تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: المفاضلة بين مكة والمدينة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي المفاضلة بين مكة والمدينة

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: أجمع العلماء: أن خير بقاع الأرض مكة والمدينة.
    واختلفوا: في تعيين الأفضل منهما، والأحب إلى الله تعالى، على قولين[1]، والراجح: أن مكة خير بقاع الأرض وأفضلها وأحبها إلى الله تعالى، وهو قول الجمهور من الحنفية[2]، والشافعية[3]، والحنابلة (في أصح الروايتين عن أحمد)[4]، وجمْعٌ من المالكية (منهم: ابن وهب، ومطرف، وابن حبيب، وابن عبد البر)[5]، وابن حزم الظاهري[6].
    الأدلة:
    1- ما جاء عن عبد اللَّهِ بن عَدِيِّ - رضي الله عنه - قال: رأيت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاقِفًا على الْحَزْوَرَةِ[7]، فقال: (والله إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، وَلَوْلاَ أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ؛ ما خَرَجْتُ)[8].
    وجه الدلالة: إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مكة خير أرض الله عامة، وأحبها إلى الله تعالى، وأكد ذلك بالقَسَم ثم أعقبه بحرف التوكيد (إنَّ)، ثم اللام الواقعة في جواب القَسَم[9].
    2- عن ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَكَّةَ[10]: (مَا أَطْيَبَكِ من بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إليَّ! وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ؛ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ)[11].
    3- عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَرَجَ من مكَّةَ إلى الغَارِ - أُراهُ قال: الْتَفَتَ إلى مَكَّةَ - فقال: (أَنْتِ أَحَبُّ بِلاَدِ اللهِ إلى اللهِ، وأَنْتِ أَحَبُّ بِلاَدِ اللهِ إليَّ، فَلَوْ أَنَّ المُشْرِكينَ لَمْ يُخْرِجُوني لَمْ أَخْرُجْ مِنْكِ)[12].
    4- عن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ أَحَبَّ البِلاَدِ إلى اللهِ البَلَدُ الحَرَامُ)[13].
    وجه الدلالة: إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ مكة أحبُّ البلاد إلى الله تعالى، وإليه - صلى الله عليه وسلم، وإذا كانت مكَّةُ أحب البلاد إلى الله تعالى وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم، فهي بلا شك أفضل البلاد وأعظمها، وتتقدَّمُها جميعاً بما فيها مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وقد بَيَّن - صلى الله عليه وسلم - عِلَّةَ خروجه منها، أنَّ قومه هم مَنْ أخرجوه، ولولا ذلك لَمَا غادرها إلى غيرها.
    5- ما جاء عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الْوَدَاعِ:(ألاَ ، أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟). قالوا: ألاَ شَهْرُنَا هذا، قال:(ألاَ، أَيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟). قالوا: ألا بَلَدُنَا هذا، قال:(ألاَ، أَيُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟). قالوا: ألاَ يَوْمُنَا هذا، قال:(فإن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قد حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ إلاَّ بِحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، ألاَ هَلْ بَلَّغْتُ). ثَلاَثًا، كُلُّ ذلك يُجِيبُونَهُ، ألاَ، نَعَمْ[14].
    وجه الدلالة: انتزع النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الإقرار من الناس بأن مكة أعظم البلاد حُرمة، وصدَّقهم في ذلك ثم أشهدَهم.
    قال ابن حزم - رحمه الله: (فَصَحَّ بِالنَّصِّ وَالإِجْمَاعِ أَنَّ مَكَّةَ أَعْظَمُ حُرْمَةً من الْمَدِينَةِ، وإذا كانت أَعْظَمَ حُرْمَةً من الْمَدِينَةِ فَهِيَ أَفْضَلُ بِلاَ شَكٍّ؛ لأن أَعْظَمَ الْحُرْمَةِ لاَ يَكُونُ إلاَّ لِلأَفْضَلِ)[15].
    6- ما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ- رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: (صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ؛ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلاةٌ فِي ذَاكَ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلاةٍ فِي هَذَا)؛ يَعْنِي: فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ[16].
    وجه الدلالة: ثبت بالنص أنَّ الصلاةَ في المسجد الحرام أفضلُ من مائةِ صلاةٍ في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم، ومائةِ ألفِ صلاةٍ فيما سواه.
    قال النووي - رحمه الله: (ولأن مسجدها - أي: مكة - أفضل المساجد، فدل على أنها أفضل البلاد)[17].
    وفي مجموع هذه الأحاديث دلالة واضحة على أن مكة أفضل من المدينة، وهو قول الجمهور، خلافاً للإمام مالك - رحمه الله [18].
    أوجه تفضيل مكة على المدينة:
    ذكر العز بن عبد السلام - رحمه الله - اثني عشر وجهاً في تفضيل مكة على المدينة، وممَّا قاله: (إن قيل: قد ذهب مالك - رحمه الله - إلى تفضيل المدينة على مكة، فما الدليل على تفضيل مكة عليها؟ قلنا: من ذلك أن الله يجود على عباده في مكة بما لا يجود بمثله في المدينة، وذلك من وجوه:
    أحدها: وجوب قصدها للحج والعمرة، وهذان واجبان لا يقع مثلهما في المدينة...
    الوجه الثاني: إنْ فُضِّلت المدينة بإقامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد النبوة، كانت مكة أفضل منها؛ لأنه أقام بها بعد النبوة ثلاث عشرة سنة أو خمس عشرة سنة، وأقام بالمدينة عشراً.
    الوجه الثالث: إن فُضِّلت المدينة بكثرة الطارقين من عباد الله الصالحين، فمكة أفضل منها بكثرة مَنْ طَرَقَها من الصالحين والأنبياء والمرسلين، وما من نبيٍّ إلاَّ حجها؛ آدم ومَنْ دونه من الأنبياء والأولياء...
    الوجه الرابع: أن التقبيل والاستلام ضرب من الاحترام، وهما مختصان بالركنين اليمانيين، ولم يوجد مثل ذلك في مسجد المدينة، على ساكنها أفضل السلام.
    الوجه الخامس: أن الله أوجب علينا استقبالها في الصلاة حيثما كنا من البلاد والفلوات...)[19].
    ثُمَّ، إذا كانت المدينة شَرُفت بأنْ نُسِبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فسمِّيت مدينة رسول الله، فلا شرفَ ولا فخرَ ولا مكانةَ تُداني أو تُقارب مَنْ نُسِبت إلى الله سبحانه تعالى، بأن كانت بلد الله الحرام.
    وإذا كانت المدينة قد شَرُفت بأنْ ضَمَّت مسجداً ينتسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وهو المسجد النبوي، فأيُّ شرفٍ وأيُّ فخرٍ وأيُّ مكانةٍ تُداني بلداً ضَمَّ بين جنباته بيتاً نُسِب إلى الله سبحانه وتعالى، وهو بيت الله الحرام!
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــ
    [1] انظر: فضائل مكة المكرمة، د. عبد الله بن محمد نوري (ص99-100).
    [2] انظر: حاشية ابن عابدين، (2/ 626).
    [3] انظر: المجموع، (7/ 388-389).
    [4] انظر: الفروع، (3/ 362)؛ الإنصاف، (3/ 368).
    [5] انظر: التمهيد، (6/ 18)؛ شرح الزرقاني على الموطأ، (2/ 7).
    [6] انظر: المحلى، (7/ 288).
    [7] الْحَزْوَرَةِ: هي الرابية الصغيرة، وجَمْعُها حزاور، وكانت الحزورة سوق مكة القديم، كان بفناء دار أم هانئ بنت أبي طالب التي عند الخياطين، فدخلت في المسجد لَمَّا زيد فيه.
    انظر: أخبار مكة، للأزرقي (2/ 294)؛ أخبار مكة، للفاكهي (4/ 206)؛ معجم ما استعجم، للبكري (1/ 444)؛ النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 38). وقال تقي الدين الفاسي في (شفاء الغرام)، (1/ 122): (الحَزْوَرَة على وزن قَسْوَرَة، وهي في أسفل السوق المذكورة عند منارة المسجد الحرام التي تلي أجياد). وقال عاتق البلادي في (أودية مكة)، (ص105): (ظَهَر لي أن الحزورة: هي ما يعرف اليوم بسوق القشاشية، وهي الرابية التي تقابل منتصف المسعى من الشرق وفيها بيت خديجة أم المؤمنين - رضي الله عنها، ومولد فاطمة - رضي الله عنها).
    [8] رواه ابن أبي شيبة في (مسنده)، (2/ 193)، (ح678)؛ وأحمد في (المسند)، (4/ 305)، (ح18737)؛ وعبد بن حميد في (مسنده)، (1/ 177)، (ح491)؛ والدارمي في (سننه)، (2/ 311)، (ح2510)؛ وابن ماجه (2/ 1037)، (ح3108)؛ والترمذي، (5/ 722)، (ح3925) وقال :(حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ). والحاكم في (المستدرك)، (3/ 8)، (ح4270) وقال: (صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي. وصححه ابن حجر في (فتح الباري)، (3/ 67). والألباني في (صحيح سنن الترمذي)، (3/ 590)، (ح3925).
    [9] انظر: التمهيد، 6/ 34).
    [10] أي: خطاباً لها حين وداعها، وذلك يوم فتح مكة. انظر: مرقاة المفاتيح، (5/ 611).
    [11] رواه الترمذي، (5/ 723)، (ح3926)؛ وابن حبان في (صحيحه)، (9/ 23)، (ح3709)؛ والطبراني في (الكبير)، (10/ 267)، (ح10624)؛ والحاكم في (المستدرك)، (1/ 661)، (ح1787) وقال: (صحيح الإسناد، ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي؛ والبيهقي في (شعب الإيمان)، (3/ 444)، (ح4013). وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي)، (3/ 590)، (ح3926).
    [12] رواه الطبري في (تفسيره)، (26/ 48)؛ وابن كثير في (تفسيره)، (4/ 176)؛ وأبو يعلى في (مسنده الكبير) كما في (المطالب العالية - النسخة المسندة)، (15/ 221)، (رقم3716)؛ ورجال إسناده ثقات غير أن حَنَش لا يُعرف مَنْ هو، ولعله يكون حنش بن المعتمر، وقد اختُلِفَ في توثيقه، ولا يُحتجُّ به إلاَّ في المتابعات والشواهد، والحديث صححه القرطبي في (تفسيره)، (16/ 235).
    [13] رواه ابن أبي خيثمة في (التاريخ الكبير: قسم أخبار المكيين)، (ص125)، (رقم28). وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات. انظر: فضائل مكة الواردة في السنة، (1/ 236)، (رقم95).
    [14] رواه البخاري، (6/ 2490)، (ح6403).
    [15] المحلى، (7/ 288).
    [16] رواه أحمد في (المسند)، (4/ 5)، (ح16162)؛ وابن حبان في (صحيحه)، واللفظ له، (4/ 499)، (ح1620)؛ وصححه الألباني في (صحيح موارد الظمآن)، (1/ 429)، (ح856).
    [17] المجموع، (3/ 358).
    [18] انظر: مرقاة المفاتيح، (5/ 612).
    [19] قواعد الأحكام في مصالح الأنام، (1/ 39-40).

    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/web/m.aldosar...#ixzz5bN1Gz5Nd
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: المفاضلة بين مكة والمدينة

    بارك الله فيكم، سؤال: هل المهاجرين استوطنوا المدينة بعد فتح مكة؟
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: المفاضلة بين مكة والمدينة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم، سؤال: هل المهاجرين استوطنوا المدينة بعد فتح مكة؟
    نعم استوطنوها.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    439

    افتراضي رد: المفاضلة بين مكة والمدينة

    جزاك الله خيرا , و لعل من أدلة تفضيل المدينة على مكة عند الإمام مالك هو وجود قطعة من الجنة بالمدينة , دل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) . والله أعلم .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: المفاضلة بين مكة والمدينة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صالح محمود مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا , و لعل من أدلة تفضيل المدينة على مكة عند الإمام مالك هو وجود قطعة من الجنة بالمدينة , دل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) . والله أعلم .
    أحسنت، بارك الله فيك.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: المفاضلة بين مكة والمدينة

    وكذلك اجر الصلاة في الموطنيين ....وتفاضل الاجر بينهم ....
    وبداية عروج النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام ...
    تحديد الاماكن لاداء المناسك ...

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2014
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    1,338

    افتراضي رد: المفاضلة بين مكة والمدينة

    السلام عليكم
    وعندما نتحدث نقول:مكة والمدينة ،فنقدم مكة على المدينة بالأهمية والفضل والشرف والزمن لأنها أقدم إسلاميا من المدينة .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •