كتاب "العدد المعتبر من الأوجه بين السور" ، حققه فضيلة الشيخ جمال بن السيد رفاعي الشايب ونسبه للحافظ العراقي وفي نسبته إليه نظر كبير واليك ما قاله فضيلة الشيخ الدكتور /السالم الجكني حفظه الله : والكتاب (يعني كتاب العدد المعتبر) كما هو صريح عنوانه يبحث في مسألة التحريرات يعني تحريرات الأوجه بين كل سورتين على النحو التالي : 1 ـ بين الفاتحة والبقرة من قوله تعالى:"ولا الضالين" إلى قوله: "المتقين" غير الأوجه المندرجة مائة وثمانية وستون وجها 168. 2 ـ ثم يفصل ما لكل راوٍ أو قارئ من الأوجه ، فجعل لقالون (48) ولورش (60) ولابن كثير (48) وهكذا حتى يذكر ما لكل قارئ من أوجه دون تعينها غالبا ، ومرادي من هذا المقال هنا ليس بيان وجهة النظر في صحة هذه الأوجه أو عدم صحتها ، لا بل مرادي هو الإجابة عن هذا السؤال : هل تصح نسبة الكتاب إلى الإمام أبي الفضل الزين العراقي ؟ في الحقيقة في النفس من صحة هذه النسبة شئ لأسباب : المحقق الكريم لم يعضّد مسألة توثيق الكتاب للعراقي بأدلة علمية قوية تؤكد على صحة ما ذهب إليه ، بل انه عفا الله عنا وعنه لم يذكر أي دليل !! نعم أشار في مقدمة حديثه أن الشيخ الضباع ذكر في كتابه " القول المعتبر في الأوجه التي بين السور " ص 36، إن ممن كتب في هذا الموضوع الحافظ العراقي !!! ، ولم أجد كلاما غير هذا يمكن للمحقق الفاضل أن يعتمد عليه في توثيق نسبة الكتاب للعراقي البتة ، والمحقق بصنيعه هذا يوهم القارئ أن الشيخ الضباع أكد نسبة الكتاب للحافظ العراقي ، وهو ما لا يوافق عليه في نظري . ذكر المحقق انه اعتمد على نسختين من هذا المخطوط وهما كالتالي : أ ـ نسخة المكتبة الأزهرية وهي تحت رقم (1408 مجاميع 6717) أوراقها (39 ـ 23 ) ورمز لها بالرمز (ز) ، ب ـ نسخة دار الكتب المصرية وهي تحت رقم (45) قراءات، أوراقها (90) ورمز لها بالرمز (ت ) ولاحظ الفرق بين عدد أوراق النسختين ! ولم يبين المحقق أي معلومة أخرى قد تساعد على رفع التهمة عن نسبة الكتاب للزين العراقي ، فلم يذكر غلاف أي نسخة من النسختين ولم يذكر هل يوجد فيهما أو في إحداهما ما يدل على ذلك ؟ نعم ذكر نماذج من المخطوطتين عبارة عن الورقة الأولى والأخيرة من نسخة من النسختين وليس في إحداهما إشارة إلى اسم المؤلف أبدا. أما من الناحية العلمية : فإن موضوع الكتاب موضوع غريب بالنسبة للفترة الزمنية في عصر الزين العراقي فلا يوجد ـ حسب اطلاعي وعلمي القاصرين ـ أي كتاب من كتب القراءات الِّفت بهذه الطريقة إلا بعد وجود كتاب النشر في القراءات العشر لابن الجزري ، وهو ما يجعلني اطرح هذا السؤال : الم يؤلَّف النشر قبل وفاة العراقي بثماني سنين ؟ والجواب إن هذا صحيح ، لكن العراقي لم يقرأ بالقراءات إلا في بداية حياته ، ولو كان العراقي ممن تتلمذ على ابن الجزري لذكره ، فهو من أئمة الإسلام الكبار الذين يفتخر المرء بالتتلمذ عليهم فكيف بتدريسهم والمشيخة عليهم ، ثم هذه الأوجه المعتبرة معتبرة من خلال أي كتاب وأي طريق ؟ المعلوم والمعروف عند أهل القراءات إن ما يسمى بالتحريرات هو قائم كله على ما في النشر فقط ، أي أننا نحرر القراءات والأوجه والطرق من خلال ما هو مذكور في النشر طرقاً وأداء وتلاوة ، وعليه : فهذه التحريرات التي ذكرها الزين العراقي ـ جدلا ـ ما مصدرها التي أقيمت عليه ؟ وأي كتاب قامت هذه التحريرات عليه ؟ طبعاً ليس النشر البتة، لأنه وبكل بساطة لم يقرأ به والله اعلم. بعد هذه الجولة يمكن تلخيص الكلام في النقاط التالية : الكتاب المطبوع بعنوان " العد المعتبر من الأوجه بين السور " في نسبته إلى الإمام الزين العراقي (ت:806 ه ) شكٌّ ونظر ، بل لا تصح نسبته إليه . 2 ـ ليس هناك أدلة علمية واقعية تؤكد صحة هذه النسبة . 3 ـ المادة العلمية في الكتاب تبرهن على أن الكتاب هو لمؤلف جاء بعد ابن الجزري بعد أن أصبح للتحريرات شبه منهج وأخيرا: اكرر القول بأن على أهل القراءات المتخصصين الدفاع عن هذا العلم وتراثه والوقوف بحزم وشدة أمام كل المتساهلين سواء في طبع كتب غير معتمدة على التوثيق العلمي بغية الربح المادي أو الشهرة ، وسواء عمن يسمي نفسه محققاً ولا يؤدي ربع ما هو مطلوب منه اتجاه هذا العلم الشريف ، والله تعالى من وراء القصد .