خذي زينتك واحذري الرسائل!



تهاني الشروني





أشاهد ذلك كلما مررت في أحد الشوارع سواء كان هذا الشارع في مدينة من مدن العاصمة أو شارع صغير في حي أو حارة بسيطة، وقلما قلبت عيني بين القنوات الإعلامية أو الواجهات الإعلانية، ولكن الأمر أصبح لا يحتاج إلى مرور أو تقليب فقد وصل إلى حد الظاهرة الملفتة حقًا.. ظاهرة ارتفعت وطفت على سطح كثير من المجتمعات المسلمة، إنها صورة الفتيات والنساء السافرات والمحجبات.. وأصبح السؤال الملح هو: "لماذا تحرص المرأة على إبداء زينتها خارج منزلها، وتحرص على هذا كل الحرص؟"، فان كانت سافرة فهي تصر على أن تظهر زينتها في كل موضع من مواضع جسدها، وإن كانت محجبة فالأمر على درجات، فإذا كان الحجاب ساترًا للجسد كله فلا مانع من أن يكون هو في حد ذاته زينة على أحدث طراز، ويناسب تطور الموضة والصيحات التي يتفنن أصحابها في استدراج المرأة ليسيل لعابها على جديدهم وتنسحب إليهم مغمضة العينين.

أما إذا كان الحجاب مجرد غطاء على الرأس فهناك شبه تعمد على أن يبدو هذا الغطاء على ما يمكن من الزينة حتى أن من يراه يوقن أن لولاه ما نظر أحد إلى رأس وشعر هذه "المحجبة"، بل إن بعض هؤلاء النساء تحرص بشدة على أن يعلو وجهها كمٌّ مرعبٌ من المكياج.. فالعين ترسم بمجموعة من الألوان،ن والشفاه تطلى، والوجه يلمع، أما باقي الجسد فحدث ولا حرج عن دقة إظهار مفاتنه وخباياه، ويصاحب ذلك كله النظرات الجريئة والصوت المسترقق والضحكات العالية خاصة أثناء المكالمات الهاتفية أمام الناس وفي الطريق.

مبررات التبرج

تفعل النساء كل ذلك مبررة تصرفاتها غالبا بأقوال ترددها وتؤولها لتخدم هواها، مثل أن الإنسان يحب أن يبدو جميلًا، وأن الله تعالى جميلٌ يحب الجمال، وكأن ما تفعله يمت للجمال بصلة!

ومن الحجج التي يرددنها أيضًا، أن ما يفعلنه أمر فطري، فالمرأة نشأت في الحلية، وتعشق بطبعها الزينة.

ومن الحجج التي كثيرًا ما تردد أيضًا، وبخاصة ممن يغوين المرأة بترك حجابها الشرعي، أن على المجتمع ان يرتقي ويتحضر، وألا تكون نظرته حيوانية، وأن النظرات التي تلاحقها تعيب أصحابها، أما المرأة فهى ليست مسئولة عنها، فهي نتاج سوء تربية الرجال والشباب وتلقيهم لمفاهيم خاطئة، ونظرتهم للمرأة نظرة شهوانية.

وبإجراء حوارات متعددة مع كثيرات ممن يبدين زينتهن بلا حرج وبلا ضوابط شرعية تلمست من الإجابات الآتي:

أولًا: انهزام كثير من المسلمات داخليا حيث أنها غالبا ما ترى أن قيمتها الوحيدة هي في جمالها الخارجي، فهي تتفنن في زينة جسدها وإظهاره فترسل به رسالة لفت للأنظار.

ثانيًا: تأثر الكثيرات بالنعرات والدعوات التي تدعى التحرر، وهذا يجعلها ترسل رسالة تعلن فيها أنها واثقة من نفسها وأنه لا احد يملك أن يملى عليها ما تفعله، فهي حرة في جسدها وحركاتها.

ثالثًا: تخشى المرأة أن تبدو أقل من النساء الأخريات، أو أن يكون بمظهرها أي نقص فترسل رسالة مضمونها ها أنا ذا أيضًا أملك الجمال والأناقة.

رابعًا: تحرص المرأة أن ترسل رسالة ولو خفية إلى الزوج أو الخاطب، أو حتى إلى من يريد أن يتقدم لخطبتها تنذره فيها: "من تتعامل معهن أو تختلط بهن ويلفتن نظرك لسن وحدهن القادرات على فعل ذلك.. أنا أيضًا يُلتفت إلىّ فاحذر!".

خامسًا: تكشف المرأة عن مخالبها بإظهار كل ما يمكن من زينتها مرسلة رسالة إلى بقية النساء المحيطات بها: "أنا على أهبة الاستعداد لردود الأفعال التي قد تبدو منكن".

وتتعدد الرسائل ولا ترى سبيلًا إلى إرسالها إلا بالتكلف وإظهار كل ما تستطيع من مظاهر الزينة.

ونظرا لتعدد جوانب هذه الظاهرة فسنبدأ بهمسة في أذنيك أيتها المرأة المسلمة

إن كنتِ إلى الآن بعيدة عن الحجاب فعليكِ أن تسارعي في الاستجابة لله ورسوله فقد وجهت الدعوة إليكِ لما يحييكي لتفوزي بسعادة الدارين.

يا من ارتديتي الحجاب اعلمي أن شرع الله وهدى رسوله يتعاملان معك على أنك حقًا جوهرة لابد أن تصان، فاحذري من المخالفة، وافهمي رسالة الحجاب الفهم الصحيح، ولا تجعلي طريقة تعاملك معه صد عنه واستهزاء به.

واعلمي أن الله سبحانه قد ذمَّ أهل الجاهلية الأولى في وأد البنات بحجة أنهن ينشأن في الحلية ولا يجلبن إلا العار عليهم، فما بالك بأهل الجاهلية الحديثة المصرّين على وأد مواهبك وإهدار كرامتك وتجريدك من كل قيمة حقيقية بإيهامك أن تحقيق ذاتك ونجاحك وسعادتك يرتكز على التنافس والتصارع في تزيين صورتك وطمس أصلك من العفاف والحياء والسلام مع فطرة الإسلام.

تريدين الزينة الحقيقية ابحثي عنها في قول رسولنا الصادق صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى: "ما كان الحياء في شيء إلا زانه"، واعرفي معايير الجمال التي تكمن في مكارم الأخلاق والنفس الطيبة فإن الله لا ينظر إلى الصور، بل إلى القلوب والأعمال.

أيتها المرأة التي كرمها الله بالإسلام.. انتبهي ولا تلتفتي إلى الذين يتبعون الشهوات فتتحولي إلى مسخ ملطخ بكل ما يروجونه، ينظر إليه الآخرون ويسخرون وتعاني أنت من العنت والمشقة.

تزيني كما تشائين ولتكن رسالتك الوحيدة: زينتي تبعًا لأوامر ربى، وفى حدود شريعته وابتغاء رضوانه.