من كتابي: ((الإبداع في شرح الإقناع)) يسر الله إتمامه.
قوله: (ويقدِّم رجله اليسرى دخولًا، واليمنى خروجًا)
: أي: يُستحب تقديم رجله اليسرى عند دخوله الخلاء، واليمنى عند خروجه منه.
وهو مذهب الحنفية([1])، والمالكية([2])، والشافعية([3]).
وهذه المسألة ليس فيها دليل خاص من السُّنَّة؛ إلا أن الفقهاء أجمعوا على استحبابه؛ استنادًا إلى أدلة عامة دلت على أن ما كان من التكريم بُدئ فيه باليمنى، وخلافه باليسار.
قال النووي رحمه الله: «وهذا الأدب متفق على استحبابه، وهذه قاعدة معروفة؛ وهي: أن ما كان من التكريم بُدئ فيه باليمنى وخلافه باليسار»اهـ([4]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وقد استقرت قواعد الشريعة على أن الأفعال التي تشترك فيها اليمنى واليسرى تُقدَّم فيها اليمنى إذا كانت من باب الكرامة؛ كالوضوء، والغسل، والابتداء بالشق الأيمن في السواك، ونتف الإبط، وكاللباس، والانتعال، والترجل، ودخول المسجد، والمنزل، والخروج من الخلاء، ونحو ذلك؛ وتُقدَّم اليسرى في ضد ذلك؛ كدخول الخلاء، وخلع النعل، والخروج من المسجد، والذي يختص بأحدهما إن كان من باب الكرامة كان باليمين؛ كالأكل، والشرب، والمصافحة، ومناولة الكتب، وتناولها ونحو ذلك، وإن كان ضد ذلك كان باليسرى؛ كالاستجمار، ومس الذكر، والاستنثار، والامتخاط، ونحو ذلك»اهـ([5]).
وقال الشوكاني رحمه الله: «وأما تقديم اليسرى دخولًا واليمنى خروجًا، فله وجه؛ لكون التيامن فيما هو شريف والتياسر فيما هو غير شريف، وقد ورد ما يدل عليه في الجملة»اهـ([6]).


[1])) «تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق» للزيلعي (1/ 167)، ط المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق - القاهرة.

[2])) «الشامل في فقه الإمام مالك» لتاج الدين الدميري (1/ 55)، و«التاج والإكليل» (1/ 403).

[3])) «المهذب» (1/ 55)، و«بحر المذهب» (1/ 103).

[4])) «المجموع» (2/ 77).

[5])) «مجموع الفتاوى» (21/ 109).

[6])) «السيل الجرار» (1/ 64).