تغيير شخصية طفلك ممكنة!



غادة بخش


يملك الطفل من المظاهر الشخصية ما يميزه عن غيره، ويملك العديد من العادات والرغبات الفطرية التي تدفعه للتعلم.

فالطفل خلال السنوات الأولى من عمره لديه درجة عالية من حب الاستطلاع يعبر عنها بكثرة الحركة والفضول.

كذلك لديه الرغبة في الاعتماد على النفس وحل المشكلات، وهي القواعد الأساسية التي تبنى عليها شخصية الطفل إذا أحسن الآباء استغلالها كما ذكر الدكتور مصطفى أبو سعد دكتور علم النفس التربوي.

كم أكد أن الشخصية تتشكل 90 % منها خلال السبع السنوات الأولى أما المرحلة العمرية من 7 إلى 18 سنة، ففيها تتشكـــــــل 10 % من شخصية الإنسان وهي ليست قليلة، ففيها يمكن إعادة تشكيل شخصية الابن عن طريق الإقناع واللين والتفاهم، ويمكن فيها كذلك تقويم شخصية الطفل بتعديل بعض الخصائص القابلة للتعديل، وكلما تقدم الطفل في العمر كلما أخذت شخصيته تميل للثبات ويقل تأثير البيئة على شخصيته ، فقد وجد أن الطفل الثرثار يبقى هكذا عندما يكبر حتى إذا اكتشف أن هذه السمة لا يتقبلها الآخرون.



هذا يعني أن تغيير شخصية الطفل أمر ممكن ومحتمل؛ و استند أحد العلماء في إثبات هذه النظرية على التغيير الذي يحدث للشخص على مدى سنوات العمر، فبعض الأطفال يولد عدوانيا ثم ما يلبث أن يصبح أقل عدوانية كلما تقدم في العمر، فيدل على أن للبيئة دورا فعالا في تغيير شخصية الطفل، ودور كبير جدا للمحيطين به خاصة الأبوين والأخوة؛ لأنهم الأكثر تأثيرا عليه.



فالآباء بلا شك سبب في تثبيت شخصية الطفل الغير مرغوب فيها بلا قصد.

فالطفل عندما يسمع أبويه وهما يصفانه بأنه صعب المراس أو عنيد فإنه يتمسك بهذه الصفات أكثر، لأنه يرى نفسه من خلال نظرة والديه ويكون مفهومه عن ذاته انعكاسا لتقييم الآخرين له فتعمل العلاقات الأسرية بشكل عام على تطبيع الطفل وتنشئته على الخصائص والسمات الاجتماعية المتاحة.



كم أكد الدكتور غسان الصديقي رئيس مجلس مكتب للاستشارات التعليمية ومن المهتمين بتطوير الاختبارات الشخصية واختبارات الميول والسمات للأطفال بأنه يمكن تهذيب شخصية الطفل وليس تغييرها تماما؛ لأن لكل إنسان نمط شخصية خاص به تحدده عوامل كثيرة منها الوراثة والبيئة والقيم والأهداف ويمكن عمل اختبار هولاند لتحديد نوع الشخصية من سن الثانية تقريبا واختبارات أخرى، مثل: اختبار disc ، والذي أخذ تسميته من اختصار لأربع كلمات هي المنطلق، والمُبهج، والداعم، والحذر، وهذا الاختبار مفيد جداً في تحديد الطبيعة المزاجية للشخص.

وهذه الاختبارات تعتمد على دقة الملاحظة عند الأبوين، وهناك اختبارات تخاطب الطفل مباشرة تبدأ من سن الخامسة تحدد الميول والرغبات، وكذلك الطبيعة المزاجية وأيضا تحدد الأسلوب الأمثل للتعامل مع الطفل بطريقة تربوية صحيحة. وترشد الأسرة لمراعاة الفروق الفردية والاختلافات بين الأبناء، فالأشقاء يمكن أن يكونوا مختلفين تماماً في طبائعهم، وبالتالي ليس هناك أسلوب واحد يناسب الجميع، فلكل منهم أسلوب أمثل للتعامل والتفاهم معه.

و قد يتساءل الآباء هل كل الطباع السيئة ليست من الطبيعة البشرية ويجيب عليهم المختصون النفسيون أن بعض السمات التي نعتبرها غير مقبولة لها دوافعها النفسية، فيلجأ الإنسان إلى العنف مثلا عندما يفقد القدرة على الإٌقناع، وحب السيطرة على الآخرين، والفشل في تكوين علاقات اجتماعية طيبة، كلها أمور تؤدي إلى العنف بدرجات متفاوتة. وفي هذه الحالة لا يجب التعامل معه بالمثل، فلا يقابل العنف بعنف؛ وإلا نكون قد فقدنا القدوة الحسنة، بل يجب غرس العادات الطيبة والسلوك الحسن من قبل الوالدين والطفل مازال في سن صغيرة حتى لا يصبح العنف سمة من سمات الشخصية.



و قبل البدء في تعديل الشخصية لابد من تحديد نقاط الضعف التي يرغب الوالدان تغييرها وتحديد العوامل التي أدت لتشكيل شخصية غير مرغوب فيها، ومن ثم تعديلها.



مثال: الطفل الضخم أو القزم أو الذي يعتقد أنه قبيح الشكل، بالتأكيد سيؤثر على ثقته في نفسه، وهنا يأتي دور الآباء في زرع الثقة في نفس الطفل، وتنمية مهارته المختلفة مما يجعله مشغولا بإنجازاته، بدل من التفكير في مظهره الخارجي بهذا يكونوا قد أبدلوا الشخصية المتوقع اتسامها بالخجل والانطواء إلى شخصية واثقة و اجتماعية، وبالمثل الطفل ذي الذكاء المنخفض يشعر أنه أقل من أقرانه، وينعكس شعوره بعدم الكفاية على شخصيته سلبيا، وقد يزيد الأمر سوءا إذا بدأ والديه بالمقارنة بينه وبين من يفوقونه ذكاء، خاصة إذا كانوا أخوته وهو ما يجعله غيورا ومحبطا.



وليس كل تغيير يحتاج لجهد، فبعض التغييرات اليسيرة لها نتائج هائلة كما أثبتت دراسة أمريكية أن جلوس الأسرة على مائدة واحدة جعل الأطفال أكثر ثقة وأقوى شخصية، بالمقارنة مع أقرانهم الذين يعيشون في أسر يأكل كل واحد فيهم لوحده.



كما ثبت أن للتلفاز دورا كبيرا في تكوين شخصية الطفل الذي يجلس لمشاهدته لوقت أطول من الذي يقضيه مع أسرته.



فبمجرد تغيير نوعية الأفلام التي يشاهدها بالذات أفلام الرعب أو ما شابهها يبدأ تغيير شخصية الطفل بالتدريج، وفي دراسة أخرى قامت بها الدكتورة لطفيه بارك أستاذة الملابس والنسيج بكلية الاقتصاد والتربية بجدة قالت فيها: "إن اختيار الزي المناسب للطفل والمريح يجعله أقل عنادا خاصة إذا اختار ملابسه بنفسه، فالطفل بطبيعته الفطرية يحب التجديد وتغيير الألوان، وتجذبه مختلف الزخارف التي توضع على ملابسه بطريقة براقة، ولافتة للنظر، والطفل عندما يندهش، ويعجب بالرسومات الموجودة على لبسه يشعر بالسعادة و الرضا.




وفي جانب آخر حذر فريق من الباحثين البريطانيين من إصابات الرأس، على أثر دراسة أجريت بجامعة وريك البريطانية حول مدى تأثير الإصابات التي تلحق برأس الطفل، وتم سؤال عدد من الآباء عن التغيرات التي يلاحظونها على أطفالهم بعد تعرضهم لمثل هذه الإصابات، وأثبتت الدراسة التي نشرتها دورية علم الأعصاب والأمراض العقلية أن هذه الإصابات تتسبب في تغير عواطف وسلوك وقدرة الطفل على تلقى التعليم ،وأن طفل من كل خمسة أطفال أثرت على شخصيته.