تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الرد على نفاة العلة الغائية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الرد على نفاة العلة الغائية

    سئل الشيخ عبد الرحمن البراك -
    السؤال
    درست أن لتوحيد الأسماء والصفات ثلاثة أسس، منها: نفي العلة الغائية عن أفعال الله -تعالى- فالله -عز وجل- لا يحتاج إلى غرض معين يدفعه إلى تنفيذ الأسباب والوسائل للوصول إليه، فإرادته -سبحانه وتعالى- تامة كاملة لا ضرورة فيها تحمله على غرض معين، فجميع الموجودات بخلقه وتكوينه دون وسائل وأسباب؛ لأن الله -تعالى- لا يحتاج أبداً ويستحيل في حقه الاستعانة بغيره، فلا غاية لأفعاله -تعالى-، ولكن هناك حِكَمٌ لا يعلمها سواه وراء ذلك، ولما سألت شيخي عن معنى: "نفي العلة الغائية عن أفعال الله -تعالى-"، قال: "نفي السبب والهدف عن أفعال الله -تعالى-" فهل هذا الكلام صحيح؟
    الجواب :
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    فإن الله –سبحانه وتعالى- أخبر في كتابه بكثير من حكمه في خلقه وشرعه، وأخبر عن سببية بعض الأمور لما يخلقه –سبحانه وتعالى- فقد أخبر –سبحانه وتعالى- أنه خلق النجوم زينة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدي بها العباد، وأنه خلق الموت والحياة وكل ما على الأرض ليبتلي العباد أيهم أحسن عملاً، كما قال –سبحانه-: "إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَة لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً" [الكهف:7]. وأنه خلق الجن والإنس ليعبدوه، ومن ذلك قوله –سبحانه وتعالى-: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . فتضمنت هذه الآية الدلالة على الحكمة والسبب، فالله أنزل من السماء ماء ليكون شراباً للناس، وليكون سبباً لنبات الأشجار، وأنواع النبات، "ينبت لكم به" فالباء للسببية، ومثل ذلك قوله –تعالى-: "وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ" [الأعراف:57]. وقال –سبحانه وتعالى- في بيان حكمته من بعض نعمه على عباده: "وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [النحل:78]. فأخبر أنه –سبحانه وتعالى- جعل للعباد العقول والأسماع والأبصار ليشكروه، فهو –سبحانه وتعالى- خالق الأسباب وخالق المسببات.
    فإثبات الأسباب معناه أن الله خلق أشياء مؤثرة في غيرها، ومنتجة لغيرها بمشيئته –سبحانه وتعالى- فهو الذي خلق السبب وجعله مؤثراً في مسبَّبه، وهو الخالق للمُسبب، فإثبات الأسباب لا ينافي التوحيد، وكذلك الغايات إنما هي إثبات للحِكَم، فمن يفعل لحكمة ولمعنى يقصد إليه فإنه حكيم، والله –تعالى- من أسمائه الحكيم وهو أحكم الحاكمين.
    وقد نزَّه –سبحانه وتعالى- نفسه عن العبث واللعب في آيات عديدة كما قال –تعالى-: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً" [المؤمنون:115]. وقال –سبحانه وتعالى-: "أيحسب الإنسان أن يترك سدى" [القيامة:36]. وقال: "وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق" [الدخان:38-39].
    ومن يقول بنفي الأسباب، أي: بنفي تأثير الأسباب في مسبباتها فقوله معارض ومخالف للحس والعقل والشرع. وكذلك نفي الغايات المحمودة التي تسمى بالعلة الغائية هو مخالف لما دل عليه العقل والشرع من حكمته –تعالى- في خلقه وشرعه.
    والقول بنفي الأسباب والحِكم في الأصل هو قول الجهم بن صفوان، وتبعه على ذلك طوائف من الناس ومنهم الأشاعرة. فالأشاعرة هم من نفاة الحكمة، ونفاة الأسباب.
    ومضمون هذا القول أن أفعال الله صادرة عن محض المشيئة ليست لها غاية ولا تترتب عليها مصلحة، وهذا عين اللعب والعبث، فمن يفعل لا لشيء إلا لمحض المشيئة فإنه عابث لا معنى لفعله -تعالى الله عن ذلك- ولهذا نزه الله نفسه في قوله: "فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم" [المؤمنون:116].
    قال بعض أهل العلم في أمر الأسباب: إن الاعتماد على الأسباب شرك في التوحيد، ونفي أن تكون الأسباب أسباباً نقص في العقل، وتعطيل الأسباب قدح في الشرع.
    فالواجب إثبات الأسباب، وأن الله –سبحانه- يخلق بالأسباب، وليس ذلك بحاجة منه تعالى، بل اقتضت حكمته أن يخلق الأشياء بأسبابها ولو شاء –سبحانه وتعالى- لخلق كل إنسان كما خلق آدم من غير هذه الأسباب الكونية المعروفة. لكن اقتضت حكمته أن يخلقهم بهذه الأسباب التي قدرها وهو ما يحصل بين الزوجين –مثلاً- من اللقاء فيجتمع ماؤهما ويتكون منه بمشيئته –سبحانه وتعالى- ما قدره من النفوس.
    فالحاصل أن إنكار الأسباب أمر مخالف للحس والعقل والشرع. فهل يحصل في عقل عاقل أن النار ليست مؤثرة في الإحراق، وأن الشمس ليست مؤثرة في حصول الرؤية بالإبصار، وأن الماء ليس مؤثراً في نشوء النبات؟ كل هذا مكابرة وجحد للحقائق المحسوسة. فالمقصود أن القول الذي نقله السائل عن شيخه هو قول باطل فلا يغتر به، والله أعلم. http://www.islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-114473.htm



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الرد على نفاة العلة الغائية

    قال ابن القيم رحمه الله :" أنه سبحانه إذا كان قادراً على تحصيل ذلك بدون الوسائط وهو قادر على تحصيله بها كان فعل النوعين أكمل وأبلغ في القدرة ، وأعظم في ملكه وربوبيته من كونه لا يفعل إلا بأحد النوعين ، والرب تعالى تتنوع أفعاله لكمال قدرته وحكمته وربوبيته ، فهو سبحانه قادر على تحصيل تلك الحكمة بواسطة إحداث مخلوق منفصل وبدون إحداثه ، بل ربما يقوم به من أفعاله اللازمة وكلماته وثنائه على نفسه وحمده لنفسه ، فمحبوبه يحصل بهذا وبهذا ، وذلك أكمل ممن لا يحصل محبوبه إلا بأحد النوعين"-------------------وقال ابن القيم رحمه الله :" فانظر كيف اعترف بأنه لا خلاص عن هذه الأسئلة إلا بتكذيب جميع الرسل من أولهم إلى آخرهم وإبطال جميع الكتب المنزلة من عند الله ومخالفة صريح العقل في أن خالق العالم سبحانه مريد مختار ما شاء كان بمشيئته وما لم يشأ لم يكن لعدم مشيئته وأنه ليس في الكون شيء حاصل بدون مشيئته البتة فأقر على نفسه أنه لا خلاص له في تلك الأسئلة إلا بالتزام طريقة أعداء الرسل والملل القائلين بأن الله لم يخلق السماوات والأرض في ستة أيام ولا أوجد العالم بعد عدمه ولا يفنيه بعد إيجاده وصدور ما صدر عنه بغير اختياره ومشيئته فلم يكن مختارا مريدا للعالم وليس عنده إلا هذا القول أو قول

    الجبرية منكري الأسباب والحكم والتعليل أو قول المعتزلة الذين أثبتوا حكمة لا ترجع إلى الفاعل وأوجبوا رعاية مصالح شبهوا فيها الخالق بالمخلوق وجعلوا له بعقولهم شريعة أوجبوا عليه فيها وحرموا وحجروا عليه فالأقوال الثلاثة تتردد في صدره وتتقاذف به أمواجها تقاذف السفينة إذا لعبت بها الرياح الشديدة والعاقل لا يرضى لنفسه بواحد من هذه الأقوال لمنافاتها العقل والنقل والفطرة والقول الحق في هذه الأقوال كيوم الجمعة في الأيام أضل الله عنه أهل الكتابين قبل هذه الأمة وهداهم إليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة: "أضل الله عنها من كان قبلنا فاليوم لنا وغدا لليهود وبعد غد للنصارى" ونحن هكذا نقول بحمد الله ومنه القول الوسط الصواب لنا وإنكار الفاعل بالمشيئة والاختيار لأعداء الرسول وإنكار الحكمة والمصلحة والتعليل والأسباب للجهمية والجبرية وإنكار عموم القدرة والمشيئة العائدة إلى الرب سبحانه من محبته وكراهته وموجب حمده ومقتضى أسمائه وصفاته ومعانيها وآثارها للقدرية المجوسية ونحن نبرأ إلى الله من هذه الأقوال وقائلها إلا من حق تتضمنه مقالة كل فرقة منهم فنحن به قائلون وإليه منقادون وله ذاهبون"[ شفاء العليل ص186 ] --------------ويقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله -الالهية هي العلة الغائية والربوبية هي العلة الفاعلية والغائية هي المقصودة وهي علة فاعلية للعلة الفاعلية ولهذا قدم قوله اياك نعبد على قوله اياك نستعين وتوحيد الالهية يتضمن توحيد الربوبية فانه من لم يعبد الا الله يندرج في ذلك انه لم يقر بربوبية غيره بخلاف توحيد الربوبية فانه قد أقر به عامة المشركين في توحيد الالهية" - [بيان تلبيس الجهمية (2/454)]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الرد على نفاة العلة الغائية

    وقال ابن القيم رحمه الله
    " ولا تستهن بأمر هذه المسألة فإن شأنها أعظم وخطرها أجل وفروعها كثيرة ومن فروعها أنهم لما تكلموا فيما يحدثه الله تعالى من المطر والنبات والحيوان والحر والبرد والليل والنهار والإهلال والإبدار والكسوف والإستسرار وحوادث الجو وحوادث الأرض انقسموا قسمين وصاروا طائفتين
    فطائفة جعلت الموجب لذلك مجرد ما رأوه علة وسببا من الحركات الفلكية والقوى الطبيعية والنفوس والعقول فليس عندهم لذلك فاعل مختار مريد
    وقابلهم طائفة من المتكلمين فلم يسببوا لذلك سببا إلا مجرد المشيئة والقدرة وأن الفاعل المختار يرجح مثلا على مثل بلا مرجح ولا سبب ولا حكمة ولا غاية يفعل لأجلها ونفوا الأسباب والقوى والطبائع والقرائن والحكم والغايات
    حتى يقول من أثبت الجوهر الفرد منهم أن الفلك والرحا ونحوهما مما يدور متفكك دائما عند الدوران والقادر المختار يعيده كل وقت كما كان وأن الألوان والمقادير والأشكال والصفات تعدم على تعاقب الآنات والقادر المختار يعيدها كل وقت
    وأن ملوحة ماء البحر كل لحظة تعدم وتذهب ويعيدها القادر المختار كل ذلك بلا سبب ولا حكمة ولا علة غائية ورأوا أنهم لا يمكنهم التخلص من قول الفلاسفة أعداء الرسل إلا بذلك ورأى أعداء الرسل أنهم لا يمكنهم الدخول في الشريعة إلا بالتزام أصول هؤلاء ولم يهتد الطائفتان للحق الذي لا يجوز غيره وهو انه سبحانه يفعل بمشيئته وقدرته وإرادته ويفعل ما يفعله بأسباب وحكم وغايات محمودة وقد أودع العالم من القوى والطبائع والغرائز والأسباب والمسببات ما به قام الخلق والأمر وهذا قول جمهور أهل الإسلام وأكثر طوائف النظار وهو قول الفقهاء قاطبة إلا من خلى الفقه ناحية وتكلم بأصول النفاة فعادى فقهه أصول دينه "[ شفاء العليل (1/206) ]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الرد على نفاة العلة الغائية

    قال ابن القيم رحمه الله - :فكذلك أهل البدع والضلال من جميع الطوائف هذا معظم ما ينفرون به عن الحق ويدعون به إلى الباطل فيسمون إثبات صفات الكمال لله تجسيما وتشبيها وتمثيلا ويسمون إثبات الوجه واليدين له تركيبا ويسمون إثبات استوائه على عرشه وعلوه على خلقه فوق سمواته تحيزا وتجسيما ويسمون العرش حيزا وجهة ويسمون الصفات أعراضا والأفعال حوادث والوجه واليدين أبعاضا - ويسمون الحكم والغايات التي يفعل لأجلها أغراضا؛ فلما وضعوا لهذه المعاني الصحيحة الثابتة تلك الألفاظ المستنكرة الشنيعة تم لهم من نفيها وتعطيلها ما أرادوه - فقالوا للأغمار والأغفال اعلموا أن ربكم منزه عن الأعراض والأغراض والأبعاض والجهات والتركيب والتجسيم والتشبيه فلم يشك أحد لله في قلبه وقار وعظمة في تنزيه الرب تعالى عن ذلك وقد اصطلحوا على تسمية سمعه وبصره وعلمه وقدرته وإرادته وحياته أعراضا وعلى تسمية وجهه الكريم ويديه المبسوطتين أبعاضا وعلى تسمية استوائه على عرشه وعلوه على خلقه وأنه فوق عباده تحيزا وعلى تسمية نزوله إلى سماء الدنيا وتكلمه بقدرته ومشيئته إذا شاء وغضبه بعد رضاه ورضاه بعد غضبه حوادث - وعلى تسمية الغاية التي يفعل ويتكلم لأجلها غرضا واستقر ذلك في قلوب المتلقين عنهم فلما صرحوا لهم بنفي ذلك بقي السامع متحيرا أعظم حيرة بين نفي هذه الحقائق التي أثبتها الله لنفسه وأثبتها له جميع رسله وسلف الأمة بعدهم وبين إثباتها وقد قام معه شاهد نفيها بما تلقاه عنهم فمن الناس من فر إلى التخييل ومنهم من فر إلى التعطيل ومنهم من فر إلى التجهيل ومنهم من فر إلى التمثيل ومنهم من فر إلى الله ورسوله وكشف زيف هذه الألفاظ وبين زخرفها وزغلها وأنها ألفاظ مموهة بمنزلة طعام طيب الرائحة في إناء حسن اللون والشكل - ولكن الطعام مسموم فقالوا ما قاله إمام أهل السنة باتفاق أهل السنة أحمد بن حنبل لا نزيل عن الله صفة من صفاته لأجل شناعة المشنعين .
    الصواعق المرسلة (2|440)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •