وهى كلمة فضيلة الشيخ فوزى السعيد حفظه الله
فى حفل زفاف ابنة فضيلة الشيخ صفوت الشوادفى رحمه الله . والذى أقيم فى شهر مارس من العام الحالى . اللهم بارك للعروسين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه
ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له, وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد ان محمداً عبده ورسوله , يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون, يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوحها وبث منهما رجالا كثيراونساءا واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا , يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما , أما بعد :
ففى هذه المناسبة الطيبة بإذن الله عز وجل ينبغى أن نعلم ان الله تعالى قد خلقنا لعبادته ورتب كل شئ على هذه الغاية فما كان من شئ ضد هذه الغاية أو يعاكس هذه الغاية أو يعرقل هذه الغاية يكون بمثابة أتربة وأقذار تعرقل محركاً كهربائيا سريع الحركة جداً ثم تأتى هذه الأتربة وهذه المعوقات لتعوق من دورانه فيكون الإنسان بهذه المثابة كلما حصل من عبودية تكون حركته نظيفة سهلة سريعة متزنة حيث يشعر فيها بالحياة الطيبة هكذا الإنسان مبرمج على كده كلما يعبد يجد لذة فى الحياة ( من عمل طيباً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ......) هذا بخلاف الجزاء ( .........فلنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون .......) فالحياة الطيبة هذه بخلاف الجزاء الذى ينتظرنا فى الآخرة عند الله عز وجل , فلما خلقنا الله لعبادته دبر كل شئ ليعمل فى هذا الإتجاه فمن أين عملت لعبادة الله فقد حصل الإتصال بالله والتأله لله عز و جل حسب درجتك منه مع الله عز وجل وبالتالى تكون الحياة الطيبة بحسب حصولك على هذا القدر من الإتصال بالله عز وجل والتأله له , هكذا خلق الإنسان ,وأى معارض أو نقص فى هذا التأله او هذا الإتصال لازم يذهب الجزء المواكب له من الحياة الطيبة ويحل محله جزء من المعيشة الضنك , ما هى المعيشة الضنك ؟ فلتعلم أن المتدين هو الكسبان , ليس فقط كسبان فى الآخرة الجنة والنجاة من النار ............ ولكن أيضاً كسبان هنا فى الدنيا ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) يعنى إيه ؟ خير مما يجمعون ؟ يعنى خير مما يجمعون من الأموال والأرزاق , لكن الذى يفرح بفضل الله وبرحمته ... ما هو الفضل والرحمة ؟ هو القرآن والعمل به أو الإسلام والعمل به أو الإسلام والإيمان , كله حاجه واحدة فى النهاية , يعنى إن الدين والوحى وإتباعه تفرح بهذا لأن الله تعالى قصر الفرح فى هذه الآية على الدين ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ) , ( هو خير مما يجمعون ) هل خير مما يجمعون من ناحية الجنة والنار والجزاء الأخروى ؟ لالا هذا كلام معلوم , ولكن خير مما يجمعون من جهة إيه ؟ من جهة أنه يحصل على السعادة فيبحث عن المال ( هذه حظوظ دنيوية ليحصل على السعادة ) ولكن الذى يحقق إتصال بالله يحصل على السعادة الحقيقية أكثر من الذى يحصل على المال لأنه لا يحصل على السعادة الحقيقية ولكن يحصل فقط على شئ من الفرفشة وليست سعادة , فالذى يبحث عن السعادة فى الأرزاق والأسباب الدنيوية فليس عنده سعادة ولكن , ولكن يعطيه فقط حاجة إسمها فرفشة , حاجة زى البنج الذى يغطى على فطرة الأنسان فينسى الحياة الطيبة ولا يشعر بها ويقع فى المعيشة الضنك وهو لا يشعر ويلزمه ان يكون عنده ما يلهيه مثل صفقة أو عمل منهمك فيه أو موسيقى صاخبة أو رقص عنيف كما ترقص النساء كما يحدث فى بلاد الكفار , فهو دائما يحاول أن يغطى على الضنك الذى بداخله , فالمعيشة الضنك هذه ليست فقر ... ويقولون أن النبى عليه الصلاة والسلام كان فى معيشة ضنك لأنه كان فقيراً ...لالا النبى صلى الله عليه وسلم كان يحي الحياة الطيبة على القمة , فالمعيشة الضنك ليست فقراً أو فقر أسباب.. لالا ولكن المعيشة الضنك هى أن الله تعالى خلق الإنسان على ذلك .. خلقه ليعبده فبرمجه البرمجة المناسبة والمواتية والمواكبة لهذا النظام , فإذا عبدته سبحانه وتعالى تأتى مباشرة الحياة الطيبة ويأتى الإنسجام , أما إذا نقصت العبادة والتأله والإتصال بالله فتأتى مباشرة المعيشة الضنك , وما هى المعيشة الضنك ؟ فكما قلت ( موتور يسير بلفة سريعة وناعمة ولكن أى شوية تراب عليه تبدأ تسمع الخبط والرزع وكأن الموتور سيتكسر وهذا مثل المعاصى بالضبط بالنسبة للإنسان , فالسرعة الهائلة هذه والإتزان فيها هى الحياة الطيبة ومن أجل هذا فإن الله تعالى نبهنا وقال :( قل بفضل الله وبرحمته لأن الفضل والرحمة والقرآن والعمل بالقرآن هذا هو الذى يعطيك الحياة الطيبة التى تجعل نفسك تسير بحيث تكون مطمئنة فى حركتها لله عز وجل فنجد أى عرقلة سواء بالمعاصى أو بالغفلة أو النسيان أو الشهوات فكل هذا يمشى فى الإتجاه المعاكس فيضيع السكينة والطمأنينة ويحل محلها والعياذ بالله المعيشة الضنك . فنجد الكفار عندهم جميع أسباب الدنيا ومع ذلك عندهم جميع المعيشة الضنك , فعندهم المال والجمال والسلطان مثل بوش عنده معيشة ضنك رهيبة ولكنها لا تظهر فهى متعلقة بالروح والقلب , لأن الله تعالى لما خلق الإنسان خلقه على هذه الغاية وبرمجه البرمجة الكاملة على هذا فالإنسان حتى يعيش الحياة الطيبة لازم يكون متصل بالله لأن الله برمجه على كده . وكذا نرى فى آخر سورة قى القرآن وهذه من المعانى العالية وهى حقيقة الحقائق( حقيقة إن ربنا خلقك لكى تعبده ) وإذا لم تعبده فتكون المعيشة الضنك وإذا إتصلت به فتكون الحياة الطيبة هنا فى الدنيا ( هو خير مما يجمعون ..) يعنى تعطى لك سعادة أحسن من الفلوس وأحسن من أسباب الدنيا كلها, فتجد نفسك تفرح عندما يُفهمك الله آية , عندما يفهمك الله حديث , عندما يجعلك الله تعثر على عالم راسخ فى العلم يعلمك ويخرجك من الجهالات فتجد نفسك تفرح بهذا وكل ما ربنا يوفقك تفرح لأن هذا على طريق الإتصال به , فهذا غير الجنة والأجر العظيم فيها , ولكن فقط نتكلم عن طريقة خلق الأنسان الذى خُلق على هذه الطبيعة .
من أجل هذا نجد فى آخر سورة فى القرآن أن هذه القضية قد لُخصت تلخيص بارع فهى من أعجب أعاجيب القرآن فنجد أن الله تعالى قال: ( رب الناس , مللك الناس ) هكذا بدون واو فلم يقل( رب الناس ومللك الناس بل قال رب الناس ملك الناس إله الناس ) فقد يظن البعض أنه لا فرق بين ( رب الناس , ملك الناس , إله الناس ) وبين ) رب الناس وملك الناس وإله الناس ) ولكن الله تعالى قال ( رب الناس أى الذى يرزق ويعطى الصحة ويعطى الزوجة والعيال والحياة والموت ويشرع ويدخل الجنة وينجى من النار فهو رب الناس بالطبع محتاجين له , والرب ليكون له الكمال فى الربوبية يجب أن يكون ملك فهو ليس فقط لخدمتك يأكلك ويشربك ويرزقك ..لأ .. هو ملك .. أمره لو كسرته ياويلك .. سبحانه وتعالى وله أن يعفو , فهو الملك , فالربوبية كاملة لماذا لأنه هو الملك , لذا لم يأتى بالواو هنا حتى لا تظن أنه مجرد رب يخلق ويرزق فقط ولكنه هو الملك سبحانه وتعالى , والناس محتاجة لملك , وهذا غذاء البدن ولكن أين غذاء الروح .. فنجد بوش قد أخد من الربوبية قدر كبير جداً وكذلك كل اليهود وكل النصارى وكل الكفار وكل الطواغيت والذين يوالون الطواغيت كل منهم قد أخذ قدر من الدنيا ولكن المهم حظك من إلاهية الله عز وجل فهو إله الناس , فما معنى الناس هنا ؟ نجد أن أصل معنى كلمة الناس هو ( النوس) وهو الحركة المتتابعة أو التذبذب و الإضطراب , وهى غير معنى كلمة الإنسان التى أصلها( الإيناس ) . فنجد الناس دائماً فى حركة وسعى هكذا خلق الناس فى حركة سريعة ومتتابعة ولاتسكن أبداً ولا تطمئن إلا بالإتصال بربنا , ومن أجل هذا هو إله الناس .. يعنى الناس يلزمهم إله يتألهونه وإلا فهى المعيشة الضنك وهذا كلام ابن القيم فيقول إن حظك من إله أخطر بكثير من حظك من الرب لأن بوش أخذ حظ واسع من الربوبية فى الأرض من الأرزاق والمقادير والسلطة والإبتلاء الذى هو فيه, إنما حظه من الآلهية صفرلأنه كافر مفيش تأله للإله الحق , فدائما مخه مشغول يذهب إلى مزرعته أو يصورهنا أو يعمل تصريح إنما لو أفاق ..... !!!!!
أمه تقول فى كتاب كتبت فيه مذكراتها وقالت هممت بالإنتحار أكثر من مرة وأدارت عجلة السيارة حتى تنحرف بها وتموت .لماذا ؟ لإحساسها بالفراغ . ما هذا الفراغ ؟ هو المعيشة الضنك , لماذا لأننا خلقنا لنعبده , فانت مترتب ومبرمج ومنظم على أنك تتصل به و إذا لم تتصل به فلا يوجد إلا المعيشة الضنك ... والمعيشة الضنك ليست هى الفقر أو نقص البسبوسة أو نقص اللحمة .. لالا هى شئ متعلق بالروح والقلب من أجل ذلك قال تعالى إله الناس ... إذن لابد أن تبحث فى الزواج وغير الزواج على حظك من فضل الله ورحمته .. على حظك من التأله الصحيح للإله ... لازم تبحث عن ذلك .. وبالتى فهذه هى الحياة الطيبة , ولكن كيف يكون ذلك ؟ خد بالك نحن قلنا أن الله تعالى خلقك للعبادة , فنجد كل شئ مرتب من أجل هذه الغاية , فنحن لم نزل عاملين متحركين من أجل الفلوس والرزق؟؟؟؟ !!!! لا.. ولكن كل هذه وسائل مطلوبة لغيرها ولكن الغاية التى خلقت من أجلها هى أنك تصل له هو سبحانه وتعالى ........ فكل ما دون ذلك أشياء مطلوبة لغيرها ..يجب أن تصل له هو وأن تتألهه , ولذلك تجد بعضهم يقول لك أصل الإله ... هى ولاه ... من وله الفصيل بأمه , وإمرأة واله ,أى إمرأة أخذوا إبنها منها , والحديث يقول ( لا توله إمرأة بولدها ) . فمسألة تعلقك بالله مسألة كبيرة جداً والله يفرح بك أشد الفرح فى الدنيا إن تبت ورجعت إليه , أى رجعت من المعيشة الضنك إلى الحياة الطيبة , فكل شئ يجب أن يرتب لهذه الغاية , يعنى عندما أريد ان أتزوج فيجب أن أرتب زواجى من البداية للنهاية على هذه الغاية , وكيف أرتبه ؟ أرتبه بإتباع الرسول عيه الصلاة والسلام , وهذا فضل ورحمة , فمن وفق فى زواجه على السنة بالضبط فقد وفق للحياة الطيبة فيما يتعلق بزواجه ( حياة روحه وحياة قلبه ) , لأن هذا دين ..... فكما ستسعى فى الرزق ... فأنت مطالب أن تكون على دين .. فسيكون سعيك فى الرزق داخل تبع الدين, لأته سيكون تابع للغاية التى خلقت من أجلها .
رب الناس والكمال بأن يكون ملك الناس , وكمال الملك أن يكون إله الناس لأنه محبوب ليس فقط محبة عادية فالخلق محبوبون ولكنه تعالى محبوب محبة مخصوصة لاتكون إلا له فقط وهى محبة إسمها غاية الحب مع غاية الذل مع غاية الرغبة والرهبة ..هذا هو التأله . والله سبحانه وتعالى ليس ملك عادى ولكنه إله , فجاءت إله الناس مباشرة بعد رب الناس إله الناس بدون حرف العطف ( الواو ) لبيان كمال الملك فهو تعالى محبوب محبة غير عادية ولكنها محبة رئيسة يعنى محبة لا توجد إلا عندما تستتبع جميع المحبات ... , حبك لزوجتك يجب ان يكون تابع لمحبة الله تعالى وكذلك حبك لأبيك وأمك يجب أن تكون تابعة لمحبته ... وإلا فأنت لا تحبه .. فإن محبته تعالى كذلك محبة مخصوصة .. كقائد الجيش والكل بعد ذلك عساكر .. عنما يقول لليمين در يبقى لليمين در .. يقول إمشى يبقى تمشى ... يقول قف يبقى قف .. هكذا محبة الله تعالى هى محبة مخصوصة بحيث لا تحب أى شئ أبداً إلا يكون تابع لمحبته ولكن عندما تحب شئ معاه فيكون حب مع الله ... وتكون الحياة الغير طيبة والموتور يلف بصعوبة ونبدأ نسمع له صوت و خبط ويبدأ القلق وتبدأ المعيشة الضنك .. ولكن ( ... بفضل الله وبرحمته ...) يعنى القرآن والإيمان به والعمل به هو الذى يهئ لك الحياة الطيبة ويدخلك فيها عنما تتصل بالله الإتصال الحق وتتأله التأله الحق للإله الحق , لذا نجد فى القرآن الكريم ( ما لكم من إله غيره ..) . أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم . إلى هنا انتهى كلام فضيلته نفعنا الله و إياه وبارك فى عمره.