تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قبل الحمل... لا بعده

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي قبل الحمل... لا بعده


    قبل الحمل... لا بعده


    د. عبد الكريم القرملي




    استشارة ما قبل الحمل خطوة مهمة تعنى بصحة المرأة وتشمل التاريخ الطبي للزوجة وزوجها ما قبل الحمل، والهدف منها تقديم معلومات دقيقة ومهمة للزوجة والزوج فيما يتعلق بالنواحي الصحية للإخصاب والحمل والتوعية باحتمالات الأخطار المحيطة في حال وجودها، وأفضل الطرق لتجنبها أو الحد منها، ومن ثم طرح الخيارات لاتخاذ السبل التي يرونها مناسبة للمتابعة الصحية المستقبلية، بالإضافة إلى النواحي الاجتماعية وأسلوب الحياة.
    ونورد هنا نظرة عامة وشمولية لما يفترض أن يشتمل عليه برنامج التقييم والاستشارة لما قبل الحمل.
    صحة الزوجين والأسرة قبل الحمل مسألة حيوية لمستقبل صحة الطفل القادم من الأبوين؛ لذا نبع الاهتمام بصحة الزوج والزوجة والعائلة قبل الحمل، وهناك مراحل ونقاط مهمة لتحقيق هذا الهدف:
    مرحلة ما قبل الحمل:
    مرحلة ما قبل الحمل في الواقع هي المرحلة الممتدة طوال فترة الإخصاب لدى المرأة، والكثير من السيدات في فترة الأسابيع الأولى من الحمل لا يعلمن بأنهن حوامل؛ لذا لزم الاهتمام بصحتهن طوال مرحلة الإخصاب.
    مهمة المجتمع في ذلك:
    إن مهمة التحضير لحمل صحي مؤد لولادة طفل بحالة صحية جيدة ليكون عنصراً فعالاً في المجتمع مستقبلاً.. ليست فقط مهمة الأم أو الأب أو الأسرة، بل هي مهمة المجتمع بكامله، ومثال حي لذلك الفقر، الذي هو من أبرز أمراض المجتمع التي تؤثر تأثيراً سلبياً مباشر على ولادة الطفل ونموه، فمن مهام المجتمع احتواء هذه المشكلات ومحاولة التغلب عليها للحصول على أطفال أصحاء نواة لمجتمع سليم مستقبلاً بإذن الله.
    أهم النقاط في برامج العناية لما قبل الحمل:
    - إيجاد الشعور بأهمية الزوجة والأسرة في إنتاج أطفال أصحاء.
    - تشجيع الزوجين للتحضير للحمل.
    - التركيز على إيجاد محيط عام صحي، بمعنى بنية صحية نفسية جسدية واجتماعية قبل الحمل.
    - التركيز على إيصال الثقافة الصحية للزوجين، وخصوصاً ما قد يؤثر على الحمل؛ وذلك للتعرف على الأضرار الحقيقة ومحاولة اجتنابها، أو عند وجود احتمالات انتقال الأمراض الجينية والوراثية للأطفال، حيث يتم تعريف الوالدين بشكل دقيق على هذه الاحتمالات مما يساعد على اتخاذ القرار المناسب.
    - قد تكون زيارة الزوجة أثناء أو قبل الحمل هي الزيارة الأولى للطبيب؛ لذا لزم خلال هذه الزيارة الاهتمام بالناحية التوعوية والوقائية من قبل الزملاء الأطباء والطبيبات.
    تقييم مرحلة ما قبل الحمل
    - الدعم الاجتماعي:
    وذلك بالتعرف على مدى اندماج هذه الأسرة في المجتمع، حيث إنه من الوهلة الأولى يبدو أن هذه النقطة لا تستدعي الكثير من التركيز في مجتمعنا، حيث الترابط الأسري متوفر، ولكن يجب أن لا ننسى المرحلة التطويرية لمجتمعاتنا التي دفعت الكثيرين لترك مجتمعاتهم الأصلية والانتقال للمدن، وهنا تظهر مشكلة العزلة الاجتماعية التي نشير إليها وظهور الحاجة إلى إيجاد وسائل دعم اجتماعي عند حدوثها.
    الضغط والجهد النفسي:
    هناك عوامل قوية التأثير على نفسية المرأة مثل العمل، ضعف الموارد، البعد عن الأهل، التوفيق بين عملها والعناية بالمنزل، عملها بأجر منخفض جداً أو عملها في منطقة بعيدة عن سكنها، كل هذه تعتبر من إفرازات العصر الحديث والتي لحقت بمجتمعنا فجأة وهي غير معدة سلفاً للتعامل معها. وهذه العوامل شديدة التأثير على نفسية الزوجة التي قد لا تلاحظ وجود هذه الضغوط عليها وتقدم على الحمل بتوقيت غير سليم، مما يزيد من الإجهاد النفسي عليها، ويؤثر سلباً على صحة جنين وطفل المستقبل.
    لذا لزم التعرف على هذه الضغوطات والكشف عنها قبل الحمل، ومحاولة إيجاد بعض الحلول أو على الأقل التخفيف عنها.
    العلاقة بين الزوجين:
    استشارة ما قبل الحمل تعمل على التركيز على كفاءة العلاقة بعد الحمل مع الأخذ بعين الاعتبار التغيرات في النواحي النفسية، الجسدية، العاطفية، والعلاقة الحميمة.
    إن الإشارة إلى تلك النواحي بين الزوجين قبل الحمل تجعل تفهم الزوج لها مقبولاً، بل وقد يساعد ذلك كثيراً في التغلب عليها، وخاصة عند الحمل الأول، أما إهمالها أو لتفاجأ فقد يحد من تفهم الزوج لها أو التأقلم عليها مما يؤثر سلباً على الحمل أولاً ثم على العلاقة الزوجية عامة.
    العنف الواقع على الزوجة:
    مسألة حساسة وتجب معالجتها بشفافية كبيرة، هنا وقبل الحمل أو عند التخطيط للحمل يمكن الإشارة إليها وهي فرصة لتغيير هذا الطبع.
    أسلوب الحياة:
    زيارة ما قبل الحمل أو استشارة ما قبل الحمل هي فرصة لمراجعة أسلوب حياة الزوج والزوجة والمحاولة لتغييره للأفضل صحياً للأفضل لهما وللطفل فيشمل ذلك:
    - التدخين:
    كما نعلم أن التدخين انتشر بشكل كبير جداً بين الفتيات والسيدات، كما هو منتشر بين الرجال، وأسباب التدخين تعود إلى نمط الحياة أو الضغوط الاجتماعية والنفسية، والتأثير السلبي للتدخين (سواء كان التدخين إيجابا – من قبل السيدة الحامل نفسها، أو سلبا – من قبل أشخاص آخرين موجودين معها بنفس المكان) على صحة الجنين ونمو طفل المستقبل ثابت علمياً، ومن تأثيراته صعوبة الإخصاب، قلة عدد الحيوانات المنوية وتغير شكلها، تغيرات في الطمث، الحمل خارج الرحم، نقص وزن المولود، الولادة المبكرة، تغيرات في المشيمة، الوفاة المفاجئة لحديثي الولادة.
    إن هذه فرصة عظيمة للتوعية قبل الحمل والمساعدة على التوقف عن التدخين أو التخفيف منه لدى الزوجين.
    - الكحوليات:
    من المعروف أن مجتمعنا يندر فيه وجود من يتعاطى الكحوليات ولكن بدون شك هناك من يفعل ذلك، وهنا يظهر مرة أخرى تأثر مجتمعنا السلبي بالمجتمعات الغربية، ويلزم علينا أن نشير لذلك بكل وضوح، فكما كنا نرى في مسألة التدخين أنها مسألة نادرة لدى النساء ولا يمكن حصولها في مجتمعنا، ثم رأينا نسبة هائلة من المدخنات بعد عدة استطلاعات في مدارسنا وجامعاتنا، وبدأ التنبيه متأخراً عن أضرارها.. لهذا فإن زيارة ما قبل الحمل فرصة للإشارة إلى أضرار الكحوليات والتي تؤدي إلى تشوه الجنين وتأخر النمو البدني والعقلي للطفل مستقبلاً، ودعوة المقبلات على الحمل للإقلاع التام عنه مع فرصة تنبيه الأزواج كذلك إلى ضرورة عدم تعاطيه؛ لتأثيره على الخلايا الذكرية عند الزوج، ناهيك بالأضرار الاجتماعية والنفسية والجسدية الأخرى.
    - المخدرات:
    والتي تحمل التأثير الضار والمهلك على النفس والجسد والجنين، ولا بد من الإقلاع عنها قبل التفكير في الحمل.
    - الأحوال البيئية:
    في العصر الحالي الجميع معرضون لأخطار بيئية ناجمة عن المواد الملوثة الناتجة عن مخلفات المصانع والمنتجات الكيميائية، وسواء كان الفرد عاملاً أو غير عامل فهو معرض لذلك؛ لذا لزم التنبيه قبل الحمل إلى هذه الأخطار وطرق تجنبها قدر الإمكان عند الإقبال على الحمل، وتوعية الزوجين والمجتمع بتأثيرها السلبي على الحمل والأطفال، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها المنتجات الكيميائية، الأشعة والغازات.
    - النشاط الجسدي:
    عند التخطيط للحمل على السيدة أن تعلم عن ضرورة القيام ببعض التمارين، وأثناء الحمل للتغلب على أعراض الإجهاد العضلي والجسدي أثناء الحمل والولادة، مما يسهل عليها المرور بتلك التغيرات التي تحدث في تلك الفترة، كذلك إذا كانت مواظبة على تمارين جسدية شديدة قبل الحمل فيجب أن تعلم أن هناك بعض التغييرات التي تنشأ في وظائف الأعضاء مثل عدم انتظام الدورة الشهرية أو ارتفاع حرارة الجسم الداخلية المؤثرة على التبويض، التي قد تؤثر على الإخصاب مؤقتاً، وفي هذه الحالة فإن الاعتدال وعدم الإجهاد مطلوبان قبل الحمل.
    - التغذية:
    لا تخفى أهمية التغذية للجميع، وبالتأكيد فقبل حدوث الحمل السعي للحصول على تغذية صحية متوازنة هو مطلب أساسي لإنجاح فترة الحمل، وذلك سينعكس إيجاباً على نمو طفل المستقبل، فالمطلوب أن نعمل قبل الحمل على إيجاد عادات غذائية صحية، مثل استخدام كمية متوازنة من الكالسيوم والحديد وحمض الفوليك، كما يجب الابتعاد عن المنبهات مثل الشاي والقهوة، بالإضافة للحرص على إيجاد جسم صحي بواسطة التمارين الرياضية الصحية لتجنب أو تعديل زيادة الوزن.
    عن طريق هذه الخطوط العريضة قبل الحمل سنصل بإذن الله إلى حمل آمن وطفل ذي نمو صحي مستقبلاً.
    ما الذي سيحدث في عيادة الطبيب؟
    المفترض عند زيارة الطبيب أن يشمل ملف الزوجين المتقدمين لاستشارة وتقييم ما قبل الحمل على التالي:
    أولاً: التاريخ الطبي:
    التاريخ الطبي الوراثي:
    والهدف منه تحديد مدى قابلية الزوجين لنقل أمراض وراثية لأبناء المستقبل، وعندها يمكن للزوجين التعرف على هذه الأخطار واتخاذ القرار حيال كيفية التعامل معها. وفي هذا الإطار يلزم أن يشمل التاريخ الطبي الوراثي على التالي:
    التاريخ الطبي العائلي:
    معلومات عن صحة الأقارب من نفس العائلة.
    معلومات عن أسباب الوفاة لدى الأقارب.
    التعرف على الأمراض الوراثية إن وجدت وتقييمها.
    التعرف على الأمراض الوراثية متعددة الأسباب (النخاع الشوكي المفتوح/ شلل المخيخ... إلخ).
    التعرف على الأمراض العائلية المزمنة ذات الخلفية الوراثية (السكري – ضغط الدم – الصرع... إلخ).
    التاريخ العرقي:
    للتعرف على بعض الأمراض الخلفية العرقية أو الجغرافية مثل (الأنيميا المنجلية – أنيميا البحر المتوسط... إلخ).
    العمر:
    هناك ارتباط بين صغر عمر الأم وكبر عمر الأم وبعض الأمراض المزمنة، وكذلك له علاقة ببعض التشوهات الخلقية.
    هذا ويلزم توفير استشارة طبية معمقة ودقيقة لكل من الزوجين مع طبيب مختص في الوراثة والجينات في الحالات التالية:
    - عند توقع انتقال مرض وراثي لطفل المستقبل.
    - إذا كان هناك طفل سابق مصاب بمرض وراثي عند الولادة.
    - إذا كان هناك طفل سابق مصاب بتشوه خلقي عند الولادة.
    التاريخ الصحي:
    - التغذية: حيث يتم التعرف على طريقة التغذية وتقييم الغذاء المتبع.
    الأمراض المزمنة: التعرف على الأمراض الطبيبة المزمنة والتأكد من عدم تأثيرها على الصحة العامة.
    - الأمراض المعدية: التعرف على احتمال التعرض لأمراض قد تؤثر على الحمل (مثل عدم المناعة من الحصبة الألمانية).
    - التنبيه والتعرف على مدى احتمال التعرض لمخلفات القطط وأكل اللحوم النيئة.
    - التعرف من التاريخ الطبي على حصول المناعة من داء جدري الماء.
    - التعرف والتنبيه من أخطار الالتهابات والأمراض التناسلية الجنسية وخطورتها على الحمل وضرورة علاجها قبل الحمل.
    تاريخ الإخصاب:
    - معلومات عن أي تغيرات غير طبيعية في الطمث، مسحة خلايا عنق الرحم، موانع الحمل، صعوبة إخصاب سابقة.
    - معلومات عن الحمل السابق.
    - أمراض نسائية سابقة (التهابات، بطانة مهاجرة، عمليات في الحوض).
    - معلومات كاملة عن تاريخ الإخصاب أو صعوبته حالياً أو سابقاً لدى الزوج.
    التاريخ النفسي والاجتماعي:
    تعرف وتقييم كامل للصحة النفسية والحالة الاجتماعية.

    تقييم نمط الحياة:
    التقييم الكامل لأسلوب المعيشة من تغذية، نشاط رياضي، استخدام المنشطات والمقويات، مدى التعرض المهني للتلوث البيئي (الحالي أو السابق).

    ثانياً: الفحص السريري الشامل: يتضمن:
    الضغط، الوزن، الطول، النبض، فحص عام (الثدي، الغدد، الصدر، القلب، البطن، فحص الحوض).

    ثالثاً: الفحوصات المخبرية:
    (خضاب وفصيلة وأمراض الدم، الالتهابات المعدية، التهابات الكبد، الحصبة الألمانية، تحليل البول، السائل الذكري).
    رابعاً: الاستشارة والنصيحة النهائية:
    هذه أهم مرحلة، حيث يقدم الطبيب فيها النصيحة الطبيبة بعد التقييم الشامل.
    والمطلوب من الزوجين هو الإصرار على الحصول على أعلى قدر من التوضيح، والاستفسار عن كل تفاصيل الكشوفات السابقة؛ لأن الهدف هو الوضوح التام المؤدي إلى الوقاية والتقليل من فرص حدوث الأخطار مستقبلاً حمايةً لجيل المستقبل بإذن الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2019
    المشاركات
    8

    افتراضي رد: قبل الحمل... لا بعده

    شكراً على هذا الموضوع الرائع، ولكن أود أن أعقب، بأن موضوع الحمل بالفعل من المواضيع التي تحظى باهتمام كبير من قبل عديد من السيدات وخصوصًا حديثي الزواج، لأن المرأة قد لا تعرف بحملها في البداية نظراً لأن أعراض الحمل في البداية تكون غير واضحة، وخاصة أنها تتشابه مع أعراض الدورة الشهرية للمرأة، لذلك لابد من تسليط الضوء بشكل كبير على أعراض الحمل وتوعية المرأة بأهمها، لتتمكن من الحفاظ على هذا الحمل من أن يصيبه مكروه.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •