من صفات المتقين : (وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ ٣) -البقرة- ، وَما ذُكِرَتِ (الصلاة) في موضعٍ في كتاب الله تعالى ، وأريد بها مجردُ الأداءِ ، بل عقدُ صِلَةِ الخُضُوعِ ، والذُّلِ ، وَالِاسْتِسْلَا مِ ، وتعلقُ القلبِ في الأمورِ كلِّها بالله تعالى ، ونَقْضُ كلِّ صِلَةٍ بِسِوَاهُ ، وَهذا هو معنى قولِ القائلِ في صَلَاتِهِ (اللهُ أكبر) مكرِّرًا إياها خمسَ مَرَّاتٍ في الركْعَةِ الواحدةِ ، مرةً لِلِافْتِتَاحِ وَالْإِحْرَامِ ، لِسُانُ حَالِهِ : إِنَّمَا الْخُضُوعُ لَكَ وَحْدَكَ ، والرغبةُ إليكَ وَحْدَكَ ، وَالْوِجهُ لكَ وَحْدَكَ ، فإن عَظُمَتِ الدُّنيا ، وكَثُر مَتَاعُها ، واخضرَّتْ ، فما عندَكَ خيرٌ وأبْقَى ، ومرةً للركوع ، لِسُانُ حَالِهِ : ألجأتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ وَحْدَك ، وأَطْوعتُ جَسَدي لأَمرِكَ وَحْدَكَ ، فَلَا أَبْغِي عَنْ تَوْحِيدِكَ حِوَلًا ، وَلَا أَرْضَى بِسِوَاكَ مَعْبُودا مُطَاعًا ، ومرةً للسُّجود ، لِسُانُ حَالِهِ : أَنتَ قَصْدِي ، وطَلَبِي ، وَعَلَيْكَ اعْتِمَادي وَتَوَكُّلِي ، فَلَا سُؤَالَ لِغَيْرِكَ ، فِي مُلمَّاتِي وَحَاجَاتِي ، وَلَا اقْتِرَابَ مِنْ سِوَاكَ فِي أُنْسِي ، ورَوْحَاتي وخَلَوَاتِي ، ومرةً لِلْقِيَامِ مِنْ ذَلَكَ السُّجُودِ الْأَوَّلِ ، لِسُانُ حَالِهِ : إِنَّمَا انْحِنَائِي لَكَ ، واعْتِدَالِي لَكَ ، فَأَقِمْنِي عَلى رِضَاكَ ، وتقبَّل إِسْلَامِي لَكَ ، وَارْزُقْنِي من فَضْلِكَ ، وأَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك َ، وشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ، ومرةً للسجود الثاني ، لِسُانُ حَالِهِ : لبيك لبيك ، والعودُ دومًا إِلَيْكَ ، والْقُنُوتُ أبدًا إِلَيْكَ ، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الثَّانِيَةِ مُكَبِّرًا بِالْقِيَامِ ، لِسُانُ حَالِهِ : هَا أَنَا ذَا عَائِدٌ إِلَى طَاعَتِكَ ، لَا أَبْرَحُ سَبِيلَكَ ، وَلَا أَحِيدُ عَنْ أمْرِكَ.