تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: إلى من يجهله ويطعن فيه وقفات مع الإمام البخاري وصحيحه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي إلى من يجهله ويطعن فيه وقفات مع الإمام البخاري وصحيحه

    إلى من يجهله ويطعن فيه(1) وقفات مع الإمام البخاري وصحيحه

    للكاتب: الشيخ أحمد بن عطية الوكيل






    نشأ محمد بن إسماعيل البخاري يتيمًا، فقد توفي أبوه وهو صغير فتعهدته أمه وأخاه الأكبر أحمد، فلما ذهبت بهما إلى مكة لأداء مناسك الحج، قفلت راجعة مع ابنها الأكبر أحمد، وبقي محمد بمكة يطلب العلم، ويسمع الحديث من شيوخ مكة؛ وكان ذلك سنة عشر ومائتين هجرية، وهو ابن ستة عشر ربيعا.
    (2) أحب البخاري الحديث فاتجه إلى سماعه في باكورة حياته، وكان يقول: ألهمت - أو رزقت - حب الحديث وأنا في الكتاب.
    (3) كان البخاري يختلف إلى مشايخ البصرة وهو غلام صغير، وكان لا يكتب، حتى أتى على ذلك أيام، فلامه بعض المشايخ، لماذا لا تكتب يا غلام! ومازالوا ينهرونه، وهو لا يرد عليهم.
    وبعد ستة عشر يومًا، قال البخاري لهم: قد أكثرتم علي، اعرضوا علي ما كتبتم؟
    فأخرجوا ما كتبوه، فوجدوه زاد على خمسة عشر ألف حديث؛ فقرأها البخاري كلها عن ظهر قلب، حتى جعل المشايخ الكبار يحكمون ويصححون ما كتبوه من حفظ البخاري وهو غلام حدث.
    (4) سمع البخاري الحديث على شيوخ بلده أولا؛ ثم رحل يطلب العلم في بلاد العالم الإسلامي؛ وكان يقول: أخذت الحديث عن أكثر من ألف شيخ، وليس عندي حديث إلا أذكر إسناده.
    (5) روى الخطيب البغدادي في تاريخه، قال: رحل البخاري - رحمه الله - إلى محدثي الأمصار، وكتب بخراسان والجبال ومدن العراق كلها، وبالحجاز والشام ومصر وورد بغداد دفعات.
    (6) قال الحافظ في هدي الساري: قال البخاري: دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين.
    قلت - أبوعمرو أحمد بن عطية الوكيل غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين-: قوله (الجزيرة) معناه بلاد ما بين دجلة والفرات بالعراق، وليس معناه (جزيرة العرب) كما هو متبادر.
    (7) كان أبو الحسن إسماعيل بن إبراهيم والد البخاري - رحمهما الله تعالى - من العلماء ومن أهل الورع والزهد.
    وقد رأى حماد بن زيد وصالح بن المبارك، وسمع مالك بن أنس، وحدث عن أبي معاوية وجماعة.
    حدث عنه أحمد بن حفص، قال: دخلت على إسماعيل بن إبراهيم عند موته، فقال: لا أعلم في جميع مالي درهما من شبهة. راجع طبقات الشافعية الكبرى 2/213.
    قلت - أبوعمرو أحمد بن عطية الوكيل: هكذا ترك والد البخاري له ثروة طيبة حلالا؛ مكنته من الرحلة إلى اﻵفاق لتحصيل علم الحديث، حتى نيف عدد شيوخه على ألف رجل؛ وأفنى عمره في تعليم الناس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سمع منه الحديث عشرات الألوف من الناس. وراجع للمزيد: فقه الإمام الإمام البخاري للدكتور أبي فارس محمد بن عبدالقادر.
    (8) شغل البخاري بالعلم فكان لا يهجع إلا قليلا، قال محمد بن أبي حاتم الوراق: كان البخاري إذا كنت معه في سفر، يجمعنا بيت واحد، إلا في القيظ أحيانا، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة، فيوري نارا ويسرج، ثم يخرج أحاديث، فيعلم عليها، ثم يضع رأسه، وكان يصلي وقت السحر ثلاث عشرة ركعة، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم، فقلت له: إنك تحمل على نفسك كل هذا ولا توقظني! قال: أنت شاب، ولا أحب أن أفسد عليك نومك. انتهى. راجع له طبقات الشافعية الكبرى 2/220.
    قلت: هكذا كان حال البخاري مع ربه يحرص على ثلاثة عشر ركعة كل ليلة وقت السحر.
    وهكذا كان حاله مع وراقه الشفقة والرحمة به، وهكذا كان شغوفا بالعلم حتى وهو في مضجعه يقوم مرارا يقيد ما يجول بخاطره -رحمه الله.
    (9) قال اﻹمام أحمد بن حنبل رحمه الله: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل.راجع ت بغداد 2/21، طبقات الحنابلة 1/277.
    (10) قال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله تعالى: سمعت أبي يقول: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبوزرعة الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وعبدالله بن عبدالرحمن السمرقندي، والحسن بن شجاع البلخي. راجع ت بغداد 2/21.
    11 - كان البخاري آية من آيات الله في حفظ الحديث ، وكان رحمه الله لا يكتب ما حفظه من الحديث في مجلس السماع ولا حتى عندما يرجع إلى بيته، انظر ماذا يقول هو عن نفسه: «رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر»، فقال له أحيد بن أبي جعفر والي بخارى حين سمع قوله هذا: يا أبا عبدالله تكتبه بكماله؟ فسكت - يعني أنه يكتبه بتمامه -
    قلت : فهذه القدرة العجيبة على الحفظ لم تتفق لأحد غيره من الحفاظ الذين عاصروه. والله أعلم .
    (12) قال الذهبي في تذكرة الحفاظ 2/556: قال محمد بن خميرويه: سمعت البخاري يقول: «أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح»، وانظر هدي الساري ص488 .
    ( 13) روى القاضي أبوالحسين ابن الفراء في كتابه (طبقات الحنابلة) (21/276) بسنده إلى حاشد بن إسماعيل ، قال: سمعت محمد ابن إسماعيل البخاري، يقول: «صنفت كتابي الصحيح لست عشرة سنة، وخرَّجته من ستمائة ألف حديث، وجعلته حجة بيني وبين الله».
    (14) قال محمد بن أبي حاتم وراق البخاري: سمعت البخاري يقول وسئل عن حديث: «يا أبا فلان ، تراني أدلس! تركت أنا عشرة آلاف حديث لرجل فيه نظر، وتركت مثلها أو أكثر منها لغيره لي فيه نظر» . راجع له هدي الساري.
    قلت: أولا البخاري يحفظ حديث الراوي المتكلم فيه كله، حتى يعرفه، ويتقيه في روايته، ويميزه عن الصحيح، وينبه على ضعفه حين يرويه غيره. يعني الحديث عنده ولا يرويه لما ذكرت. مثلا عنده حديث ابن لهيعة ولا يرويه.
    ثانيا البخاري له منهجه الخاص في إطلاق كلمات التجريح في الرواة المتكلم فيهم ؛ فإن قال في الراوي مثلا «فيه نظر» فمعناه جرح شديد له ، كما تقدم هنا ترك حديثه كله وتجنب روايته، وقد التزم ذلك المنهج مع آلاف الرواة الذين تكلم فيهم ، حتى قال عن نفسه: وددت أني ألقى الله تعالى ، ولم يسألني أني اغتبت أحدا .
    (15) قال البخاري: «لقيت أكثر من ألف رجل من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر وخراسان، فما رأيت واحدا منهم يختلف في هذه الأشياء: إن الدين قول وعمل، وإن القرآن كلام الله»، راجع له طبقات الشافعية 2/217.
    قلت : فالبخاري يشير إلى صحة اعتقاد مشايخه الذين روى عنهم العلم .

    (16) لا يترفع البخاري أن يلتمس العلم عند الصغير فقد قال: «لا يكون المحدث كاملا حتى يكتب عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه».
    قلت: وهو دأب الأئمة قبله ، فقد قال وكيع ابن الجراح: «لا يكون الرجل عالما حتى يحدث عمن فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه؛ إذاً فالمشيخة لا تقاس بالأعمار، لكن بالعدالة ويدخل فيها صحة المعتقد، والضبط ويدخل فيه صحة الرواية، ولتكن سن الشيخ بعد ذلك ما تكون .

    (17) قال البخاري رحمه الله: «لو قيل لي: تمنَ، لما قمت حتى أروي عشرة آلاف حديث في الصلاة خاصة»،
    قلت: هكذا كان حفظه في باب واحد من أبواب العلم.
    وقال وراقه محمد بن أبي حاتم : سمعته يقول: «ما نمت البارحة حتى عددت كم أدخلت في تصانيفي من الحديث، فإذا هو نحو مائتي ألف حديث».
    قلت : هكذا كان نومه وهمه وانشغاله .
    (18) قال البخاري: قال لنا رجل: سمعت إسحق بن راهويه يقول: «كأني أنظر إلى سبعين ألف حديث من كتابي»، فقلت له: «أو تعجب من هذا القول؟ لعل في هذا الزمان من ينظر إلى مائتي ألف حديث من كتابه».
    فقال الراوي عن البخاري: وإنما عنى نفسه.
    قلت: انظر كيف كان علماء الحديث - عليهم رحمة الله - متمكنين من حفظهم على أن ما حفظوه دونوه أيضا في كتبهم .
    (19) حدث البخاري عن نفسه، فقال: «ذاكرني أصحاب عمرو بن علي الفلاس بحديث، فقلت: لا أعرفه. فسروا بذلك، وصاروا إلى عمرو بن علي، فقالوا له: ذاكرنا محمد بن إسماعيل بحديث فلم يعرفه، فقال عمرو بن علي: حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل فليس بحديث»،
    قلت: هكذا شهد للبخاري شيوخه بتمام المعرفة في الحديث .

    ( 20 ) يقول حاشد بن إسماعيل: «رأيت إسحق بن راهويه جالسا على المنبر - يعني منبر التحديث - والبخاري جالس معه، وإسحق يحدث، فمر بحديث، فأنكره محمد - يعني البخاري - فرجع إسحق إلى قوله، وقال: يا معشر أصحاب الحديث، انظروا إلى هذا الشاب، واكتبوا عنه، فإنه لو كان في زمان الحسن بن أبي الحسن البصري لاحتاج إليه، لمعرفته بالحديث وفقهه.
    قلت: وإسحق بن راهويه أحد أئمة المسلمين ومن شيوخ البخاري .




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: إلى من يجهله ويطعن فيه وقفات مع الإمام البخاري وصحيحه

    إلى من يجهله ويطعن فيه(2) وقفات مع الإمام البخاري وصحيحه

    للكاتب: الشيخ أحمد بن عطية الوكيل




    سئل الدارمي عن حديث، وقيل له: إن البخاري صححه، فقال: «محمد بن إسماعيل أبصر مني، وهو أكيس خلق الله، عقل عن الله ما أمر به ونهى عنه من كتابه وعلى لسان نبيه، إذا قرأ البخاري القرآن: شغل قلبه وسمعه وبصره ، وتفكر في أمثاله ، وعرف حلاله من حرامه».

    قلت : الدارمي - رحمه الله - من شيوخ البخاري . وقد مات قبله . ولما جاء نعي الدارمي للبخاري، وهو في المسجد؛ بكى وأنشد:
    إن عشت تفجع بالأحبة كلهم
    وفناء نفسك لا أبا لك أفجع.
    (22) قال فتح بن نوح النيسابوري: «أتيت علي بن المديني ، فرأيت محمد بن إسماعيل جالسا عن يمينه، وكان إذا حدث التفت إليه مهابة له»،
    قلت: علي بن المديني شيخه، فمن شدة وثوقهم في حفظ البخاري، فكان مشايخه يهابونه .

    (23) شيوخ البخاري يطلبون منه النظر في كتبهم وتصحيح ما فيها من خطأ في الأحاديث.
    يقول موسى بن قريش: قال عبدالله بن يوسف للبخاري: «يا أبا عبدالله انظر في كتبي، وأخبرني بما فيها من السقط، فقال: نعم - يعني أنه أجابه إلى ما طلبه».
    قلت: وعبدالله بن يوسف هو التنيسي أصله من دمشق ونزل تنيس بصعيد مصر وهو أحد شيوخ البخاري الذين يروي من طريقهم أحاديث مالك في الموطأ.

    (24) يقول البخاري: «قال لي ابن أبي أويس: انظر في كتبي، وجميع ما أملك، وأنا شاكر لك أبدا ما دمت حيا»، وقال محمد بن أبي حاتم وراق البخاري: سمعته يقول: «كان إسماعيل ابن أبي أويس إذا انتخبت من كتابه، نسخ تلك الأحاديث - التي انتقيتها - وقال: هذه الأحاديث انتخبها محمد بن إسماعيل من حديثي».
    قلت: إسماعيل بن أبي أويس شيخ البخاري، روى عنه عن الليث، وعنه عن مالك؛ وهكذا يفتخر شيوخ البخاري بأنه انتقى من كتبهم أحاديث؛ وذلك لثقتهم العالية في تمام معرفته وحفظه للحديث .

    (25) شيوخ البخاري يسألونه عن أخطاء الرواة. يحدث البخاري - رحمه الله - عن نفسه، فيقول: «كنت إذا دخلت على سليمان بن حرب، يقول: بين لنا غلط شعبة».
    ( 26 ) قال البخاري: «لم تكن كتابتي للحديث كما كتب هؤلاء، كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه، وكنيته، ونسبته، وأحمل الحديث إن كان الرجل فهما ، فإن لم يكن - يعني فهما - سألته أن يخرج إلي أصله، فنسخته؛ أما الآخرون فلا يبالون بما يكتبون(ارجع إلى ترجمته في ت بغداد».
    قلت: إذاً لم يكن طلب البخاري لعلم الحديث كطلب غيره من المحدثين، فهو يستوثق لرواية الحديث بالتأكد من بطاقة هوية الشيخ، ومعرفة أحواله، والتثبت من صحة نقله، وفهمه لما يروي وإلا اطلع بنفسه على كتاب شيخه.
    (27) قال أبوبكر الكلواذاني: «ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل، كان يأخذ الكتاب من العلم ، فيطلع عليه اطلاعة، فيحفظ أطراف حديثه من مرة واحدة»، قلت: هكذا بلغ من قدرة البخاري الفائقة على الحفظ اللحظي - يعني من أول لحظة - وما أظن ذلك إلا لصفاء ذهنه، وعدم إنشغال باله، وفراع قلبه من أمور الدنيا، وشدة تعلقه وشوقه وحبه للحديث؛ وعلو همته، وانعقاد عزمه لتلقي الحديث وتبليغه إلينا صافيا رائقا.
    ويدل عليه قول الحسين بن حريث : «لا أعلم أني رأيت مثل محمد بن إسماعيل، وكأنه لم يخلق إلا للحديث»!
    (28) لما كانت قدرة البخاري على الحفظ تبهر الناس وتدهشهم فتوهموا أنه يشرب علاجا خاصا لتمكينه من الحفظ بهذه الظاهرة الفذة.
    قال محمد بن أبي حاتم وراق البخاري: «بلغني أن البخاري يشرب البلاذر لأجل الحفظ . فقلت له مرة في خلوة: هل من دواء للحفظ؟ فقال: لا أعلم شيئا أنفع للحفظ من نهمة الرجل ومداومة النظر».
    (29) انظر كيف كان البخاري - وهو شاب - عند أهل زمانه؟!
    حكى يوسف بن موسى المروزي، فقال: كنت في البصرة في جامعها؛ إذ سمعت مناديا ينادي: يا أهل العلم لقد قدم محمد بن إسماعيل البخاري، فقاموا إليه، وكنت معهم، فرأيناه رجلا شابا، ليس في لحيته بياض، فصلى خلف الأسطوانة، فلما فرغ أحدقوا به، وسألوه أن يعقد مجلس الإملاء، فأجاب بأنه يجلس غدا في موضع كذا.
    فلما كان الغد حضر: المحدثون، والحفاظ، والفقهاء، والنظارة، حتى اجتمع قريب من كذا كذا ألف نفس؛ فجلس أبوعبدالله - يعني البخاري - للإملاء، فقال قبل أن يأخذ في الإملاء: يا أهل البصرة أنا شاب، وقد سألتموني أن أحدثكم، وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدونها - يعني يحدثهم بأحاديث بلدهم وليست عندهم فتكون فائدة لهم لم يكونوا يعرفونها من قبل -.
    قال: فتعجب الناس من قوله، فأخذ في الإملاء، فقال: حدثنا عبدالله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد العتكي ببلدكم، قال: حدثني أبي، عن شعبة، عن منصور وغيره، عن سالم بن أبي الجعد، عن أنس بن مالك: أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم... الحديث.
    ثم قال : هذا ليس عندكم عن منصور؛ إنما هو عندكم عن غير منصور.
    قال يوسف بن موسى: فأملى عليهم مجلسا من هذا النسق، يقول في كل حديث: روى فلان هذا الحديث عندكم كذا، فأما من رواية فلان - يعني التي يسوقها - فليست عندكم . انتهى .
    (30) كان البخاري - رحمه الله - يذكر كيف كان استقبال البصريون له..
    قال حمدويه بن الخطاب: «لما قدم البخاري قدمته الأخيرة من العراق، وتلقاه من تلقاه من الناس، وازدحموا عليه ، وبالغوا في بره؛ قيل له في ذلك، فقال: كيف رأيتم يوم دخولنا البصرة ؟
    قلت: يشير للقصة التي حكاها يوسف بن موسى ونشرتها برقم ( 29).

    (31) انظر كيف كان حجم استقبال البخاري في مدينة نيسابور؟!
    قال محمد بن يعقوب الأخرم - سمي محمد بن يعقوب الأصم وكلاهما من شيوخ الحاكم أبي عبدالله -: «سمعت أصحابنا يقولون: لما قدم البخاري نيسابور استقبله أربعة آلاف رجل على الخيل، سوى من ركب بغلا أو حمارا، وسوى الرجالة».
    قلت: زمان كان الناس يعرفون قدر العلم وأهله. فيا حسرة على ما نراه في زماننا ، يهان فيه العلماء هكذا!!
    (32) قال مسلم بن الحجاج - صاحب الصحيح - : «لما قدم محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور ، ما رأيت واليا ولا عالما فعل به أهل نيسابور ما فعلوا بالبخاري، استقبلوه من مرحلتين من البلد أو ثلاث ».
    قلت: كانوا يعرفون للعلماء قدرهم فكيف بإمامهم البخاري!

    (33) شهادة العلماء للبخاري بالفقه، روى الخطيب البغدادي في تاريخه 2/16 بسنده إلى حاشد بن إسماعيل، قال: «كنت بالبصرة فسمعت قدوم محمد بن إسماعيل، فلما قدم قال محمد بن سيار: دخل اليوم سيد الفقهاء».
    راجع هدي الساري ص486؛ تهذيب الأسماء واللغات 1/68.
    (34) شهادة العلماء للبخاري بالفقه، قال قتيبة ابن سعيد - وهو من شيوخ البخاري -: «جالست الفقهاء والزهاد والعباد فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل؛ وهو في زمانه كعمر في الصحابة، وقال أيضا : لو كان محمد بن إسماعيل في الصحابة لكان آية»! .
    راجع مقدمة فتح الباري ص483 .
    (35) شهادة العلماء للبخاري بالفقه، أسند الخطيب البغدادي في تاريخه 2/22، عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: «محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة»، قلت: يعقوب الدورقي أحد شيوخ البخاري، وانظر طبقات الشافعية الكبرى 2/223.
    (36) شهادة العلماء للبخاري بالفقه، روى الخطيب في تاريخه 2/22 بسنده إلى موسى ابن هارون الحمال ببغداد: «لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن ينصبوا مثل محمد بن إسماعيل آخر ما قدروا عليه».
    (37) شهادة العلماء للبخاري بالفقه، قال محمد ابن بشار بندار عن البخاري: «هو أفقه خلق الله».
    قلت: وبندار شيخه .ر : هدي الساري ص483.
    (38) شهادة العلماء للبخاري بالفقه، قال أحمد بن إسحق السرماري : «من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه وصدقه فلينظر إلى محمد بن إسماعيل»: هدي الساري ص485 .
    (39) شهادة العلماء للبخاري بالفقه، قال علي بن حجر: «أخرجت خراسان ثلاثة: فبدأ بالبخاري، وقال: هو أبصرهم وأعلمهم بالحديث وأفقههم . وقال : ولا أعلم أحدا مثله».
    هدي الساري ص485، تهذيب الأسماء واللغات 1/69 .
    (40) شهادة العلماء للبخاري بالفقه والإمامة، قال الحافظ في هدي الساري ص485: قال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعت يحيى بن جعفر البيكندي، يقول: لو قدرت أن أزيد من عمري في عمر محمد بن إسماعيل لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموت محمد بن إسماعيل فيه ذهاب العلم.

    قال أيضا : سمعته - يعني يحيى بن جعفر البيكندي - يقول له: لولا أنت ما استطعت العيش ببخارى. وقال عبدالله بن محمد المسندي: محمد بن إسماعيل إمام، فمن لم يجعله إماما فاتهمه. وقال أيضا - يعني المسندي -: حفاظ زماننا ثلاثة : وبدأ بالبخاري .


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: إلى من يجهله ويطعن فيه وقفات مع الإمام البخاري وصحيحه

    إلى من يجهله ويطعن فيه(3) وقفات مع الإمام البخاري وصحيحه

    للكاتب: الشيخ أحمد بن عطية الوكيل



    قال سليم بن مجاهد: «ما رأيت منذ ستين سنة أحدا أفقه ولا أورع من محمد بن إسماعيل». : هدي الساري ص486، طبقات الشافعية الكبرى 2/227 .
    ( 42 ) قال حاشد بن إسماعيل : قال لي أبومصعب أحمد بن أبي بكر الزهري: محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر بالحديث من أحمد بن حنبل، فقال له رجل من جلسائه: جاوزت الحد، فقال أبومصعب: لو أدركت مالكا ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن إسماعيل لقلت كلاهما واحدا في الحديث والفقه».
    قال الحافظ في هدي الساري ص483: عبر بقوله: «لو نظرت إلى وجهه» عن التأمل في معارفه.
    وراجع : ت بغداد 2/19 .
    (43) ذكر السبكي في طبقات الشافعية الكبرى 2/223، أنه لما مات أحمد بن حرب النيسابوري، ركب محمد بن إسماعيل البخاري وإسحق بن راهويه يشيعان جنازته؛ فأخذ أهل المعرفة بنيسابور ينظرون إليهما، ويقولون: محمد بن إسماعيل البخاري أفقه من إسحق بن راهويه .
    قلت: وقد عده بعض من عاصره فيما نشر برقم (42) أنه أفقه من شيخه أحمد بن حنبل . وإسحق بن راهويه من شيوخ البخاري؛ فهكذا رأيت أن البخاري إن لم يكن أفقه من شيوخه فهو في مصافهم على الأقل في الفقه . والله أعلم. : هدي الساري ص385 .
    (44) قال يوسف بن محمد الهمداني: «سئل قتيبة عن طلاق السكران، فدخل حينئذ محمد بن إسماعيل، فقال قتيبة للسائل: هذا أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وعلي بن المديني، قد ساقهم الله إليك، وأشار إلى البخاري، وقال اسأله»، قلت: قتيبة هو ابن سعيد بن طريف ، أبورجاء البغلاني، من كبار الحفاظ وأحد شيوخ: البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي، دون ابن ماجه فقد روى عنه بواسطة.
    وهكذا عد قتيبة تلميذه البخاري مميزا في الفقه إلى درجة أنه يعدل ثلاثة من الفحول الذين سماهم وهم من طبقة مشايخ البخاري!
    (45) يحدث البخاري عن نفسه، فيقول: «كنت عند إسحق بن راهويه، فسئل عمن طلق ناسيا، فسكت طويلا، مفكرا ؛ فقلت أنا : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل به، أو تكلم»، وإنما يراد مباشرة هؤلاء الثلاثة : العمل والقلب ، أو الكلام والقلب، فقال إسحق بن راهويه: قويتني قواك الله. وأفتى به .
    (46) خرج البخاريُّ يومًا يتدربُ على الرِّمَاية ، فرمَى بسَهْمٍ مرَّةً فأصابَ سهمُهُ وَتَدَ قنطرةٍ على نَهَرٍ مملُوكَةٍ لرجلٍ فشقَّها؛ فلم يُتِمّ تدريبَهُ ونزل عن دابَّتِهِ ونزعَ السهمَ مِن الوَتَد، وعاد لِتَوِّهِ مِن الرَّمْي مهمومًا مغمومًا؛ لأنه أفسدَ ذلك الوتد، وقال لورَّاقِهِ محمد بنِ أبي حاتم : يا أبا جعفر لِي إليكَ حاجة وهو يتنفس الصَّعَدَاء ، فقلتُ : ما هي؟ قال: تذهب إلى صاحبِ القنطرة، فتقول: إنا أخلَلْنَا بالوتد فنُحِبُّ أنْ تأذنَ لنا في إقامة وتدًا بَدَلَهُ، أو تأخُذ ثمنَهُ، وتجعلنا في حلٍّ ممَّا كان مِنَّا،
    وكان صاحبُ القنطرة هو: حميد بنُ الأخضر، فقال لابن أبي حاتم الورَّاق: أبلغ أبا عبدالله مِنِّي السلامَ، وقُل له: أنت في حلٍّ مِمَّا كان منك، فإن جميعَ مُلْكِي لك فِداء.
    يقولُ ابنُ أبي حاتم: فلمَّا أبلغتُ البخاريَّ بجواب الرجل، تَهَلَّلَ وَجْهُهُ، وأظهرَ سُرُورًا كثيرًا، وقرأ ذلك اليوم للمحدثين الغُرَبَاء خمسمائة حديث، وتصدَّق بثلاثمائة درهم. راجع هدي الساري / ص480 .
    (47) قال محمد بنُ أبي حاتم الوراق: كان البخاريُّ يركب إلى الرَّمْي كثيرًا؛ فَمَا أعلمُ أَنِّي رَأَيْتُهُ فِي طول مَا صَحِبتُهُ أَخطَأ سَهْمُه الهَدَفَ إِلَّا مرَّتَيْنِ، بل كَانَ يُصِيبُ فِي كل ذَلِك ولا يسْبق. : هدي الساري / ص480 .
    (48) قال محمد بنُ أبي حاتم الوراق: سمعتُ البخاريَّ يَقُول لأبي معشر الضَّرِي: اجْعَلنِي فِي حِلٍّ يا أَبا مِعْشر، فقالَ: مِن أَي شَيْء؟ فقالَ البخاريُّ: رويتُ حَدِيثًا يومًا فَنَظَرتُ إِلَيْك وَقد أُعْجِبْتَ بِهِ وَأَنت تُحَرّكُ رَأسَك ويديك، فتبسمْتُ مِن ذلك. قالَ: أَنْت في حِلٍّ، يَرْحَمك الله يا أبا عبدالله.
    قلتُ: «أبوعمرو أحمد بن عطية الوكيل - غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين-»: أبومعشر هو حمدُويه بنُ الخطَّاب بنِ إبراهيم البخاريُّ الضريرُ. الحافظ الثقة. مستملي أبي عبدالله البخاري. سمع محمد بنَ سلام البيكندي وغيره. روى عنه: أبوبكر محمد بنُ أحمد بنِ حامد السعدانيُّ وأهلُ بخارى. ترجمته في تذكرة الحفاظ 2/674 رقم 694.
    وفي طبقته أيضًا أبومعشر الضرير (آخر): هو الفضل بنُ أحمد بنِ يعقوب بنِ أشرس، الضبيُّ النسفيُّ. من أصحاب البخاريّ أيضًا. روى عنهُ: عبدالمؤمن بنُ خَلَف وجماعة. ترجمته في تاريخ الإسلام 7/122.
    واخترنا الأول لكونه بلديه ومستمليه. والله أعلم . رَ : هدي الساري / ص480.
    (49) قال محمد بنُ أبي حاتم الوراق: سمعتُ البخاريَّ يَقُول: دَعَوْتُ رَبِّي مرَّتَيْنِ فَاسْتَجَاب لي- يَعْنِي فِي الْحَال- فَلَنْ أحب أَن أَدْعُو بعد.
    قلتُ: انظر إلى فضل الله عليه. ومع ذلك لم يستكثر منه . هدي الساري / ص480.
    (50) قال محمد بنُ أبي حاتم الوراق: سمعتُ البخاريَّ يَقُول: لا يكونُ لِي خصمٌ في الآخرةِ. فَقلتُ: إنَّ بعضَ النَّاس ينقِمُون عليك التاريخ، يقُولُونَ فِيهِ اغتياب الناس! فقالَ: إِنَّمَا روينَا ذَلِك رِوَايَة، ولم نَقُلْهُ مِن عند أنفُسِنَا، وقد قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : بئس أَخُو الْعَشِيرَة.
    قلت : عفة لسان البخاري . وتصونه عن غيبة الناس حتى في المسائل العلمية . وانظر لاستدلاله بحديث النبي صلى الله عليه وسلم .. هدي الساري / ص480 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •