إنّ الله جل وعلا بعث المرسلين جميعا وأرسل الأنبياء لعبادة الله وحده لا شريك له، وخلق السموات والأرض وخلق الأفلاك وخلق كل شيء ولم يأذن بعبادة أحد سواه، ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾[مريم:93]، وقال جل وعلا ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾، فمن نظر إلى دلائل توحيد الله جل وعلا في الآفاق وفي الأنفس تيقّن أن هذا الملكوت له مدبر واحد، وله خالق واحد، وله متصرف واحد، وهو الله جل جلاله ولا بد من ذلك، وهذه الضرورية التي لا يحتاج معها المرء إلى برهان مفصل؛ لأنه يُحِسُّها في نفسه ويحسها في ما حوله لا بد أن تقوده إلى أن هذا الذي خلق وحده، وأن هذا الذي تصرف في الملكوت وحده أنه هو الذي يجب أن يذل له وأن يخضع له وأن يعبد وحده دون ما سواه، ولهذا كان من براهين توحيد الإلهية توحيد الربوبية، فدلائل توحيد الله جل وعلا في ربوبيته في الآفاق كلُّ دليل منها يصلح أن يكون دليلا على استحقاق الله جل وعلا العبادة وحده لا شريك له؛ لأنه جل وعلا هو الواحد في خلقه في رَزقه وفي ربوبيته، فكذلك يجب أن يوحد في إلهيته سبحانه وأن يعبد ويفرد بالعبادة، لهذا قال جل وعلا