    والوجه واليد والعين في حقه أجسام.
    فإذا كان الله موصوفا عند عامة أهل الإثبات بأن له علما وقدرة وكلاما ومشيئة -وإن لم يكن ذلك عرضا يجوز عليه ما يجوز على صفات المخلوقين- جاز أن يكون وجه الله ويداه صفات ليس أجساما يجوز عليها ما يجوز على صفات المخلوقين.

    وهذا هو المذهب الذي حكاه الخطَّابي وغيرُه عن السلف، وعليه يدل كلام جمهورهم، وكلام الباقين لا يخالفه، وهو أمر واضح فإن الصفات كالذات، فكما أن ذات الله ثابتة حقيقة من غير أن تكون من جنس المخلوقات، فصفاته ثابتة حقيقة من غير أن تكون من جنس صفات المخلوقات.
    فمن قال: لا أعقل علما ويدا إلا من جنس العلم واليد المعهودين.
    قيل له: فكيف تعقل ذاتا من غير جنس ذوات المخلوقين، ومن المعلوم أن صفات كل موصوف تناسب ذاته وتلائم حقيقته؛ فمن لم يفهم من صفات الرب -الذي ليس كمثله شيء- إلا ما يناسب المخلوق فقد ضل في عقله ودينه.
    وما أحسن ما قال بعضهم: إذْ قال لك الجهمي كيف استوى؟ أو كيف ينزل إلى سماء الدنيا؟ أو كيف يداه؟ ونحو ذلك، فقل له: كيف هو في ذاته؟ فإذا قال لك: لا يُعلم ما هو إلا هو، وكنه الباري تعالى غير معلوم للبشر، فقل له: فالعلم بكيفية الصفة مستلزم للعلم بكيفية الموصوف، فكيف يمكن أن تعلم كيفية صفة لموصوف، لم تعلم كيفيته، وإنما تعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي لك، بل هذه المخلوقات في الجنة قد ثبت عن ابن عباس أنه قال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء.

    وقد أخبر الله تعالى أنه لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".
    فإذا كان نعيم الجنة وهو خلق من خلق الله كذلك فما ظنك بالخالق سبحانه وتعالى.......... هذا المقطع قال فيه (وجماع الأمر أن الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة) وهذه الأقسام جاءت من جهة السبر والتقسيم؛ يعني أن هذه الأقسام الممكنة:
    "إما أن تجرى على ظاهرها.
    "وإما أن لا تجرى على ظاهرها.
    "وإما أن يسكت فلا يقال نعلم ظاهرها أو لا نعلم ظاهرها.
    وكل قسم ينقسم إلى قسمين، فصارت ستة:..................

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    فالأولون هم الذين يقولون نجري هذه على ظاهرها، وهؤلاء هم المنتسبون في الجملة إلى السلف الصالح رضوان الله عليهم؛ لأن السلف أجروا الأحاديث على ظاهرها، وما فسروها بما يخالف ظاهرها؛ بل أيدوا ظاهرها [بالتفسير]، وهذا التقرير العام لـ: أن السلف مجمعون من الصحابة والتابعين على عدم صرف هذه الألفاظ عما دل عليه ظاهرها، أخذ به من بعدهم -يعني من بعد الصحابة ومن بعد التابعين- أخذ به طائفتان:
    الطائفة الأولى المجسمة: الذين فهموا من الظواهر أنها تشبيه لصفات الخالق بصفات المخلوق، وأنها مثلها اليد كاليد، والعينان كالعينين، والسمع كالسمع، والبصر كالبصر وهكذا، من حيث الكيفية، وهؤلاء هم الذين سماهم السلف المجسمة الممثلة، ووصفوا مذهبهم بالكفر.
    هؤلاء أُتُوا من جهة أن إثبات الظاهر ما المراد به؟ ظاهر الألفاظ ما المراد به؟ ظنوا أن الظاهر المراد منه ما يفهمه الإنسان من هذه الكلمة من جهة المعنى والكيفية؛ لأنَّ القرآن أنزل بلسان عربي مبين، فلن يعقل منها إلا هذا وهذا يعني إلا هذا المعنى وهذه الكيفية.
    فإذن جاء ضلالهم من جهة فهم معنى الظاهر فهموا الظاهر أنه مثل ما للمخلوق، والسبب أن الله وصف المخلوق بصفات ووصف نفسه الجليلة بصفات وما فرَّق من حيث دلالة الألفاظ بين هذا وهذا بكلام يصرف الكلام عن ظاهره، فجعلوا هذا وهذا سواء، وقوله ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ? [الشورى:11]، فسَّروه بغير تفسير المماثلة في الكيفية، وإنما فسروه بمنع المماثلة في تمام المعنى دون الكيفية.
    الطائفة الثانية: ممن قالوا بإجراء اللفظ على ظاهره هم -يعني داخلة في القسم الأول الذين يجرون الألفاظ على ظواهرها- الطائفة الثانية ممن يجرون اللفظ على ظاهره: هم المنتسبون للحديث والسنة، فهم مجمعون على أن هذه الألفاظ يجب أن تجرى ظواهرها على الوجه اللائق بالله جل وعلا، وفهموا من كلام السلف أنه يجب إجراء الألفاظ هذه على ظواهرها والإيمان بما دل عليه ظاهر اللفظ، وقالوا ظاهر اللفظ لا يدل على الكيفية ولا يدل على تمام المعنى؛ بل ظاهر اللفظ في المخلوق ما يناسب ذاته، ظاهر اللفظ بالنسبة لجلال الله جل وعلا ما يناسب ذاته، فالمخلوق له من الصفة مثل ما لذاته، والله جل وعلا له من هذه الصفات يعني من ظاهرها ما يناسب ذاته، وذاته كاملة الكمال المطلق وصفاته كذلك، لهذا أجروا القاعدة القول في الصفات كالقول في الذات، يُحتذى فيه حذوه وينهج فيه على منواله، فكما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود ومعنى لا إثبات كيفية.

    والأولون -المجسمة- لم يقولوا إنَّ وجود الله جل وعلا مماثل لوجود المخلوق، ولهذا كل من خالف منهج السلف فهو ملزم بالتناقض، فإنه لابد أن يتناقض بين ما أثبت وبين ما نفى، بين ما حمل عليه الألفاظ -حمل عليه الأدلة- وبين ما لم يحمل عليه الأدلة.


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    المنتسبون للسلف الذين أجروا الألفاظ على ظاهرها هؤلاء ينقسمون على ثلاث طوائف:
    الطائفة الأولى: هم الحقيقون بصحة الانتساب إلى مذهب السنة والحديث، وهم الذين أثبتوا الصفات ولم يخالفوا منهج الصحابة والتابعين فيها؛ بل كان إثباتهم لها إثبات وجود وإثبات معنى على ما دل عليه اللفظ، وهذا هو مذهب أهل السنة والحديث بكل الصفات.
    والطائفة الثانية: الذين قالوا نجريها على ظواهرها، وظواهرها غير معلومة لنا، ومعنى الإجراء على ظاهرها أننا نذكر اللفظ ونسكت عن المعنى، هؤلاء هم المفوضة.
    والطائفة الثالثة: من أجروا هذه الألفاظ على ظاهرها؛ لكنهم غلوا في إجرائها على ظواهرها، بحيث فسَّروا الظواهر باللازم، فأثبتوا صفات لم ترد باللوازم، وهذا عليه طائفة من الغلاة في الإثبات من المنتسبين للحنابلة ولغيرهم، ولهذا قال شيخ الإسلام قال بعضهم: رجلان جنى عليهما أصحابهما جعفر الصادق وأحمد بن حنبل؛ فإن أصحاب جعفر -يعني الشيعة الذين انتسبوا إليه وسُموا بالجعفرية- حرفوا طريقة جعفر وكان فقيها على مذهب أهل السنة، وصرفوا ذلك ونسبوا إليه كتبا في التوحيد وفي الفقه بما يخالف ما كان عليه حقيقة، وكذلك طائفة كبيرة من أصحاب أحمد المنتسبين إليه وليسوا من فقهاء الإسلام في التوحيد وفي السنة وفي الفقه؛ بل كانوا من المنتسبين إليه ومن غير العلماء بمذهبه، غلوا في الإثبات حتى نسبوا أشياء إليه لا يصح أن تنسب إليه، فأثبتوا باللوازم الصفات، وقالوا ظاهر اللفظ لابد له من إثبات ما يلزم منه، لهذا أيدوا هذه اللوازم بالأحاديث الضعيفة الكثيرة، كما فعله طائفة من - مثل أبي يعلى في كتابه إبطال التأويلات، وأشباه هؤلاء، فيجعل من لازم إثبات القدم لله جل وعلا إثبات تركب الساق عليها؛ لأن هذا هو الظاهر، ويجعل من إثبات ... وما روي ويثبتون العضد والمنكب والجنب وأمن هذا على حسب اللوازم وما أيده اللازم من أحاديث رويت في هذا فهي إما غير صحيحة وإما لها دلالة غير ما ذهبوا إليه.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    المقصود من هذا أن هؤلاء أعني من أثبتوا الظاهر سواء أكانوا مجسمة أو كانوا من أهل الحديث والسنة أو كانوا من الطوائف التي ذكرنا هؤلاء الخلاف بينهم في تفسير معنى الظاهر، فتنتبه إلى أن المراد من تفسير الظاهر ما هو؟ فإذا حدد فحدد فهم هذه المذاهب.
    ساق شيخ الإسلام المثالين على أن إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات كيفية، وهذان المثالان ساقهما أيضا في كتابه المعروف التدمرية، وهما: مثال الجنة وما فيها، والروح. وهما واضحان في الدلالة على ما أراده رحمه الله.
    .. ولا شك هو على قاعدة الإمام مالك المتفق عليها: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول. فالاستواء غير مجهول المعنى، والكيف غير معقول. فثَم كيفٌ لكنه غير معقول، نحن لا ننفي الكيفية لكن ننفي أن تكون الكيفية ككيفية اتصاف المخلوق بالصفات، أما كيفية اتصاف الرب جل وعلا بصفاته فلا يعلمها إلا هو سبحانه. نعم.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    وهذه الروح التي في بني آدم قد علم العاقل اضطراب الناس فيها، وإمساك النصوص عن بيان كيفيتها، أفلا يعتبر العاقل بها عن الكلام في كيفية الله تعالى؟ مع أنا نقطع بأن الروح في البدن، وأنها تخرج منه وتعرج إلى السماء، وإنها تسل منه وقت النزع كما نطقت بذلك النصوص الصحيحة، لا نغالي في تجريدها غلو المتفلسفة، ومن وافقهم حيث نفوا عنها الصعود والنزول، والاتصال بالبدن والانفصال عنه، وتخبطوا فيها حيث رأوها من غير جنس البدن وصفاته، فعدم مماثلتها للبدن لا ينفي أن تكون هذه الصفات ثابتة لها بحسبها، إلا أن يفسروا كلامهم بما يوافق النصوص، فيكونون قد أخطئوا في اللفظ، وأنَّى لهم بذلك؟
    ولا نقول إنها مجرد جزء من أجزاء البدن كالدم والبخار مثلا أو صفة من صفات البدن والحياة وإنها مختلفة الأجساد ومساوية لسائر الأجساد في الحد والحقيقة كما يقول طوائف من أهل الكلام بل نتيقن أن الروح عينٌ موجودة غير البدن وإنها ليست مماثلة له وهى موصوفة بما نطقت به النصوص حقيقة لا مجازا فإذا كان مذهبنا في حقيقة الروح وصفاتها بين المعطلة والممثلة فكيف الظن بصفات رب العالمين
    في الروح مذهبان:
    الأول: مذهب الفلاسفة في الروح.
    والثاني: مذهب أكثر أهل الكلام.
    الفلاسفة عندهم أن الروح خُلقت في الأزل أو أنها موجودة في الأزل، وللبقاء هي، وأنها تهبط لتدخل الجسد الذي يلائمها، وأنها إذا دخلت الجسد فإنها شيء واحد لا يتجزأ؛ لا ينفك عن الجسد إلا إذا لم يصلح الجسد لبقاء الروح فيه فتنفصل، فإذا انفصلت ذهبت إلى جسد آخر أو حُفظت.
    وهذا هو مذهب الفلاسفة المعروف عنهم، وعندهم أنها ملازمة لا تنفك، لا تذهب لا تجيء، شيء واحد غير منقسمة؛ لأنها إذا خرجت معناه أنها ذهبت الحياة.
    وأهل الكلام -أعني أكثرهم- يقولون هي جزء من أجزاء البدن مثل [...]، ومثل [الهضم] في الإنسان ومثل حركة القلب ومثل، ومثل ما يجري في بني آدم أو في الكائنات الحية، فالروح والنفس مثل هذه الأشياء جزء من أجزائه، أيضا لا تنفك عنه.
    وهذا وهذا لاشك أنهما مخالفان لما دلت عليه النصوص في شأن الروح.
    قصده من هذا التمثيل: أن الروح إثباتها بالاتفاق إثبات وجود لا لإثبات كيفية، وكذلك الصفات؛ صفات الرب جل وعلا إثباتها إثبات وجود لا إثبات كيفية. نعم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    وأما القسمان اللذان ينفيان ظاهرها، أعني الذين يقولون ليس لها في الباطن مدلول هو صفة الله تعالى قط، وأن الله لا صفة له ثبوتية؛ بل صفاته إما سلبية وإما إضافية، وإما مركبة منهما، أو يثبتون بعض الصفات وهي الصفات السبعة أو الثمانية أو الخمسة عشر، أو يثبتون الأحوال دون الصفات، ويقرون من الصفات الخبرية بما في القرآن دون الحديث على ما قد عرف من مذاهب المتكلمين.
    فهؤلاء قسمان:
    قسم يتأولونها - ويعينون المراد مثل قولهم استوى بمعنى استولى؛ أو بمعنى علو المكانة والقدر، أو بمعنى ظهور نوره للعرش، أو بمعنى انتهاء الخلق إليه، إلى غير ذلك من معاني المتكلفين.
    وقسم يقولون الله أعلم بما أراد بها، لكنا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجية عما علمناه.
    وأما القسمان الواقفان:
    قسم: يقولون يجوز أن يكون ظاهرها المراد اللائق بجلال الله، ويجوز أن لا يكون المراد صفة الله ونحو ذلك، وهذه طريقة كثير من الفقهاء وغيرهم.
    وقوم يمسكون عن هذا كله ولا يزيدون على تلاوة القرآن وقراءة الحديث، معرضين بقلوبهم وألسنتهم عن هذه التقديرات.
    فهذه الأقسام الستة لا يمكن أن يخرج الرجل عن قسم منها

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    والصواب في كثير من آيات الصفات وأحاديثها القطع بالطريقة الثابتة كالآيات والأحاديث الدالة على أن الله سبحانه وتعالى فوق عرشه، ويعلم طريقة الصواب في هذا وأمثاله بدلالة الكتاب والسنة والإجماع على ذلك، دلالة لا تحتمل النقيض، وفي بعضها قد يغلب على الظن ذلك مع احتمال النقيض، وتردد المؤمن في ذلك هو بحسب ما يؤتاه من العلم والإيمان، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    والصواب في كثير من آيات الصفات وأحاديثها القطع بالطريقة الثابتة)، بالطريقة الثانية أو الثابتة؟ ما معنى الثابتة؟ الحقيقة ما هي واضحة. بالطريقة الثابتة كأنها الثانية لكن..، هو قسّم ست أقسام والطريقة الثانية أيدها وكأنه يريد الثانية. أنتم تأملوها.
    هذان القسمان المتوسطان -يعني في التقسيم- وهم الذين قالوا إن هذه لا تجرى على ظواهرها، يقولون: إن هذه الآيات والأحاديث لها معنى باطن لها معنى في الحقيقة؛ لكن المعنى ليس هو ما دل عليه الظاهر لأن الظاهر غير مراد للشارع بدلالة قوله ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ?[الشورى:11].
    وهذا الظاهر لما ذهب المجسمة إلى فهم الآيات والأحاديث على ظاهرها في التجسيم فيجب أن ينفى دلالة هذا الظاهر، وهؤلاء فروا من شيء إلى غيره لأجل شناعة من أثبت الظاهر وهم المجسمة، ولو فهموا معنى كلام السلف لما عدلوا عنه إلى غيره.
    في الحقيقة هذا القول الذي تبناه ابن كلاب وتبعه عليه الأشعري وجماعة.
    الأشعري ومن معه
    - لم يكونوا يعرفون حقيقة مذهب السلف، ولذلك يشكل عليه في كثير من المواضع مذهب السلف، فلا يعرفونه، ولما ساق الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين، ساق مذهب السلف ومذهب أهل الحديث، وقال في آخره: وبما قال به أهل الحديث أقول، وإلى ما ذهبوا إليه أذهب. إنما ساق مذهبهم إجمالا ، ما ساقه على وجه التفصيل، ولما ساق مذاهب المبتدعة من أصحاب الفرق المختلفة - ساقها على مذهب التفصيل، فيفصل أقوالهم في كل مسألة، وليس عنده من العلم بكلام أئمة السنة من التابعين ممن تكلموا في الصفات والأمور الغيبية، وعلماء السنة وممن أتى بعدهم، ليس عندهم من العلم بها ما يجعله يفهم مذهب السلف، وبناء على فهمه وكلامه نشأ الأشاعرة والمتكلمون في أكثر ما ذهبوا إليه، ولهذا لا يفهمون من إثبات الظاهر إلا ما عند المجسمة، هذا أصل الضلال في هذه المسألة؛ لأن الأشعري ما فهم تفاصيل كلام السلف بل ولا علمها، وإنما علم مذهبها جملة.
    ولهذا لما صنف كتاب الإبانة تصنيفه له معروف وهو في الجملة مقبول؛ لكنه أيضا فيه إجمال تكلم عن كذا مسألة وأجمل قبول ما عليه الإمام أحمد بن حنبل.
    لهذا نقول: إن الذين قالوا لا تجرى على ظواهرها استحضروا لإجراء الظواهر مذهب المجسمة، فأرادوا أن يفروا منه إلى ما لا إشكال فيه، فنفوا إرادة الظاهر، وهذا لاشك أنه أصل باطل في هذا الباب.
    هذا منشأ الضلال عند من قال لا تجرى على ظواهرها.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    ومنشأ الضلال الثاني - أنهم جعلوا العقل أصلا وجعلوا النقل تابعا، وعندهم العقل هو القاضي والنقل هو الشاهد، ولهذا ما دلَّت دلالة العقل على منع اتصاف الرحمن به فإنهم يمنعونه ولو جاء في النص، ولهذا اختلفوا منهم من أثبت ثلاث صفات وهم المعتزلة، منهم من أثبت سبعا وهم الأشاعرة، ومنهم من أبت ثماني صفات وهم الماتريدية، ومنهم من أثبت خمسة عشر، ومنهم من قسم إلى صفات وجودية وسلبية ومعاني ومعنوية وأوصلوها إلى عشرين، إلى تقسيمات لهم منهم من أثبت الأحوال دون غيرها.
    فهذه التقسيمات كلها راجع الخلاف فيها على أن دلالة العقل ما هي؟ فلما لم يتفقوا على دلالة العقل لم يتفقوا على ما يثبتون من الصفات، فتنظر مثلا إلى المسألة الكبيرة بين الأشاعرة والماتريدية -وكلهم في الغالب واحد؛ لكنهم اختلفوا في شيء وأربعين مسألة بعضها من جليل المسائل وبعضها من دقيقه فاختلفوا في إثبات الصفات فقال الأشاعرة - بإثبات سبع - وزاد الماتريدية صفة ثامنة وهي صفة التكوين، وقالوا صفة التكوين يعني أنه سبحانه هو الذي يكون الأشياء فيخلق ويصوِّر ويبرأ بقوله كن فيكون ففهموا من قوله ?هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ?[الحشر:24] صفة التكوين وأنه سبحانه ينشئ ما قدر وما خلق وصور بقوله كن، وكل ما يلزم لتكوين المخلوق هو داخل في ذلك فيحدثونه بأصل الصفات، وهذا الفرق بينهما لأجل أن دلالة العقل لا تمنع، فلابد بصفة خاصة بالتكوين، أما الصفات الأخرى السمع والبصر والكلام والإرادة والحياة والقدرة إلى آخر السبع -إذا كنا نسينا منها شيء- هذه لا تكفي هناك خلق، فأين صفاته ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟
    فإذن تجد أن الخلاف في الدلالة العقلية، وهذا مما تمسكوا به في تأويل أو تحريف كل الأسماء والصفات.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    والدلالة العقلية عندهم على نوعين:
    الأول: دلالة عقلية ملازمة دائمة، وهذه هي امتناع مماثلة الله جل وعلا للمخلوق، و امتناع مشابهة، فهذه تجري عندهم في كل الصفة، امتناع المشابهة وامتناع المماثلة، هذه الدلالة العقلية تجعلهم ينفون يقولون هذه الآيات في الصفات ليست على ظاهرها.
    والدلالة الثانية: العقلية ليست عامة، وإنما هي خاصة لفظية.
    والأول هو المدعى في التأويل.
    والثاني هو المدعى في المجاز.
    فيقولون مثلا استوى بمعنى استولى، لأنه لا يُعقل من الاستواء استواء المخلوق، وهذا منفي عن الله؛ لأن الله ليس كمثله شيء أو لأن الله لا يشبه المخلوقين فيحيلون عن الدلالة العامة، وكل مسألة أوَّلوا وأحالوا فيها على التأويل، فهو إحالة على الدلالة العقلية العامة؛ لأن التأويل عندهم صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى غيره لقرينة، والقرينة هذه الحقيقة القرينة
    والعقلية العامة.
    والثاني هي الدلالة العقلية الخاصة، وهي الدلالة اللفظية في المجاز فيما ادعوا فيه من الألفاظ أنه مراد به المجاز، وأنه ليس في وضعه الأول بل هو في وضعه الثاني.
    وهو مختلف باختلاف الصفات، يقولون الرحمة مثلا إرادة الإنعام هذا تأويل، وإذا قالوا الرحمة هي الإنعام هذا مجاز، فإذا أحالوها صفة من الصفات السبع التي أثبتوها صار تأويلا ، وإذا قالوا الرحمة هي النعمة ، مجاز عن النعمة، اليد مجاز عن القدرة وهكذا فهذا يكون مجازا؛ لأنه صار مرجعه إلى اللفظ يعني إلى الدلالة العقلية اللفظية.
    وباقي الأقسام - يعني فيها غموض ما نطيل الكلام فيها، أعني من قالوا أننا لا نعلم، المراد البتة هؤلاء هم أهل التجهيل، أو قالوا المراد خفي قد يكون هذا قد يكون هذا أيضا هؤلاء يدخلون في قسم أهل التجهيل.
    هذا الموضع - فيه تفصيل له في أول درء التعارض، في أول درء تعارض العقل والنقل فصّل وأطال شيخ الإسلام لما ذكر مذاهب الناس في الصفات وقسمهم إلى أهل الوهم والتخييل وإلى أهل التجهيل الذين يقولون نجهل المعنى أو الذين صرفوها؛ يعني الأقسام الأربعة الأخيرة.

    ومن اشتبه عليه ذلك أو غيره فليدعُ بما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ يصلي مِنَ اللّيْلِ، قال "اللّهُمّ رَبّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ. فَاطِرَ السّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ. عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ. أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقّ بِإِذْنِكَ إِنّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَىَ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ".
    وفي رواية لأبي داود: أنه كان يكبر في صلاته ثم يقول ذلك.
    فإذا افتقر العبد إلى الله ودعاه, وأدمن النظر في كلام الله وكلام رسوله وكلام الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين: انفتح له طريق الهدى....[ شرح الحموية].......[نسألك يارب العالمين ان تفتح لنا ابواب الهدى - فانك انت الفتاح العليم- كتبه محمد عبد اللطيف]

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    ثم إن كان قد خبر نهايات إقدام المتفلسفة والمتكلمين في هذا الباب, وعرف أن غالب ما يزعمونه برهانا هو شبهة, ورأى أن غالب ما يعتمدونه يؤول إلى دعوى لا حقيقة لها, أو شبهة مركبة من قياس فاسد, أو قضية كلية لا تصح إلا جزئية, أو دعوى إجماع لا حقيقة له, أو التمسك في المذهب والدليل بالألفاظ المشتركة.
    ثم إن ذلك إذا ركب بألفاظ كثيرة طويلة غريبة عمن لم يعرف اصطلاحهم, أو همت الغر ما يوهمه السراب للعطشان, ازداد إيمانا وعلما بما جاء به الكتاب والسنة, فإن الضد يُظهر حسنه الضد - وكل من كان بالباطل أعلم كان للحق أشد تعظيما, وبقدره اعرف إذا هُدي إليه.--
    فأما المتوسطون من المتكلمين - فيخاف عليهم ما لا يخاف على من لم يدخل فيه, وعلى من قد أنهاه نهايته, فإن من لم يدخل فيه فهو في عافية, ومن أنهاه فقد عرف الغاية, فما بقى يخاف من شيء آخر, فإذا ظهر له الحق وهو عطشان إليه قبله ، وأما المتوسط فيتوهم بما يتلقاه من المقالات المأخوذة تقليدا لمعظمه تهويلا.
    ..يتوهم من المقالات المأخوذة تقليدًا، يتوهّم إيش؟ تأويلا لمعظمه؛ لأنه الآن يأخذ الأشياء بالتقليد ما يعرف ووش وراها، انخدع بالألفاظ - يعني المتكلمون والضلال وضعوا اصطلاحات وضعوا ألفاظا توهم الناظر فيها أن وراءها علم لا يدركه إلا الخاصة لا يدركه إلا العلماء لا يدركه إلا الأئمة إلى آخره، إنما يؤخذ تقليدا، فتورث هذه الألفاظ تقليدا لهم؛ لأنها تعزل الناظر عن البرهان، فإذا قلدهم فيها أورثته تعظيما لمعظمه وتأويلا لمعظمه. العبارة ماشية صحيحة.

    وقد قال بعض الناس: أكثر ما يفسد الدنيا: نصف متكلم، ونصف متفقه، ونصف متطبب، ونصف نحوي، هذا يفسد الأديان، وهذا يفسد البلدان، وهذا يفسد الأبدان، وهذا يفسد اللسان.[نعم سبحان الله]


  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    ومن علم أن المتكلمين من المتفلسفة وغيرهم في الغالب في قول مختلف، يؤفك عنه من أفك، يعلم الذكي منهم والعاقل أنه ليس هو فيما يقوله على بصيرة، وأن حجته ليست ببينة وإنما هي كما قيل فيها:
    حجج تهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور
    ويعلم العليم البصير بهم أنهم من وجه مستحقون ما قاله الشافعي - رضي الله عنه - حيث قال: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر ويقال: هذا جزاء من اعرض عن الكتاب والسنة وأقبل على الكلام.
    ومن وجه آخر إذا نظرت إليهم بعين القَدَر -والحيرة مستولية عليهم والشيطان مستحوذ عليهم- رحمتهم وترفقت بهم، أوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء، وأعطوا فهوما وما أعطوا علوما، وأعطوا سمعا وأبصارا وأفئدة ?فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون?[الأحقاف:26].
    ومن كان عليما بهذه الأمور: تبين له بذلك حِذْقُ السلف وعلمهم وخبرتهم حيث حذروا عن الكلام ونهوا عنه وذموا أهله وعابوهم؛ وعلم أن من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد من الله إلا بعدا.
    فنسأل الله العظيم أن يهدينا صراطه المستقيم؛ صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين. آمين.[ من شرح الفتوى الحموية -للشيخ صالح ال الشيخ]

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    - تفنيد شبه احد الاقسام الستة - مسلك التفويض

    ويعنون بذلك: تفويض المعنى المراد من النص الموهم للتشبيه – على حد زعمهم – وهذا التفويض إنما يكون بعد التأويل الإجمالي – وهو: "صرف اللفظ عن ظاهره" (1) ويدل لذلك قول صاحب الجوهرة: "ورم تنزيها" بأن تعتقد أن ظاهره غير مراد، ثم تكف عن بيان المعنى المراد، قالوا: وهذه هي طريقة السلف وهي أسلم.
    ولهم حجتان في ذلك (2) :
    الأولى: قول الله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ [آل عمران: 7] على قراءة الوقف على اسم الجلالة.
    الثانية: اتفاق السلف على أنها تمر كما جاءت كما في قول الإمام مالك رحمه الله: "الاستواء معلوم والكيف مجهول..." وكقول بقية السلف: أمروها كما جاءت (3) .
    المناقشة: هذا المسلك مبني على أمرين:
    الأول: دعوى أن الاتفاق حاصل على عدم إرادة الظاهر، إذ الظاهر يوهم التشبيه!
    الثاني: آية آل عمران دالة على صحة التفويض – وهو الإمساك عن المعنى المراد.
    والإجابة عن الأمر الأول:
    الأولى: لا نسلم أن ظاهر آيات وأحاديث الصفات يفيد التشبيه، بل هي تدل على إثبات الصفات على الوجه اللائق بالله تعالى، ويتبين ذلك بالآتي:
    إن الأشاعرة قد سلموا أن الله تعالى حي بحياة وعليم بعلم وقدير بقدرة... إلى بقية صفات المعاني السبع، وقالوا: إن ظاهرها على ما يليق بالله تعالى فيقال لهم: ويلزمكم كذلك طرد هذه القاعدة في بقية الصفات كالاستواء والعلو والوجه واليدين والغضب وغيرها، فهي ثابتة لله حقاً، على الوجه اللائق بالله وليس ظاهرها كما هي ثابتة عند البشر (4) .
    الثانية: إن القول بأن نصوص الصفات ظاهرها غير مراد يلزم منه لوازم باطلة وهي:
    1- أن يكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم – قد تكلم بالباطل، ولم يأت نص واضح جلي يفيد غير ما ذكر في الكتاب والسنة (5) .
    2- إنه يكون قائل هذه المقالة قد مثل أولاً، إذ هو قد اعتقد أن ظاهرها التمثيل والتشبيه، ثم عمد إلى النص فعطله عن دلالته على الحق وعطل الصفة الثابتة في نفس الأمر لله تعالى (6) .
    الثالثة: إن القول بتفويض المعنى ثم الزعم بأن ظاهر النصوص غير مراد تناقض واضح – فلا يعقل الادعاء بأن المعنى مما لا يعلمه إلا الله! مع الزعم بأن الظاهر غير مراد – إذ الذي لا يعلمه إلا الله لا يكون ظاهراً لنا.
    الرابعة: ثم الجواب عما تمسكوا به قد تبين بطلانه على ضوء ما تقدم في مبحث أهل السنة والجماعة. ويظهر الجواب اختصاراً بالآتي:
    1- إن الأئمة مع قولهم أمروها كما جاءت، صرحوا بأن ظواهر النصوص مرادة مع قطع الطمع عن إدراك الكيفية، وهذا يتعارض مع زعم الأشاعرة بأن الظاهر غير مراد. وكل ما ذكر من أقوال الصحابة, والتابعين, والأئمة الأعلام يرد هذا الزعم.
    2- إنا قد بينا سابقاً أن مراد السلف بقولهم (أمروها كما جاءت بلا تفسير) يراد به أحد معنيين:
    الأول: أمروها بلا تفسير مبتدع, وهو تفسير الجهمية.
    الثاني: أمروها بلا تفسير للكيفية – وهو قول الإمام مالك نفسه: (والكيف مجهول).
    وأما الاستدلال بالآية فخطأ بيِّن – ويتضح ذلك بالآتي:
    الأول: إن المراد بالتأويل على قراءة الوقف: معرفة الحقيقة التي يؤول إليها الخبر كما قد بين سابقاً – إذ الوقف التام يفيد أن ذلك مما لا يعلمه إلا الله، لأن حقائق الصفات وكيفيتها مما لا يظهر للخلق – أما على قول الأشاعرة فإنه لا تظهر فائدة من الوقف، إذ هم زعموا أن لها ظاهراً يعلمه البشر ولكنه غير مراد – وإنما المراد شيء آخر!، فشرعوا في تعيينه ظنًّا، وهذا ينافي التسليم التام الذي وصف الله به المؤمنين في الآية نفسها وهو قوله: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا [آل عمران: 7].
    الثاني: لو سلم لهم قولهم هذا للزم طرده في كل نصوص الصفات الدالة على صفات المعاني وغيرها – إذ لا موجب للتفريق إلا التحكم، فما كان جواباً لهم عن نصوص صفات المعاني فليجيبوا به عن نصوص بقية الصفات (7) .
    الثالث: القول بأن التأويل هنا المراد به حقائق الأشياء قول لا يعارض قول من لم ير الوقف على اسم الجلالة – إذ التأويل يكون على الثاني بمعنى التفسير الذي هو شرح الكلمات والألفاظ – ومن المعلوم أن الشيء قد يعلم معناه العام ولكن لا تعلم حقيقته وكنهه كما في نعيم الجنة، فالجمع بين أقوال السلف في معنى الآية أقوى من القول بتعارضها كما هو مقرر (8) .
    الرابع: إن الأشاعرة لهم مذهبان: ويدعون صحتهما – وهما التأويل والتفويض – فلو كانت الآية دالة على تفويض المعنى والكيفية مطلقاً لما كانت حاجة للقول بالتأويل، والعجب أنهم قد احتجوا بالآية نفسها على جواز التأويل باعتبار قراءة الوصل، فلو أرادوا الجمع الصحيح كان عليهم أن يقولوا إن لها معاني صحيحة إلا أن حقائقها غير معلومة لنا، أما القول بأن لها معنى, أو لبعضها معنى, ثم الزعم بأنه لا يعرف لها معنى فتناقض واضح (9) , ولكنهم يخرجون عن هذا بأن الظاهر المنفي هو ما ثبت للمخلوقين – وهنا لا يسلم لهم ذلك، وتلزمهم اللوازم السابقة، ويلزم منه التلبيس في المراد بالظاهر.
    والأشاعرة عندهم نوع من التفويض أطلقوه بمعناه الصحيح – وهو تفويض حقيقة الصفات وكنهها – إلا أن هذا التفويض مجاله صفات المعاني السبع فقط – فمن ذلك أن الباجوري لما أخذ يبين الفرق بين كل صفة من صفات المعاني قال: "والمدلول لغة لكل واحدة غير المدلول للأخرى، فوجب حمل ما ورد على ظاهره حتى يثبت خلافه... وإذا ثبت أنها متغايرة لغة كانت متغايرة شرعاً، وبالجملة: فكنه كل واحدة غير كنه الأخرى, ونفوض علم ذلك لله تعالى" (10) ا هـ.
    وهذا النوع من التفويض محل إجماع بينهم، لا خلاف بينهم فيه كسابقه عندهم.
    ولو أن الأشاعرة سلكوا هذا النوع الثاني من التفويض لكان أسلم, وأعلم, وأحكم لهم – إلا أنهم تناقضوا تناقضاً بيِّناً فادعوا أن صفات المعاني السبع ثابتة حقيقة لله، وأن النصوص الدالة عليها معلومة علماً صحيحاً من حيث المعنى والمفهوم إلا أن حقائقها غير معلومة – ثم ادعوا في بقية النصوص الدالة على غير هذه الصفات أنها دالة على معنى غير صحيح ظاهراً – فيجب صرفها – وأن تحديد المراد منها غير معلوم!!، وهذا تناقض ظاهر. (26)

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    اهتم شيخ الإسلام ابن تيمية ببيان الحق في هذه المسألة (مسألة التفويض)، وذكر فيما ذكر – في مناسبات مختلفة – مجمل حجج الذين زعموا أن مذهبهم هو التفويض، وأهمها:
    1- ما أثر عن كثير من السلف أنهم قالوا في الصفات: "أمروها كما جاءت"، قالوا: وهذا يدل على أن مذهبهم فيها الإيمان والتسليم, وإمرارها كما جاءت وعدم الخوض في تأويلها، والوقوف عن تفسيرها.
    2- قول الإمام مالك – وغيره: "الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة" (11) قالوا: ومعنى قوله إنه معلوم أي إنه وارد في القرآن، ونفيه للكيف, وإيجاب الإيمان به دليل على أنهم يسلمون ورود نصوص الصفات, ويفوضون معانيها إلى الله تعالى.
    3- أن السلف لم يكونوا يفهمون من النصوص ما يستلزم التجسيم وأن ذاته تعالى فوق العرش، قالوا فلما جاء المتأخرون, وصاروا يفهمون منها مثل هذا وجب التأويل.
    4- ثم إنهم احتجوا بالوقف على قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ [آل عمران: 7]. قالوا وهذا دليل على التفويض.
    وقد ردَّ شيخ الإسلام على ذلك كما يلي:
    1- أما قول السلف في الصفات "أمروها كما جاءت" فمعناه عندهم الإيمان بها وإثباتها، والرد على المعطلة الذين أنكروها, أو خاضوا في تأويلها، فقول السلف هذا "يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمروا لفظها، مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت، ولا يقال حينئذ: بلا كيف، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول" (12) .
    والسلف من الصحابة والتابعين كان اهتمامهم الأول والأخير منصباً على القرآن والحديث، فهل كانوا عندما يتلون القرآن ويعلمونه، ويروون السنة, ويتناقلونها ويحدثون بها، يفرقون بين آية وآية، وحديث وحديث؟ ويقولون للناس: هذه آمنوا بألفاظها مجردة، وهذه لا مانع من فهم معانيها؟ ومعلوم أنه كان يتلقى ذلك عنهم أصناف الناس وطبقاتها وغيرها، بل كانوا يردون على المعطلة وأهل الكلام ما كانوا يخوضون فيه من ذلك، ولذلك قالوا: أمروها كما جاءت، وواضح أن قصدهم الرد على هؤلاء النفاة، ولو كان قصدهم التفويض الذي أراده المتأخرون النفاة لقالوا – موضحين أمروا ألفاظها، مع اعتقاد أنَّ المفهوم منها غير مراد، ولو كان الأمر كذلك كان نفي الكيف عنها مع مثل هذا القول لغو.
    على أنَّ شيخ الإسلام يشير في سياق مناقشته لهذه الدعوى إلى ناحية مهمة في منهج السلف, وتعاملهم مع النصوص ربما غفل عنها من يتصدى لمثل هذا الموضوع – وهي تدل على ما حبا الله هذا الإمام من فهم قويٍّ, وبصر نافذ, واطلاع واسع – وذلك أنه ذكر أن عبارة: تمر كما جاءت، أو نحوها، قد قالها الإمام أحمد في غير أحاديث الصفات، وإذا ثبت هذا بطل احتجاج هؤلاء الذين يدعون أن قصد السلف من مثل هذه العبارة: تفويض نصوص الصفات.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    يقول شيخ الإسلام عن الإمام أحمد وغيره – بعد بيانه أنهم لم يقولوا بأن القرآن لا يفهم معناه، وإنما قالوا كلمات صحيحة، مثل: أمروها كما جاءت، ونهوا عن تأويلات الجهمية-: "ونصوص أحمد والأئمة قبله بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية, ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها، ويفهمون منها بعض ما دلت عليه، كما يفهمون ذلك في سائر نصوص الوعد, والوعيد, والفضائلو وغير ذلك. وأحمد قد قال في غير أحاديث الصفات: تمر كما جاءت (13) ، وفي أحاديث الوعيد مثل قوله: ((من غشنا فليس منا)) (14) وأحاديث الفضائل (15) ، ومقصوده بذلك أن الحديث لا يحرف كلمه عن مواضعه كما يفعله من يحرفه، ويسمى تحريفه تأويلاً بالعرف المتأخر"

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    وهذا يدل على أن السلف كانوا يتعاملون مع النصوص على حد سواء, لا يفرقون بين نصوص الصفات وغيرها، وحينما يأتي أحد من أهل الأهواء من المعطلة، أو الرافضة، أو المرجئة أو غيرهم ليتأول بعض النصوص التي تخالف مذهبه، يكون جواب السلف أن هذه النصوص تروى كما جاءت، ولا يدخلون في تأويلات وانحرافات هؤلاء.
    2- أما قول الإمام مالك في الاستواء فهو موافق لمذهب السلف – رحمهم الله تعالى، وهو حجَّة على أهل التفويض، يقول شيخ الإسلام: "فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، موافق لقول الباقين: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه – على ما يليق بالله – لما قالوا: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف؛ فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً، بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم.
    وأيضاً: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات.
    وأيضاً: فإن من ينفي الصفات الخبرية – أو الصفات مطلقاً – لا يحتاج إلى أن يقول: "بلا كيف"، فمن قال: أنَّ الله ليس على العرش, لا يحتاج أن يقول بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: "بلا كيف" (17) .
    فالإمام مالك وشيخه ربيعة بيَّنا أمرين: أنَّ الاستواء معلوم, وأنَّ الكيف مجهول، وهذا حقيقة مذهب السلف، يؤمنون بالصفات الواردة، ويفهمون ما دلَّت عليه من المعاني اللائقة بالله تعالى، أما الكيفية فيفوضونها لعالمها.
    ولهذا لما ذكر شيخ الإسلام تلقي النَّاس قول الإمام مالك بالقبول، ذكر اعتراضاً وأجاب عنه. قال: "فإن قيل: معنى قوله "الاستواء معلوم، أنَّ ورود هذا اللفظ في القرآن معلوم، كما قاله بعض أصحابنا الذين يجعلون معرفة معانيها من التأويل الذي استأثر الله بعلمه.
    قيل: هذا ضعيف، فإن هذا من باب تحصيل الحاصل، فإن السائل قد علم أن هذا موجود في القرآن، وقد تلا الآية. وأيضاً فلم يقل: ذكر الاستواء في القرآن، ولا أخبار الله بالاستواء، وإنما قال: الاستواء معلوم، فأخبر عن الاسم المفرد أنه معلوم، لم يخبر عن الجملة.
    وأيضا فقد قال: "والكيف مجهول" فلو أراد ذلك لقال: معنى الاستواء مجهول، أو تفسير الاستواء مجهول، أو بيان الاستواء غير معلوم، فلم ينف إلا العلم بكيفية الاستواء، لا العلم بنفس الاستواء، وهذا شأن جميع ما وصف الله به نفسه، لو قال في قوله: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه: 46]: كيف يسمع، وكيف يرى؟ لقلنا: السمع والرؤيا معلوم, والكيف مجهول، ولو قال: كيف كلم موسى تكليماً؟ لقلنا: التكليم معلوم والكيف غير معلوم.
    وأيضاً فإن من قال هذا من أصحابنا وغيرهم من أهل السنة يقرون بأن الله فوق العرش حقيقة، وأن ذاته فوق ذات العرش، لا ينكرون معنى الاستواء، ولا يرون هذا من المتشابه الذي لا يعلم معناه بالكلية.
    ثم السلف متفقون على تفسيره بما هو مذهب أهل السنة، قال بعضهم: ارتفع على العرش، علا على العرش، وقال بعضهم عبارات أخرى، وهذه ثابتة عن السلف، قد ذكر البخاري في صحيحه بعضها في آخر كتاب (الرد على الجهمية) (18) " (19) .
    وتفاسير السلف لمعاني صفات الله تعالى يدل بشكل قاطع على أن ما يقصدونه بإمرار الصفات تفويض الكيفية التي لا يعلمها إلا الله تعالى، أما المعاني فإنهم كانوا يفهمونها (20)

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    أما قولهم إن السلف لم يكونوا يفهمون من النصوص ما يدل على التجسيم، ولا أنَّ ذاته تعالى فوق العرش – وهذا في مسألة العلو والاستواء – فقد رد عليهم شيخ الإسلام من وجوه منها:
    أ- "أحدها: أن يقال: فعلى هذا التقدير لا يكون المفهوم الظاهر من هذه النصوص إثبات العلو على العالم والصفات، ولا يجوز أن يقال: ظواهر هذه النصوص غير مراد، ولا أنه قد تعارضت الدلائل النقلية والعقلية، فإنه إذا قدر أنها لا تدل على الإثبات – لا دلالة قطعية, ولا ظاهرة – بطل أن يكون في ظاهرها ما يفهم منه الإثبات.
    ومن المعلوم أن هذه خلاف قول الطوائف كلها من المثبتة والنفاة, حتى من الفلاسفة القائلين بقدم العالم وإنكار معاد الأبدان، فإنهم معترفون بما اعترف به سائر الخلق من أن الظاهر المفهوم منها هو إثبات الصفات... (21) .
    ب- "الوجه الثاني: أن يقال: التفاسير الثابتة المتواترة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان تبين أنهم إنما كانوا يفهمون منها الإثبات، بل والنقول المتواترة المستفيضة عن الصحابة والتابعين في غير التفسير موافقة للإثبات، ولم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين حرف واحد يوافق قول النفاة، ومن تدبر الكتب المصنفة في آثار الصحابة والتابعين بل المصنفة في السنة، من: كتاب (السنة والرد على الجهمية)، للأثرم، ولعبدالله ابن أحمد، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن إسماعيل البخاري.... (وذكر شيخ الإسلام عددا كبيرا من أئمة السنة وكتبهم)... – رأى في ذلك من الآثار الثابتة المتواترة عن الصحابة والتابعين ما يعلم معه بالإضطرار أن الصحابة والتابعين كانوا يقولون بما يوافق مقتضى هذه النصوص ومدلولها، وأنهم كانوا على قول أهل الإثبات المثبتين لعلو الله نفسه على خلقه، المثبتين لرؤيته، القائلين بأنَّ القرآن كلامه ليس بمخلوق بائن عنه.
    وهذا يصير دليلاً من وجهين:
    أحدهما: من جهة إجماع السلف، فإنه يمتنع أن يجمعوا في الفروع على خطأ، فكيف في الأصول.
    الثاني: من جهة أنهم كانوا يقولون بما يوافق مدلول النصوص ومفهومها، لا يفهمون منها ما يناقض ذلك...

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    ومما سبق يتبين أن السلف فهموا من نصوص العلو والاستواء الإثبات، وهذا يبطل قول القائلين بأنهم كانوا مفوضة.
    4- أما احتجاجهم بآية آل عمران والوقوف على قوله: إِلاَّ اللّهُ – فمعلوم أن هؤلاء المتكلمين رجحوا القراءة الأخرى بالوصل ليجيزوا لأنفسهم التأويل باصطلاحهم المتأخر، ومعلوم أن من وقف على لفظ الجلالة فإنهم قصدوا التأويل الذي هو الحقيقة والمآل، ومعلوم أن كيفية أسماء الله وصفاته هي من ذاته لا يعلمها إلا الله، وهو من باب تفويض الكيفية التي هي جزء من مذهب السلف في الصفات (23) ، وقد سبق – في الفرع السابق – تفصيل القول في مسألة التأويل -.
    ومسألة التفويض مبنية على مسألة المتشابه، وما يتعلق بها مثل ما سبق تفصيل القول فيه من أنه لا يجوز أن يكون في كتاب الله تعالى ما لا سبيل لنا إلى العلم به.
    والتفويض الذي زعمه هؤلاء يؤدي إلى أن لا نفهم كتاب الله, ولا نفرق بين آية وآية، وإنما نتلوه كالأعاجم الذين لا يعرفون العربية مطلقاً، وهذا مآله إلى الضلال والإلحاد.
    ولشيخ الإسلام ردود أخرى – مجملة – على أهل التفويض – ومن ذلك ما ذكره في أثناء ردوده على القائلين بتعارض العقل والنقل، وأن غاية ما ينتهون إليه في كلام الله ورسوله: هو التأويل أو التفويض، قال رادًّا عليهم:
    "وأما التفويض: فإن من المعلوم أن الله تعالى أمرنا أن نتدبر القرآن، عن فهمه, ومعرفته, وعقله؟
    وأيضا: فالخطاب الذي أريد به هدانا والبيان لنا، وإخراجنا من الظلمات إلى النُّور، إذا كان ما ذكر فيه من النصوص ظاهره باطل وكفر، ولم يرد منَّا أن نعرف لا ظاهره، ولا باطنه، أو أريد منَّا أن نعرف باطنه من غير بيان في الخطاب لذلك، فعلى التقديرين لم نخاطب بما يبين فيه الحق، ولا عرفنا أن مدلول هذا الخطاب باطل وكفر.
    وحقيقة قول هؤلاء في المخاطب لنا: أنه لم يبيِّن الحقَّ، ولا أوضحه، مع أمره لنا أن نعتقده، وأن ما خاطبنا به, وأمرنا بإتباعه, والردِّ إليه لم يبين له الحق، ولا كشفه، بل دل ظاهره على الكفر والباطل، وأراد منِّا أن لا نفهم الحق، ولا كشفه، بل دل ظاهره على الكفر والباطل، وأراد منَّا أن لا نفهم منه شيئاً، أو أن نفهم منه ما لا دليل عليه فيه – وهذا كله مما يعلم بالاضطرار تنزيه الله ورسوله عنه، وأنه من جنس أقوال أهل التحريف والإلحاد" (24) ، ثم ذكر أن هذا كان سبباً في استطالة الملاحدة على هؤلاء في مسائل المعاد وغيرها.

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة

    والقائلون بالتفويض قسمان:
    قسم يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم معاني النصوص المتشابهة، ولكنه لم يبيِّن للنَّاس مراده منها، ولا أوضحه للنَّاس.
    قسم يقول: إنَّ الرسول كان يعلم معاني النصوص المتشابهة، ولكنَّه لم يبيِّن للنَّاس مراده منها، ولا أوضحه للناس.
    وقسم يقول:- وهؤلاء هم أكابر أهل الكلام الذين يميلون لأقوال الفلاسفة – يقولون: إن معاني هذه النصوص المشكلة المتشابهة لا يعلمه إلا الله، وأن معناها الذي أراده الله بها هو ما يوجب صرفها عن ظواهرها، وعلى قول هؤلاء فالأنبياء والرسل لم يكونوا يعلمون معاني ما أنزل الله إليهم.
    ولا شك أنَّ هذا ضلال مبين, وقدح في القرآن وفي الأنبياء [مسلك التفويض

    ]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •