بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على رسول الله و على صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
مقدمة كتابة الوصية سنة مهجورة
قال ابن الجوزي /الثبات عند الممات
إِنِّي رَأَيْتُ جُمْهُورَ النَّاسِ إِذَا طَرَقَهُمُ الْمَرَضُ اشْتَغَلُوا تَارَةً بِالْجَزَعِ مِنْهُ وَالشَّكْوَى وَتَارَةً بِالتَّدَاوِي إِلَى أَنْ يَشْتَدَّ فَيُشْغِلُهُمُ اشْتِدَادُهُ عَنِ الالْتِفَاتِ إِلَى الْمَصَالِحِ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ فِعْلٍ لِلْخَيْرِ أَوْ تَأَهُّبٍ لِلْمَوْتِ
فَكَمْ لَهُ مِنْ ذُنُوبٍ لَا يَتُوبُ مِنْهَا أَوْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لَا يَرُدُّهَا أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ زَكَاةٌ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ ظِلامَةٌ لَا يَخْطُرُ لَهُ تَدَارُكُهَا وَإِنَّمَا حُزْنُهُ عَلَى فِرَاقِ الدُّنْيَا إِذْ لَا هِمَّةَ لَهُ سِوَاهَا وَرُبَّمَا أَفَاقَ فَأَوْصَى بِجَوْرٍ
وَسَبَبُ هَذَا ضَعْفُ الإِيمَانِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ
{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعلم}
وَقَدْ عَمَّ هَذَا أَكْثَرَ الْخَلْقِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلانِ
فَيَنْبَغِي لِلْمُتَيَقِّظِ أَنْ يَتَأَهَّبَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ قَبْلَ هُجُومِ الْمَرَضِ فَرُبَّمَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ عَمَلٍ أَوِ اسْتِدْرَاكِ فَارِطٍ أَوْ وَصِيَّةٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ إِلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ
وَقَدْ خُذِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ عِنْدَ الْمَوْتِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَتَاهُ الْخِذْلانُ مِنْ أَوَّلِ مَرَضِهِ فَلَمْ يَسْتَدْرِكْ قَبِيحًا مَضَى وَرُبَّمَا أَضَافَ إِلَيْهِ جوارا فِي وَصِيَّتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَاجَأَهُ الْخِذْلانُ فِي سَاعَةِ اشْتِدَادِ الأَمْرِ فَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَرَضَ وَتَسَخَّطَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلانِ
وَهَذَا مَعْنَى سُوءُ الْخَاتِمَةِ وَهُوَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الْقَلْبِ عِنْدَ الْمَوْتِ الشَّكُّ أَوِ الْجُحُودُ فَتُقْبَضُ النَّفْسُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَدُونَ ذَلِكَ أَنْ يَتَسَخَّطَ الأَقْدَارَ
قال صاحب الموضوع : رأيت أن نجمع وصايا الأعضاء و نخرج بنموذج نجعله وصية يستفيذ منه الناس.