تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما اشتهرا.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما اشتهرا.

    يقول مالك بن دينار رحمه الله :
    دخلت البصرة يوما
    فوجدت الناس قد اجتمعوا فى المسجد الكبير
    يدعون الله
    من صلاة الظهر إلى صلاة العشاء
    لم يغادروا المسجد فقلت لهم مابالكم؟


    فقالوا :
    أمسكت السماء ماءها
    وجفت الأنهار-
    ونحن ندعوا الله ان يسقينا فدخلت معهم.
    يصلون الظهر ويدعون،
    والعصر ويدعون،
    والمغرب ويدعون،
    والعشاء ويدعون..
    ولا تمطر السماء قطره..


    خرجوا ولم يستجب لهم.


    يقول:
    ثم ذهب كل منهم إلى داره
    وقعدت في المسجد
    ولا دار لي.


    فدخل رجل ( اسود )..


    (أفطس) اي صغير الأنف..
    ( أبجر ) اي كبير البطن..
    ( عليه خرقتان )
    ستر عورته بواحدة وجعل الأخرى على عاتقه.


    فصلى ركعتين ولم يطل..


    ثم التفت يمينا ويسارا
    ليرى أحدا فلم يرانى..


    فرفع يديه إلى القبلة
    وقال؛


    إلهي وسيدى ومولاي
    حبست القطر عن بلادك لتؤدب عبادك


    فأسالك يااااااااا حليما ذا أناه،
    يامن لايعرف خلقه منه إلا الجود


    ان تسقيهم الساعة الساعة الساعة..


    يقول مالك
    فما ان وضع يديه
    إلا وقد أظلمت السماء وجاءت السحب من كل مكان فامطرت كأفواه القِرب.


    يقول
    فعجبت من الرجل
    فخرج من المسجد فتبعته فظل يسير بين الأزقة والدروب
    حتى دخل دارا "،
    فما وجدت شيئا" أعلّم به الدار إلا من طين الأرض
    فأخذت منها وجعلت على الباب علامة..


    فلما طلعت الشمس
    تتبعت الطرق حتى وصلت إلى العلامة
    فإذا هو بيت نخّاس يبيع العبيد..
    فقلت
    ياهذا إني أريد أن أشترى من عندك عبدا..


    فأرانى الطويل والقصير والوجيه
    فقلت:
    لا لا اما عندك غير هؤلاء؟
    فقال النخاس:
    ماعندى غير هؤلاء للبيع.


    يقول مالك:
    وأنا خارج من البيت وقد أيست رأيت كوخا" من خشب جوار الباب
    فقلت:
    هل في هذا الكوخ من أحد؟
    فقال النخاس:
    من فيه لايصلح ..


    أنت تريد أن تشترى عبدا" ، ومن فى هذا الكوخ
    لايصلح.
    فقلت:
    أراه ..!!


    فأخرجه لي،
    فلما رأيته عرفته.


    فإذا هو الرجل الذى كان يصلى بالمسجد البارحة..


    قلت للنخاس: أشتريه..
    فأجابني:
    لعلك تقول غشّني الرجل..
    هذا لا ينفع فى شيء.
    .هذا لايصلح في شيء..
    فقلت أشتريه..
    فزهد فى ثمنه واعطانى إياه..


    فلما استقر بى المقام فى بيتى رفع العبد رأسه إلي
    وقال:
    ياسيدى لم اشتريتني؟


    إن كنت تريد القوة
    فهناك من هو أقوى منى..


    وإن كنت تريد الوجاهة
    فهناك من هو أبهى منى..


    وإن كنت تريد الصنعة
    فهناك من هواحرف مني


    فلم اشتريتني؟


    قلت:
    يا هذا،
    بالأمس كان الناس فى المسجد
    وظلت البصرة كلها تدعو الله من الظهر إلى بعد العشاء
    ولم يستجب لهم..


    وما إن دخلت أنت
    ورفعت يديك إلى السماء ودعوت الله
    واشترطت على الله حتى استجاب الله لك
    وحقق لك ما تريد!


    فقال العبد:
    لعله غيرى؟
    وما يدريك انت لعله رجل آخر؟
    فقلت:
    بل هو أنت..
    فقال العبد أعرفتني؟
    فقلت
    نعم.
    فقال:
    أتيقنتني؟
    فقلت نعم.


    فيقول مالك:
    فوالله ما التفت إلي بعدها،


    إنما خرّ لله ساجدا"
    فأطال السجود،
    فانحنيت عليه فسمعته
    يقول:
    (ياصاحب السر
    إن السر قد ظهرا
    فلا أطيق حياة"
    بعدما اشتهرا


    ففاضت الروح الى بارئها


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما اشتهرا.

    ماصحة هذه القصة ؟

  3. #3

    افتراضي رد: ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما اشتهرا.

    الحمد لله وحده.
    أولًا: هذا الأثر- نحوه - أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (10/173)، ومن طريقه
    أخرجه ابن الجوزي في "تنوير الغبش في فضل السودان والحبش " (1/214) برقم [131] تحت ترجمة (عَابِد أسود بَصرِي)، وذكرها في " صفوة الصفوة " (2/268) يستدرك على ( ملتقى أهل الحديث ) بأنه أورده ابن الجوزي بإسناد من طريق أبي نعيم، وأخرجه ابن عبد الهادي الصالحي (المتوفي 909 هـ) في " صب الخمول على من وصل أذاه إلى الصالحين من أولياء الله " (1/156).
    قال أبو نعيم:
    أخبرنا أبو الأزهر ضمرة بن حمزة بن هلال المقدسي في كتابه , وحدثني عنه محمد بن إبراهيم بن أحمد قال: حدثني أبي , ثنا عبيد الله بن سعيد الهاشمي البصري [وفي " التنوير "، عبد الله بن سعيد الْهَاشِمِي وفي " صب الخمول "، ثنا عبيدُ الله بن عبيدٍ] , قدم علينا ثنا أبي , ثنا عبد الله بن إدريس , عن مالك بن دينار قال: ... فذكره.
    السند إلى مالك بن دينار مظلم، ولم أجد ذكر أغلبهم في كتب الترجمة، فالأثر ضعيف مسلسل بالجهالة إلى مالك بن دينار إلا إن كان ابن إدريس هذا الأودي فلا زال هناك مجاهيل.
    ثانيًا : اللفظ الذي ورد ليس كما ذكر آنفًا فالذي ورد مع اختلاف يسير في الألفاظ - واللفظ لأبي نعيمٍ -
    عن مالك بن دينار قال:
    " احتبس عنا المطر بالبصرة فخرجنا يوما بعد يوم نستسقي فلم نر أثر الإجابة فخرجت أنا وعطاء السليمي وثابت البناني , ويحيى البكاء , ومحمد بن واسع , وأبو محمد السختياني , وحبيب أبو محمد الفارسي , وحسان بن أبي سنان , وعتبة الغلام , وصالح المري حتى صرنا إلى مصلى بالبصرة وخرج الصبيان من المكاتب واستسقينا فلم نر أثر الإجابة وانتصف النهار وانصرف الناس وبقيت أنا وثابت البناني في المصلى فلما أظلم الليل إذا بأسود صبيح الوجه دقيق الساقين عظيم البطن عليه مئزران من صوف فقومت جميع ما كان عليه بدرهمين فجاء إلى ماء فتمسح ثم دنا من المحراب فصلى ركعتين كان قيامه وركوعه وسجوده سواء خفيفتين ثم رفع طرفه إلى السماء فقال: سيدي إلى كم تردد عبادك فيما لا ينقصك أنفد ما عندك أم فقدت خزائن قدرتك؟ سيدي أقسمت عليك بحبك لي إلا سقيتنا غيثك الساعة الساعة , قال: مالك: فما أتم الكلام حتى تغيمت السماء وأخذتنا كأفواه القرب وما خرجنا من المصلى حتى خضنا الماء إلى ركبنا , قال: فبقيت أنا وثابت متعجبين من الأسود , ثم انصرف فتبعناه , قال: فتعرضت له فقلت له: يا أسود , أما تستحي مما قلت؟ قال: فقال: وماذا قلت؟ قال: فقلت له: قولك بحبك لي , وما يدريك أنه يحبك؟ قال: تنح عن همم لا تعرفها يا من اشتغل عنه بنفسه أين كنت أنا حين خصني بالتوحيد وبمعرفته؟ أفتراه بدأني بذلك إلا بمحبته لي على قدره ومحبتي له على قدري؟ قال: ثم بادر يسعى , فقلت له: رحمك الله ارفق بنا , قال: أنا مملوك على فرض من طاعة مالكي الصغير , قال: فجعلنا نتبعه من البعد حتى دخل دار نخاس وقد مضى من الليل نصفه فطال علينا النصف الباقي , فلما أصبحنا أتيت النخاس فقلت له: عندك غلام تبيعنيه للخدمة؟ قال: نعم عندي مائة غلام كلهم لذلك , قال: فجعل يخرج إلي واحدا بعد آخر وأنا أقول: غير هذا حتى عرض علي تسعين غلاما ثم قال: ما بقي عندي غيرها ولا واحد قال: فلما أردنا الخروج دخلت أنا حجرة خربة في خلف داره فإذا أنا بالأسود نائم , فكان وقت القيلولة , فقلت: هو هو ورب الكعبة فخرجت إلى عند النخاس فقلت له: بعني ذلك الأسود , فقال لي: يا أبا يحيى ذاك غلام مشئوم نكد ليست له بالليل همة إلا البكاء وبالنهار إلا الصلاة والنوم , فقلت له: ولذلك أريده , قال: فدعا به وإذا هو قد خرج ناعسا فقال لي: خذه بما شئت بعد أن تبريني من عيوبه كلها فاشتريته بعشرين دينارا بالبراءة من كل عيب , فقلت: ما اسمه؟ قال: ميمون , قال: فأخذت بيده فأتيت به إلى المنزل فبينا هو يمشي معي إذ قال لي: يا مولاي الصغير , لماذا اشتريتني وأنا لا أصلح لخدمة المخلوقين؟ قال: مالك: فقلت له: حبيبي إنما اشتريناك لنخدمك نحن بأنفسنا وعلى رءوسنا , فقال: ولم ذاك؟ فقلت: أليس أنت صاحبنا البارحة؟ في المصلى فقال: وقد اطلعتما على ذلك؟ فقلت: أنا الذي اعترضت عليك في الكلام , قال: فجعل يمشي حتى صار إلى المسجد فدخله وصف قدميه فصلى ركعتين ثم رفع طرفه إلى السماء فقال: إلهي وسيدي سر كان بيني وبينك أظهرته للمخلوقين وفضحتني فيه فكيف يطيب لي الآن عيش وقد وقف على ما كان بيني وبينك غيرك؟ أقسمت عليك إلا قبضت روحي الساعة الساعة , ثم سجد فدنوت منه فانتظرته ساعة فلم يرفع رأسه فحركته فإذا هو ميت قال: فمددت يديه ورجليه فإذا وجه ضاحك وقد ارتفع السواد وصار وجهه كالقمر وإذا بشاب قد أقبل من الباب فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعظم الله أجرنا في أخينا , هاكم الكفن فكفنوه فيه فناولني ثوبين ما رأيت مثلهما ثم خرج فكفناه فيهما.
    قال مالك: فقبره يستسقى به وتطلب الحوائج إلى يومنا هذا ". اهـ.

    قلت: وفي قول مالك الأخير نكارة بالإضافة إلى أن هذا الأثر يغلب عليه جميعاً الطابع الصوفي في لغتها ومضمونها.
    وورد نحوه عن عبد الله بن المبارك وعطاء السلمي، والله أعلم.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما اشتهرا.

    جزاكم الله خيرا .

  5. #5

    افتراضي رد: ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما اشتهرا.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا .
    وجزاكم ... آمين.

    أما ما ورد عن عبد الله بن المبارك فهو من طريقَين، لذا قال ابن الجوزي:
    " وقد رويت لنا هذه الحكاية على صفة اخرى" [صفة الصفوة (1/144)].
    الطريق الأول به ذكر الفضيل بن عياض :
    أخرجه الدينوري في " المجالسة " (5/417)، ومن طريقه أخرجه
    ابن الجوزي في " المنتظم في تاريخ الملوك " (8/223)، وفي " التنوير " (1/210)، وذكرها في " بحر الدموع " (1/46-47)، وأخرجه من طريق ءاخر ابن بشكوال الأندلسي في " المستغيثين بالله " (1/161) معزوًّا إلى مؤلف كتاب " العروس ".
    قال أبو بكر الدينوري :
    حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ، نَا أَبِي؛ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: ... فذكره.

    هذا الإسناد به الحسن بن يزيد بن المنهال لم أجد له ترجمة فضلًا عن أن مخرج هذا الإسناد متهم بالوضع وهو أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي.
    قال الدارقطني: (كان يضع الحديث).
    قال الذهبي: اتهمه الدَّارَقُطْنِي ّ. «الميزان» 1 (619) .• وقال ابن حجر: صرح الدَّارَقُطْنِي ّ في «غرائب مالك» بأنه يضع الحديث، وروى حديث «سبقت رحمتي غضبي»، وقال لا يصح بهذا الإسناد، والمتهم به أحمد بن مروان، وهو عندي ممن كان يضع الحديث. «لسان الميزان» 1 (945) .
    قال ابن الجوزي: فى حديثه فى فضل عمر رضى الله عنه ويروى أنه سرقه وغير إسناده.
    قال ابن بشكوال الأندلسي:

    ذكر مؤلف كتاب العروس، قال: حدثنا محمد بن الفرج مولى بني هاشم، قال: ثنا صالح بن عبد الله البصري، عن عبد الله بن المبارك، قال: ... فذكره.
    قلت: وفي الإسناد من لم أعرفه وهو صالح بن عبد الله البصري غير أني لم أعرف من هو مؤلف كتاب العروس.
    الطريق الأخر بلا ذكر الفضيل بن عياض:
    أخرجه الإمام الألكائي في الكرامات (9/202) قال:
    أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ قَالَ: أنا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شَيْخٍ إِمْلَاءً، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ، قَالَ: ثنا عُمَرُ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْعَدَوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: ... فذكره.
    قلت: به من لم أعرفه كعبد الرحمن بن أبي الشيخ وعمر وأحمد بن عمر الحربي ومحمد بن صالح العدوي وأبوه.
    والله أعلم.
    والطريق الأول متنه بذكر الفضيل بن عياض هو قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: قَدِمْتُ مَكَّةَ؛ وَإِذَا النَّاسُ قَدْ قُحِطُوا مِنَ الْمَطَرِ وَهُمْ يَسْتَسْقُونَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَكُنْتُ فِي النَّاسِ مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي شَيْبَةَ، إذا أَقْبَلَ غُلامٌ أَسْوَدُ عَلَيْهِ قِطْعَتَا خَيْشٍ، قَدِ ائْتَزَرَ بأحداهما وَأَلْقَى الأُخْرَى عَلَى عَاتِقِهِ، فَصَارَ فِي مَوْضِعٍ خَفِيٍّ إِلَى جَانِبَيَّ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِلَهِي! أَخْلَقَتِ الْوُجُوهَ كَثْرَةُ الذُّنُوبِ وَمَسَاوِئُ الأَعْمَالِ، وَقَدْ منعتنا غيث السماء لتؤدب الْخَلِيقَةُ بِذَلِكَ؛ فَأَسْأَلُكَ يَا حَلِيمُ ذُو أَنَاةٍ! يَا مَنْ لا يَعرِفُ عِبَادُهُ [ص:418] مِنْهُ إِلا الْجَمِيلَ! اسْقِهِمُ السَّاعَةَ، السَّاعَةَ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: السَّاعَةَ السَّاعَةَ، حَتَّى اسْتَوَتْ بِالْغَمَامِ، وَأَقْبَلَ الْمَطَرُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَجَلَسَ مَكَانَهُ يُسَبِّحُ؛ فَأَخَذْتُ أَبْكِي، إِذْ قَامَ، فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى عَرَفْتُ مَوْضِعَهُ، فَجِئْتُ إِلَى فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، فَقَالَ لِي: مَا لَكَ أَرَاكَ كَئِيبًا؟ قُلْتُ: سَبَقَنَا إِلَيْهِ غَيْرُنَا فَتَوَلَّاهُ دُونَنَا. فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَصَاحَ وَسَقَطَ وَقَالَ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ الْمُبَارَكِ! خُذْنِي إِلَيْهِ. قُلْتُ: قَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَسَأَبْحَثُ عَنْ شَأْنِهِ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ وَخَرَجْتُ أُرِيدُ الْمَوْضِعَ، فَإِذَا شَيْخٌ عَلَى الْبَابِ قَدْ بُسِطَ لَهُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَآنِي عَرَفَنِي. فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! حَاجَتُكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: احْتَجْتُ إِلَى غُلامٍ أَسْوَدَ. فَقَالَ: نَعَمْ، عِنْدِي عِدَّةٌ؛ فَاخْتَرْ أَيُّهُمْ شِئْتَ. وَصَاحَ: يَا غُلامُ! فَخَرَجَ غُلامٌ جَلْدٌ؛ فَقَالَ: هَذَا مَحْمُودُ الْعَاقِبَةِ، أَرْضَاهُ لَكَ. فَقُلْتُ: لَيْسَ هَذَا حَاجَتِي، فَمَا زَالَ يُخْرِجُ إِلَيَّ وَاحِدًا وَاحِدًا حَتَّى أَخْرَجَ إِلَيَّ الْغُلامَ، فَلَمَّا بَصُرْتُ بِهِ بَدَرَتْ عَيْنَايَ، فَجَلَسْتُ، فَقَالَ: هَذَا هُوَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: لَيْسَ إِلَى بَيْعِهِ سَبِيلٌ. قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: تَبَرَّكْتُ بِمَوْضِعِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لا يَرْزُؤُنِي مِنْهُ شَيْءٌ [أَكْثَرُ مِنْ قُوتِهِ] . قُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ؟ قَالَ: يَكْسَبُ مِنْ فَتْلِ الشَّرِيطِ نِصْفَ دَانِقٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؛ فَهُوَ قُوتُهُ، فَإِنْ بَاعَهُ فِي يَوْمِهِ وَإِلا طَوَى ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَأَخْبَرَنِي الْغِلْمَانُ عَنْهُ أَنَّهُ لا يَنَامُ هَذَا اللَّيْلَ الطَّوِيلَ، وَلا يَخْتَلِطُ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ مُهْتَمٌّ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ أَحَبَّهُ قَلْبِي. فَقُلْتُ لَهُ: أنصرف إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِلَى فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ بِغَيْرِ قَضَاءِ حَاجَةٍ؟ ! فَقَالَ: إِنَّ مَمْشَاكَ عِنْدِي كَبِيرٌ، فَخُذْهُ بِمَا شِئْتَ. قَالَ: فَاشْتَرَيْتُهُ ، فَأَخَذْتُ نَحْوَ دَارِ [ص:419] فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، فَمَشَيْتُ سَاعَةً؛ إِذَ قَالَ لِي: يَا مَوْلايَ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ. فَقَالَ: لا تَقُلْ لِي لَبَّيْكَ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ أَوْلَى بِأَنْ يُلَبِّيَ الْمَوْلَى! قُلْتُ: حَاجَتُكَ يَا حَبِيبِي. قَالَ: أنَا ضَعِيفُ الْبَدَنِ لا أَطِيقُ الْخِدْمَةَ، وَفِي غَيْرِي كَانَ لَكَ سَعَةٌ، قَدْ أَخْرَجَ إِلَيْكَ مَنْ هُوَ أَجْلَدُ مِنِّي. فَقُلْتُ: لا يَرَانِي اللهُ وَأَنَا أَسْتَخْدِمُكَ، وَلَكِنْ أَشْتَرِي لَكَ مَنْزِلًا وَأُزَوِّجُكَ وَأَخْدُمُكَ أَنَا بِنَفْسِي. قَالَ: فَبَكَى. فَقُلْتُ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: انت لَمْ تَفْعَلْ بِي هَذَا إِلا وَقَدْ رَأَيْتَ بَعْضَ مُتَّصَلاتِي بِاللهِ، وَإِلا؛ فَلِمَ اخْتَرْتَنِي مِنْ بَيْنِ أُولَئِكَ الْغِلْمَانِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: ليس بك حاجة إلى هذا. فقال لي: سألتك بالله، ألا أخبرتني. فقلت: بِإِجَابَةِ دَعْوَتِكَ. فَقَالَ لِي لَمَّا ذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ: إِنِّي أَحْسَبُكَ إِنْ شَاءَ اللهُ رَجُلًا صَالِحًا، إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خِيرَةٌ مِنْ خَلْقِهِ لا يَكْشِفُ شَأْنَهُمْ إِلا لِمَنْ أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ، وَلا يُظْهِرُ عَلَيْهِمْ إِلا مَنِ ارْتَضَى. ثُمَّ قَالَ لِي: تَرَى أَنْ تَقِفَ عَلِيَّ قَلِيلًا؛ فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَتْ عَلَيَّ رَكَعَاتٌ مِنَ الْبَارِحَةِ. قُلْتُ: هَذَا مَنْزِلُ فُضَيْلٍ قَرِيبًا. قَالَ: لا، ها هنا أَحَبُّ إِلَيَّ، أَمْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لا يُؤَخَّرُ. فَدَخَلَ مِنْ بَابِ الْبَاعَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَمَا زَالَ يُصَلِّي حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى مَا أَرَادَ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! هَلْ مِنْ حَاجَةٍ؟ قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنِّي أُرِيدُ الانصراف. قلتُ: إلى أين؟ قال: إلى الآخرة. قلتُ: لا تفعل دعني أُسَرُّ بكَ. فَقَالَ لِي: إِنَّمَا كَانَتْ تَطِيبُ لِيَ الْحَيَاةُ حَيْثُ كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ - يَعْنِي رَبَّهُ تَعَالَى -، فَأَمَّا إِذَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهَا أَنْتَ فَسَيَطَّلِعْ عَلَيْهَا غَيْرُكَ وَغَيْرُكَ؛ فَلا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ. ثُمَّ خَرَّ لِوَجْهِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ: إِلَهِي! اقْبِضْنِي السَّاعَةَ السَّاعَةَ. فَدَنَوْتُ مِنْهُ؛ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، فَوَاللهِ! مَا ذَكَرْتُهُ قَطُّ إِلا طَالَ حُزْنِي عَلَيْهِ، وَصَغُرَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِي. اهـ. [المجالسة للدينوري].

    الطريق الأخر بدون ذكر الفضيل بن عياض عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: " كُنْتُ بِمَكَّةَ فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ، فَخَرَجُوا إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَسْتَسْقُونَ فَلَمْ يُسْقَوْا وَإِلَى جَانِبِي أَسْوَدُ مَنْهُوكٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ قَدْ دَعَوْكَ فَلَمْ تُجِبْهُمْ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تَسْقِيَنَا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا لَبِثْنَا أَنْ سُقِينَا، قَالَ: فَانْصَرَفَ الْأَسْوَدُ وَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ دَارًا فِي الْحَنَّاطِينَ فَعَلِمْتُهَا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَخَذْتُ دَنَانِيرَ، وَأَتَيْتُ الدَّارَ فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى بَابِ الدَّارِ فَقُلْتُ: أَرَدْتُ رَبَّ هَذِهِ الدَّارِ قَالَ: أَنَا [ص:203]، قُلْتُ: مَمْلُوكٌ لَكَ أَرَدْتُ شِرَاءَهُ، فَقَالَ لِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَمْلُوكًا أُخْرِجُهُمْ إِلَيْكَ، قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ فَقُلْتُ لَهُ: بَقِيَ شَيْءٌ فَقَالَ لِي: غُلَامٌ مَرِيضٌ، فَأَخْرَجَهُ فَإِذَا هُوَ الْأَسْوَدُ فَقُلْتُ: بِعْنِيهِ، فَقَالَ: هُوَ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَعْطَيْتُهُ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَأَخَذْتُ الْمَمْلُوكَ، فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ: يَا مَوْلَايَ أَيُّ شَيْءٍ تَصْنَعُ بِي وَأَنَا مَرِيضٌ؟ فَقُلْتُ لَهُ مَا رَأَيْتُهُ عَشِيَّةَ أَمْسِ قَالَ: فَاتَّكَأَ عَلَى الْحَائِطِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُشَهِّرْ بِي فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، قَالَ: فَخَرَّ مَيِّتًا فَانْحَشَرَ عَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ ". اهـ. [الكرامات للألكائي].

    أما ما ورد عن عطاء السلمي فقد ذكرها الغزالي في إحياء علوم الدين (1/308) بلا إسناد :
    وقال عطاء السلمي:
    منعنا الغيث فخرجنا نستسقي فإذا نحن بسعدون المجنون في المقابر فنظر إلي فقال يا عطاء أهذا يوم النشور أوبعثر ما في القبور فقلت لا ولكنا منعنا الغيث فخرجنا نستسقي فقال يا عطاء بقلوب أرضية أم بقلوب سماوية فقلت بل بقلوب سماوية فقال هيهات يا عطاء قل للمتبهرجين لا تتبهرجوا فإن الناقد بصير ثم رمق السماء بطرفه وقال إلهي وسيدي ومولاي لا تهلك بلادك بذنوب عبادك ولكن بالسر المكنون من أسمائك وما وارت الحجب من آلائك إلا ما سقيتنا ماء غدقاً فراتاً تحيي به العباد وتروي به البلاد يا من هو على كل شيء قدير قال عطاء فما استتم الكلام حتى أرعدت السماء وأبرقت وجادت بمطر كأفواه القرب فولى وهو يقول

    أفلح الزاهدون والعابدونا ... إذ لمولاهم أجاعوا البطونا
    أسهروا الأعين العليلة حباً ... فانقضى ليلهم وهم ساهرونا
    شغلتهم عبادة الله حتى ... حسب الناس أن فيهم جنونا ". اهـ.

    وهناك مرويات أحسن حالًا لابن أبي الدنيا شبيهة بما ذكر آنفًا منها في الأولياء (1/40) و(1/23) و(1/34) والكثير.
    والله أعلم.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما اشتهرا.

    زادكم الله من فضله وإحسانه.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: ياصاحب السر إن السر قد ظهرا فلا أطيق حياة بعدما اشتهرا.

    قصة "مختلقة" جميلة . .
    لفت نظري أن مدار الأمر هو عبد منبوذ في أعين الناس لايؤبه له . .
    هناك قصة نجدية قد أحضرها تدندن حول هذا الأمر . .
    في الحديث الشريف الصحيح أن هناك من عباد الله من أقسم على الله لأبره . . عند ما طلبوا الأرش من الربيع رضي الله عنها التي كسرت ثنية أخرى . .
    . .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •