تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: مفهوم الدولة الاسلامية ودور الحاكم تجاه الرعية عند علماء الدعوة النجدية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي مفهوم الدولة الاسلامية ودور الحاكم تجاه الرعية عند علماء الدعوة النجدية

    قال الشيخ الامام عبد الرحمن بن حسن رحمه الله -من عبد الرحمن بن حسن إلى الإمام الأكرم فيصل بن تركي، سلمه الله وهداه، آمين.
    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    (وبعد) :
    فالواجب علينا وعليكم التناصح في دين الله، والتذكير بنعم الله وأيامه، فإن في ذلك من المصالح الخاصة والعامة ما لا يحيط به إلا الله، وفي الحديث: "ما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة".
    ولله حق وعبودية على خلقه بحسب وسعهم وقدرتهم، ولذلك كان على ولاة الأمور، ورؤساء الناس المطاعين فيهم ما ليس على عامتهم وسوقتهم. وكل خير في الدنيا والآخرة إنما حصل بمتابعة الرسل وقبول ما جاؤوا به.
    وكل شر في الدنيا والآخرة إنما حدث ووقع بمعصية الله ورسله، والخروج عما جاؤوا به من النور والهدى، وهذه الجملة شرحها يطول وتفاصيلها لا يعلمها إلا الله الذي {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} . والسير والاعتبار، والاستقراء، والقصص، والأمثال، والشواهد النقلية والعقلية تدل على هذا، وترشد إليه، وبعض الأذكياء يعرف ذلك في نفسه وأهله وولده ودابته، قال بعضهم: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق أهلي ودابتي.
    واللبيب يدرك من الأمور الجزئية والكلية ما لا يدركه الغبي الجاهل، ويكفي المؤمن قوله تعالى-: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} 2، فهذه الآية يدخل فيها كل نعيم باطنا وظاهرا في الدنيا والآخرة، وفي البرزخ.
    وقد قال -تعالى-: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُم ْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}

    . ويدخل في هذا كل شيء من المصائب والجزاء، حتى الشَّرَك، والهم والحزن؛ لكن المؤمن يثاب على ذلك، ويكفر عنه بإيمانه كما دل على ذلك الحديث.
    إذا عرف هذا، فكثير من الناس يعرف أن المصائب والابتلاء حصل بسبب الذنوب، ويقصد الخروج منها والتوبة، ولا يوفق - نعوذ بالله من ذلك -، وذلك لأسباب: منها: جهله بالذنوب، ومراتبها، وحالها عند الله. ومنها: جهله بالطريق التي تخلصه منها، وتنقذه من شؤمها وشرها وتبعتها. ولا سبيل لأحد إلى معرفة ذلك، وما يخلص منه إلا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفة ما جاء به من الهدى ودين الحق إجمالا وتفصيلا؛فإنه الواسطة بين العباد وبين ربهم في إبلاغ ما يحبه الرب ويرضاه، ويريده من عباده، ويوجب السعادة والنعيم والفلاح في الدنيا والآخرة، وفي إبلاغ ما يضرهم ويسخط ربهم، ويوجب الشقاوة، والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة. فكل طريق غير طريقه مسدود على سالكيه، وكل عمل ليس عليه رسمه وتقريره، فهو رد على عامليه.
    وقد عرفتم -أرشدكم الله تعالى أن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل وأهل الأرض قد عمتهم الجهالة وغلبت عليهم الضلالة عربيهم و عجميهم إلا من شاء الله من بقايا أهل الكتاب.فأول دعوته صلى الله عليه وسلم ورسالته وقاعدة قوله - رد الخلق إلى الله وأمرهم بعبادته وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الأنداد والآلهة والبراءة منهم و هذا هو الذي دلت عليه كلمة الإخلاص وهو أول دعوة الرسل وأول الواجبات والفرائض.ومكث عليه الصلاة والسلام مدة من الدهر نحو العشر بعد النبوة يدعو إلى هذا ويأمر به وينهى عن الشرك وينذر عنه وفرض الفرائض وبقية يدعوا إلى هذا ويأمر به وينهى عن الشرك وينذر عنه وفرض الفرائض وبقية الأركان بعد ذلك منجمًا.إن هذا هو أهم الأمور وأوجبها على الخلق كما في الحديث "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد" وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يبعث عماله ويرسل رسائله إلى أهل الأرض ويدعوهم إلى هذا يبدأ به قبل كل شيء ولا يأمر بشيء من الأركان إلا بعد التزامه ومعرفته كما دل عليه حديث معاذ لما بعثه إلى اليمن وغيره من الأحاديث.وفي أوقاتنا بعد العهد بآثار النبوة وطال الزمن وكاد يشبه زمن الفترة لغلبة الجهل وشدة الغربة.وقد من الله على هذه الأقطار بشيخ الإسلام رحمه الله:فقام بتجديد الدين وتمهيد قواعد الملة أتم قيام حتى ظهر بحمد الله منار التوحيد والإسلام ووازره على ذلك من أسلافكم وأعمالكم من وازره رحمة الله عليهم أجمعين وبعدهم حصل من الناس ما لا يخفى من الأعراض والإهمال وعدم الرغبة والتنافس فيما أوجبه الرب من توحيده وفرضه على سائر عبيده وقل الداعي إلى ذلك والمذكر به والمعلم له في القري والبوادي والتساهل في هذه الأمور العظام التي هي آكد مباني الإسلام يوجب للرعية أن يشب صغيرهم ويهرم كبيرهم على حالة جاهلية لا يعرف فيها الأصول الإيمانية والقواعد الإسلامية والله سائلنا وسائلك عن ذلك كل بحسب قدرته وطاقته والجهل والظلم غالب على النفوس ولها وللشيطان حظ كبير في ذلك والنفوس الجاهلية المعرضة عن العلم النبوي يسرع إليها الشرك والتنديد أسرع من السيل إلى منحدره.
    والواجب مراعاة هذا
    الأصل والقيام فيه وبعث الدعاة إليه وجعل أموال الله التي بأيديكم آلة له ووقاية وحماية وإعانه
    فإن هذا من أفرض الفرائض والزمها ولم تشرع الإمامة والإمارة إلا لأجل ذلك والقيام به.وبقاء الإسلام والإيمان في استقامة الولاة الأئمة على ذلك و زوال الإسلام والإيمان وانقضاؤه بانحرافهمعن ذلك وجعل الهمة والأموال والقوة مصروفة في غيرهمقصودًا بها سواه من العلو والرياسة والشهوات [سبحان الله ما اشبه الليلة بالبارحة ] ولذلك وقع في آخر بني العباس ما وقع من الخلل والزلل
    واشتدت غربة الإسلام وظهرت البدع العظام واظهر الكفر أعلامه وشعاره وبنيت المساجد على القبور وأسرجت عليها السرج وأرخيت عليها الستور وهتف أكثر الناس في الشدة بسكان القبور وذبحوا لها القرابين ونذرت لها النذور وبنيت الهياكل للنجوم وخاطبها بالحوائج كل مشرك ظلوم وسرى هذا في الناس حتى فعله من يظن أنه من الأخيار والأكياس وكثير منهم يظن أن هذا هو الإسلام وإنه مما جاء به سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام وهل وقع ذلك وصار على تطاول الدهر والاعصار إلابسبب إهمال الرؤساء والملوك الذين استكبروا في الأرض ولم يرفعوا رأسا بما جاءت به الأنبياء وقنعوا بمجرد الإسم والانتساب من غير حقيقة قال الله تعالى: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ} الآية.
    فأهم المهمات وآكد الأصول والواجبات التفكر في هذا وتفقد الرعية الخاصة والعامة البادية والحاضرة لأنك مسؤول عنهم والسؤال يقع أولا عن الدين قبل الدنيا وفي الحديث "كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته" وفي الحديث الصحيح " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي وسيكون بعدي خلفاء فيكثرون" قالوا فما تأمرنا قال: "أوفو بيعة الأول أعطوهم حقهم فإن الله عز وجل سائلهم عما استرعاهم عليه" ففتش عقائدهم وانظر في توحيدهم وإسلامهم خصوصا مثل أهل الإحساء والقطيف اشتهر عنهم ما لا يخفاك من الغلو في أهل البيت ومسبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم التزام كثير من أصول الدين وفروعه وكونهم يسرون ذلك ويخفونه مما لا يسقط عنك وجوب الدعوة والتعليم والنصح لله بظهور دينه وإلزامهم به وتعليم صغارهم وكبارهم فإنك مسؤول عن ذلك والحمل ثقيل والحساب شديد.
    وفي الطبراني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل بشر بن عاصم على صدقات هوزان فتخلف بشر فلقيه عمر فقال ما خلفك أما لنا عليك سمع طاعة؟
    قال: بلى ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من ولي شيئا من أمر المسلمين
    أتى به يوم القيامة حتى يوقف على جسر جهنم فان كان محسنا نجا وان كان مسيئا إنخرق به الجسر فهوى فيه سبعين خريفا" فرجع عمر كئيبا حزينا جعلك الله من الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب.
    ومن الدعوة الواجبة والفرائض اللازمة جهاد من أبى أن يلتزم التوحيد ويعرفه من البادية أوغيرهم وكثير من بادية نجد يكفي فيهم المعلم وأما من يليهم من المشركين مثل الضفير وأمثالهم فيجب جهادهم ودعوتهم إلى الله. وقد أفلح من كان لله محياه ومماته وخاف الله في الناس ولم يخف الناس في الله. وفي الحديث "مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثله الصائم القائم وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع اجر وغنيمة"
    وكذلك يجب على ولي الأمر أن لا يقدم من نسب عنه طعن وقدح في شيء من دين الله ورسوله أوتشبيه على المسلمين في عقائدهم ودينهم مثل من ينهى عن تكفير المشركين ويجعلهم من خير أمة أخرجت للناس لأنهم يدعون الإسلام ويتكلمون بالشهادتين.[مهم جدا ]
    وهذا الجنس ضرره على الإسلام خصوصًا على العوام ضرر عظيم يخشى منه الفتنة وأكثر الناس لا علم له بالحجج التي تنفي شبهة المشبهين وزيغ الزائغين بل تجده والعياذ بالله سلس القياد لكل من قاده أو دعاه[ما اشبه الليلة بالبارحة كتبه محمد عبد اللطيف] كما قال فيهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لم يستضيؤا بنور العلم ولم يلجؤا إلى ركن وثيق أقرب شبها بهم الأنعام السارحة.
    رسائل وفتاوى عبد الرحمن بن حسن بن محمد عبد الوهاب

    -http://shamela.ws/browse.php/book-11211#page-13 -

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مفهوم الدولة الاسلامية ودور الحاكم تجاه الرعية عند علماء الدعوة النجدية

    فإذا تيسر لكم إن شاء الله الإهتمام والقيام بهذا الأصل العظيم فينظر بعد هذا في أحوال الناس في الصلوات الخمس المفروضات فإنها من آكد الفروض والواجبات وفي الحديث "أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وأخر ما تفقدون الصلاة" وكل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء وقد قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} فيلزم جعل نواب يأمرون بما أمر الله به ورسوله من إقام الصلاة في المساجد فيأوقاتها ويؤدبون من عرف منه كسل أو ترك أو إهمال أدبا يردع أمثاله وعلى أئمة المساجد تعليم ما يشترط لها وما يجب فيها من الأعمال والأقوال.
    وبعد هذا يلتفت إلى النظر في أمر الزكوات الشرعية وجبايتها على الوجه الشرعي من الأنعام والثمار والنقود والعروض ويكون مع كل عامل رجل له معرفة بالحدود الشرعية والأحكام الزكوية ويحذر عن الزيادة عما شرعه الله ورسوله فلا يؤخذ إلا مما وجبت فيه الزكاة وتم نصابه وحال حوله وكثير من العمال يخرص جميع الثمار وإن لم تنصب وأخذ الزكاة من شيء لم يوجبه الله ولا رسوله فيه ظلم بين وتعد ظاهر حمانا الله وإياكم منه.
    وكذلك ما يتبع الزكاة من النائبة قد أغنى الله عنها وجعل فيما أحل غناء عما منع وحرم ومن الواجبات على ولي الأمر ترك ذلك لله وفي بيت المال ما يكفي الضيف ونحوه إن حصل تسديد ومن الله بتوفيق من عنده.
    وكذلك ما يؤخذ من المسلمين في ثغر القطيف من الأعشاب لا يليق ولا يجوز التعشير في أموال المسلمين ويلزم ولي الأمر أيده الله أن يلزم التجار الزكوات الشرعية قهرا ويدع مالا يحل.

    ومن الواجب تتميز الأموال الداخلة على ولي الأمر فإن الله ميزها في كتابه وقسمها فلا يحل تعدي ذلك وخلطها بحيث لا يمكن تمييز الزكاة من الفيء والغنائم فإن لهذا مصرفا ولهذا مصرفا ويجب على ولي الأمر صرف كل شيء في محلهوإعطاء كل ذي حق حقه أهل الزكاة من الزكاة وأهل الفيء من الفيء ويعين ذلك في الأوامر التي تصدر من الإمام لوكيل بيت المال.
    ويجب تفقد من في بلاد المسلمين من ذوي القربى في الفيء والغنيمة فإن هذا من أكد الحقوق والزمها لمكانهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد بهم من عرف التوحيد والتزمه وأهل الإسلام ما صالحوا من عاداهم إلا بسيف النبوة وسلطانها خصوصًا دولتكم فإنها ما قامت إلا بهذا [مهم جدا]وهذا أمر يعرفه كل عالموفي الحديث "إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بحقه بورك له فيهورب متخوض في مال الله بغير حق ليس له يوم القيامة إلا النار" عفانا الله وإياكم من النار وأعمال أهل النار...........
    وكذلك ينبغي تفقد أمر الناس في الحج والقيام على من تركه وهو يستطيعه وهو ركن من أركان الإسلام ويذكر عن عمر أنه قال لقد هممت أن أضع الجزية على من ترك الحج. وبعض السلف يكفر من تركه. وأمر الرعية بذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي لا يسع أحدا تركه.
    وكذلك القيام على الناس ومنعهم عن التعدي في الدماء والأموال وقطع السبيل فهذا من الفساد في الأرض والمحاربة لله ورسوله فإن لم ينتهوا إلا بغزوهم لزم الإمام أن يبعث السرايا لحربهم. ولما تعرض الفجاء السلمي للناس يأخذ ويقتل من مسلم وكافر بعث أبوبكر رضي الله عنه جيشا فظفروا به فأحرقه بالنار. ويذكر عن حسان أنه قال.
    وما الدين إلا أن تقام شريعة ... وتأمن سبل بيننا وشعاب

    وكذلك ما حدث من الدفنان للبادية إذا أخذوا المسلمين وقتلوا لما فيه من ترك حقوق المسلمين في الدماء والأموال مع القدرة على استيفائها والقيام بالعدل الذي أمر الله به ورسوله كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} الآية.
    فتأمل هذه الموعظة وما ختمها به من هذين الوصفين العظيمين وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية.
    فالواجب على من نصح نفسه أن لا يحكم إلا بحكم الله ورسوله فإن لم يفعل وقع في خطر عظيم من تقديم الآراء وإلا هواء على شرع الله ورسوله - قال العلامة ابن القيم رحمه الله.
    والله ما خو في الذنوب فإنها ... لعلى طريق العفو والغفران
    لكنني أخشى انسلاخ القلب من ... تحكيم هذا الوحي والقرآن
    ورضا بآراء الرجال وخرصها ... لا كان ذاك بمنة الرحمن

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مفهوم الدولة الاسلامية ودور الحاكم تجاه الرعية عند علماء الدعوة النجدية

    ومما يجب على ولي الأمر - تفقد الناس من الوقوع فيما نهى الله عنه ورسوله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن بإزالة أسبابها وكذلك بخس الكيل والميزان والربا فيجعل في ذلك من يقوم به من له غيرة لدين الله وأمانة.
    وكذلك مخالطة الرجال للنساء وكف النساء عن الخروج إذا كانت المرأة تجد من يقضي حاجتها من زوج أو قريب أو نحو ذلك وكذلك تفقد أطراف البلاد في صلاتهم وغير ذلك مثل أهل النخيل النائية لأنه ربما يقع فيها فساد ما يدري عنه وأكثر الناس ما يبالي ولو فعل ما نهى عنه وفي الحديث "ماتركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء" وفي الحديث أيضا "ما ظهرت الفاحشة في قوم إلا ابتلوا بالطاعون والأمراض التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا" نعوذ بالله من عقوبات المعاصي ونسأله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
    وكذلك التوسع في لبس الحرير وما زاد على المباح وهو ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ونص على تحريمه ولا يجوز تتبع الرخص.
    ومن الأصول التي تدور عليها الأحكام حديث "إنما الأعمال بالنيات" وحديث "من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وحديث "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه" فكل أمر ينبغي لذوي العقول أن يتركوا ما تشابه منه قد يقع فيه خلاف من بعض العلماء فلا ينبغي أن يرخص لنفسه في أمر قد ظهرت فيه أدلة التحريم فاجتنابه من تقوى الله وخوفه وتركه مخافة الله من الأعمال الصالحة التي تكتب له الحسنات.
    ..........والذي فيه دين ورغبة في الخير ما يرضى لنفسه أن يخالف ما أمر الله به ورسوله ويقتدي باليهود والمجوس والمتكبرين.
    وكل ما أمر الله به ورسوله فينبغي للعبد أن يتمثل ويسمع ويطيع لما في ذلك من المنافع الكثيرة وما في خلافه من الإثم قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا} فعلى الإمام أن يأمر النواب من رأوه تاركًا للأمر أن يقوموا عليه ويلزموه لطاعة حتى تظهر طاعة الله ورسوله في المسلمين
    ويمتازون بذلك عمن خالفهم في الدين من اهل الجفاء والغلظة والغفلة والإعراض.
    نسأل الله العفو والعافية فإنها قد عمت البلوى بهذا بكثير لما قام بقلوبهم من ضعف الإيمان وعدم الرغبة فيه.

    وكذلك يجب على الإمام النظر في أمر العلم وترغيب الناس في طلبه وإعانة من تصدى للطلب لقلة العلم وكثرة الجهل وإن كان قد قام ببعض الواجب فينبغي له أن يهتم بهذا الأمر لفضيلة العلم وكثرة ثواب من قام به وأعان عليه فإن أكثر من يطلب العلم فقراء ويحتاجون إلى الإعانة على فقرهم لما يكون لهم فيه سعة وطلب العلم اليوم من الفرائض كما لا يخفى على الإمام وغيره وفي الحديث الصحيح "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم ومتعلم" وهذا ما يحصل إلا باعتناء الإمام وتأليفه للطالب فإذا كثر العلم وقل الجهل بسببه حصل له من الخير والحسنات مالا يحصيه إلا الله إن قبله الله وبالغفلة عن طلبة العلم تضعف هممهم ويقل طلبهم وفي مناقب عمر بن عبد العزيز رحمه الله: إنه إذا أراد أن يحي سنة أخرج من العطاء مالًا كثيرًا فإذا نفروا من هذا رغبوا إلى هذا فلله دره رحمه الله: ما أحسن نظره لنفسه ولمن ولاه الله عليهم.
    وهذا الذي ذكرنا من الأمور البينة التي ينبغي التنبيه عليها بخصوصها وأما الأمور التي بين الله وبين العبد التي فيها صلاح القلوب ومغفرة الذنوب من إتعاب النفس فيما يحبه الله ويرضاه مما يقع له عليه فهذا باب واسع ولا يدرك هذا إلا من جعل الله له رغبة في تدبر كتابه ومعرفة صفة أهل الإيمان والتقوى الذين أعد الله لهم الجنة ويجاهد نفسه على ذلك فعلا وتركا.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مفهوم الدولة الاسلامية ودور الحاكم تجاه الرعية عند علماء الدعوة النجدية

    وعلى كل من نصح نفسه أن يحذر من كبائر الذنوب التي هي من أعظم الذنوب ولا يأمن مكر الله وليكن لنفسه أشد مقتًا منه لغيره وليكن معظمًا للأمر والنهي مفكرًا فيما يحبه الله ويرضاه متدبرًا لكتابه محبة لربه ورغبة في ثوابه وخوفًا من غضبه وعقابه ومن الواجب على كل أحد أن يحب في الله ويبغض في الله ويعادي في الله ويوالي في الله ويحب في أولياء الله أهل طاعته
    ويعادي أعداه أهل معصيته وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

    صنف هذه الرسالة الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مجدد دين الله في نجد وغيرها في القرن الثاني عشر من الهجرة، صنفها في شدة مرضه؛ إعذارا وإنذارا لإمام وقته فيصل بن تركي آل سعود رحمة الله عليهم أجمعين
    رسائل وفتاوى عبد الرحمن بن حسن بن محمد عبد الوهاب -http://shamela.ws/browse.php/book-11211#page-13


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مفهوم الدولة الاسلامية ودور الحاكم تجاه الرعية عند علماء الدعوة النجدية

    يقول الشيخ الإمام محمد بن إبراهيم ال الشيخ رحمه الله - نصب الإمام واجب ضروري يسمع له ويطاع
    .......والكل والمدار هو إقامة الشرع وحفظ كيان الأمة والقيام بحقوقهم .
    فتاوى ورسائل ابن إبراهيم رحمه الله 12/ 173 .................وقال رحمه الله:
    ومقصود الولاية شيئان لا ثالث لهما :
    حفظ الدين على المسلمين ، وحفظ دمائهم وأموالهم ونسائهم ؛ فان كان ما فيه قوة على حفظ هذا وهذا فلا
    . الكفاية في حماية الدين و الدماء و إلاعراض والاموال . (تقرير ).
    ..............
    وقال رحمه الله - وأهم مقاصد الولاية إقامة دين الله ، والزام الخاصة والعامة من المسلمين بالتزام فرائضه ولا سيما التوحيد والصلاه والزكاة ، وأن يعاقبوا المتهاونين بأمر الله ورسوله والمتساهلين بفرائض الدين العقوبة التي تردع العصاة والغواة ، وأن يوصلوا الزكاة إلى أربابها . أهـ . وقال: الشريعة جاءت بسعادة الدنيا والآخرة ,وجاءت بالسياسة التي ما ورراءها إلا جهل وعدم تصور للنافع من الضار. أو جشع وظلم ,وكانت سياسة ذي القرنين يقول:( أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً. و أما من أمن وعمل صالحاً فله جزاء, الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا)(1) فالذي لا يسوس هذه السياسة لا ينجح في الدنيا ولا في الآخرة. (تقرير) [المجلد الثاني عشر (الحدود- القضاء)]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •