* إن الناظر في أحوال الأمة اليوم يجد أنها بَعُدت تماما على الجملة ، على مستوى الأفراد ، وعلى مستوى الجماعة- عن منهاج الله تعالى ، فأُلْقِيَ في القلوب الوهْنُ ، وعَمِلَ المنافقون فيها عملا ، فأفسدوا فيها بإشاعة الشبهات ، والفواحش ، والفتن ، وَبَدَلَ أن يُحَاربوا ويجاهَدُوا ، وبدلَ أن تقومَ الأمة مجتمعةً ناصرةً لدينِ ربِّها ، وبدلَ أن يقوم كلُّ فردٍ فيها بواجبهِ ، تفرقُوا في حينِ اجْتَمَعَ أعداؤُهم من المنافقين ، وإخوانُهم عليهم ، بل طَغى الأمرُ بمصادقتِهم ، واتخاذِهم أولياءَ وبطانةً ، وأخذ البعضُ ممن آتاه الله تعالى عِلما يَدْفع ، ويدافعُ عنهم مستخدمًا في ذلك النصوصَ والأدلةَ الشرعيةَ ، وصار يفعل ذلك ، إما لنفاقٍ يُبطنُه ، أو لشبهةٍ وقع فيها ، والله تعالى أنكر على الصحابة الكرام اختلافَهم ، ولم يكن ذلك منهم إلا تأويلا وقياسا ، وَمَعَ ذلك أَنْكَرَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمُ اختلافَهُم فِي أَمْرِ الْـمُنَافِقِين َ الَّذينَ أَظْهَرَ اللهُ تعالى لهم ما يُبطنون من كُفْرٍ ، وَوَصَفَهم لهم أيَّما وَصْفٍ ، وهذا مما تناولتْه سُورة (براءة) ، والسُّور قبلَها ، وَبَعْدَهَا ، حَتَّى سميت سورةٌ بـ (المنافقون) ، أَفَلَمْ يَأن بعد كلِّ هذا أن تعرف الأمةُ عدُوَّها ، وتستبينَ سبيلَه ؟!
أَلَمْ يَأن لها أن تعودَ إلى كتاب ربِّهَا ، وسنةِ نَبِيِّهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وَتَعْتَصِمَ بِرَبِّها ، وبِحَبله ، مُجْتَمِعَةً بِهِ ، وَعَلَيْهِ ، غَيْرَ مُتَفَرِّقَةٍ ؟